خرسانة أكثر متانة تقاوم الرطوبة والملح

باستخدام «مانع التسرب النانوي»

عينة خرسانية مطلية بمادة مانعة للتسرب معدّلة بالنانو (يسار) مقابل خرسانة غير معالجة (جامعة واشنطن)
عينة خرسانية مطلية بمادة مانعة للتسرب معدّلة بالنانو (يسار) مقابل خرسانة غير معالجة (جامعة واشنطن)
TT

خرسانة أكثر متانة تقاوم الرطوبة والملح

عينة خرسانية مطلية بمادة مانعة للتسرب معدّلة بالنانو (يسار) مقابل خرسانة غير معالجة (جامعة واشنطن)
عينة خرسانية مطلية بمادة مانعة للتسرب معدّلة بالنانو (يسار) مقابل خرسانة غير معالجة (جامعة واشنطن)

طوّر باحثو جامعة واشنطن الأميركية، مادة مانعة للتسرب مصممة بمواد متناهية الصغر لحماية الخرسانة بشكل أفضل من الرطوبة والملح، وهما العاملان الأكثر ضرراً في البنية التحتية الخرسانية المتهالكة. وجاء الإعلان عن تفاصيل هذا الإنجاز في دورية «المواد في الهندسة المدنية»، منتصف فبراير (شباط) الماضي، وتقدم أصحابه بطلب للحصول على براءة اختراع.
وأظهر مانع التسرب الجديد تحسناً بنسبة 75 في المائة في صد الماء، وتحسناً بنسبة 44 في المائة في تقليل تلف الملح في الدراسات المختبرية مقارنة بموانع التسرب التجارية، ويمكن أن يوفر العمل طريقة إضافية لمواجهة التحدي المتمثل في تقادم الجسور والأرصفة.
يقول شيانمينغ شي، الأستاذ في قسم الهندسة المدنية والبيئية، الذي قاد العمل «ركزنا على أحد الأسباب الرئيسية للإضرار بسلامة ومتانة الخرسانة، وهو الرطوبة، وإذا كان بالإمكان الحفاظ على الخرسانة جافة، فإن الغالبية العظمى من مشاكل تدني المتانة ستختفي».
وتقدم الجمعية الأميركية للمهندسين المدنيين كل 4 سنوات، منذ أواخر التسعينات، بطاقة تقرير للبنية التحتية تظهر باستمرار الدرجات الفقيرة أو الفاشلة، فنحو 8 في المائة من نحو 600000 جسر في الولايات المتحدة تعدّ معيبة من الناحية الهيكلية، وواحد من كل خمسة أميال من رصف الطرق السريعة في حالة سيئة.
وتتفاقم المشكلة في المناخات الباردة بسبب دورات التجميد والذوبان المتعددة، والاستخدام المتزايد لأملاح إزالة الجليد في العقود الأخيرة، والتي يمكن أن تؤدي إلى تدهور الخرسانة. ويقول شي «الخرسانة، رغم أنها تبدو مثل الصخور الصلبة، فإنها في الأساس عبارة عن إسفنجة عندما تنظر إليها تحت المجهر، فهي مادة مركبة عالية المسامية وغير متجانسة».
وظهرت مواد منع التسرب الموضعية كأداة واحدة لحماية الخرسانة، وتستخدمها العديد من إدارات النقل الحكومية لحماية أسطح الجسور على وجه الخصوص، والتي يبدو أنها تعاني من أسوأ الأضرار من جراء الملح. يقول شي، إن المواد المانعة للتسرب في السوق توفر مستوى معيناً من الحماية، لكن الرطوبة غالباً ما تكون قادرة على شق طريقها إلى الخرسانة.
وفي دراستهم، أضاف الباحثون مادتين نانويتين، وهما أكسيد الغرافين ومونتموريلونيت نانوكلاي، إلى مادة تجارية مانعة للتسرب تعتمد على السيليكون، لتكثف المواد النانوية البنية المجهرية للخرسانة؛ مما يزيد من صعوبة اختراق الماء السائل، كما أنها شكلت حاجزاً ضد تسرب بخار الماء والغازات الأخرى التي تميل إلى شق طريقها إلى الخرسانة، كما تحمي المادة النانوية الخرسانة من الهجمات الفيزيائية والكيميائية لأملاح التذويب.
وأجرى الباحثون تحليلاً أولياً للسوق مع أصحاب المصلحة في الصناعة ويدرسون طرقاً لزيادة تحسين مانعات التسرب، فهم يدرسون كيف يمكن أن تساعد المواد المانعة للتسرب القائمة على المواد النانوية في حماية الخرسانة من التلف الميكروبي أو التآكل، والتآكل والتلف اليومي الذي يضر بالمواد في المناطق ذات الازدحام الشديد، كما يخططون لإجراء تجارب على نطاق تجريبي في العامين المقبلين، ونشر تجربة للبنية التحتية الخرسانية في الحرم الجامعي لجامعة ولاية واشنطن أو في مدينة بولمان.


مقالات ذات صلة

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

الخليج «منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

صادقت 15 دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الرقمي، على إطلاق مبادرة استراتيجية متعددة الأطراف لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت».

غازي الحارثي (الرياض)
يوميات الشرق الجهاز الجديد يتميز بقدرته على العمل ميدانياً مباشرة في المواقع الزراعية (جامعة ستانفورد)

جهاز مبتكر ينتِج من الهواء مكوناً أساسياً في الأسمدة

أعلن فريق بحثي مشترك من جامعتَي «ستانفورد» الأميركية، و«الملك فهد للبترول والمعادن» السعودية، عن ابتكار جهاز لإنتاج الأمونيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً