من الحرب إلى الدبلوماسية... ما السيناريوهات المتاحة أمام بوتين؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
TT

من الحرب إلى الدبلوماسية... ما السيناريوهات المتاحة أمام بوتين؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

هل يستطيع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الانتصار في الحرب في أوكرانيا؟ بعد شهر من بدء الهجوم الروسي، يبدو الوضع بلا شك أصعب مما كان يتصوره، لكنه ما زال مستعداً لدفع الثمن لتحقيق أهدافه، وفق الخبراء.
لكن لدى بوتين أيضاً أبواب دبلوماسية للخروج من الوضع إذا لزم الأمر ولكن عليه أن يتوقع تحديات خطيرة إذا اختار احتلال أوكرانيا بأكملها، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

* ما أهداف الحرب؟
لم تتغير أهداف بوتين التي تُختصر في بقاء أوكرانيا على «الحياد» و«نزع سلاحها»، أي بعبارة أخرى عدم انضمام هذه الجمهورية السوفياتية السابقة إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).
من ناحية أخرى، لم يعد الكرملين يراهن بالضرورة على الإطاحة بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي أصبح رمزاً للمقاومة في نظر العالم الغربي.
تشير ماري دومولان، الخبيرة في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية (ECFR) إلى أن «الخطة الأولية، التي ربما انطوت على شن حرب خاطفة للسيطرة على كييف بسرعة كبيرة وإسقاط الحكومة الأوكرانية، لم تنجح».
فالهجوم الروسي يواجه مقاومة أوكرانية غير متوقعة تعقّد الأمر بالنسبة إلى الكرملين الذي اعتاد إحراز نجاحات عسكرية فورية بدءاً من ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014 إلى التدخل في سوريا إلى جانب الرئيس بشار الأسد.
يقول فريديريك تشاريلون، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة «كليرمون أوفيرنيو» ومؤلف «حروب النفوذ»: «ما زال بوتين يراهن على أن الحرب لن تدوم وأنه في نهاية المطاف سيفرض نفسه بفضل حجمه العسكري، مهما كانت المقاومة التي يواجهها على الأرض».

ويضيف الأكاديمي الفرنسي أن أمام الصعوبات التي يواجهها الجيش الروسي على الأرض وسلسلة العقوبات المفروضة على روسيا فإن بوتين «يتجه أكثر فأكثر نحو حرب تقوم على التدمير والعقاب».
وتقول تاتيانا ستانوفايا، الباحثة في مركز «كارنيغي» في موسكو: «السؤال ليس عمّا يريد الحصول عليه، ولكن كيف وبأي ثمن...؟ سيستغرق الأمر وقتاً، وسيسبب مزيداً من المآسي، لكنه مقتنع بأنه ليس لديه خيار وأنه مكلَّف بمهمة تاريخية» تتمثل في استعادة النفوذ الروسي.

* كسب الحرب بأي ثمن
إذا انهار الجيش الأوكراني المحاصَر في شرق البلاد، فمن المحتمل أن تسيطر موسكو على بلد يبلغ تعداد سكانه نحو 40 مليون نسمة، أكبر من فرنسا، وسيكون بمثابة منطقة عازلة أمام الحلف الأطلسي.
لكن روسيا تخاطر أيضاً بأن تجد نفسها في مواجهة حالة تمرد. إذ يرى فريديريك تشاريلون أنه «سيكون عليه الصمود. فالسيطرة على منطقة في مواجهة حركة متمردة أمر صعب للغاية»، مشيراً إلى أن الأميركيين واجهوا التحدي نفسه في العراق وأفغانستان.
كما يخشى البعض تصعيداً عسكرياً من جانب روسيا، من استخدام الأسلحة الكيماوية إلى شن هجمات على القوافل الغربية التي تنقل مساعدات عسكرية وإنسانية إلى أوكرانيا.
وتشير ماري دومولان إلى أن «الأرجح هو أن بوتين سيضاعف جهوده وسينتقل إلى استراتيجية الحرب القذرة لزيادة التكلفة البشرية بالنسبة للأوكرانيين وإجبارهم على الاستسلام».

* هل هناك أبواب للخروج؟
إذا تعثر الوضع أو ظل غير محسوم، يمكن لفلاديمير بوتين أيضاً حفظ ماء الوجه عن طريق انتزاع تنازلات سياسية من كييف وإبقاء سيطرته على بعض المناطق.
يقول عباس غالياموف، المحلل السياسي الروسي المستقل وكاتب الخطابات السابق لدى الكرملين، إن «الأساس بالنسبة إلى بوتين هو القوة والضغط والنصر. لا يمكنه التراجع من دون الحصول على بعض المكاسب... إنه يحتاج إلى اتفاق بشأن حياد أوكرانيا. لكن من الواضح أن هذا لا يكفي. فهو يريد أيضاً الاعتراف (بضم) شبه جزيرة القرم و(باستقلال) الجمهوريتين الانفصاليتين المواليتين لروسيا في لوغانسك ودونيتسك».
وإذا لم توافق أوكرانيا على مثل هذه المطالب، فستظل روسيا قادرة على تحقيق مكاسب في شرق البلاد، مع هدف رئيسي، وهو ضمان الامتداد الجغرافي بين دونباس وميناء ماريوبول على بحر آزوف وشبه جزيرة القرم إلى الجنوب.
وتقول دومولان إن «ليس من المستبعد أن يحاول الروس بعد ذلك دفع الهجوم إلى أوديسا للسيطرة على الساحل الأوكراني بأكمله على البحر الأسود».

* تهديد بوتين
يرى المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (Ifri) في مذكرة تحليلية أن كلما طال أمد الحرب، «من دون احتمال التوصل إلى حل سريع»، من المرجح أن تزداد التوترات سوءاً وصولاً إلى «انهيار نظام السلطة في الكرملين».
فبعض الأطراف الفاعلة في النظام من الأثرياء النافذين ورؤساء الأجهزة الأمنية قد يميلون إلى أن يطلبوا من فلاديمير بوتين أن «يتوقف»، أو حتى أن يطيحوه، كما يروج بعض المحللين.
لكنّ تاتيانا ستانوفايا تقول: «في الوقت الحالي، لا أرى أي مؤشر على ذلك لدى النخبة الروسية... حتى وإن بدا أن الحرب صدمت جزءاً من هذه النخبة، فهي ليست مستعدة سياسياً للوقوف ضدها».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.