ليبيا: «الوحدة» تستأنف الطيران الداخلي... و«الاستقرار» تتوسع جنوباً

أميركا تبحث احتمالات إعادة فتح سفارتها في طرابلس

الدبيبة خلال لقائه قادة عسكريين تابعين لحكومته في طرابلس أمس (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال لقائه قادة عسكريين تابعين لحكومته في طرابلس أمس (حكومة الوحدة)
TT

ليبيا: «الوحدة» تستأنف الطيران الداخلي... و«الاستقرار» تتوسع جنوباً

الدبيبة خلال لقائه قادة عسكريين تابعين لحكومته في طرابلس أمس (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال لقائه قادة عسكريين تابعين لحكومته في طرابلس أمس (حكومة الوحدة)

تراجعت حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، عن قرارها تعليق الرحلات الجوية بين شرق البلاد وغربها، تزامنا مع توسيع غريمه فتحي باشاغا من نفوذه السياسي والإداري لحكومته الجديدة، بعد أن تسلم مقر حكومة «الوحدة» في جنوب البلاد. وفي غضون ذلك، حل وفد أميركي رفيع المستوى بشكل مفاجئ بالعاصمة طرابلس، وسط توقعات بإعادة فتح السفارة الأميركية المغلقة هناك منذ سنوات.
وأجرى الوفد الأميركي، الذي ضم وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون الإدارية السفير جون باس، ومساعد وزير الأمن الدبلوماسي جينتري سميث، إضافة إلى السفير والمبعوث الأميركي الخاص ريتشارد نورلاند، أمس محادثات مع نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية بحكومة «الوحدة»، التي أعلنت أن الزيارة تروم «إعادة فتح» السفارة الأميركية لتباشر أعمالها من طرابلس. لكن بيانا لاحقا للسفارة الأميركية قال إن الاجتماع بحث «النظر في احتمالات» استئنافها لأعمالها في طرابلس.
وقالت الوزارة في بيان أمس إن الوفد الأميركي سلم إلى المنقوش رسالة من نظيرها الأميركي، أنتوني بلينكن، تتعلق بتعزيز وتوسيع العلاقات بين البلدين.
وتزامنت هذه الزيارة مع إعلان حكومة «الوحدة» استئناف رحلات الطيران الداخلي، المتوقفة منذ ثلاثة أسابيع، حيث أكد المتحدث باسم مصلحة الطيران المدني فتح الأجواء أمام الرحلات الداخلية بين المنطقتين الشرقية والغربية، التي توقع مسؤولون بمطار معيتيقة وشركات طيران محلية استئنافها اليوم.
في غضون ذلك، طالب فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الجديدة، في رسالة وجهها إلى رؤساء مختلف المؤسسات والمصالح والهيئات والشركات العامة، والتجارية المملوكة للدولة، وعمداء البلديات، بالامتناع عن تنفيذ أي قرارات أو تعليمات صادرة عن حكومة «الوحدة»، التي قال إنها «منتهية الولاية قانونا». وهدد مخالفيه بالوقوع تحت طائلة المسؤولية القانونية والإدارية الكاملة، وتعريض أنفسهم للمساءلة التأديبية والجنائية.
كما أعلنت حكومة باشاغا، رسميا، عن مباشرة أعمالها، وسيطرتها على مقر الحكومة بالمنطقة الجنوبية، بعد زيارة قام بها أمس نائباه علي القطراني، وسالم الزادمة إلى مدينة سبها جنوب البلاد، لتسلم مقر ديوان رئاسة الوزراء بالمدينة، والاجتماع مع عمداء البلديات.
من جهته، كشف أحميد حومة، وزير الدفاع بحكومة باشاغا، النقاب عن اجتماعه مؤخرا في تونس مع ممثلي بعض التشكيلات المسلحة، والمناطق العسكرية في غرب ليبيا، وقال في تصريحات لقناة «الوسط» الليبية، مساء أول من أمس، إنه يعتزم التواصل مع محمد الحداد، رئيس أركان قوات حكومة «الوحدة»، التشكيلات المسلحة التي تتبع للمجلس الرئاسي، وأمراء المناطق العسكرية في المنطقة الغربية للتشاور، وتقديم ضمانات، أوضح أن أهمها اعتزام وزارة الدفاع ممارسة عملها من داخل العاصمة طرابلس.
وقال حومة إن «فريقا يضم عسكريين واستشاريين لوضع برنامج عمل مدته ثلاثة أشهر، يبدأ مباشرة من التسليم والتسلم، وبعدها يجري وضع هيكل موحد للجيش الليبي، ودمج بعض الإدارات الرئيسية، التي تتبع وزارة الدفاع».
في شأن آخر، ومن دون انتظار موافقة مجلس النواب على مبادرتها تشكيل لجنة مشتركة من مجلسي النواب والدولة للاتفاق على قاعدة دستورية للانتخابات، عقدت المستشارة الأممية الخاصة، ستيفاني ويليامز جلسة تشاورية، أمس، مع ممثلي مجلس الدولة في تونس، وقالت إنها تتوقع أن يقدم مجلس النواب قائمة ممثليه، وأن ينضم إلى الاجتماع خلال الأيام المقبلة.
وأبلغت ويليامز ممثلي مجلس الدولة أن «لديهم الآن فرصة جديدة للبناء على العمل، الذي تم إنجازه مسبقا، بهدف التوصل إلى توافق في الآراء بشأن إطار دستوري، من شأنه أن يسمح بإجراء انتخابات وطنية شاملة وشفافة». مشيرة إلى أن ليبيا «تمر الآن بمنعطف مهم يتعين معه احترام إرادة 2.8 مليون ليبي، سجلوا أسماءهم للتصويت في الانتخابات».
في سياق ذلك، اقترحت ويليامز على وفد مجلس الدولة الاستفادة من الوقت لإجراء مشاورات متعمقة، تحضيرا للاجتماع الرسمي مع وفد مجلس النواب، الذي قالت إنه سيتطرق إلى ما وصفته بـ«أسئلة حساسة وصعبة» حول النظام السياسي المستقبلي في ليبيا، ومعايير الأهلية، والإطار الانتخابي وقضايا أخرى.
وأعلن ريتشارد نورلاند، أمس، دعم بلاده لمبادرة بعثة الأمم المتحدة بشأن القاعدة الدستورية، كأهم خطوة عملية باتجاه الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي يستحقها الليبيون وينتظرونها.
إلى ذلك التقى الدبيبة، أمس بديوان رئاسة الوزراء أعضاء اللجنة العسكرية «5+5» عن قوات «الوحدة» لمتابعة أعمالها، والاطلاع على الإجراءات المتخذة من قبلهم، واجتماعاتهم مع زملائهم بشأن وضع آليات لمتابعة عملهم.
وأكد رئيس الحكومة خلال اللقاء على ضرورة دعم الانتخابات، وفق المواعيد المقترحة «لأنها الحل الذي سيصل بالبلاد لبر الأمان، وسيساهم في نجاح عمل اللجنة، وتسهيل عملها مع سلطة تشريعية وتنفيذية منتخبة».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.