العملات المشفّرة تؤدي دوراً غير مسبوق في حرب أوكرانيا

شعار عملة «بيتكوين» المشفرة (أ.ب)
شعار عملة «بيتكوين» المشفرة (أ.ب)
TT

العملات المشفّرة تؤدي دوراً غير مسبوق في حرب أوكرانيا

شعار عملة «بيتكوين» المشفرة (أ.ب)
شعار عملة «بيتكوين» المشفرة (أ.ب)

في أوكرانيا، تؤدي العملات المشفّرة دوراً غير مسبوق يتيح للحكومة جمع ملايين الدولارات لتمويل تصديها للغزو الروسي.
فلماذا تحوّلت أوكرانيا نحو العملات المشفّرة؟ وما التحوّلات التي ستطرأ على هذا القطاع الذي لا يزال فتياً؟
منذ أولى ساعات النزاع فتحت الحكومة الأوكرانية العناوين والمحفظات الخاصة بالعملات المشفّرة ما أتاح لها تلقي هذه العملات اللامركزية بشكل مباشر.
وبإمكان أي شخص يمتلك عمليات مشفّرة أن يرسلها إلى هذه العناوين. وباتت تتدفق على الحكومة العملات المشفرّة من شتى الأنواع من «بيتكوين» و«إيثيريوم» وأيضاً «تيثر» المقوّمة بالدولار.
وجمعت الحكومة الأوكرانية و«صندوق العملات المشفّرة في أوكرانيا» الذي أنشأته منصة «كونا» الأوكرانية الرئيسية للقطاع والذي أدمج مع الصندوق الحكومي، أكثر من 100 مليون دولار، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
وأوضح مؤسس منصة «كونا» ورئيسها مايكل شوبانيان (37 عاماً) للوكالة الفرنسية: «ما زلنا نجمع عملات مشفّرة ونصرفها لشراء حصص غذائية» للجنود و«سترات مضادة للرصاص وخوذ».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1504764548707987462
وبات شوبانيان يهتم بشكل حصري بجمع التبرعات بالعملات المشفّرة لصالح حكومته.
وتعد المبالغ التي يتم جمعها من العملات المشفّرة ضئيلة مقارنة بمساعدات بمليارات الدولارات أقرّتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمات دولية كبرى، لكنّها تسمح للأفراد بالمساهمة في التمويل.
واعتبرت المنظمة الأميركية غير الحكومية «ذا غيفينغ بلوك» التي تعنى بجمع العملات المشفّرة حول العالم بغية إرسالها إلى أوكرانيا «أنه خيار يلجأ إليه الأفراد الأصغر سناً بشكل متزايد لدعم قضايا مختلفة».
من جهة أخرى، تحوّل الأوكرانيون نحو هذه العملات اللامركزية لحماية أنفسهم من تراجع قيمة عملتهم.
وإلى الآن نجح المصرف المركزي الأوكراني في وقف انهيار العملة الوطنية، لكن تداعيات الغزو قد تُفقد الهريفنيا الأوكرانية قيمتها.
وباستخدام العملات المشفّرة المقوّمة بالدولار يتجنّب المانحون قدر المستطاع تقلّبات أسواق الصرف. ومن مزايا التبرّع بالعملات المشفّرة سرعة التحويلات. ففي حين يمكن أن يستغرق تحويل مصرفي بين بلدين ما يصل إلى 24 ساعة لتنفيذه، عادة ما يستغرق تحويل العملات المشفّرة أقل من ساعة.
وفي قطاع لا يزال قيد البناء، لا يجري التبرّع بالعملات المشفّرة من دون عقبات.
وأراد وزير الصناعة الرقمية الأوكراني مكافأة المانحين بعملة مشفّرة رمزية أنشئت للمناسبة لكنّه عاد وتخلى عن مسعاه.
والأسوأ، أن مجهولين عمدوا إلى وضع نسخة مزيّفة من هذه العملة الأوكرانية المشفّرة، في مسعى منهم لجمع قسم من المبالغ المخصصة للأغراض العسكرية.
وقال شوبانيان الذي بات ينسّق بشكل وثيق مع الوزارة: «حصل سوء تواصل» داخل الحكومة، مذكّراً بأنه «كان اليوم الأول للحرب».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1504513671308972042
من جهة أخرى، من شأن التشجيع على استخدام العملات المشفّرة أن ينقلب في المدى الطويل ضد الحكومة، من خلال حضّ الأوكرانيين على استخدام نظام مالي موازٍ.
وبحسب مركز «تشايناليسس»، التحويلات في أوروبا الشرقية توجّه خصوصاً نحو عناوين خارج المنطقة، «ما يمكن أن يؤشر إلى خروج غير قانوني للأموال»، لغايات قد يكون من بينها التهرّب الضريبي.
رغم النزاع يبدو شوبانيان واثقاً ويقول «بعد انتصارنا في الحرب سنعيد بناء أوكرانيا عبر تقنية بلوكتشاين» لتبادل العملات المشفّرة، في إشارة إلى آلية لجمع البيانات تمتاز بقدرتها على توسيعها باستمرار.
ووقّع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (الأربعاء) قانوناً لتشريع العملات المشفّرة يضع إطاراً تشريعياً للمنصات والمستخدمين في بلاد كان هذا القطاع إلى حينه يشكّل اقتصاداً موازياً.
وأبعد من الحدود الأوكرانية يجبر النزاع الحكومات على تطوير مفاهيمها للعملات المشفّرة ووضع إطار لها.
وقالت الخبيرة في مركز «تشايناليسس» كارولاين مالكوم لوكالة الصحافة الفرنسية: «نأمل أن يؤدي ذلك إلى سياسات تنظيمية متناسبة وفاعلة».
في الولايات المتحدة، أطلق الرئيس الأميركي جو بايدن مشروعاً لإصدار «دولار رقمي» وطلب من وكالات فيدرالية عدة إعداد تقارير حول المخاطر المرتبطة بالعملات المشفّرة وكيفية التصدي لها.


مقالات ذات صلة

107 ملايين دولار جمعتها صناديق «الإيثريوم» بأول يوم تداول

الاقتصاد تمثيل للعملة الافتراضية «الإيثريوم» أمام رسم بياني للأسهم (رويترز)

107 ملايين دولار جمعتها صناديق «الإيثريوم» بأول يوم تداول

سجلت أول صناديق أميركية متداولة تستثمر مباشرة في عملة «الإيثريوم» المشفّرة تدفقاً صافياً للاستثمار بإجمالي 107 ملايين دولار بعد انطلاقها يوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد انضم البنك المركزي السعودي إلى مشروع «إم بريدج» بصفته «مشاركاً كاملاً» (البنك المركزي)

«المركزي» السعودي يستكشف إمكانات العملات الرقمية لتسهيل المدفوعات عالمياً

بدأ البنك المركزي السعودي باستكشاف إمكانات «العملات الرقمية» في الوقت الذي تعمل فيه الدول على تطوير عملات رقمية لها.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد رسم توضيحي يحاكي عملة «الإيثريوم» المشفرة أمام رسم بياني للأسهم والدولار (رويترز)

السلطات الأميركية توافق على إطلاق أول صناديق متداولة لعملة «الإيثريوم»

وافقت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، رسمياً، على إطلاق صناديق تداول لعملة «الإيثريوم» المشفرة، بداية من صباح يوم الثلاثاء، لتتبع بذلك «بتكوين».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد ترمب أثناء نقله خارج التجمع الانتخابي بعد إصابته جراء محاولة اغتياله (أ.ف.ب)

توقعات بتأثر سوق العملات بمحاولة اغتيال ترمب

من المتوقع أن تكون سوق العملات هي أولى الأسواق الرئيسية في آسيا التي ستتأثر بمحاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق والمرشح الرئاسي الحالي دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق من المرجح أن يكون المستثمرون في العملات الرقمية رجالاً ويؤمنون بنظريات المؤامرة (رويترز)

دراسة: امتلاك العملات المشفرة يرتبط بـ«سمات شخصية مظلمة»

أظهرت دراسة جديدة أن أولئك الذين يمتلكون العملات المشفرة هم أكثر عرضة لأن تكون لديهم سمات شخصية «رباعية مظلمة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.