دمشق تشدد عقوباتها ضد منتقدي «تردي الوضع المالي»

البرلمان يقر «قانون الجرائم المعلوماتية»

TT

دمشق تشدد عقوباتها ضد منتقدي «تردي الوضع المالي»

وافق مجلس الشعب (البرلمان) السوري بأكثرية أعضائه على عدد من مواد قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية، والتي تشمل وفق القانون الجديد «الإساءة إلى الوضع المالي للدولة بمنشورات تقوض النظام المالي وأسعار الصرف».
وفي خطوة استباقية، سارعت الحكومة في دمشق إلى إقرار قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية في مجلس الشعب تمهيدا لإصداره «بغية تطويق سيل الانتقادات والشكاوى التي يبثها السوريون عبر وسائل التواصل الاجتماعي في ظل اشتداد الأزمة المعيشية المترافقة مع موجة صقيع تجتاح البلاد منذ أسبوع تجددت خلالها أزمة البنزين والكهرباء وافتقدت مواد التدفئة من مازوت وحطب وغاز، مع ارتفاع المواد الغذائية إلى مستوى أثار المخاوف من حدوث مجاعة فبعد ارتفاع أسعار الخبز والدقيق قفز سعر كيلو البرغل الذي يعد الغذاء الأساسي للغالبية العظمى من السوريين كطعام شعبي من 2500 إلى 6000 آلاف ليرة والعدس من 2000 إلى 6000 ليرة»، حسب مراقبين. كما افتقد الزيت النباتي (زيت الذرة وزيت عباد الشمس) الذي استعاض به السوريون عن زيت الزيتون المنتج محليا بعد ارتفاع أسعاره إلى حد يفوق القدرة الشرائية.
وأقر المجلس القانون المتعلق بـ«تنظيم التواصل على الشبكة ومكافحة الجريمة المعلوماتية». وبحسب الإعلام الرسمي وافق الأعضاء بالأكثرية على عدد منها، وتتعلق «بارتكاب الجنح المنصوص عليها وحالات تشديد العقوبة والعلنية الإلكترونية سواء بما يتعلق بالنشر أو التواصل أو المراسلات على الشبكة وأحكام إعادة النشر».
وكانت وزارة الاتصالات السورية، قد أثارت جدلا واسعاً لدى طرحها نهاية العام الماضي 2021، مشروع تعديل قانون «مكافحة الجريمة المعلوماتية» رقم 17 لعام 2012، للمناقشة أمام مجلس الشعب. ورأى كثير من السوريين في مشروع القانون المطروح «تكميماً للأفواه» لاتساع تعريف الجرائم مثل «النيل من هيبة الدولة» و«النيل من هيبة الموظف العام».
وشكل المجلس لجنة مشتركة وخاصةً من الإعلام والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والشؤون التشريعية والدستورية في مجلس الشعب، حيث قامت هذه اللجنة بإضافة عدة مواد إلى مشروع القانون تتعلق بتشديد العقوبات على كل من أنشأ أو أدار موقعاً إلكترونياً أو نشر على شبكة الإنترنيت أخباراً تؤدي إلى زعزعة النقد وأسعار الصرف في النشرات الرسمية. كما نصت الإضافات على معاقبة مرتكبي جريمة «النيل من مكانة الدولة المالية» بالسجن المؤقت من 4 إلى 15 سنة وغرامة مالية من 5 إلى 10 ملايين ليرة سورية.
ويأتي إقرار قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية بمواده الجديدة وعقوباته المشددة لا سيما المتعلق بـ«النيل من مكانة الدولة المالية» مترافقة مع ارتدادات الأزمة العالمية وتواصل الحرب في أوكرانيا التي ساهمت برفع الأسعار في الأسواق السورية على نحو غير مسبوق مع تدهور يومي في سعر صرف الليرة السورية لتلامس قيمة الليرة حاجز 4000 ليرة مقابل الدولار الأميركي الواحد.
تزامن ذلك مع عقد مؤتمر «الكنيسة بيت للمحبة» الذي حضره وزيرا الأوقاف محمد عبد الستار السيد، والإعلام بطرس حلاق، ومعاون وزير الخارجية والمغتربين أيمن سوسان، والسفير البابوي في سوريا الكاردينال ماريو زيناري، وعميد مجمع الكنائس الشرقية في روما الكاردينال ليوناردو ساندري الذي شدد على ضرورة مساعدة سوريا. وقال: «جئنا لنعيد إنعاش التشارك داخل الكنيسة عن طريق تشجيع الأشخاص الأكثر كفاءة وتعاوناً وخصوصاً في إدارة المساعدات الإنسانية مع التركيز على مساعدة جيل الشباب الأكثر هشاشة وتأثراً من هذه الأزمة».
ويشار إلى أنه ومنذ بدء الحرب في أوكرانيا في 24 الشهر الماضي عمدت السلطات في دمشق إلى تشديد القبضة الأمنية على السوق الصرف الموازي، وجرى توقيف أبرز الصرافين، مع زيادة تقييد حركة تداول الأموال بين المحافظات، فبعد قرار اتخذه المصرف المركزي برفع مبلغ السحب اليومي من مليوني ليرة إلى خمسة ملايين، صدر قرار مناقض له بتخفيض السحب اليومي إلى مائتي ألف، لمنع حدوث انهيار مفاجئ في قيمة العملة المحلية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.