عوضاً عن أن يكون مرعوباً من فكرة غياب إيطاليا عن نهائيات كأس العالم للمرة الثانية توالياً، رسم المدرب روبرتو مانشيني هدفاً أبعد بكثير من تخطي الملحق القاري، بالقول إنه يريد قيادة منتخب بلاده إلى لقبه العالمي الخامس.
وتأكد غياب منتخب كبير عن مونديال قطر 2022، بعدما أسفرت قرعة الملحق الأوروبي المؤهل إلى النهائيات عن وضع إيطاليا والبرتغال، بطلتي النسختين الأخيرتين من كأس أوروبا، على المسار ذاته، ما يعني أن تأهلهما معاً أصبح مستحيلاً.
وأسفرت القرعة عن وضع منتخبي إيطاليا والبرتغال في المسار الثالث ضد منتخبي مقدونيا الشمالية وتركيا توالياً، ما يعني أنهما، في حال تجاوزا الأخيرين، سيلتقيان الثلاثاء المقبل في بورتو في نهائي هذا المسار، لتحديد أي منهما سيبلغ النهائيات.
وخلافاً للبرتغال التي تخوض مباراتي نصف النهائي والنهائي (في حال تأهلها) على أرضها، تلعب إيطاليا غداً الخميس في باليرمو ضد مقدونيا الشمالية، وفي حال فوزها ستحل في النهائي ضيفة على برتغال كريستيانو رونالدو، أو تركيا وجمهورها الصاخب.
ووضع المنتخبان الإيطالي والبرتغالي نفسيهما في هذا الموقف المعقد، بعد فشلهما في حجز بطاقة التأهل المباشر في دور المجموعات، بحلولهما في المركز الثاني خلف سويسرا وصربيا توالياً.
رونالدو يأمل قيادة البرتغال للمونديال (رويترز)
ويبدو أن مانشيني واثق من قدرة فريقه على تخطي الملحق، بالقول: «أنا متفائل لأن لدي لاعبين تُوجوا بلقب أمم أوروبا من لا شيء، وحينما لم يكن أحد يثق في إمكانية حدوث ذلك. يجب علينا التفكير فيما قمنا به، لجعل أنفسنا أكثر ثقة. الفريق صلب ولديه إمكانيات عالية. هدفنا ليس التأهل فقط؛ بل الفوز بكأس العالم... وللفوز بكأس العالم علينا الفوز بهاتين المباراتين. لا يوجد هناك أي شيء آخر لإضافته».
وحجزت عشرة منتخبات بطاقاتها المباشرة عن القارة العجوز، وتبقى 3 بطاقات ستحسم عن طريق الملحق بمشاركة 12 منتخباً، بينها اثنان قادمان من دوري الأمم الأوروبية، هما تشيكيا والنمسا.
وخلافاً للنظام القديم، لن يقام الملحق بمواجهات مباشرة من مباراتي ذهاب وإياب؛ بل قُسِّمت المنتخبات الـ12 على 3 مسارات، حُدِّدت بموجب القرعة، وسيتنافس في كل منها 4 منتخبات بنظام نصف نهائي ومباراة نهائية، ويتأهل الفائز فيها إلى المونديال (ثلاثة مسارات يتأهل منها منتخب عن كل مسار).
وتقام مباريات نصف النهائي على أرض منتخبات المستوى الأول، ما يعطي الأفضلية بطبيعة الحال لإيطاليا والبرتغال، وبالتالي هناك إمكانية كبيرة أن يتواجه المنتخبان في نهائي هذا المسار لتحديد أي منهما سيبلغ النهائيات، ما يعني أن إيطاليا مهددة بالغياب عن النهائيات للمرة الثانية توالياً، والبرتغال للمرة الأولى منذ 1998.
وغاب المنتخب الإيطالي عن المونديال الأخير الذي أقيم عام 2018 في روسيا، بعد خسارته الملحق القاري أمام السويد، ما أبعده عن العرس العالمي للمرة الأولى منذ 60 عاماً، وتحديداً منذ 1958.
ووضع المنتخب الإيطالي نفسه في هذا الموقف بعد اكتفائه في الجولة الأخيرة من منافسات المجموعة الثالثة بالتعادل السلبي على أرض آيرلندا الشمالية، ما سمح لسويسرا بخطف البطاقة بفوزها على بلغاريا 4-صفر.
وقد دفع الإيطاليون من دون شك ثمن التعادل في الجولة قبل الأخيرة على أرضهم أمام سويسرا 1-1، في لقاء أضاعوا في ثوانيه الأخيرة ركلة جزاء عبر جورجينيو الذي أضاع أيضاً ركلة جزاء أخرى في لقاء الذهاب الذي انتهى بالتعادل السلبي في سويسرا. وعلق مانشيني على ركلتي الجزاء الضائعتين، بالقول: «كان بإمكاننا ألا نوجد في هذا الموقف؛ لكن هذه هي كرة القدم».
وبعد التتويج بلقب القارة الأوروبية بالفوز في النهائي بركلات الترجيح على إنجلترا في معقلها (ويمبلي)، اعتقد الإيطاليون أنهم وضعوا خلفهم خيبة مونديال 2018؛ لكنهم صُدموا بتعادلهم في 4 من مبارياتهم الخمس الأخيرة في التصفيات، ما جعل كابوس السويد يلوح في الأفق مجدداً.
إلا أن مانشيني الواثق يقول: «أملك لاعبين جيدين، محترفين نجحوا من لا شيء في تحقيق انتصار بكأس أوروبا لم يتوقعه أحد. لقد بنينا قاعدة صلبة، ولدينا حالة من الإيجابية، ونعتقد أن كل شيء سيكون على ما يرام. ندرك أن المباراتين المقبلتين غاية في الصعوبة؛ لكن المعاناة تحدث أحياناً». وتابع: «يجب علينا أن نواصل اللعب بالشكل الذي كنا عليه. لم نصل إلى أهدافنا بالصدفة. ولم نرغب في خوض تلك المباريات؛ لكن اللاعبين يمرون بحالة معنوية جيدة، وهذا مهم».
ومن المرجح أن تفتقد إيطاليا في مباراة الغد ضد مقدونيا الشمالية جميع المدافعين الأربعة الأساسيين، مع استبعاد إمكانية مشاركة جورجيو كيليني وليوناردو بونوتشي، العائدين للتو من الإصابة، والتحاق جوفاني دي لورينزو بليوناردو سبيناتسولا الغائب عن الملاعب منذ يوليو (تموز) خلال مباراة الفوز على بلجيكا 2-1، في ربع نهائي كأس أوروبا.
ورغم استدعائهما إلى التشكيلة، كشف مانشيني أنه لن يخاطر على الأرجح بإشراك كيليني وبونوتشي في مباراة الخميس. وغاب بونوتشي عن فريقه يوفنتوس منذ أوائل مارس (آذار)، بينما عاد زميله في «السيدة العجوز» إلى الملاعب، بعد غياب لقرابة شهرين، بالمشاركة في مباراة الدوري الأحد أمام ساليرنيتانا (2-صفر). وأوضح مانشيني: «جورجيو في وضع جيد. سنرى إذا كان بإمكانه المشاركة في المباراتين؛ لكني أستبعد ذلك. سنناقش المسألة معاً».
وكان مانشيني قد تجاهل استدعاء المهاجم ماريو بالوتيلي المحترف حالياً في تركيا، واختار جواو بيدرو مهاجم كالياري البالغ عمره 30 عاماً، لأول مرة بدلاً منه.
ولم يشارك بالوتيلي (31 عاماً) مع إيطاليا منذ تصفيات 2018؛ لكنه عاد إلى دائرة الترشيحات في فترة التوقف الدولي في يناير (كانون الثاني) الماضي. وتردد أن مانشيني الذي عمل معه في إنتر ميلان ومانشستر سيتي قد يعيده للتشكيلة.
وسيحظى المنتخب الإيطالي بدعم جمهوره في مباراة الغد على ملعب «رنتسو باربيرا» في عاصمة صقلية؛ حيث ستكون المدرجات ممتلئة بكامل سعتها، للمرة الأولى في إيطاليا منذ تفشي فيروس «كورونا». ولن تكون مدرجات الملاعب الإيطالية مفتوحة بالكامل أمام المشجعين قبل الأول من أبريل (نيسان)؛ لكن نظراً لأهمية مباراة الغد ضد مقدونيا الشمالية، تم إصدار قرار استثنائي بهذا الشأن من أجل مؤازرة المنتخب ومساعدته على بلوغ نهائي المسار، مع الأمل بألا يتكرر سيناريو 2018.
وفي المسار نفسه تأكد غياب المدافع المخضرم بيبي وحارس المرمى أنطوني لوبيز عن صفوف المنتخب البرتغالي، في المباراة المقررة أمام نظيره التركي غداً.
وأصيب بيبي (39 عاماً) بعدوى فيروس «كورونا»، وسيحل مكانه تياغو ديالو مدافع ليل الفرنسي، بينما يغيب لوبيز بسبب إصابة عضلية، وسيلعب مكانه خوسيه سا حارس مرمى ولفرهامبتون الإنجليزي.
وكان المنتخب البرتغالي قد تلقى هدفاً في الوقت القاتل أمام نظيره الصربي، في الجولة الأخيرة من مباريات مجموعات التصفيات، لتنتزع صربيا البطاقة المباشرة للمونديال، بينما أصبح على كريستيانو رونالدو وزملائه خوض الملحق.
وكان المنتخب قد حُرم بالفعل من خدمات مدافع مانشستر سيتي روبن دياز، ولاعب وسط ولفرهامبتون للإصابة. واستدعى المدرب فرناندو سانتوس فيتينيا، ابن الـ22 عاماً، والمتألق مع بورتو هذا الموسم؛ حيث سيحصل على فرصة الظهور لأول مرة مع المنتخب الأوّل. وشارك منتخب البرتغال في كل البطولات الدولية الكبرى التي نظمت منذ كأس أوروبا 2000، بينما يعود آخر إخفاق له خلال التصفيات المؤهلة لمونديال فرنسا 1998.
وفي المسار الثاني، استفاد منتخب بولندا من قرار استبعاد روسيا من المنافسات الدولية، فحجز بطاقة التأهل إلى نهائي الملحق؛ حيث ينتظر الفائز من نصف النهائي الثاني بين السويد وتشيكيا.
وكانت روسيا التي بلغت ربع نهائي النسخة المونديالية الأخيرة على أرضها، ستلتقي بولندا في نصف نهائي المسار الثاني غداً في موسكو. وعبّرت السويد عن امتعاضها من قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم منح بولندا التأهل إلى نهائي المسار الثاني من دون لعب؛ حيث سيحصل الأخير على أيام راحة إضافية.
وأشار رئيس الاتحاد السويسري هاكان سيوستراند، إلى أنه كان يفضّل لو حدّد «فيفا» خصماً ثانياً لبولندا بدلاً من روسيا، وقال: «الأكثر منطقية وإنصافاً، من الناحية الرياضية، أن يكون لبولندا خصم جديد في نصف النهائي. نتفهّم أنه من الصعب حلّ ذلك بالنسبة لفيفا؛ لكن يجب تطبيق مبدأ اللعب في الظروف نفسها، أي خوض مباراتين تنافسيتين لبلوغ كأس العالم». وقال مدرب السويد ياني أندرسون، إن «فيفا» اتخذ القرار الصائب بطرد روسيا من تصفيات كأس العالم؛ لكنه اعتبر أن منح بولندا بطاقة التأهل إلى نهائي الملحق «مجنون تماماً من وجهة نظر رياضية».
في المقابل، تلقى منتخب تشيكيا ضربة قوية بغياب هدافه ومهاجم باير ليفركوزن الألماني باتريك شيك عن المباراة ضد السويد غداً، بسبب إصابة في ربلة الساق. وقال مدرب المنتخب التشيكي ياروسلاف شيلهافي: «إنها خسارة كبيرة. عاود التمارين الفردية قبل أسبوع والتحق بالتدريبات الجماعية الآن فقط».
وفي المسار الأول تلعب ويلز ضد النمسا، واسكوتلندا مع أوكرانيا، على أن يلتقي الفائزان لتحديد المنتخب المتأهل.
وستُلعب مباراة ويلز والنمسا في موعدها، بينما تأجلت مواجهة المنتخب الأوكراني مع مضيفه الاسكوتلندي إلى يونيو (حزيران) المقبل، في أعقاب الغزو العسكري الروسي لأوكرانيا، على أن يقام النهائي بعدها.