الإعلام الروسي يشن حرباً كلامية على آرنولد شوارزنيغر

النجم الأميركي الشهير وحاكم ولاية كاليفورنيا السابق آرنولد شوارزنيغر (أ.ف.ب)
النجم الأميركي الشهير وحاكم ولاية كاليفورنيا السابق آرنولد شوارزنيغر (أ.ف.ب)
TT

الإعلام الروسي يشن حرباً كلامية على آرنولد شوارزنيغر

النجم الأميركي الشهير وحاكم ولاية كاليفورنيا السابق آرنولد شوارزنيغر (أ.ف.ب)
النجم الأميركي الشهير وحاكم ولاية كاليفورنيا السابق آرنولد شوارزنيغر (أ.ف.ب)

أثار مقطع فيديو نشره النجم الأميركي الشهير وحاكم ولاية كاليفورنيا السابق آرنولد شوارزنيغر ينتقد فيه غزو روسيا أوكرانيا، غضب وسائل الإعلام الروسية التي قررت أن تشن حرباً كلامية عليه.
وبحسب صحيفة «ديلي بيست»؛ لم يكتفِ شوارزنيغر بمشاركة الفيديو على موقع «تويتر» فقط؛ بل نشره أيضاً على «تلغرام»، الذي أصبح من أكثر التطبيقات شيوعاً في روسيا مؤخراً.
وفي الفيديو، بث شوارزنيغر صوراً للدمار الذي لحق بأوكرانيا جراء الغزو الروسي، داعياً الشعب الروسي إلى الحذر من التضليل الإعلامي والدعاية السياسية.  وأضاف أن الكرملين «كذب على الروس حين ادعى أن الغزو يهدف إلى تنظيف أوكرانيا من النازية». وتابع قائلاً: «الأوكرانيون لم يبدأوا الحرب، ولم يبدأها القوميون ولا النازيون؛ فالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يهودي في الأساس».
وقال حاكم كاليفورنيا السابق مخاطباً الشعب الروسي: «هذه ليست حربكم. بوتين بدأ الحرب ويمكن أن ينهيها».
https://twitter.com/Schwarzenegger/status/1504426844199669762?s=20&t=2od-LHGoPN_HqhDWqVZ-RQ
وعلى مدار أيام، حاولت وسائل الإعلام الحكومية الروسية تجاهل الفيديو تماماً؛ لكن ملايين المشاهدات للمقطع عبر منصات متعددة أجبرتها على شن حرباً كلامية على شوارزنيغر.
وأعلن المذيع التلفزيوني فاديم جيجين، في برنامج تلفزيوني حكومي مساء الأحد، عن غضبه من شوارزنيغر ومقطع الفيديو الخاص به، قائلاً: «هذا الرجل رمز للإمبريالية الأميركية والاستعمار». وأضاف بنبرة غاضبة: «هذا الشخص الذي يعيش في كاليفورنيا، سيخبرنا كيف نعيش هنا؟ أيعقل ذلك؟ ولكن هذا هو النهج المعروف للأميركان تجاهنا».
من جهته، قال المذيع الروسي فلاديمير سولوفييف: «شوارزنيغر سافر مرتين إلى العراق لدعم القوات الأميركية، ولم يحاول مطلقاً إخبار الشعب العراقي بالحقيقة وبأن بلاده هي التي تسببت في تدميرهم». وأضاف: «شوارزنيغر أنت متطفل وعدو للشعب الروسي».
أما زاخار بريليبين، الكاتب الروسي الشهير والمطلوب من قبل جهاز الأمن في أوكرانيا بتهمة «المشاركة في نشاط منظمة إرهابية»، فكتب في قناته على «تلغرام»: «في رسالته بالفيديو، يحاول شوارزنيغر، الذي تضخ بلاده أسلحة إلى أوكرانيا من أجل قتل الروس، أن يخبرنا نحن شعب روسيا كم يحبنا وكم نحن مخطئون بشأن أوكرانيا».
وشدد بريليبين على أن الروس يجب ألا يحاولوا إقناع الغرب بإنسانيتهم وحسن نيتهم. وجادل بأن نهج روسيا تجاه الغرب يجب أن يكون قاسياً قدر الإمكان. وأضاف: «إذا كانوا خائفين حقاً من الصراع مع روسيا، أو إمكانية وقوع حرب عالمية ثالثة، أو حرب نووية، فيجب أن نقنعهم بأننا على استعداد لذلك».
ونشرت الصحيفة الروسية «كومسومولسكايا برافدا»، أمس (الاثنين)، تعليقاً لبطلة رفع الأثقال الروسية ماريانا نوموفا، قالت فيه إن النجم الأميركي «يعيش في واقع خيالي بديل».
كما اتهمت نوموفا الحكومة الأوكرانية بالنازية، مضيفة: «حقيقة أن السيد زيلينسكي، كما قال شوارزنيغر، يهودي؛ لا تمنعه من أن يكون نازياً. النازية ليست لها جنسية، و(كراهية روسيا) ليست أفضل من (معاداة السامية)».
وأصبح شوارزنيغر أحد أشهر نجوم أفلام الحركة في العالم في الثمانينات بأفلام منها «كونان ذا باربارين» و«تيرمينتور»، وأفلام كوميدية مثل «توينز».
وفي عام 2003 انتخب حاكماً لولاية كاليفورنيا، وبعد انتهاء ولايته في 2011 عاد إلى السينما مرة أخرى.



من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
TT

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

في الدورة الرابعة من مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، تنافست أعمال استثنائية نقلت قصصاً إنسانية مؤثّرة عن واقع المرأة في إيران وأفغانستان. وسط أجواء الاحتفاء بالفنّ السينمائي بوصفه وسيلةً للتعبير والتغيير، قدَّم فيلما «السادسة صباحاً» للإيراني مهران مديري، و«أغنية سيما» للأفغانية رؤيا سادات، شهادتين بارزتين على تحدّيات النساء في بيئاتهن الاجتماعية والسياسية.

«السادسة صباحاً»... دراما الصراع مع السلطة

يروي الفيلم قصة «سارة»، الشابة الإيرانية التي تتأهّب لمغادرة طهران لإكمال دراستها في كندا. تتحوّل ليلة وداعها مواجهةً مفاجئةً مع «شرطة الأخلاق»؛ إذ يقتحم أفرادها حفلاً صغيراً في منزل صديقتها. يكشف العمل، بأسلوب مشوّق، الضغط الذي تعيشه النساء الإيرانيات في ظلّ نظام تحكمه الرقابة الصارمة على الحرّيات الفردية، ويبرز الخوف الذي يطاردهن حتى في أكثر اللحظات بساطة.

الفيلم، الذي أخرجه مهران مديري، المعروف بسخريته اللاذعة، يجمع بين التوتّر النفسي والإسقاطات الاجتماعية. وتُشارك في بطولته سميرة حسنبور ومهران مديري نفسه الذي يظهر بدور مفاوض شرطة يضيف أبعاداً مرعبة ومعقَّدة إلى المشهد، فيقدّم دراما تشويقية.

لقطة من فيلم «أغنية سيما» المُقدَّر (غيتي)

«أغنية سيما»... شهادة على شجاعة الأفغانيات

أما فيلم «أغنية سيما»، فهو رحلة ملحمية في زمن مضطرب من تاريخ أفغانستان. تدور الأحداث في سبعينات القرن الماضي، حين واجهت البلاد صراعات سياسية وآيديولوجية بين الشيوعيين والإسلاميين. يتبع العمل حياة «ثريا»، الشابة الشيوعية التي تناضل من أجل حقوق المرأة، وصديقتها «سيما»، الموسيقية الحالمة التي تبتعد عن السياسة.

الفيلم، الذي أخرجته رؤيا سادات، يستعرض العلاقة المعقَّدة بين الصديقتين في ظلّ انقسام آيديولوجي حاد، ويُظهر كيف حاولت النساء الأفغانيات الحفاظ على شجاعتهن وكرامتهن وسط دوامة الحرب والاضطهاد. بأداء باهر من موزداح جمال زاده ونيلوفر كوخاني، تتراءى تعقيدات الهوية الأنثوية في مواجهة المتغيّرات الاجتماعية والسياسية.

من خلال هذين الفيلمين، يقدّم مهرجان «البحر الأحمر» فرصة فريدة لفهم قضايا المرأة في المجتمعات المحافظة والمضطربة سياسياً. فـ«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة، مع الإضاءة على دور الفنّ الحاسم في رفع الصوت ضدّ الظلم.

في هذا السياق، يقول الناقد السينمائي الدكتور محمد البشير لـ«الشرق الأوسط»، إنّ فيلم «السادسة صباحاً» ينساب ضمن وحدة زمانية ومكانية لنقد التسلُّط الديني لا السلطة الدينية، واقتحام النيات والمنازل، وممارسة النفوذ بمحاكمة الناس، وما تُسبّبه تلك الممارسات من ضياع مستقبل الشباب، مثل «سارة»، أو تعريض أخيها للانتحار. فهذه المآلات القاسية، مرَّرها المخرج بذكاء، وبأداء رائع من البطلة سميرة حسنبور، علماً بأنّ معظم الأحداث تدور في مكان واحد، وإنما تواليها يُشعر المُشاهد بأنه في فضاء رحب يحاكي اتّساع الكون، واستنساخ المكان وإسقاطه على آخر يمكن أن يعاني أبناؤه التسلّط الذي تعيشه البطلة ومَن يشاركها ظروفها.

على الصعيد الفنّي، يقول البشير: «أجاد المخرج بتأثيث المكان، واختيار لوحات لها رمزيتها، مثل لوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي للهولندي يوهانس فيرمير، ورسومات مايكل أنجلو على سقف كنيسة سيستينا في الفاتيكان، وغيرها من الرموز والاختيارات المونتاجية، التي تبطئ اللقطات في زمن عابر، أو زمن محدود، واللقطات الواسعة والضيقة».

يأتي ذلك تأكيداً على انفتاح مهرجان «البحر الأحمر السينمائي»، ومراهنته على مكانته المرتقبة في قائمة المهرجانات العالمية، وترحيبه دائماً بكل القضايا المشروعة.

ونَيل «أغنية سيما» و«السادسة صباحاً» وغيرهما من أفلام هذه الدورة، التقدير، وتتويج «الذراري الحمر» للتونسي لطفي عاشور بجائزة «اليُسر الذهبية»، لتقديمه حادثة واقعية عن تصفية خلايا إرهابية شخصاً بريئاً... كلها دليل على أهمية صوت السينما التي أصبحت أهم وسيلة عصرية لمناصرة القضايا العادلة متى قدّمها مُنصفون.

وأظهر المهرجان الذي حمل شعار «للسينما بيت جديد» التزامه بدعم الأفلام التي تحمل قضايا إنسانية عميقة، مما يعزّز مكانته بوصفه منصةً حيويةً للأصوات المبدعة والمهمَّشة من مختلف أنحاء العالم.