أكراد سوريون يطالبون أحزابهم بـ«توحيد المواقف»

احتفالات علنية بنوروز

TT

أكراد سوريون يطالبون أحزابهم بـ«توحيد المواقف»

احتفلَ أكراد سوريا بـ«عيد نوروز» رأس السنة الكردية بحماس كبير أمس في جميع المناطق ذات الغالبية السكانية شمال شرقي البلاد، وتجمع آلاف الأشخاص حول المشاعل يرتدون أزياء وألبسة تقليدية مزركشة وأشعلوا النيران، وشاركوا في الرقصات الفولكلورية والحفلات الغنائية. وطالبت أحزاب وتحالفات كردية بهذه المناسبة إيجاد حل عادل للقضية الكردية على اعتبار أنها جزء أساسي من القضية الديمقراطية في سوريا، ودستور جديد يراعي حقوق كافة مكونات الشعب السوري في دولة ذات نظام ديمقراطي تعددي لا مركزي.
وأحيا آلاف الأكراد احتفالات نوروز لابسين الأزياء الفولكلورية وشاركوا في التجمعات الغنائية والمسرحية في مناطق متفرقة، وتبدأ طقوس العيد ليلة 20 مارس (آذار) من كل عام عند مغيب الشمس بإيقاد النار فوق المرتفعات وقمم الجبال، إما بإحراق الإطارات وإما صناديق الخشب، وهي عادة تاريخية تحاكي قصة كاوا الحداد الذي خرج إلى الجبل وبيده شعلة نار لإرسال إشارة النصر إلى الناس بالقضاء والخلاص على الطاغية والظلم.
وحتى وقت قريب، كانت هذه المناسبة وطقوس العيد القومي في سوريا من المحرمات وما رافقتها من إجراءات أمنية مشددة واعتقالات وأحكام عرفية لمنع أحياء الاحتفالات، وطالب «مجلس سوريا الديمقراطية» الجناح العسكري لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعوم من تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، إيجاد حل عادل للقضية الكردية على اعتبار أنها جزء أساسي من القضية الديمقراطية السورية، وقال في بيان نشر على موقعه الرسمي: «حل القضية الكردية معيار حاسم للتحول والتغيير الديمقراطي السوري، ومفتاح حل الأزمة إقرار حكم ديمقراطي لا طائفي لدولة لا مركزية تعددية»، داعياً إلى تشكيل منصة وطنية ديمقراطية فاعلة تؤمن بحل الأزمة وفق مسارها السياسي، وتأسيس سوريا الحديثة دولة لامركزية ديمقراطية تعددية، وتوجه المجلس إلى عموم السوريين أن يتحول عيد نوروز عيداً وطنياً رسمياً، «وأن يُعاد الاحتفال بعيد الأم في الـ 13 من مايو (أيار) من كل عام، ويصبح 21 عيداً وطنياً لكل السوريين».
ويشكل أكراد سوريا نحو 12 في المائة من التعداد السكاني العام (23 مليون نسمة)، ومنذ إعلان الإدارة الذاتية بداية 2014 في مناطق شرق الفرات يحتفل الأكراد بهذا العيد ويحيون عيد النوروز علانية، غير أن أحزابها وحركتها السياسية منقسمة، ووصل وفد أميركي رفيع للمنطقة منتصف الشهر الحالي ضم نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، إيثان غولدريتش، ونائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون العراق، جينفير جافيتو، ومديرة ملف سوريا والعراق في مجلس الأمن القومي، زهرة بيل، وممثل الخارجية الأميركية بشمال شرقي سوريا، ماثيو بيرل، وعقدوا اجتماعات مع قادة قوات «قسد» ومجلس «مسد» و«المجلس الوطني الكردي» وبحثوا إمكانية إحياء المحادثات الكردية المتعثرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2020 ونقلوا أن توحيد المواقف الكردية على رأس أولويات الإدارة الأميركية.
بدوره؛ أكد «المجلس الكردي» في بيان نشر على موقعه الرسمي أمس تمسكه بحقوق الشعب الكردي بسوريا والعمل مع أطر المعارضة الوطنية، من أجل الخروج من الأزمة الدائرة، وإيجاد حل سياسي يتوافق مع القرار الأممي 2254 ومرجعية جنيف، ودعا بيان المجلس إلى ضرورة توحيد الموقف الكردي، «ندعو أبناء شعبنا وحركته السياسية للضغط بهذا الاتجاه لمنع التفرد والسيطرة وفرض أمر الواقع، لأن مصلحة شعبنا بهذه المرحلة تقتضي توحيد المواقف والعمل المشترك وتحريم كافة أشكال الاستئثار والهيمنة»، وأشار إلى أن المجلس كان ولا يزال مؤمناً بضرورة الالتزام بالاتفاقات الموقعة لتوحيد الموقف الكردي، «بدءاً من اتفاقيتي (هولير) و(دهوك) والتي يُمكن البناء عليهما وفق التفاهمات من خلال المفاوضات الكردية، للتوصل إلى اتفاقية شاملة سياسية وإدارية وعسكرية تخدم شعبنا ووطننا في هذه المرحلة المهمة».
أما «الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي» قال في بيان إن احتفالات نوروز تزامنت مع استمرار الأزمة السورية ودخولها عقدها الثاني، لكنها ألقت بظلالها على حياة المواطن السوري دون أن يلوح في الأفق أي أمل بوضع حل ينهي معاناة الناس، وانشغال العالم بالحرب الروسية – الأوكرانية وفقدان مستلزمات الحياة اليومية لا سيما غلاء المواد الأساسية ونزيف الهجرة ليصبح المشهد أكثر تعقيداً: «ولا خيار أمام السوريين سوى الحوار والتوافق الوطني، وبما يضمن حقوق الجميع في ظل دستور جديد يراعي حقوق كافة مكونات الشعب السوري في دولة ذات نظام ديمقراطي علماني»، منوهاً إلى ضرورة الجلوس على طاولة الحوار للتوافق والتفاهم على بنود أساسية فيما يتعلق بوحدة الصف الكردي وخطابها السياسي، وأضاف البيان: «لتوحيد مطالب الشعب الكردي العادلة والمشروعة والحفاظ على خصوصية واستقلالية القرار الكردي السوري، والعمل على تشكيل وفد كردي مستقل يمثل الكرد في أي محفل دولي».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.