زيارة ثالثة للبرهان إلى كمبالا... ومنها إلى جوبا

بحث مع موسيفيني سلام جنوب السودان... وملف التطبيع مع إسرائيل على الطاولة

سلفا كير خلال استقباله الفريق البرهان مساء أمس في جوبا (سونا)
سلفا كير خلال استقباله الفريق البرهان مساء أمس في جوبا (سونا)
TT

زيارة ثالثة للبرهان إلى كمبالا... ومنها إلى جوبا

سلفا كير خلال استقباله الفريق البرهان مساء أمس في جوبا (سونا)
سلفا كير خلال استقباله الفريق البرهان مساء أمس في جوبا (سونا)

بحث رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، مع الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، مستجدات وتطورات الأوضاع في السودان، وذلك خلال زيارة سريعة للعاصمة الأوغندية كمبالا أمس، فاحت منها أيضاً رائحة استكمال التطبيع مع إسرائيل، أتبعها بزيارة إلى جنوب السودان.
ووفقاً لإعلام مجلس السيادة الانتقالي، فإن البرهان عرض لموسيفيني رؤيته لحل الأزمة السياسية الحالية في السودان «عبر الحوار الذي يشمل جميع ألوان الطيف السياسي والوطني، الذي يفضي إلى توافق وإجماع يكون بلسماً للأزمة السياسية التي تمر بها البلاد، ويضع أسساً راسخة للتحول الديمقراطي».
وأشاد الرئيس الأوغندي «بحنكة وقيادة رئيس مجلس السيادة للبلاد، على الرغم من التحديات الداخلية والإقليمية والدولية الماثلة». وأوصى موسيفيني رئيس مجلس السيادة بـ«ضرورة عدم إقصاء أي طرف في العملية السياسية داخل السودان، والتأكيد على ضرورة أن تكون الحكومة الانتقالية من تكنوقراط مستقلين لإدارة ما تبقى من الفترة الانتقالية بحيادية تامة». ودعا موسيفيني «جميع الفاعلين السياسيين والوطنيين للانخراط في حوار شامل، يفضي إلى حلول مرضية وعاجلة»، لافتاً إلى أن «الانتخابات هي الحل لخروج البلاد من أزمتها»، حسب ما ذكر إعلام مجلس السيادة.
كما تطرق اللقاء إلى اتفاقية السلام في جنوب السودان والتحديات التي تعترض تنفيذها، وتم التشديد على دور السودان وأوغندا في العمل سوياً من أجل حلحلة التحديات كافة التي تجابهها، بوصفهما ضامنين لاتفاق سلام جنوب السودان. كما بحثا القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، مؤكدَين ضرورة التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية وتنسيق المواقف المشتركة، والعمل سوياً من خلال القنوات الثنائية والمنظمات الإقليمية.
ومن كمبالا، انتقل البرهان إلى جوبا عاصمة جمهورية جنوب السودان، في زيارة رسمية تستغرق يومين، وكان في استقباله في المطار الرئيس سلفا كير ميارديت وأعضاء حكومته.
وتبحث الزيارة سبل دعم وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، إضافة إلى مناقشة التحديات التي تواجه تنفيذ الاتفاقية المنشطة للسلام بدولة جنوب السودان. ويرافق البرهان كل من وزير الخارجية المكلف السفير علي الصادق، ومدير جهاز الاستخبارات العامة الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل.
وتعتبر زيارة البرهان لأوغندا الثالثة له منذ سقوط نظام الإسلاميين في الخرطوم. وأعادت للأذهان زيارة أخرى له مثيرة للجدل، التقى خلالها رئيس الوزراء الإسرائيلي (حينها) بنيامين نتنياهو، كأول مسؤول سوداني يلتقي علناً مسؤولاً إسرائيلياً منذ المقاطعة المعلنة بين البلدين في ستينات القرن الماضي. ففي فبراير (شباط) من العام 2020، فاجأ البرهان الأوساط السياسية السودانية والإقليمية بلقاء نتنياهو في مدينة عنتيبي الأوغندية، أثناء زيارة سرية قام بها لتلك الدولة كشفتها وسائل إعلام إسرائيلية، ما اضطر البرهان إلى الاعتراف بها والزعم أنه التقى نتنياهو بحثاً عن مصالح بلاده، لأن إسرائيل، في رأيه هي البوابة التي يمكن أن تؤدي إلى رفع الحظر السياسي والاقتصادي الأميركي المفروض على السودان. ونتج عن هذا اللقاء في حينه توقيع السودان على «اتفاقيات إبراهيم» الممهدة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، بوساطة من الرئيس الأوغندي، الذي استعان بمستشارته السودانية الراحلة نجوى قدح الدم التي لعبت دور المنسق للقاء.
زيارة البرهان في العام 2020 أثارت رفضاً رسمياً وشعبياً واسعاً، لكن ضغوطاً أميركية وإقليمية دفعت الخرطوم إلى التوقيع على «اتفاقات إبراهيم» من قبل وزير العدل نصر الدين عبد الباري، أثناء زيارة وزير الخزانة الأميركي وقتها ستيفن منوشين في يونيو (حزيران) 2021. لاحقاً، ألغى السودان قانون مقاطعة إسرائيل، وكان متوقعاً التوقيع على اتفاقيات التطبيع في واشنطن، على الرغم من أن رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك كان يرى أن التطبيع شأن يجب أن يبتّ فيه «برلمان منتخب». لكن الإجراءات التي اتخذها البرهان في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عقّدت الأوضاع.
ولم يكشف إعلام مجلس السيادة ما إذا كان البرهان سيبحث العلاقات السودانية - الإسرائيلية مجدداً، لكن الصحافي المهتم بالشأن الأفريقي فيصل الباقر قال لـ«الشرق الأوسط» إن زيارة البرهان لكمبالا تكتسب أهميتها من دون شك، كونها الثالثة لهذا البلد الأفريقي، وستكون لها علاقة وطيدة بالعلاقات السودانية - الإسرائيلية، استناداً إلى سابقة لقاء البرهان - نتنياهو المفاجئ.
وتوقع الباقر أن يخطو البرهان في زيارته الحالية إلى الأمام نحو متطلبات تطبيع العلاقات بإسرائيل في هذه الزيارة، «بعد أن آلت إليه مقاليد السلطة كاملة، بعد انقلاب 21 أكتوبر... من المؤكد أن كمبالا تعلب دوراً كبيراً في مسألة التطبيع بين إسرائيل ودول المنطقة».
وأشار الباقر إلى غياب الدور الكبير الذي كانت تلعبه مستشارة الرئيس موسيفيني الراحلة نجوى قدح الدم، في جهود تطبيع العلاقات بإسرائيل، لأنها «كانت عراباً لتنظيم اللقاءات السرية بين المسؤولين الإسرائيليين والسودانيين، وعلى وجه الخصوص المحسوبون على المكون العسكري».
وأضاف الباقر أن المسؤولين السودانيين درجوا على محاولة تسويق ربط العلاقات بين الخرطوم وتل أبيب بمصالح اقتصادية، تتضمن الاستفادة مما أطلقوا عليه «التقدم التقني الزراعي الإسرائيلي»، إلا أن إسرائيل عادة ما تضع أمنها أولوية قصوى في علاقتها بدول المنطقة، بجانب الجهد الكبير الذي تبذله لإيجاد موطئ قدم لها في موانئ البحر الأحمر.
وكان البرهان قد قام بزيارة ثانية في مارس (آذار) 2021 لتهنئة موسيفيني على فوزه بدروة رئاسية سادسة.
يذكر أن العلاقات السودانية - الأوغندية شهدت حالات توتر وتصالح متتالية. ودأب البلدان على اتهام أحدهما الآخر بإيواء المعارضين. وتتهم أوغندا السودان بدعم «جيش الرب»، فيما كانت كمبالا تدعم حركات التمرد الجنوب سودانية منذ خمسينات القرن الماضي، ولا سيما الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الراحل جون قرنق دومبيور. إلا أن العلاقات بدأت تشهد حالة من الهدوء عقب انفصال جنوب السودان وتكوين دولته المستقلة، وبذلك لم تعد أوغندا تملك حدوداً مباشرة مع السودان.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.