الرئيس التونسي يلمح للعودة إلى «الحوار» لتجاوز الأزمة السياسية

«اتحاد الشغل» انتقد تجاهل سعيد للأحزاب والمنظمات في الاستشارة حول الإصلاحات

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)
TT

الرئيس التونسي يلمح للعودة إلى «الحوار» لتجاوز الأزمة السياسية

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)

قال الرئيس التونسي قيس سعيد، أمس، إنه «سيكون أمام الجميع في تونس فرصة للتعبير عن آرائهم ومواقفهم بشأن النظام السياسي الجديد، وسيتم عقد حوار وطني قبل أن تبدأ لجنة صياغة التوجهات العامة في الإصلاحات الدستورية».
وتأتي هذه الخطوة في وقت يواجه فيه سعيد انتقادات قوية واتهامات بأنه يسعى لإرساء حكم الرجل الواحد، منذ أن استأثر بالسلطة التنفيذية وعلق عمل البرلمان العام الماضي.
وأضاف سعيد في كلمته أمس في التلفزيون الرسمي أنه «سيمضي في خطته المبدئية لإجراء استفتاء بشأن التعديلات الدستورية في 25 يوليو (تموز) المقبل. وبعد هذا الحوار المباشر مع الشعب... سيتواصل العمل لاستفتاء في يوليو، بعد أن يتم تشريك الجميع في إبداء آرائهم واقتراحاتهم للنظام السياسي الجديد».
وجاءت تصريحات الرئيس سعيد في ختام المهلة النهائية للاستشارة الإلكترونية عبر الإنترنت، بدأت قبل شهرين لتحديد وجهات نظر التونسيين حول القضايا السياسية والاقتصادية، رغم أن نحو 500 ألف شخص فقط شاركوا في تونس، التي يبلغ عدد سكانها 12 مليون نسمة.
ويرى مراقبون أن تصريحات سعيد الأخيرة تشكل تغييراً واضحاً في موقفه، وتشير إلى أنه سيقبل على الأرجح إجراء محادثات مع خصومه السياسيين، رغم أنه سبق وقال إنه يرفض إجراء حوار عقيم مع من يصفهم بـ«الفاسدين والخونة».
وقال سعيد في كلمة بثها الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية إن «الاستشارة هي أول حلقة في حلقات الحوار الوطني... الذي سيتم بعد النظر في نتائج الاستشارة»، مضيفاً أنه يحاول تعبيد الطريق أمام الشعب التونسي لتحقيق آماله وطموحاته. لكنه لم يذكر الرئيس سعيد كيف سيكون الحوار وكيف يمكن للجميع إبداء آرائهم في النظام الجديد، رغم أن الأطراف الرئيسية، مثل الاتحاد العام التونسي للشغل القوي، تشعر بأن السبيل الوحيد للمضي قدماً هو من خلال الحوار الوطني حول الإصلاحات السياسية والاقتصادية.
في سياق ذلك، دعت مجموعة من الأحزاب والمنظمات الاجتماعية والحقوقية التونسية إلى إشراك الخبراء والمختصين في برنامج الإصلاح السياسي، الذي أعلن عنه الرئيس سعيد، وطالبت الانفتاح على القوى المدنية والسياسية الديمقراطية، التي لم تشارك في منظومة الإرهاب والفساد ما قبل تاريخ 25 يوليو 2021، لـ«صياغة منظومة سياسية ديمقراطية مستقرة، قادرة على إخراج البلاد من الأزمة العميقة التي تعيشها».
في سياق ذلك، تضغط عدة أطراف سياسية، من بينها حركة النهضة والاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، من أجل فتح أبواب الحوار لإنهاء الأزمة السياسية، والعودة إلى المؤسسات الدستورية المعطلة منذ أكثر من سبعة أشهر، والمضي قدماً في مسار الإصلاحات السياسية والاقتصادية من خلال الحوار الوطني، وإشراك جميع الأطراف السياسية والاجتماعية.
على صعيد متصل، وجه نور الدين الطبوبي، الأمين العام لاتحاد الشغل في تونس، أمس، انتقادات لاذعة ومبطنة للرئيس سعيد، في ختام الاستشارة الوطنية الإلكترونية التي أطلقها قبل نحو شهرين، تمهيدا لاستفتاء شعبي.
وقال الطبوبي للصحافيين في تجمع عمالي بجندوبة أمس الاثنين، تعليقاً على الاستشارة الوطنية: «هو (الرئيس) يريد طريقة جديدة للاستئناس بها، وله حق ذلك. ولكنّ هناك حواراً مباشراً يفضي إلى نتائج، وهو الأساس». مشدداً على أن «الأطراف الموجودة في البلاد لن تكتفي بلعب دور المتفرج.
ومضى الطبوبي قائلاً: «هناك مكونات رئيسية حقيقية عبر التاريخ ضحت بدمائها... وكانت لها مساهمة في بناء دولة الاستقلال والدولة الحديثة التي يحلم بها الجميع».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.