تيمور جنبلاط يتعهد «مواجهة المبشرين بالجحيم»

حشد بالآلاف أحيا الذكرى الـ45 لاغتيال كمال جنبلاط

النائب تيمور جنبلاط يلقي كلمته في ذكرى اغتيال جده كمال جنبلاط أمس (الوطنية)
النائب تيمور جنبلاط يلقي كلمته في ذكرى اغتيال جده كمال جنبلاط أمس (الوطنية)
TT

تيمور جنبلاط يتعهد «مواجهة المبشرين بالجحيم»

النائب تيمور جنبلاط يلقي كلمته في ذكرى اغتيال جده كمال جنبلاط أمس (الوطنية)
النائب تيمور جنبلاط يلقي كلمته في ذكرى اغتيال جده كمال جنبلاط أمس (الوطنية)

تعهد رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط، بـ«الوقوف في وجه المبشرين بالجحيم، ومن يسعى إلى تدمير ما تبقى من مؤسساتنا»، في إشارة غير مباشرة إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وذلك في الاحتفال السياسي والشعبي الذي أقامه «الحزب التقدمي الاشتراكي» لمناسبة الذكرى السنوية الـ45 لاغتيال مؤسسه كمال جنبلاط، وغاب عنه رئيس الحزب وليد جنبلاط.
وقالت مصادر «الاشتراكي» لـ«الشرق الأوسط»، إن رئيس الحزب وليد جنبلاط غاب عن الاحتفال بسبب سفره إلى الخارج، لافتة إلى أنها «ليست المرة الأولى التي يغيب عنها جنبلاط الأب، إذ غاب في السابق مرتين عن مسيرات رمزية في ذكرى 16 آذار (ذكرى اغتيال كمال جنبلاط) لكنها المرة الأولى التي يقام فيها احتفال سياسي ولا يلقي جنبلاط كلمة سياسية، وألقاها ابنه تيمور جنبلاط بغيابه للمرة الأولى».
وشارك الآلاف في الذكرى التي قال «الاشتراكي» إنها تحولت إلى «مناسبة جماهيرية ضخمة»، حيث «بلغ مدها الشعبي نطاق قصر المختارة وساحاته الداخلية والخارجية وصولاً إلى الطرق المؤدية إلى الضريح»، وقال الحزب إن المشاركة الشعبية الواسعة «شكلت استفتاءً مؤثراً وإعلان وفاء استثنائي للمسيرة التي بدأها صاحب الذكرى ويكملها من بعده رئيس الحزب وليد جنبلاط، ورئيس (اللقاء الديمقراطي) النائب تيمور جنبلاط». ورفع المشاركون الذين قدموا من أكثر من منطقة، أعلام الحزب والإعلام اللبنانية وصور مؤسس الحزب ورئيسه والنائب تيمور جنبلاط.
وتوجه تيمور جنبلاط إلى الحشود قائلاً: «من جديد نلتقي في المختارة، ومن جديد يجمعنا الشهيد الكبير كمال جنبلاط في هذه المناسبة الكبيرة والوطنية». وأضاف: «اليوم الجزء الأكبر من الشعب اللبناني يخوض معركة البقاء، الليرة في أسوأ أيامها، حزب الكهرباء أطفأ لبنان، الأمن الغذائي مهدد، والمياه لم تعد تصل إلى بيوت الناس»، داعياً للعودة إلى «كمال جنبلاط وإنسانيته، إلى نضاله في سبيل القرار الوطني المستقل، إلى العدالة الاجتماعية، ومقاومة الفساد ونضاله في وجه المحتكرين»، مضيفاً: «لنعد إلى الوضوح لنعد إلى الإنسان والإنسانية، وهي ميزة للأسف تفتقر إليها السياسة اليوم».
وقال النائب جنبلاط لجمهوره: «أعدكم بعيداً عن كل الشعارات الانتخابية والسياسية، المختارة ستبقى عنواناً لكلمة الحق، للحرية، للانفتاح، للنضال المشرف، سوف نقف في وجه المبشرين بالجحيم، وسنقف بوجه من يسعى إلى تدمير ما تبقى من مؤسساتنا، وسوف نبني مع الشرفاء هذا الوطن من جديد».
وأكد أنه «لو مهما حدث في المستقبل، لو بقي (العهد) أو طار، لو ظل النظام السياسي أو طار، لو خسرنا بعضنا في الانتخابات أو ربحنا بعضنا بالانتخابات، ولو مهما حصل في الحياة هذا الدار سيبقى مفتوحاً للجميع هذا الدار سيبقى داركم».
كان شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، أكد أن كمال جنبلاط «يستحق الوفاء من جبل المصالحة، والعيش المشترك لكي يبقى هذا النهج عنواننا ويبقى جبل كمال جنبلاط، ويبقى جبل المصالحة جبل البطريرك صفير، الجبل الذي نعتز به وبانتمائنا إليه». وأكد: «إننا متمسكون بإيماننا وانتمائنا العربي والإسلامي وبالوطنية والعيش المشترك».
واعتبرَ عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب أكرم شهيب، أنّ «اليوم هو يوم الوفاء لكمال جنبلاط والوفاء لوليد جنبلاط، وهو يوم الأمل والوفاء مستقبلاً لتيمور جنبلاط». وأكد شهيب في حديث لـ«الأنباء الإلكترونية» الناطقة باسم الحزب، أنّ «هذا الحزب له جذوره وتاريخه وموقعه ودوره وشهداؤه ومناصروه لم تُلو ذراعه في الماضي، ولن تلوى مستقبلاً والنصر دائم لهذا الحزب».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.