يمنى مكاري اختارت عالم الطبخ بدل علم الاقتصاد فتألقت عربياً

تتفنن بصنع الكبة لتحولها إلى لوحات تشكيلية تفتح الشهية

يمنى مكاري تفكر في افتتاح محل خاص بـ«الكبة دليفري»
يمنى مكاري تفكر في افتتاح محل خاص بـ«الكبة دليفري»
TT

يمنى مكاري اختارت عالم الطبخ بدل علم الاقتصاد فتألقت عربياً

يمنى مكاري تفكر في افتتاح محل خاص بـ«الكبة دليفري»
يمنى مكاري تفكر في افتتاح محل خاص بـ«الكبة دليفري»

تعد أطباق الكبة اللبنانية مكوناً أساسياً وعنصراً بارزاً على مائدة الطعام. فهذا الطعام الذي تشتهر ربات المنازل في تحضيره وفقاً لكل منطقة، اختارته يمنى مكاري ابنة بلدة زغرتا الشمالية مهنة لها.
مطبخها الذي أطلقت عليه اسم «يُمنز كبة» (Youmnas kibbeh) افتتحته بدايةً في منزلها السكني. هناك راحت تبحث عن وصفات الكبة طبقاً لمناطق لبنانية مختلفة كي تصنعها وتتفنن بها. وكونها زغرتاوية الهوى، فهي استهلّت مشوارها في عالم الطبخ من هذا المكون المعروف في بلدتها. وبعد أن تركت مهنتها الأساسية في علم الاقتصاد إثر ممارستها لها لأكثر من 20 عاماً، قررت أن تتفرغ لتحقيق حلمها ألا وهو صناعة الطعام.
وكبة يمنى استطاعت أن تصل إلى الخليج العربي بطعمها اللذيذ وكذلك في أسلوب تقديمها وتوضيبها. فعندما ترى هذا المكون كيف تحضره يمنى مكاري لزبائنها تشعر كأنك أمام لوحة تشكيلية تفتح الشهية. وهي تحرص في عملها على تجديد الكبة وتلوينها بالحداثة، كي تواكب أذواق شرائح اجتماعية مختلفة، لا سيما الشباب منهم.
تَطول لائحة أنواع الكبة التي تحضّرها اليوم يمنى في مطبخ شركتها الواقعة في سن الفيل، بعدما توسعت في توزيعها إلى محلات السوبرماركت في لبنان وخارجه. كما يمكن لمن يرغب في تناول طبق كبة محضَّر بأناملها، أن توصله إلى العنوان المطلوب عن طريق خدمة التوصيل إلى المنازل (دليفري).


... ولديها شغف بطعام الكبة إلى حد التفنن في تحضيره

كبة زغرتاوية، كبة بالصينية، وأخرى باليقطين والجوز ودبس الرمان وغيرها، تؤلف لائحة طويلة من أنواع هذا الطعام الذي تجيد يمنى صناعته على طريقتها.
وبمساعدة 5 نساء اختارتهن للوقوف إلى جانبها في المطبخ، بات اسمها اليوم من الأشهر في عالم تحضير الأطباق اللبنانية على أنواعها وفي مقدمها الكبة. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «لطالما راودتني هذه الفكرة إلى حين وجدت الطريقة التي تميزني عن غيري في تنفيذها. القصة بدأت مع أمي عندما رحت أراقبها كيف تعد أطباق الكبة النيئة والمطبوخة والمحشوة. وأخذت أدوّن المعايير اللازمة لأن والدتي تصنعها كغيرها من الأمهات بفضل خبرتها الطويلة ومن دون أي معايير محددة لمكوناتها. كتبت هنا ودوّنت الملاحظات هناك، ورحت أجرّب وأطبخ حتى تحول منزلي إلى مختبر كبة، كان ذلك في بداية مشواري».
بحماس وشغف تحدثك يمنى عن أنواع الكبة التي استحدثتها مع الكينوا أو مع جبن الشنكليش وصولاً إلى نوع الـ«كيتو كبة»، والتي تستخدم فيها بدل البرغل طحين اللوز. وتقول لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الأصناف لها حكاياتها. «فكرة كبة الكينوا وُلدت معي كي أُرضي ابن أخي الممنوع من تناول القمح ومشتقاته. أما الكبة مع الشنكليش فنفّذتها لحبي الكبير لهذا النوع من الجبن الجبلي المعروف في منطقتنا. أما النوع الثالث (كيتو كبة) فواكبت من خلاله نظاماً غذائياً للحمية يَروج في الفترة الأخيرة».
تؤكد يمنى أن كل وصفة تصنعها ومهما كانت خلطتها لا بد أن تزوّدها برشة حب لهيامها الكبير بعالم الطبخ. كما أنها تعطي للشكل الخارجي للطبق أهمية رئيسية، فيخيَّل لناظره أنه صُنْع ماكينات خاصة لأحجامه المتطابقة، بينما في الواقع تحضره بيديها.
وتقول: «يهمني كثيراً أن تأخذ أحجام الكبة التي أصنعها نفس المقاييس، بحيث تكون كما نقول باللبنانية (حبة وأختا). كما أوضبها للمحلات التجارية في علب شفافة تسرق النظر. وبعض تلك الأطباق يمكن أن يتناولها الزبون مباشرة بعد شرائها، إذ تكون مطبوخة وبحاجة فقط إلى التسخين».


تستحدث يمنى أشكالاً من الكبة لكل المناسبات

ولكن كيف استطاعت أن تميز طعم الكبة عندها عن غيرها؟ تردّ: «في عالم الطبخ تكون الوصفات معروفة، فهي ليست سراً على أحد. ولكن لكلٍّ منّا أسلوبه في التحضير وفي اختيار البهارات والمكونات اللازمة والطازجة وهنا يكمن الفرق».
تلاقي «الكبة الزغرتاوية» شهرة واسعة في بلاد الخليج لا سيما في الكويت والإمارات. «الناس هناك تطلبها بالاسم بعدما تعلقت بمذاقها اللذيذ، وأحياناً أحضر الكبة بالزيت مع البصل التي تحضر بالفرن، والكبة المد التي يوضع على عجينتها البصل والصنوبر ودبس الرمان».
اليوم وسّعت يمنى أصناف لائحة الطعام عندها لتشمل المعجنات كالرقاقات بالجبن والسنبوسك، والأطباق التقليدية كورق العنب مع لحم الكستلاتة. ولطبق الكبة باللبن خصصت أنواع كبة صغيرة الحجم تصنعها على الشكل المعروف أو «طبابيش» فتكون مسطحة يسهل تحضيرها بالنسبة لربة المنزل. كما أنها تعتمد مراتٍ الكبة بالعدس وهي تُرضي الأشخاص النباتيين. «إنها تتألف من مزيج العدس والبرغل بعد إضافة البهار والملح عليها، فيتم طهيها فارغة أو محشوة بالخضار الذي تختاره ست البيت».
ولم تنسَ يمنى مكاري تحضير أطباق الكبة الخاصة بالأعياد والمناسبات كأعياد الحب ورأس السنة، وقدمتها مرات على شكل قالب حلوى مزين بحبات الشوكولاته المصنوعة على شكل الكبة المقلية. كما أنها تُدخل هذا المكون على الأطباق الحلوة والمالحة معاً (سويت آند ساور) ليكتشف متناولها مذاقاً مختلفاً.
اليوم تفكر يمنى في افتتاح محل «دليفري» خاص بالكبة وأنواعها، كي يستطيع الزبون أن يختار من لائحة طويلة ما يرغب في تذوقه من أطباق الكبة وبسهولة: «البعض يستصعب تحضير طبق الكبة بالصينية أو الزغرتاوية أو حتى صناعة (كباب) التي تتطلب دقة في عملية تحضيرها. ليس هناك من نوع كبة أستصعب صناعته، فبالنسبة لي هي أسهل طبق يمكنني أن أحضّره بدقائق قليلة. وهذه الخدمة يمكنني أن أطوّرها في مطعم أطمح إلى افتتاحه قريباً في بيروت، لتصبح الكبة شبيهة بأي طبق (فاست فود) توصي عليه وتتسلمه بظرف دقائق قليلة. فيتم تناوله مع لبنة الماعز أو مع سلطة اللبن والخيار ورشة نعناع مجفف».


مقالات ذات صلة

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».