تصريحات الرئيس الموريتاني عن {فقر} بلاده تثير غضب أحزاب المعارضة

الرئيس ولد الغزواني خلال لقائه رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز في مدريد أول من أمس (د.ب.أ)
الرئيس ولد الغزواني خلال لقائه رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز في مدريد أول من أمس (د.ب.أ)
TT

تصريحات الرئيس الموريتاني عن {فقر} بلاده تثير غضب أحزاب المعارضة

الرئيس ولد الغزواني خلال لقائه رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز في مدريد أول من أمس (د.ب.أ)
الرئيس ولد الغزواني خلال لقائه رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز في مدريد أول من أمس (د.ب.أ)

قال الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني إن «الجوع» يهدّد موريتانيا بسبب الغلاء، الذي يجتاح العالم، مشيراً إلى ارتفاع أسعار القمح في الأسواق العالمية، إذ تعتمد موريتانيا بنسبة مهمة على القمح الأوكراني، الذي توقف بسبب الحرب التي تشنها عليها روسيا منذ أسابيع عدة.
جاء ذلك خلال حديث ولد الغزواني ليل الخميس/الجمعة، حين اختتم زيارة عمل إلى إسبانيا بلقاء مع أفراد من الجالية الموريتانية في مدريد، تقدموا له بمطالب تتعلق بمنحهم عقارات ومنحاً مالية مع بعض الامتيازات، حين عودتهم إلى موريتانيا، وهي المطالب التي رد عليها ولد الغزواني بضرورة أن يكونوا «واقعيين».
وقال ولد الغزواني، في حديثه مع الجالية، إنه يجب التوقف عن القول إن «موريتانيا بلد غني... فالحقيقة هي أن موريتانيا بلد فقير، حسب تصنيف الأمم المتحدة»، مشيراً إلى أن في موريتانيا أناساً مهددين بالموت جوعاً بسبب موجة الغلاء، التي تجتاح العالم، مبرزاً أن «المتسولين يتكاثرون عند إشارات المرور في شوارع نواكشوط بسبب الفقر».
كما أوضح الرئيس الموريتاني أن في بلاده مناطق «لا يجد سكانها مياهاً للشرب، ويعيشون في الظلام بسبب غياب الكهرباء، كما تتكرر في المدن الكبيرة الانقطاعات الكهربائية، فكيف نقول إن دولتنا غنية، وليست بحاجة لأي شيء؟ هذا بعيد عن الواقع».
وأكد ولد الغزواني أن حديثه «ليس سياسياً، ولا علاقة له بالانتخابات»، قبل أن يوضح أنه «كان بوده أن تكون موريتانيا دولة غنية، لكن للأسف ذلك ليس هو الحقيقة، مع أن هناك آفاقاً لتغيير هذا الوضع، أي أنه ليس مقدراً لنا أن نبقى دولة فقيرة»، على حد تعبيره.
وجرى لقاء الرئيس الموريتاني مع أفراد الجالية بعيداً عن الإعلام، وكان الرئيس يتحدث فيه بصراحة غير معهودة، لكنه سرعان ما تسرب إلى وسائل التواصل الاجتماعي، لتبدأ موجة من ردود الفعل المتباينة، بين مَن رأى في حديث الرئيس «صراحة وصدقاً» مع الشعب، وآخرين رأوا فيه «اعترافاً بالفشل والعجز» عن تغيير الواقع الصعب.
في هذا السياق، قال الرئيس السابق لحزب «تواصل» المعارض، محمد جميل منصور، إنه «لم يكن من عادة الرؤساء في هذه البلاد مثل هذه الصراحة»، قبل أن يضيف: «نحن فعلاً دولة فقيرة، ونعاني تحديات حقيقية ومتنوعة، ونحتاج إلى نهضة جدية تخرجنا من هذه الوضعية، والأمر ممكن ومتاح، خصوصاً مع الآفاق الاقتصادية المتوقعة». موضحاً أن «الفساد» هو السبب الرئيس، الذي عمّق الفقر في موريتانيا، حين «أفسد مشروعاتنا، وقلل من قيمة وأثر التمويلات الكثيرة التي وجدنا، وجعل إدارتنا عاجزة ومستعصية على الإصلاحات الضرورية». كما شدد على أن «حرباً حقيقية ومؤسسية ومتدرجة وملتزمة بالقانون على الفساد أصبحت ملحة أكثر من أي وقت مضى».
في المقابل، وجّه معارضو النظام انتقادات لاذعة لتصريحات الرئيس، إذ قال النائب البرلماني المعارض محمد الأمين ولد سيدي مولود إن «بلدنا ليس فقيراً، بل هو بلد مُفقّر، وكلام الرئيس عن الفقر دون تطرقه للفساد طرح غير مكتمل وغير مبرر!».
وكان ولد الغزواني قد أسس منذ وصوله إلى الحكم وكالة لتقديم خدمات اجتماعية لصالح ما يسميه «الفئات الهشة»، أي لصالح الأسر الأكثر فقراً، في بلد يبلغ تعداد سكانه 4.5 مليون نسمة، قرابة نصفهم يعيشون في مناطق ريفية بعيدة عن المراكز الحضرية، وأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ ونقص الأمطار، وأغلبهم يعيشون تحت خط الفقر، وحولت هذه الوكالة مليارات من العملة المحلية منذ تأسيسها قبل عامين، على شكل رواتب لهذه الأسر الفقيرة.



خفوت هجمات الحوثيين خلال أسبوع من الضربات الإسرائيلية

الحرائق لا زالت مستمرة في مستودعات الوقود في ميناء الحديدة اليمني رغم مُضيّ أكثر من أسبوع (رويترز)
الحرائق لا زالت مستمرة في مستودعات الوقود في ميناء الحديدة اليمني رغم مُضيّ أكثر من أسبوع (رويترز)
TT

خفوت هجمات الحوثيين خلال أسبوع من الضربات الإسرائيلية

الحرائق لا زالت مستمرة في مستودعات الوقود في ميناء الحديدة اليمني رغم مُضيّ أكثر من أسبوع (رويترز)
الحرائق لا زالت مستمرة في مستودعات الوقود في ميناء الحديدة اليمني رغم مُضيّ أكثر من أسبوع (رويترز)

خفتت هجمات الجماعة الحوثية ضد السفن، خلال أسبوع من الضربات الإسرائيلية على ميناء الحديدة اليمني، الخاضع للجماعة، فيما واصل الجيش الأميركي عملياته الاستباقية الدفاعية؛ للحدِّ من قدرة الجماعة العسكرية.

وعلى الرغم من تهديد زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي بالرد على قصف إسرائيل مستودعات الوقود في ميناء الحديدة، والاستمرار في مهاجمة السفن، فإن الأسبوع الأخير لم يشهد تسجيل أي هجمات مؤثرة، سواء باتجاه إسرائيل، أو ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

حريق ضخم في ميناء الحديدة اليمني إثر ضربات إسرائيلية استهدفت خزانات الوقود (أ.ف.ب)

ومع انطفاء الحريق الذي أتى على نحو ثلثَي القدرة التخزينية للوقود في ميناء الحديدة، جرّاء الضربات الإسرائيلية، تجدّدت، السبت، الحرائق مع انفجار أحد الخزانات بفعل الحرارة التي انتقلت إليه من الخزانات المجاورة، وسط إفادة مصادر محلية بسقوط 6 مصابين من العمال.

وكانت إسرائيل نفّذت في 20 يوليو (تموز) ضربات انتقامية ضد الحوثيين استهدفت خزانات الوقود والكهرباء في الحديدة، رداً على طائرة مسيّرة استهدفت تل أبيب في 19 يوليو، تبنّت الجماعة الموالية لإيران في اليمن إطلاقها، وأدّت إلى مقتل شخص وإصابة آخرين.

في غضون ذلك، أوضحت القيادة المركزية الأميركية، السبت، أن قواتها نجحت خلال 24 ساعة في تدمير 6 طائرات بدون طيار تابعة للحوثيين المدعومين من إيران، في منطقة تسيطر عليها الجماعة، دون تحديد للمكان.

وبشكل منفصل، أفاد البيان بأن القوات الأميركية دمّرت 3 زوارق حوثية مسيَّرة قبالة سواحل اليمن، مشيراً إلى أن هذه الأسلحة كانت تمثل تهديدًا وشيكًا للولايات المتحدة وقوات التحالف، والسفن التجارية في المنطقة، وأنه تم اتخاذ الإجراءات لحماية حرية الملاحة، وجعل المياه الدولية أكثر أمانًا.

وكانت وسائل إعلام الجماعة الحوثية أقرّت، الجمعة، بالضربات التي وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية»، وقالت إن 4 غارات استهدفت مطار الحديدة، وهو مطار جنوب المدينة خارج عن الخدمة منذ سنوات، في حين استهدفت 4 غارات أخرى مواقع في جزيرة كمران قبالة الحديدة.

وأقرّت الجماعة بتلقّي أكثر من 580 غارة منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، وسقوط 57 قتيلاً و87 جريحاً جرّاء الضربات التي تشنّها واشنطن تحت ما سمّته تحالُف «حارس الازدهار».

وتشنّ الجماعة الحوثية الموالية لإيران منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدّعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

صورة وزّعها الحوثيون للطائرة المسيّرة التي استهدفت تل أبيب (أ.ف.ب)

كما تزعم الجماعة أنها تقوم بهجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران، ضمن عمليات الإسناد للفلسطينيين في غزة، وهو الأمر الذي تقول الحكومة اليمنية إنه يأتي هروباً من استحقاقات السلام، وخدمةً لأجندة طهران في المنطقة.

تهديد مستمر

كان زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي عبّر عن سعادة جماعته بالمواجهة المباشرة مع إسرائيل وأميركا وبريطانيا، وتوعّد باستمرار التصعيد البحري ضد السفن ومهاجمة إسرائيل، وأعلن أن الهجوم بالطائرة المسيّرة على تل أبيب هو بداية المرحلة الخامسة من التصعيد.

وهوَّن زعيم الجماعة الانقلابية في اليمن من أهمية الضربة الإسرائيلية على ميناء الحديدة، وقال إن جماعته ستواصل عملياتها، وإن أي ضربات أخرى لن يكون لها أي تأثير على قدراتها العسكرية، مشدّداً على أن الجماعة لن «تتراجع عن موقفها».

وتبنّت الجماعة الحوثية منذ نوفمبر الماضي كثيراً من الهجمات ضد إسرائيل، دون أي تأثير يُذكر، باستثناء هجوم المسيّرة الأخير على تل أبيب، كما تبنّت مهاجمة أكثر من 170 سفينة في البحرين الأحمر والعربي، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

عناصر حوثيون ضمن تجمّع للجماعة في صنعاء تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة (رويترز)

وأصابت الهجمات الحوثية، حتى الآن، نحو 30 سفينة منذ بدء التصعيد، غرقت منها اثنتان؛ إذ أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استُهدفت في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

مساعٍ أُمَمية

قاد التصعيد الحوثي ضد السفن إلى تجميد عملية السلام في اليمن، بعد أن كانت خريطة الطريق التي تم التوصل إليها بوساطة سعودية وعُمانية، وأعلنها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ نهاية العام الماضي، على وشك أن ترى النور.

وإذ يكافح المبعوث لإنجاز ما يمكن على صعيد التهدئة وخفض التصعيد في اليمن، أفاد في بيان، السبت، أنه اختتم زيارة إلى واشنطن، حيث التقى مسؤولين أميركيين كباراً لمناقشة التطورات في اليمن، واستكشاف سبل دعم عملية سياسية جامعة لحل النزاع.

المبعوث الأُممي إلى اليمن هانس غروندبرغ يكافح لإنجاز اختراق في مسار السلام (د.ب.أ)

وأضاف أنه التقى مع القائم بأعمال وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، جون باس، ومساعدة وزير الخارجية لشؤون المنظمات الدولية، ميشيل سيسون، ومساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، ومنسق مجلس الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بريت ماكغورك، والمبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن، تيم ليندركينغ.

وأوضح غروندبرغ أنه استعرض خلال اجتماعاته التحديات التي تُعيق جهود الوساطة في اليمن، بما في ذلك التطورات الإقليمية، ومسار التصعيد المُقلِق في اليمن منذ بداية العام.

وشدّد المبعوث على ضرورة منح الأولوية مسار السلام والحوار والتهدئة في اليمن. كما أكّد على أهمية الدعم الإقليمي والدولي المتضافر لتحقيق هذا الهدف.