خبير: لا تتوقعوا من الصين أن تسعى إلى تحقيق السلام في أوكرانيا

رجال الإطفاء الأوكرانيون يعملون وسط أنقاض مركز التسوق ريتروفيل في كييف(أ.ف.ب)
رجال الإطفاء الأوكرانيون يعملون وسط أنقاض مركز التسوق ريتروفيل في كييف(أ.ف.ب)
TT

خبير: لا تتوقعوا من الصين أن تسعى إلى تحقيق السلام في أوكرانيا

رجال الإطفاء الأوكرانيون يعملون وسط أنقاض مركز التسوق ريتروفيل في كييف(أ.ف.ب)
رجال الإطفاء الأوكرانيون يعملون وسط أنقاض مركز التسوق ريتروفيل في كييف(أ.ف.ب)

يرى الدكتور مينكسين بي، الخبير الأميركي من أصل صيني، أنه يتعين استبعاد أي آمال في أن يقنع الرئيس الأميركي جو بايدن نظيره الصيني شي جينبينغ بأن يساعد في وقف الحرب في أوكرانيا. وتريد الصين، في حقيقة الأمر، أن تكون هناك نهاية مبكرة للحرب لكنها لن تستخدم نفوذها لتحقيق ذلك.
ويقول «بي» في مقال نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إنه يبدو أن بايدن وشي كانا أثناء لقائهما الهاتفي يوم الجمعة الماضي يتحدثان في وقت واحد، ولم يهتم كل منهما بما يقوله الآخر.

وأكد البيت الأبيض في بيانه عما دار في اللقاء أن بايدن ركز على أوكرانيا وحذر من العواقب بالنسبة للصين إذا ما زودت روسيا بـ«دعم مادي». من ناحية أخرى، أشار الصينيون في تعليقهم على اللقاء إشارة عابرة لأوكرانيا، وأكدوا التزام بايدن بسياسة «صين واحدة» وتعهده بعدم خوض حرب باردة جديدة مع الصين.
وأضاف «بي»، مدير مركز كيك للدراسات الدولية والاستراتيجية في جامعة كليرمونت الأميركية، أن سبب ذلك ليس لأن الصين، كما يبدو أن بعض المسؤولين في بكين يعتقدون، تحقق مكاسب من وراء الوقوف بمنأى عما يحدث بينما تستنزف الولايات المتحدة وروسيا نفسيهما في صراع أوروبي طويل الأمد. ففي حقيقة الأمر، تخسر الصين كل يوم يستمر فيه القتال. والسؤال الوحيد هو حجم الضرر الذي سيلحق بها ومدى حدوث ذلك. فالصين تجد نفسها في هذا المأزق إلى حد كبير بسبب البيان الصيني الروسي المشترك عن الشراكة الاستراتيجية التي تم توقيعها في الرابع من فبراير (شباط) الماضي.
وفي ذلك الوقت، اعتبر الكثيرون في بكين وغيرها الاتفاق «ضربة معلم» جغرافية سياسية. فكسب روسيا كشبه حليف سيكون مكسبا استراتيجيا مهما للصين.
وبالإضافة إلى ذلك، من المفترض أن تؤدي التوترات بين روسيا والولايات المتحدة إلى دفع واشنطن لتحويل مواردها واهتمامها بعيدا عن منطقة المحيط الهندي - الهادئ، مما يتيح للصين سيطرة أكثر تحررا في المنطقة.

ويرى «بي» أن الأداء الضعيف للقوات العسكرية الروسية في أرض المعركة والرد الموحد من جانب الولايات المتحدة وحلفائها إزاء الغزو الروسي، أربكا تلك الحسابات. فبدلا من انتصار خاطف، يتعرض بوتين لخطر مواجهة هزيمة مهينة أو مأزق حيث إن العقوبات الغربية تصيب الاقتصاد الروسي بالشلل. والاحتمال الأول سيكون أسوأ كابوس بالنسبة للصين. فالعواقب الاستراتيجية لمثل هذه النتيجة لا يمكن تصورها بالنسبة لبكين. ولا شك أن بوتين يدرك هذا، والذي قد يكون أحد أسباب سعيه لجر الصين إلى الحرب بطلب مساعدات عسكرية منها.
وقد تكون إطالة أمد الحرب أقل كارثية إلى حد ما بالنسبة للصين. فوقوع روسيا في مأزق قد يتيح للقادة الصينيين بعض الوقت لإعادة التفكير في استراتيجيتهم. ولكن أيضاً ستزيد روسيا، وهي منهكة، الضغط على الصين لتقديم المزيد من المساعدة. وقد يؤدي تقديم الدعم صراحة الآن لبوتين إلى تحويل التيار على الأرض لصالح روسيا، مما يكفي على الأقل لإقناعه بقبول وقف لإطلاق النار وتسوية عن طريق التفاوض. ولكن من المؤكد أن مخاطر تقديم مثل هذه المساعدة كبيرة للغاية.

ويضيف «بي» أن الحقيقة هي أن الصين تنتهج جدولا زمنيا مختلفا عن روسيا. فعلى خلاف بوتين، يعتقد شي أن النظام الدولي الحالي، مهما كان غير مرض، ما زال يتيح مساحة كافية للصين لكسب قوة ونفوذ. وإذا أمكن للصين إدارة التوترات مع الولايات المتحدة بشكل جيد بما فيه الكفاية لتجنب صدام سابق لأوانه، سيكون الوقت نظريا في صالحها. إذ أنه من الضروري لزخم نموها الأقوى بالمقارنة بالولايات المتحدة أن يغير ميزان القوة تدريجيا لصالح الصين.
ويرى «بي» أن دعم جهود بوتين الحربية يمكن أن يعجل بحدوث مواجهة فورية مع الغرب، الصين ليست مستعدة لها. ومهما كانت علاقات الصين سيئة مع الولايات المتحدة، وأوروبا، واليابان، فإنها ما زالت في حاجة للوصول إلى أسواقهم. كما أن الصين تعتمد اعتمادا كبيرا على التكنولوجيا الغربية المتقدمة، لا سيما الرقائق الإلكترونية، بينما لا تستطيع شركاتها أو بنوكها الكبرى الاستغناء عن التعامل بالدولار حتى الآن.
وفي الوقت نفسه، من المؤكد أن شي يشعر أنه لا يمكنه التخلي عن بوتين.
وقد تفشل أي محاولة صينية للضغط على الرئيس الروسي للتوصل سريعا لحل وسط، مما سيسبب إحراجا كبيرا بالنسبة لبكين، أو ربما تنجح لكن ستثير عداء بوتين، وستضعفه داخليا كثيرا لدرجة تهدد قبضته على السلطة. ونظرا لعدم توفر خيارات جيدة، فإن الاستراتيجية الوحيدة المناسبة للصين الآن هي عمل ما تستطيع لمساعدة روسيا بدون تجاوز الخطوط الحمراء الأميركية.
واختتم «بي» مقاله بالقول إن الموقف الذي تتخذه الصين ليس بدون تكاليف. فدعم بكين لبوتين شوه للغاية صورتها الدولية. وهو موقف يزيد من تعميق التوترات مع الولايات المتحدة، ويؤجج ما يتردد بأن حدوث مواجهة صينية أميركية أمر حتمي، كما يزيد من مخاطر حدوث مواجهة قبل أن تكون الصين مستعدة لها. وما بدا أنه خطوة رائعة منذ أسابيع قصيرة، يبدو بصورة متزايدة قراراً استراتيجيا مروعا. وبدلا من الاستفادة من التوترات الروسية الأميركية، تجد الصين نفسها تحت رحمة الأحداث. وأيا كان الفائز في أوكرانيا، فإن الصين تعرضت بالفعل لخسائر لا يمكن تعويضها.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».