السعودية لاستخلاص المعادن الثمينة من المحلول الملحي في تحلية المياه

يسهم في خفض تكلفة الإنتاج واستهلاك الطاقة

جانب من المؤتمر الدولي لتعدين المياه المالحة الذي عقد في الرياض أمس (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدولي لتعدين المياه المالحة الذي عقد في الرياض أمس (الشرق الأوسط)
TT

السعودية لاستخلاص المعادن الثمينة من المحلول الملحي في تحلية المياه

جانب من المؤتمر الدولي لتعدين المياه المالحة الذي عقد في الرياض أمس (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدولي لتعدين المياه المالحة الذي عقد في الرياض أمس (الشرق الأوسط)

أكد المهندس عبد الرحمن الفضلي وزير البيئة والمياه والزراعة، أن المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تعمل على إنتاج ونقل المياه المحلاة في المملكة، بما يصل إلى 5.9 ملايين متر مكعب يومياً وبمعدلات نقل تصل إلى 6.5 ملايين متر مكعب في اليوم.
وقال إن المؤسسة بذلت من خلال ذراعها البحثية -معهد الأبحاث والابتكار وتقنيات التحلية- جهوداً حثيثة لتطوير نمذجة عمليات تقنية -الصفر رجيع ملحي- وهي عملية فريدة من نوعها تعتمد على الأغشية لاستخراج المعادن بطريقة اقتصادية من مياه رجيع عمليات تحلية المياه، الأمر الذي سينعكس في خفض التكاليف، وفتح آفاق جديدة للاستثمار، حيث وصلت الأسعار العالمية لبعض هذه المعادن إلى ما يقارب 7500 دولار للطن.
وأشار إلى عزم المؤسسة على إنشاء أكبر منظومة صفر رجيع ملحي بطاقة إنتاجية تبلغ مليوني طن من كلوريد الصوديوم مما يسهم في دعم الصناعات التحويلية، لافتاً إلى العمل حالياً على تعظيم الاستفادة من مياه الرجيع بالاستثمار في عدة مشاريع لإنتاج معدن المغنيسيوم الذي يعد مفيداً لصحة الإنسان عند إضافته إلى المياه المحلاة.
وجاءت تصريحات وزير البيئة والمياه والزراعة لدى افتتاحه أمس المؤتمر الدولي لتعدين المياه المالحة، الذي تنظمه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة بالشراكة مع منظمة التحلية العالمية (IDA) بمحافظة الخبر، شرقي السعودية، بحضور محافظ المؤسسة المهندس عبد الله العبد الكريم، ومشاركة نخبة من الخبراء والباحثين والمبتكرين المحليين والدوليين.
وأكد الفضلي التزام المملكة بالعمل دون كلل على تحقيق «رؤية 2030»، وهي خطة تطويرية استراتيجية شاملة. مضيفاً أن «هذه الخطة تعمل على تحويل جميع قطاعات الأعمال في المملكة إلى منظومة عمل مميزة متكاملة لها تأثيرها الكبير والإيجابي على الوطن والمجتمع، وهي خطة تطويرية لمستقبل أفضل ومستدام».
وتابع بالقول: «لما كان الابتكار هو جزء أساسي من (رؤية 2030)، وهو الذي سيمكّننا من الوصول إلى أهدافنا؛ جاء هذا المؤتمر التخصصي الدولي لتعدين المياه المالحة في المحيطات».
ويهدف المؤتمر إلى تبادل الخبرات المعرفية وأحدث التقنيات المبتكرة في استخلاص المعادن الثمينة من المحلول الملحي الناتج عن منظومات تحلية المياه، وخلق توجهاً صناعياً جديداً يسهم في خفض التكلفة الرأسمالية واستهلاك الطاقة وخفض تكلفة إنتاج المتر المكعب والحد من الانبعاثات الكربونية وتوطين التقنيات الحديثة بتوظيف الاستثمار في المعادن المستخدمة في الصناعات المتقدمة كالليثيوم والمغنسيوم، والسيزيوم، والروبيديوم، والباريوم ويحقق جدوى اقتصادية تتسق مع «رؤية المملكة 2030».
وكشف معهد الأبحاث والابتكار وتقنيات التحلية خلال المؤتمر عن أبحاث متقدمة تسهم في تطوير صناعة التحلية وتعكس ريادة المملكة العالمية للقطاع وما تملكه من قيمة مضافة، وهو رجيع ملح تحلية مياه البحر، فيما ناقش عدد من الخبراء والباحثين أثر التقنيات المبتكرة التي طوّرتها المؤسسة وسبل الاستفادة من أبحاثها وخبراتها في تطوير صناعة التحلية والتي مكّنتها من تحقيق ريادة عالمية في هذا المجال، واستعرضوا آخر التطورات في تركيز المحلول الملحي الحراري، واستخلاص المعادن.
وبيّن الفضلي أن هناك الكثير من المعادن الأخرى التي يمكن استخلاصها من خلال تقنية «الصفر رجيع ملحي» والتي تصبّ ضمن مستهدفات مبادرة السعودية الخضراء، وتسهم في حلول تخزين الطاقة النظيفة كالليثيوم، ومن هذه المعادن ما يمكن استخدامه كسماد ومعزِّز للتربة الزراعية مثل كلوريد البوتاسيوم، وكبريتات المغنيسيوم، وهناك الكثير من المعادن الأخرى ذات الفائدة والقيمة الاقتصادية العالية.
من جانبه قال محافظ المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة: «يوجد الكثير من الفرص لاستخراج 8 معادن مهمة جداً من المحلول الملحي للمحيطات، وتشمل الفوسفور والسيزيوم والإنديوم والجرمينيوم والروبيديوم والمغنيسيوم وكلوريد الصوديوم وكلوريد البوتاسيوم، وهذه العناصر مهمة جداً للاقتصاد اليوم وفي المستقبل، ولكن نظراً لوجود أكثر من تلك العناصر الثمانية في المياه المالحة للمحيطات، نُظّم هذا المؤتمر وهذا التجمع لمناقشة واكتشاف الفرص والتحديات في المملكة، حيث تنتج صناعة تحلية المياه 9 ملايين متر مكعب يومياً من المياه المحلاة، وبالتالي فهو موقع جيد لنبدأ منه».
وأضاف: «إن عملية تركيز الأملاح والمعادن هي العامل الأساسي لجعل هذا الحلم ممكناً، لذلك نحن حريصون على تحقيق نتائج، وقد حققنا بالفعل نتائج مبهرة، حيث قمنا مؤخراً بتشغيل أول محطة للمياه المركزة بالمغنيسيوم في منطقة الشعيبة، ومما يميّز هذه الصناعة هو أنه يمكننا استخلاص المعادن من المياه المالحة بشكل انتقائي، ومع ذلك فإن الباب مفتوح على نطاق واسع لمزيد من الأفكار».



شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.