برلمان تركيا يشرع بمناقشة تعديلات لقانون الانتخابات تضيّق على المعارضة

تمديد حبس كافالا في قضية «جيزي» في خطوة مستفزة لمجلس أوروبا

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أثناء إلقاء كلمة له في اجتماع لحزبه {العدالة والتنمية} في أنقرة (غيتي)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أثناء إلقاء كلمة له في اجتماع لحزبه {العدالة والتنمية} في أنقرة (غيتي)
TT

برلمان تركيا يشرع بمناقشة تعديلات لقانون الانتخابات تضيّق على المعارضة

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أثناء إلقاء كلمة له في اجتماع لحزبه {العدالة والتنمية} في أنقرة (غيتي)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أثناء إلقاء كلمة له في اجتماع لحزبه {العدالة والتنمية} في أنقرة (غيتي)

بينما يعكف البرلمان التركي، هذا الأسبوع، على مناقشة حزمة تعديلات على قانون الانتخابات اقترحها حزب العدالة والتنمية الحاكم وشريكه في «تحالف الشعب» حزب الحركة القومية اليميني في إطار الاستعداد للانتخابات البرلمانية المقررة في صيف العام المقبل، التي تثير غضب المعارضة وتشكل، بحسب خبراء قانونيين، «فخّاً» أمام الأحزاب الجديدة التي ستخوض الانتخابات للمرة الأولى، قررت محكمة تركية استمرار حبس رجل الأعمال الناشط البارز في مجال المجتمع المدني، عثمان كافالا، حتى 22 أبريل (نيسان) المقبل في إطار القضية المعروفة بـ« أحداث جيزي بارك».
وتناقش لجنة الشؤون القانونية والدستورية بالبرلمان التركي حزمة التعديلات على قانون الانتخابات، التي قدمها حزبا العدالة والتنمية والحركة القومية، الأسبوع الماضي، تمهيداً للتصويت عليها، وسط جدل شديد وتوجس في صفوف المعارضة وخبراء القانون في تركيا.
ومن أهم التغييرات المقترحة في حزمة التعديلات، المؤلفة من 15 مادة، تخفيض الحد النسبي لتمثيل الأحزاب في البرلمان (العتبة الانتخابية) من 10 إلى 7 في المائة من إجمالي أصوات الناخبين. وعرقلة انتقال النواب من حزب إلى آخر من أجل تسهيل خوض الانتخابات، وتغيير طريقة حساب أصوات التحالفات الانتخابية بحيث يتم حساب كل حزب على حدة لمنع استفادة الأحزاب التي تحصل على أقل من 7 في المائة من دخول البرلمان، وأن يكون الحزب السياسي الراغب في المشاركة بالانتخابات قد عقد مؤتمره العام لمرتين متتاليتين في الولايات والأقضية في الفترة التي يحددها قانون الأحزاب السياسية واللوائح الداخلية للأحزاب، وهو ما يعني بالتالي أنه لا يحق للأحزاب التي لها كتل برلمانية خوض الانتخابات ما لم تكن قد عقدت مؤتمراتها العامة لمرتين على الأقل خلال المدة المحددة في قانون الأحزاب وفي أنظمتها الداخلية.
واعتبرت أحزاب المعارضة التركية أن التعديلات المقترحة تشكل محاولة من جانب الحزب الحاكم وحليفه (الحركة القومية) لـ«تغيير قواعد اللعبة بعد أن بدأت». وبينما عدّ «تحالف الشعب» الحاكم التعديلات «خطوة لضمان العدالة في التمثيل النيابي»، رأت المعارضة أنها خطوة للرد على إعلان 6 أحزاب سياسية في 28 فبراير (شباط) الماضي، مشروع نظام برلماني معزز ستطبقه حال فوزها في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في يونيو (حزيران) 2023.
وجاء اجتماع قادة أحزاب المعارضة الستة، كمال كليتشدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري، وعلي باباجان رئيس حزب «الديمقراطية والتقدم»، وميرال أكشنار رئيسة حزب «الجيد»، وأحمد داود أوغلو رئيس حزب «المستقبل»، وتمل كارامولا أوغلو رئيس حزب «السعادة»، وجولتكين أويصال رئيس الحزب الديمقراطي، ليشكل، من وجهة نظر مراقبين، تحولاً في السياسة الداخلية لأحزاب المعارضة، إلا أنه وحتى الآن لا توجد مؤشرات عما إذا كان الزعماء المذكورون سيذهبون للإعلان عن تحالف موحد، أو توسيع «تحالف الأمة» الذي يضم حزبي الشعب الجمهوري والجيد ويدعمه حزب السعادة، ضد تحالف الشعب الحاكم، أم لا. وفضّل كل من باباجان وداود أوغلو انتظار الاطلاع على التعديلات المقترحة على قانون الانتخابات.
وسيعقد قادة الأحزاب اجتماعاً ثانياً في 27 مارس (آذار) الحالي لمتابعة الخطوات المتعلقة بـ«النظام البرلماني المعزز»، وبحث التعديلات المقترحة على قانون الانتخابات.
واعتبر كليتشدار أوغلو أن التعديلات المقترحة على قانون الانتخابات تم إعدادها لصالح حزب الحركة القومية، التي تشير استطلاعات الرأي إلى تراجعه الشديد وعدم قدرته على بلوغ العتبة الانتخابية.
بدوره، قال رئيس حزب «الديمقراطية والتقدم» نائب رئيس الوزراء الأسبق، علي باباجان، إن إردوغان وحليفه رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهشلي، «سيسقطان في البئر التي حفراها، فقد أدركا أخيراً أنه لم يعد بإمكانهما الفوز في الانتخابات بالقواعد الحالية، لذلك بذلا جهداً لتغيير قواعد الانتخابات، لكنهما مخطئان مرة أخرى».
في المقابل، علق إردوغان على التعديلات المقترحة، قائلاً: «هدفنا منع (أحزاب اللافتات) من التلاعب بالسياسة... حزب الشعب الجمهوري كان يتبرع ببعض الأماكن التي كان من المفترض أن يتم فيها انتخاب أعضائه لمرشحي الأحزاب الأخرى»، في إشارة إلى منح 15 مقعداً لحزب «الجيد» برئاسة ميرال أكشنار، ليتمكن من خوض انتخابات عام 2018، حيث لم يكن الحزب عقد مؤتمره العام الأول بعد.
ورأى خبراء قانونيون أن التعديلات المقترحة هدفها منع المعارضة من الفوز بالانتخابات البرلمانية، حتى وإن فازت بانتخابات الرئاسة، كما تمنع إجراء انتخابات مبكرة، لأنه لا يمكن إجراء الانتخابات قبل مرور عام على إقرار التعديلات.
وأوضح الخبير القانوني توغوت كازان أن تحركات «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية» تشير إلى أنهما يحاولان بشتى الوسائل إحداث حسابات انتخابية تمكنهما من الفوز في الانتخابات المقبلة، وقطع الطريق على تحالفات المعارضة والأحزاب الجديدة، لا سيما حزبي الديمقراطية والتقدم والمستقبل.
وتشير أحدث بيانات سجلات مكتب المدعي العام لمحكمة الاستئناف العليا في تركيا إلى أنه تم تأسيس 21 حزباً سياسياً جديداً خلال عام 2021، ليرتفع عدد الأحزاب في البلاد إلى 124 حزباً.
ووصف كازان بعض العناصر المقترحة في التعديلات بـ«الفخ»، حيث لا تمنع فقط انتقال النواب بين الأحزاب، وإنما تغيّر طريقة حساب الأصوات وانتدابات القضاة المشرفين على صناديق الاقتراع، وفرض قيود على اختيار مندوبي الأحزاب.
ولفت مدير شركة «تركيا رابورو» لاستطلاعات الرأي، جان سلجوقي، إلى أن «تحالف الشعب»، بزعامة إردوغان، كان سيفوز بعشرة مقاعد إضافية في البرلمان المؤلف من 600 عضو في انتخابات 2018 لو تم تطبيق التعديلات المقترحة على قانون الانتخابات، معتبراً أن هذا الفارق سيكون حاسماً في انتخابات العام المقبل، وأن إردوغان في حاجة إلى هذه التعديلات لضمان فوزه بالرئاسة مجدداً، كما أنه لا يتحمل المخاطرة بفقدان الأغلبية في البرلمان.
وتشير أحدث استطلاعات الرأي إلى تفوق تحالف الأمة المعارض في الانتخابات البرلمانية، وحصوله على 42 في المائة من أصوات الناخبين مقابل 38.4 في المائة لتحالف الشعب الحاكم، وفوز مرشح الرئاسة من تحالف الأمة بالانتخابات الرئاسية.
على صعيد آخر، قضت محكمة تركية، أمس (الاثنين)، باستمرار حبس رجل الأعمال الناشط البارز في مجال المجتمع المدني، عثمان كافالا، على ذمة قضية «جيزي بارك» حتى موعد الجلسة المقبلة في 22 أبريل.
ويعد كافالا (64 عاماً) هو المتهم الرئيسي إلى جانب 16 آخرين في القضية المتعلقة بدعمه الاحتجاجات المعروفة باسم «أحداث جيزي بارك» التي انطلقت عام 2013، رفضاً للمساس بحديقة أتاتورك التاريخية في ميدان تقسيم وسط إسطنبول، وسرعان ما تحولت إلى احتجاجات غاضبة على حكم الرئيس رجب طيب إردوغان (رئيس الوزراء في ذلك الوقت) في أنحاء البلاد، وتخللتها أعمال تخريب ومصادمات بين الشرطة والمتظاهرين. وامتد الحبس الاحتياطي لكافالا إلى ما يقرب من 5 سنوات، منذ اعتقاله في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، دون إدانته في أي من جملة من القضايا المتهم فيها، التي أثارت توتراً بين تركيا وحلفائها الغربيين، الذين يرون فيه رمزاً لانتهاك حقوق الإنسان وحرية التعبير لمعارضي حكم إردوغان.
وفي 2020، تمت تبرئة كافالا من تهم تتعلق باحتجاجات جيزي بارك، وبعد ذلك بساعات أمرت محكمة أخرى بالقبض عليه بتهمة محاولة الإطاحة بالنظام الدستوري عبر دعمه محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو (تموز) عام 2016. وقضت المحكمة، لاحقاً، بالإفراج عنه في هذه التهمة، لكنها أمرت باحتجازه بتهمة التجسس في القضية ذاتها، ثم تقرر دمج جميع القضايا المتهم فيها.
وفي فبراير الماضي، أعلن مجلس أوروبا أنه أطلق إجراءً تأديبياً نادراً، وأن هيئته أحالت قضية كافالا، مجدداً، إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لتحديد ما إذا كانت تركيا قد أخلت بالوفاء بالتزامها بتنفيذ قرار المحكمة الصادر منذ أكثر من عامين، الذي يقضي بضرورة الإفراج عن كافالا على الفور. وقد يستدعي القرار الجديد تحركاً من اللجنة الوزارية للمجلس، يشمل تعليق حق تركيا في التصويت، وصولاً إلى إمكان طردها من عضويته بموجب المادة الثامنة من نظامه الأساسي، وهو إجراء سبق للمجلس أن طبقه مرة واحدة ضد أذربيجان في واقعة مماثلة عام 2017.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».