غوتيريش «عاجز» أمام حرب بوتين في أوكرانيا

غوتيريش يخاطب جلسة استثنائية طارئة للجمعية العامة لأمم المتحدة في 28 فبراير (أ.ف.ب)
غوتيريش يخاطب جلسة استثنائية طارئة للجمعية العامة لأمم المتحدة في 28 فبراير (أ.ف.ب)
TT

غوتيريش «عاجز» أمام حرب بوتين في أوكرانيا

غوتيريش يخاطب جلسة استثنائية طارئة للجمعية العامة لأمم المتحدة في 28 فبراير (أ.ف.ب)
غوتيريش يخاطب جلسة استثنائية طارئة للجمعية العامة لأمم المتحدة في 28 فبراير (أ.ف.ب)

في مارس (آذار) 2020 كان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ناشطا وحاضرا بقوة في بداية جائحة «كوفيد - 19»، إلا أنه بعد عامين يبدو أنه عاجز أمام أكبر أزمة تشهدها القارة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية.
يؤكد مسؤول كبير في الأمم المتحدة، طلب عدم ذكر اسمه، لوكالة الصحافة الفرنسية: «إنه منزعج جدا». وقد لزم الصمت مع الانتشار العسكري الروسي الكثيف عند أبواب أوكرانيا، وكان لا يزال رئيس الوزراء البرتغالي السابق «مقتنعا» قبل وقت قصير من الغزو بأن الأسوأ لن يحدث.
في 23 فبراير (شباط)، خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن في نيويورك، رجا الأمين العام للأمم المتحدة قائلا: «سيد بوتين، لا تغزو» أوكرانيا. في نهاية هذه الجلسة السريالية، التي دخلت خلالها الدبابات الروسية إلى أوكرانيا، توسل مجددا بالقول «سيد بوتين، اسحب قواتك!». وأضاف المسؤول نفسه أن غوتيريش الذي يحتفل في 30 أبريل (نيسان) بعيد ميلاده الـ73 والذي كان أصلا «متشائماً جداً» في نهاية 2021 بشأن مستقبل العالم، أصبح اليوم أكثر تشاؤما مع «حرب عبثية» في قلب القارة الأوروبية التي يتحدر منها. ويقول سفير طلب عدم الكشف عن هويته إن «غوتيريش شديد التأثر بما يحصل. إنه كابوس بالنسبة له».
وبحسب عدد من الدبلوماسيين، فإن المسؤول الذي سمح «للأمم المتحدة بالاستمرار خلال السنوات الأربع من حكم ترمب»، وكذلك خلال الجائحة، سارع إلى إدانة انتهاك روسيا لميثاق الأمم المتحدة الذي يحظر «استخدام القوة (...) ضد وحدة أراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة» (المادة 2). وقال دبلوماسي للوكالة الفرنسية طلب عدم الكشف عن هويته، إن «دول البلطيق وأوكرانيا ترى أن عليه التحدث بلهجة أكثر حزما ووضوحا».
بفضل حجته القانونية خلال «تصويت تاريخي» في الثاني من مارس، أدانت 141 دولة من أصل 193 دولة روسيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة. ولدى خروجه من قاعة المجلس تعثر غوتيريش وسقط دون أن يتأذى، وكأن ما حدث دليل على صعوبات لا يمكن تخطيها. والعقبة الرئيسية هي الرفض القاطع لبوتين لأي اتصال مع الأمم المتحدة بشأن أوكرانيا. كان بوتين على بعد أمتار من غوتيريش في بكين خلال حفل افتتاح الأولمبياد، لكن المسؤولين لم يتحادثا لسبب لم يُحدد. وقال السفير نفسه إن «بوتين غير مسرور» لرد فعله بشأن غزو أوكرانيا.
بعد انقطاع الاتصالات مع موسكو، يلزم غوتيريش الصمت مجددا، حتى وإن كلفه الأمر التعرض للانتقاد. وصرح أحد المقربين من غوتيريش: «فلنأمل بقوة» أن يساهم حدث خارجي في وقف الحرب. وقال برتران بادي، أستاذ العلاقات الدولية في باريس ساخرا: «ماذا لو استيقظ أمين عام الأمم المتحدة قبل انتهاء الفيلم؟». وأضاف المؤرخ ستيفن شليزنغر في نيويورك في مقال نشر في موقع Passblue المتخصص في شؤون الأمم المتحدة «أين غوتيريش؟». وقال بأسف: «حتى الآن لم يحرز أي تقدم لوقف الحرب». هل ينوي التوجه إلى أوكرانيا في حين تحادث مرة واحدة فقط مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي منذ بداية الحرب؟». ورد المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، قائلا إن «نظام الأمم المتحدة بمجمله والأمانة العامة والأشخاص التابعين لها هم في الخط الأول». وأوضح لوكالة الصحافة الفرنسية أن غوتيريش «ركز على الدبلوماسية» و«المساعدة الإنسانية» و«عواقب هذه الأزمة» على العالم.وقال المسؤول الكبير إن غوتيريش «ليس شخصا إيمائيا»، مشدداً على صعوبة تفاعل أمين عام الأمم المتحدة في نزاع بين القوتين العسكريتين الرئيسيتين، روسيا والولايات المتحدة. وقال السفير: «عندما سيكون من الضروري إعادة فتح قنوات الحوار وإيجاد حل، سيتمكن الأمين العام من لعب دور الوسيط». كما أن لديه الفرصة منذ الآن في إعادة تعريف النظام العالمي.
وقال أشيش برادان من مجموعة الأزمات الدولية، إنه بعد الحرب «سيواجه النظام العالمي - وخاصة الأمم المتحدة - أسئلة جدية حول ما إذا كان سيظل مناسباً للغاية التي أسس من أجلها». وعلى حد قوله، فإن «التداعيات على مجلس الأمن على سبيل المثال قد تكون خطيرة للغاية»، إذا استمر المأزق القائم فيه.
وفي خطاب ألقاه في 10 مارس، أقر غوتيريش بأن الحرب في أوكرانيا تعيد العالم «إلى الوعد التأسيسي لميثاق الأمم المتحدة: حماية الأجيال الصاعدة من ويلات الحرب». وحذر من أن «هناك الكثير من العمل يجب القيام به لتحسين الحوكمة العالمية»، و«إذا لم نتحرك فقد يرغم أولادنا أو ربما أولادهم على إعادة بناء النظام العالمي غداة كارثة».


مقالات ذات صلة

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».