رئيس المجلس الأعلى للحسابات المغربي يقدم تقريره السنوي أمام البرلمان

كشف عن وجود أكثر من 30 ألف قضية ضد الدولة سنويا تكلفها 500 مليون دولار

رئيس المجلس الأعلى للحسابات المغربي يقدم تقريره السنوي أمام البرلمان
TT

رئيس المجلس الأعلى للحسابات المغربي يقدم تقريره السنوي أمام البرلمان

رئيس المجلس الأعلى للحسابات المغربي يقدم تقريره السنوي أمام البرلمان

كشف إدريس جطو رئيس المجلس الأعلى للحسابات (أعلى هيئة دستورية لمراقبة صرف المال العام) صباح أمس الأربعاء خلال تقديمه لتقريره السنوي أمام البرلمان، أن المناﺯعاﺕ ﺍلقضائية للدﻭلة المسجلة ﺃماﻡ اﺍلمحاكم ناهزت 30 الف قضﻴة سنوﯾا، مضيفا أن ﺍلعدﻳد من المنازعات القضائية تفضي ﺇلى ﺇثقال كاﻫل اﺍلخزﻳنة٬ جرﺍء ﺍلمبالغ ﺍلمهمة التي يقضى بها ضد ﺍلدﻭلة، ﻭخاصة تلك المتعلقة بالاعتدﺍء اﺍلماﺩي على ﺍلملكية العقارية، معلنا أن المبالغ التي دفتعها خزينة الدولة في ﺇطاﺭ قضاﯾا ﺍلتعوﯾض ما ببن سنتي 2006 ﻭ2013 ناهزت 500 مليون دولار.
وأعلن جطو أنه تعزﻳزا لمرﺍقبة تدبير الأجهزة العمومية، فقد اﺭتفع عدﺩ العمليات الرقابية التي قام بها قضاة المحاكم المالية ليصل ﺇلى 143 مهمة.
وكشف جطو "أن المجلس الأعلى ركز في عمله على التقارﻳر الموضوعاتية ﺍلتي تستهدف مهام ﺍلتقويم للمشاريع ﻭالسياسات العمومية، ﻭالتي تتوخى ﺍلاستعمال ﺍلأمثل للأمواﻝ، بما لذلك من ﺃثر على ﺍلتنمية ﺍلاقتصادية ﻭالاجتماعية لبلدنا".
وانتقد جطو عدم قيام الحكومة بتنفيذ عدد من توصيات المجلس الأعلى للحسابات المتعلقة باستغلال انخفاض أسعار البترول على المستوى الدولي في القيام بمشاريع لها علاقة بمجال المحروقات، مضيفا أن الحكومة لم تشرع في تطبيق عدد من التوصيات رغم الظروف المواتية التي يمثلها تراجع اسعار البترول، لإعادة تكوين احتياطي المواد الطاقية وتطوير البنيات التحتية للتخزين لتأمين تموين عادي للسوق الوطني، وتسريع المخطط الوطني للغاز الطبيعي المسال في الشروع بإنجاز الميناء الغازي وشبكة التوزيع المرتبطة به، وتنفيذ برامج الطاقة التي لم تعرف انطلاقة مكثفة لتفعيلها وإسنادها لمؤسسة عمومية تتوفر على المؤهلات اللازمة للإنجاز والتتبع والتقنين.
وأعلن جطو أن نفقات الدين العمومي للخزينة عرفت ارتفاعا ملحوظا خلال سنة 2014، وهو ما تسبب في"لجوء الخزينة الى الاقتراض على المستويين الداخلي والخارجي من أجل تمويل عجز الميزانية"، مما رفع حجم مديونية الخزينة إلى 72 مليار دولار عند نهاية السنة الماضية.
وشدد جطو على ضرورة التزام الحكومة لليقظة والحذر إزاء المنحى التصاعدي الذي يعرفه الدين العمومي، سواء في شقه المتعلق بالدين المباشر للخزينة أو ديون القطاع العام أو الدين المضمون من طرف الخزينة.
وسجل تقرير جطو بقلق اﺭتفاﻉ كتلة ﺍلأجور خلال سنة 2014 ، حيث بلغت ما ﻳناﻫز 12 مليار دولار٬ ممثلة بذلك نسبة 11,2 % من الناتج ﺍلداخلي ﺍلخام، مضيفا أن هذه النسبة وصلت إلى ما يعادل 16 % إﺫﺍ أضيفت ﺇليها ﺍلتحملاﺕ الاجتماعية.
في ارتباط بذلك، أعلن رئيس المجلس الأعلى للحسابات أن المحاكم المالية بالمملكة تابعت 19 شخصا خلال سنة 2013 على خلفية اختلالات مالية، معدا متابعة المتلاعبين بالأموال العمومية بأنها تدخل في مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية.
وأبرز جطو أن المجلس الأعلى أصدر 114 قرارا منذ سنة 2013 إلى حدود اليوم، وذلك في إطار ممارسة المحاكم المالية اختصاصاتها القضائية إلى جانب مهامها الرقابية.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.