عون يتدخّل لإنقاذ تحالف «أهل البيت» في مواجهة «التقدمي» ـ «القوات»

ضم اثنين من «البساتنة» على اللائحة الشوفية يؤخر ولادتها

TT

عون يتدخّل لإنقاذ تحالف «أهل البيت» في مواجهة «التقدمي» ـ «القوات»

كشفت مصادر سياسية لبنانية مواكبة عن كثب للاتصالات الجارية بين القوى المتنافسة لتشكيل اللوائح الانتخابية عن دائرة الشوف - عاليه تمهيداً لتسجيلها لدى وزارة الداخلية والبلديات في مهلة زمنية أقصاها الرابع من أبريل (نيسان) المقبل، بأن رئيس الجمهورية ميشال عون يتدخّل شخصياً لإنقاذ تحالف الضرورة بين «التيار الوطني الحر» برئاسة جبران باسيل ورئيسي الحزبين «التوحيد العربي» بقيادة الوزير السابق وئام وهّاب و«الديمقراطي اللبناني» بزعامة النائب طلال أرسلان وجمعية المشاريع الخيرية الإسلامية (الأحباش).
وقالت المصادر السياسية إن الرئيس عون التقى، قبل أن يتوجّه إلى روما للقاء البابا فرنسيس في الفاتيكان، وهّاب. وأوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن العائق الوحيد الذي يؤخر الإعلان عن تشكيل اللائحة الانتخابية المنافسة للائحة تحالف حزبي «التقدمي الاشتراكي» و«القوات اللبنانية» واللوائح الأخرى المنتمية إلى المجتمع المدني في حال تعذّر التوافق على خوض المعركة بلائحة واحدة، يكمن في إصرار وهّاب على ضم الوزير السابق ناجي البستاني إلى اللائحة في مقابل تمسّك باسيل بترشيح النائب فريد البستاني، وبالتالي فإن لا حل للخلاف إلا إذا تقرّر جمعهما على لائحة واحدة.
ولفتت المصادر نفسها إلى أن فريد البستاني هو من أشد المعارضين لترشّحه مع ناجي البستاني على لائحة واحدة بذريعة أن لديه مخاوف من أن يتقدّم عليه بحصوله على الأصوات التفضيلية، وقالت إن باسيل يراعي إلى أقصى الحدود المخاوف التي يتذرّع بها النائب المنتمي إلى «كتلة لبنان القوي»، فيما لا يبدي الرئيس عون حماسة لضم ناجي البستاني إلى اللائحة لكنه لا يعترض على ضمّه إذا كان سيؤدي إلى تسهيل تشكيل اللائحة.
ورأت أن الخلاف لا يزال قائماً، مع أن وهّاب يؤيد ضم مرشحين من آل البستاني على اللائحة في ظل تمسّك كل فريق بموقفه ولا يبدي مرونة، خصوصاً أن باسيل يصر على الاستعانة بمرشحين لديهم الملاءة المالية لتغطية النفقات المالية، وهذا ما يظهر جلياً للعلن في اختيار مرشحيه على معظم اللوائح المدعومة مباشرة من «التيار الوطني»، وقالت إن ضيق الوقت لم يعد يسمح بتمديد المفاوضات لأن ناجي البستاني يمنح الفرصة الأخيرة للمعنيين بتشكيل اللائحة ليكون على بيّنة ما إذا كان سيتعاون معهم، وإلا سيكون له خيار آخر.
وفي هذا السياق، كشفت المصادر أن ناجي البستاني لم ينقطع عن التواصل مع رئيس «التقدمي» وليد جنبلاط، وهو كان طلب منه إمهاله بعض الوقت ليتخذ قراره بالانضمام إلى اللائحة المدعومة من «التقدّمي» و«القوات» في حال أن المفاوضات التي يتولاها وهّاب وصلت إلى طريق مسدود، خصوصاً أنهما أبقيا حتى الساعة على المقعد الماروني الثالث شاغراً.
وإلى أن يحسم ناجي البستاني قراره النهائي في الساعات المقبلة، فإن لائحة التقدّمي - القوات تضم عن الدروز جورج عدوان وحبوبة عون وعن السنة بلال عبد الله وسعد الدين الخطيب وعن الكاثوليك رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي شارل عربيد، مع أن القوات كان تفاهم مع حزب «الوطنيين الأحرار» على ترشيح فادي المعلوف.
لكن التباين بين «التقدّمي» و«القوات» لن يؤدي في مطلق الأحوال إلى تعثُّر التحالف بينهما لأن الحزبين في حاجة إلى بعضهما وأن لا بدائل بينهما، وبالتالي يمكنهما، كما تقول مصادرهما، التفاهم على أن ينتظر من ناجي البستاني ليقول كلمته ليقررا معاً ما إذا كانا سيخوضان الانتخابات بلائحة مكتملة عن قضاء الشوف الذي يضم ثمانية مقاعد نيابية.
وفي المقابل، فإن اللائحة المدعومة من باسيل ووهّاب وأرسلان والأحباش لن تكون مكتملة حتى لو توافقوا على ضم المرشحين من آل البستاني على اللائحة، لأن وهّاب يفضّل بأن يبقي على المقعد الدرزي الثاني شاغرا، وبالتالي ستتشكّل نواة اللائحة من فريد وناجي البستاني وأنطوان عبود عن الموارنة ووهّاب عن الدروز وأسامة المعوش وأحمد نجم الدين (الأحباش) عن السنة وغسان عطا الله عن الكاثوليك، فيما تجري المحاولات لإقناع النائب ماريو عون بسحب ترشُّحه في ضوء استبعاده من باسيل عن لائحة الترشيحات التي كان أعلن عنها في وقت سابق.
ويبدو واضحاً أن «حزب الله» يواكب عن كثب الاتصالات الرامية إلى إنقاذ التحالف ومنعه من التعثُّر، مع أن المصادر المقرّبة من حلفائه في الشوف - عاليه تؤكد عدم تدخّله مباشرة في المفاوضات المحصورة حالياً بين باسيل ووهّاب وأرسلان ناصحاً إياهم بإعطاء الأولوية لرص صفوفهم ليكون في وسعهم خوض معركة متوازنة في مواجهة تحالف «التقدمي» و«القوات»، علما بأن الحزب وحليفه حركة «أمل» يتمتعان بحضور شيعي وازن في البلدات الشوفية (جون والجية والوردانية)، وأيضاً في بلدتي القماطية وكيفون في قضاء عاليه.
وبالنسبة إلى الحزب «السوري القومي الاجتماعي» بجناحيه في الروشة بقيادة رئيسه ربيع بنات والآخر بقيادة النائب أسعد حردان، فإن لا مرشحين لديهما عن دائرة الشوف - عاليه، وأن محازبيه هم بمثابة ماكينة انتخابية تتولى تأمين انتقالهم إلى صناديق الاقتراع للتصويت للائحة حلفائه في هذه الدائرة.
وتردّد بأن «حزب الله» لعب دوراً لدى حليفه القومي بجناحيه بنات وحردان في إقناعهما بعدم الترشّح عن هذه الدائرة، لأن هناك ضرورة لرصّ الصفوف في مواجهة تحالف «التقدّمي» «القوات» للاقتصاص منهما على خلفية مواقفهما النارية حيال الحزب وسلاحه من خلال محور الممانعة بقيادة إيران.
كما تردّد بأن «حزب الله» لم يفقد الأمل في رعايته لتنظيم الاختلاف بين جناحي القومي، وصولاً إلى إقناعهما بإعطاء الأفضلية للأقوى في الحزب للترشُّح للانتخابات، لكن جهوده حتى الساعة لم تثمر عن نتائج إيجابية، مع أن الحزب يدرس ترشيح أنطوان جعجع عن المقعد الماروني عن دائرة بعلبك - الهرمل، وكان جناح بنات تبنّى ترشيحه، إضافة إلى ترشيحه لرمزي المعلوف عن المقعد الأرثوذكسي عن دائرة بيروت الثانية على أمل أن يوافق الثنائي الشيعي على ضمه للائحته الانتخابية.
لذلك فإن فور حسم مصير ناجي البستاني ترشُّحاً سيؤدي للإسراع في الإعلان رسمياً عن اللائحتين المتنافستين في الشوف.
فيما يواصل المجتمع المدني تجميع أوراقه لعله يتوصّل إلى توحيد موقفه بتشكيل لائحة موحّدة عن دائرة الشوف وعاليه، فيما أوشك تحالف التقدمي - القوات على تشكيل لائحته عن قضاء عاليه ضمن الدائرة الواحدة مع الشوف، والأمر نفسه ينسحب على تحالف باسيل - وهّاب - أرسلان، برغم أن اللائحتين أبقيتا على مقعدين شاغرين حتى الساعة هما المقعد الدرزي الثاني والآخر الماروني.
ويُفترض أن تتشكّل لائحة التقدّمي - القوات من الدرزي أكرم شهيّب والماروني راجي السعد والأرثوذكسي نزيه متى، إلا إذا تقرّر لاحقاً إلحاقها بالماروني الثاني، فيما تتشكّل لائحة باسيل - وهاب - أرسلان من الأخير عن الدروز وسيزار أبي خليل عن الموارنة وطارق وليد خير الله عن الأرثوذكس على أن يُترك لباسيل الحرية في تسميته للماروني الثاني.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.