ميقاتي لـ«الشرق الأوسط»: لبنان يتعاطى بإيجابية مع الورقة الخليجية

رئيس الحكومة أمل بانفراج يطوي «صفحة التصدع»

رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (الوكالة الوطنية)
رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (الوكالة الوطنية)
TT

ميقاتي لـ«الشرق الأوسط»: لبنان يتعاطى بإيجابية مع الورقة الخليجية

رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (الوكالة الوطنية)
رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (الوكالة الوطنية)

تدخل العلاقات اللبنانية - العربية وتحديداً الخليجية في مرحلة اختبار النيات، يأمل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بأن تؤدي إلى انفراج يطوي صفحة التصدع الذي أصابها، وصولاً إلى تفعيل التعاون بما يساعد لبنان للتخفيف من معاناة اللبنانيين، وهذا كان محور اتصاله بوزير خارجية الكويت الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح الذي عكسه سفير الكويت لدى لبنان عبد العال القناعي بقوله لـ«الشرق الأوسط» بأن التواصل كان إيجابياً ونأمل أن تكون النتائج سريعة.
وأكد الرئيس ميقاتي لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة اللبنانية منفتحة على الورقة العربية الدولية الخليجية التي حملها معه إلى بيروت وزير خارجية الكويت، وهي تتعاطى معها بإيجابية وتُبدي ارتياحها لمبادرة المملكة العربية السعودية بإنشاء صندوق مالي يُخصص لتوفير الدعم للمؤسسات غير الرسمية من صحية وتربوية وإنسانية تولي اهتمامها باللبنانيين من ذوي الاحتياجات في هذا الخصوص في ظل عدم قدرة الدولة على تأمينها بسبب تدهور الوضع المالي والاقتصادي.
وقال إن إنشاء الصندوق السعودي - الفرنسي تقرر في الاجتماع الذي عُقد بين وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الفرنسي جان إيف لودريان. وأكد أن السعودية تبرعت بـ36 مليون دولار عبر مركز الملك سلمان للإغاثة، وهذا ما يؤشر إلى بدء صرف المساعدات للمؤسسات الإنسانية غير الرسمية.
وكشف ميقاتي أن الضوء الأخضر لبدء صرف المساعدات أُعطي في الاجتماع الثنائي الذي عُقد أخيراً في باريس وضم المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا والسفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري ومستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل.
ولفت إلى أنه على تواصل مع دوريل، وقال بأن مركز الملك سلمان للإغاثة يقوم حالياً بإعداد الدراسات الميدانية للوقوف على احتياجات المؤسسات الإنسانية تمهيداً لمساعدتها، وتوقع بأن تُبادر السعودية إلى زيادة مساهمتها في الصندوق الذي أُنشئ خصيصاً للبنان.
ورداً على سؤال، قال ميقاتي بأن الحكومة ملتزمة إلى أقصى الحدود في الحفاظ على أطيب العلاقات مع دول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية لرأب التصدع الذي أصاب هذه العلاقات ولتفعيل وتعزيز التعاون على قاعدة التزام لبنان بجميع القرارات العربية والدولية والعمل الجدي للحفاظ على استقرار لبنان وتحصينه وقطع الطريق على من يحاول العبث بالسلم الأهلي.
وأضاف: «إن الحكومة اللبنانية تعي تماماً بأن لا يكون لبنان منطلقاً لأي أنشطة سياسية وعسكرية وأمنية وإعلامية يمكن أن تهدد استقراره وتؤدي إلى زعزعة علاقاته التاريخية بدول الخليج وأولها السعودية». وقال: «نحن نحرص أشد الحرص لاتخاذ كافة الإجراءات لمنع تهريب الممنوعات، وخصوصاً المخدرات إلى دول الخليج الحريصة على سلامة مواطنيها والمقيمين على أرضها».
وأبدى ميقاتي استعداد الحكومة من خلال مؤسساتها الأمنية المعنية بمكافحة المخدرات ومنع تهريبها، وخصوصاً حبوب الكبتاغون إلى دول الخليج. ورأى أن هناك ضرورة للتنسيق الأمني في هذا المجال لتبادل المعلومات من جهة ولإقفال كل المعابر من جوية وبحرية وبرية في وجه المهربين، إضافة إلى تدمير المعامل التي تتولى تصنيع الكبتاغون.
وأكد ميقاتي أن الحكومة جادة في منع استخدام القنوات المالية والمصرفية لتبييض الأموال، وخصوصاً تلك التي تُستخدم لتمويل الأعمال الإرهابية لزعزعة الاستقرار في المنطقة وتهديد أمن دول الخليج العربي، وقال إن اتصالاته مستمرة مع الكويت وإنه يواكب عن كثب الجهود الفرنسية الرامية إلى تصويب العلاقات اللبنانية - الخليجية.
وأعرب ميقاتي عن ارتياحه للدور الذي تقوم به باريس لدى المملكة العربية السعودية لتنقية العلاقات اللبنانية - الخليجية من كل ما أصابها من شوائب، خصوصاً أن دول الخليج كانت وستبقى الداعمة لاستقرار لبنان وتوفير المساعدات الإنسانية للبنانيين، وقال إنه لا مصلحة للبنان بتحويله إلى منصة لتوجيه الرسائل إلى الأشقاء العرب والتدخل في شؤونها الداخلية لأننا لسنا في وارد أن نعيش في جزيرة في عزلة عن محيطنا العربي.
لذلك، فإن ميقاتي يعلق أهمية على دخول لبنان في مرحلة اختبار النيات للتأسيس عليها لإعادة الروح لعلاقات لبنان بدول الخليج، ويأمل اجتيازها بسرعة لتجاوز الأزمة للانتقال بها إلى مرحلة التعافي السياسي، فيما أوشك مركز الملك سلمان للإغاثة على وضع آلية يتولاها فريق اختصاصي للبدء بصرف المساعدات للمؤسسات الإنسانية غير الرسمية والعاملة في مجالات الإغاثة والصحة والتربية كمساهمة لتمويل المشاريع الإنسانية الأولية لمساعدة الشعب اللبناني.
وفي هذا السياق، أبدى مصدر قيادي في الحزب «التقدمي الاشتراكي» ارتياحه للأجواء التي تسود حالياً العلاقات اللبنانية - الخليجية، وقال لـ«الشرق الأوسط» لا بد من مواصلة الاتصالات لطمأنة الأشقاء العرب في دول الخليج وعلى رأسها السعودية بأن الحكومة عازمة على تصحيحها باتخاذ إجراءات وتدابير مشددة لمعالجة الأسباب التي كانت وراء تدهورها وعدم التساهل مع من يحاول استهدافها بإقحام لبنان في لعبة المحاور من خلال استخدامه منصة لتهديد أمن دول الخليج وسلامة مواطنيها.
ولفت إلى أن دخول لبنان في مرحلة اختبار النيات يستدعي منه ترجمة ما تعهد به إلى أفعال ملموسة، وهذا ما يقع على عاتق الحكومة ورئيسها الذي يُبدي كل استعداد لتجاوز المرحلة العصيبة التي تمر فيها العلاقات بسبب تحويل البلد إلى «حاضنة» للإساءة إلى الأشقاء العرب، وقال إنه يتوقع الانتقال بهذه العلاقات إلى مرحلة الانفراج، وإن كان يتطلب من الحكومة مواصلة اتخاذها للخطوات المطلوبة بدءاً بمواجهة المشروع الذي يراد منه إلحاقه بمحور الممانعة برعاية «حزب الله» بالإنابة عن إيران.
وكشف المصدر القيادي بأن قيادة الحزب بناءً على توجيهات رئيسه وليد جنبلاط تواكب إلى جانب رئيس الحكومة الجهود الرامية إلى إخراج علاقات لبنان الخليجية من التأزم،
وقال إنها على تواصل مع السفيرين السعودي البخاري والكويتي القناعي حرصاً منها على تعبيد الطريق لتصبح سالكة أمام إعادة ترميم العلاقات وتفعيلها، خصوصاً أنه ليس لدول الخليج مشاريع خاصة بلبنان كغيرها، وهي كانت ولا تزال تدعم الجهود لخروجه من أزماته والحفاظ على استقراره وعدم تعريض سلمه الأهلي إلى انتكاسه تجره إلى الفوضى، علماً بأن المفتاح السياسي للانتقال بالعلاقات إلى الانفراج هو بيد الحكومة.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».