إضراب مصارف لبنان يفاقم الصعوبات... وبارقة في مفاوضات «النقد الدولي»

شهدت مصارف لبنان إضراباً أمس يستمر حتى اليوم الثلاثاء (أ.ب)
شهدت مصارف لبنان إضراباً أمس يستمر حتى اليوم الثلاثاء (أ.ب)
TT

إضراب مصارف لبنان يفاقم الصعوبات... وبارقة في مفاوضات «النقد الدولي»

شهدت مصارف لبنان إضراباً أمس يستمر حتى اليوم الثلاثاء (أ.ب)
شهدت مصارف لبنان إضراباً أمس يستمر حتى اليوم الثلاثاء (أ.ب)

كشف شروع المصارف اللبنانية أمس (الاثنين) بتنفيذ إضرابها المعلن ليومين متتاليين، الارتفاع الحاد لمستوى المخاطر العامة التي تحيط بالوضعين النقدي والمعيشي، وإمكانية تحولهما إلى فوضى عارمة جراء قابليتهما للتفاعل السريع وحساسيتهما المفرطة إزاء المستجدات الملتبسة التي تتوالى على أكثر من صعيد، لا سيما منها النزاع المحتدم بين القطاع المالي من جهة وجهات قضائية من جهة مقابلة.
وفيما برزت معطيات ذات صلة بالقطاع المصرفي تم وضعها على جدول أعمال جولات المباحثات والمستمرة مع الفريق المكلف بالملف اللبناني لدى إدارة صندوق النقد الدولي، التي يستكملها في بيروت الأسبوع المقبل، سادت أجواء الارتباك في الأسواق الموازية للمبادلات النقدية، ليسجل سعر صرف الليرة أمام الدولار انخفاضات متتالية جراء تحول كامل عمليات الطلب التجاري على الدولار إلى شركات الصرافة، مما أنتج حماوة تلقائية في المضاربات السعرية وتخطي العملة الخضراء عتبة 24 ألف ليرة.
ولم تكن الأسواق الاستهلاكية بمنأى عن أجواء التوتر النقدي، وسط استعادة مشاهد الازدحام على محطات المحروقات العاملة، بموازاة العشوائية الصريحة في لوائح تسعير المواد الغذائية والأساسية المتوفرة على رفوف المخازن والسوبر ماركت، حيث تختلط عوامل الاضطراب المحلية الناجمة عن ارتفاع الدولار وأسعار المحروقات والنقل مع الضغوط الواردة من تداعيات الحرب في أوكرانيا والارتفاعات العالمية في أسعار الحبوب والمواد الأساسية، فضلاً عن الصعوبات المتفاقمة في سلاسل الإمداد والنقل البحري.
ولا تستبعد مصادر مالية متابعة، الانزلاق التدريجي إلى تفاقم استثنائي في أزمة السيولة النقدية بالعملة المحلية بسبب اتساع الفجوة بين الأكلاف المعيشية نتيجة تزامن موجات غلاء جديدة يرجح أن يتعدى متوسطها 30 في المائة دفعة واحدة من جهة، وبين زيادة تقنين ضخ النقود الورقية عبر المصارف من جهة مقابلة؛ وذلك بعد خفض الحصص المتاحة للموظفين والمودعين إلى حدود 5 ملايين ليرة شهرياً، أو نحو 230 دولارا ورقيا (بنكنوت)، في حين يجري تعقيم السيولة المتاحة عبر بطاقات الدفع الممغنطة، مع توسع ظاهرة رفض قبولها عبر نحو 31 ألف نقطة بيع موزعة في المتاجر والمحلات.
لكن، ورغم المشهد السوداوي المتفشي في الوضعين النقدي والاجتماعي، لاحت بارقة أمل في الأوساط المصرفية والمالية مع إفصاح نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، رئيس الفريق اللبناني في المفاوضات مع صندوق النقد، ببلوغ النقاشات في جولات المحادثات الافتراضية مع إدارة صندوق النقد محتوى مشروع قانون تقييد الرساميل والتحويلات (الكابيتال كونترول) وتدوين ملاحظات الصندوق عليه. وذلك استجابة لطلبات نيابية بأن يتم التوصل إلى اتفاق مع الصندوق على هذا القانون قبل عرضه على مجلس النواب.
وإذ تدرج جمعية المصارف هذا المطلب كأولوية لإعادة تصويب المقاربات والحؤول دون تكاثر الشكاوى القضائية والاتهامات والأحكام التي تصفها بالتعسفية، فهي تؤكد على أن التمادي في تأخيره وفي إقرار خطة التعافي والمباشرة بتنفيذها يؤديان إلى تدمير ممنهج للاقتصاد الوطني. كذلك فهي تتلقف إيجابياً إدراج موضوع السرية المصرفية وضرورة تعديل بعض المواد في القانون الحالي بما يسمح بتسهيل مكافحة التهرب الضريبي والفساد بشكل عام. كما تلقفت الأوساط المالية بإيجابية، تنويه رئيس الفريق اللبناني، بأن البحث تناول «مساهمة الجميع في تحمّل المسؤولية للتعامل مع خسائر القطاع المصرفي مع ضرورة الالتزام بالمعايير الدولية لحل هذه الأزمة. ولهذه الغاية تم الاتفاق على تحضير مشروع قانون للتعامل مع إعادة هيكلة القطاع المصرفي بعد الاتفاق على استراتيجية التصحيح المالي».
ووفقاً لبيان الشامي، تستمر الاجتماعات الافتراضية مع الفريق المكلف بالملف اللبناني لدى إدارة الصندوق خلال الأسبوع الحالي، تحضيراً لزيارة بعثة الصندوق إلى بيروت الأسبوع المقبل لاستكمال المفاوضات. وفي جدول الأعمال المرتقب «استكمال البحث في موضوع القطاع المصرفي بهدف حماية المودعين قدر الإمكان، لا سيما الصغار منهم وإعادة تفعيل دور القطاع المصرفي بشكل يخدم الاقتصاد من خلال تمويل القطاع الخاص وذلك لتحفيز النمو وخلق فرص عمل».
ومن المعلوم، أن ملامح الخطة الحكومية للإنقاذ والتعافي ستركز على أولوية حماية الودائع إلى حدود 150 ألف دولار بالحد الأدنى، على أن يتم وضع برنامج واضح لسدادها خلال مهلة زمنية لا تقل عن 10 سنوات ولا تتعدى 15 سنة. بينما تخضع المبالغ الأعلى لمجموعة تدابير تبدأ باقتطاعات محددة والتحويل إلى مساهمات رأسمالية وأسهم ضمن خطة الإنقاذ.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.