شاشة الناقد

لقطة من «مجنون فرح»
لقطة من «مجنون فرح»
TT

شاشة الناقد

لقطة من «مجنون فرح»
لقطة من «مجنون فرح»

The Most Beautiful Boy
in the World ‬**
> إخراج: كرستينا ليندستروم، كرستيان بتري
> السويد، ألمانيا (2021)
> النوع: تسجيلي | عروض جوائز غولدباغ السويدية (2022)
كان بيورن أندرسن في السادسة عشر من عمره (مواليد 1955) عندما ظهر في فيلم لوكينو فسكونتي Death in Venice («موت في البندقية، 1971). عبره حقق نجاحاً كبيراً لافتاً الأنظار إلى وسامة مفرطة دفع المخرج الإيطالي لوصفه بـ«أجمل صبي في العالم»، لكن عوض أن تتقدّم خطوات «الصبي» أندرسن وتتطوّر، سريعاً ما شمله التغييب وتحوّل لاحقاً إلى ممثل مغمور وما زال وقد بلغ الستينات من العمر.
«أجمل صبي في العالم» يحسن انتقاء موضوع ينتمي إلى صيغة «ما الذي حدث لـ؟». لكنه لا يُحيط بكل الجواب الذي قد يرغب فيه المشاهد. ما زالت هناك مناطق غير مضاءة من حياة شاب تحوّل إلى أيقونة ثم انزوى بعد ذلك سريعاً.
على شاشة فيلم فيسكونتي، بدا أندرسن مناسباً لشخصية الصبي الذي يلفت نظر العجوز غوستاف (ديرك بوغارد) الآتي لقضاء إجازة. يتعلّق به كونه جميلاً، لكن غوستاف ليس بالضرورة شخصية شاذّة، وإن كان حبّه للصبي يقترح أنّه فتح باب خزنة كانت مغلقة في داخله. مهما يكن يتعامل الفيلم مع حياة أندرسن على نحو فارغ من الرغبة في التعمّق. ربما بسبب شروط فُرضت عليه أو نتيجة سوء اختيارات وكتابة. ما يبديه الوضع الذي آل إليه ذلك الممثل بحيث بات اليوم بعيداً عن أن يُثير حتى الرغبة في معرفة أي شيء عنه. هذا لم يحدث متأخراً، بل منذ الثمانينات وبعد حفنة من الأفلام التي أرادت الاحتفاء به. قطار الشهرة مر به لكنه لم يتوقف طويلاً عنده.
يصوّر الفيلم أندرسن اليوم كشخصية باهتة، مديون ومفلس وممثل مساند في أفضل الحالات. آخر عملين له هما فيلم دنماركي بعنوان Shelley (علي عبّاسي، 2016) وفيلم رعب سويدي - أميركي بعنوان Midsummer (آري أستر، 2019).
فيلم كهذا كان يمكن له، لكي يؤمّن حداً أقصى من الأهمية المنشودة، أن يبحث في قضايا مثل النجاح السريع لأيقونات سينمائية من دون الابتعاد عن أندرسن كنموذج، أو لطرح أشمل وأوفى لتاريخ ممثل انتقل من أعلى قمّة نجاح ممكنة في فيلم لمخرج بدائع، إلى شخص مغمور لا يمكن أن تتعرّف عليه لو مرّ أمامك في الطريق صدفة.

{مجنون فرح}
> إخراج: ليلى بوزيد
> تونس، فرنسا (2021)
> النوع: دراما عاطفية | عروض: مهرجان روتردام (2022)

استلهام ما حدث بين قيس وليلى من خلال الدروس الأدبية في إحدى مدارس باريس يبقى أقرب إلى حجة منه إلى تفعيل درامي عاطفي صحيح. لقاء فرح (زبيدة بلحاج عمر) بأحمد (سامي عوطالبالي) لقاء بين متضادين في المفاهيم والعقليات بدءاً من انفتاحها على الحب وانغلاقه على نفسه وانتهاءً بمفهوم كل منهما حيال معنى الصداقة ومسألة تجاوزها لعلاقة عاطفية أو الاكتفاء بالحصيلة الروحانية منها.
تضع المخرجة حكاية مهاجرة تونسية شابّة إلى باريس. هي صورة لما على المرأة التونسية الحديثة أن تكون عليه تبعاً للسيناريو. وهي تلتقي بشاب هو ابن مهاجر جزائي من حقبة التسعينات. على عكسها، أحمد هو شاب حائر بين خياراته. لكن فرح ستنجذب إليه وترعى عملية تحويله إلى الرجولة تخليصه من عقدة مجنون ليلى التي في مفادها اللجوء إلى حب روحاني - عذري طاهر من الشهوة الجنسية.
كل ما يدور في الواقع هو سيناريو يفتقر إلى تجسيد أفضل لما يطرحه ويشبه عدداً كبيراً من الأفلام الفرنسية المبنية على مواقف وليس على الأحداث. فرح (الذي هو كذلك اسم الشخصية الأولى في فيلمها السابق «على حلّة عيني) شخصية منفتحة بلا حدود وعلى النحو الذي يرضي المخرجة، لكنّ مسألة أن فتاة متحررة مثلها لن تجد سوى هذا الشاب الانطوائي لكي تهتم به وتطارحه الحب (مشهد جنسي كامل في النهاية) تبقى مسألة واهية وغير مقنعة.

‫Dog ‬‬ *
‫> إخراج: شانينغ كانون، ريد كارولين.‬
> الولايات المتحدة (2022)
> النوع: دراما | عروض: تجارية
‫في «كلب»، كل من الرجل والكلب مصابان بالداء النفسي المعروف بـ«اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) بعدما خدما في أفغانستان. تطلب القيادة من جاكسون (شانينغ تاتوم في أول بطولة له منذ سنوات) إيصال الكلب لحضور الجنازة. إنّه كما لو أنّ الحرب التي خاضها جاكسون في أفغانستان لم تكن كافية لإثارة أعصابه. الكلبة لولو سوف تستنزف ما تبقى منها. لا أعصابه فقط بل أعصاب هذا الناقد أيضاً.‬‬
يكثر الفيلم من تصوير بطله (البشري) في سرواله التحتي كما لو أنه يريد أن يثبت للجمهور بأنّه لا يزال يسدد أقساط النادي الرياضي المشترك فيه. وهناك مشهد يهجم فيه الكلب على رداء إسلامي كما كان يفعل في أفغانستان. وفي مشاهد أخرى يتدخل الكلب ليفسد على جاكسون مراميه الغرامية (ليس معه، بل مع نساء يتعرّف عليهن خلال السفر).
الفيلم ممل ويزداد بعثاً للملل مع اقتراب بطليه لنهاية الرحلة - الفيلم حيث سيقع ما لم يكن سرّاً من قبل: فقط حينها - وبعد مشاهد عديدة تؤكد عداء كل منهما للآخر - سيتبنّى جاكسون الكلب ربما نكاية في المشاهدين.


مقالات ذات صلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
TT

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)

نظراً للزخم العالمي الذي يحظى به مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة، اختارت «استديوهات كتارا»، ومقرها الدوحة، أن تكشف خلاله الستار عن أول فيلم روائي قطري طويل تستعد لإنتاجه، وهو «سعود وينه؟»، وذلك في مؤتمر صحافي ضمن الدورة الرابعة من المهرجان، مبينة أن هذا العمل «يشكل فصلاً جديداً في تاريخ السينما القطرية».

ويأتي هذا الفيلم بمشاركة طاقم تمثيل قطري بالكامل؛ مما يمزج بين المواهب المحلية وقصة ذات بُعد عالمي، كما تدور أحداثه حول خدعة سحرية تخرج عن السيطرة عندما يحاول شقيقان إعادة تنفيذها بعد سنوات من تعلمها من والدهما، وهذا الفيلم من إخراج محمد الإبراهيم، وبطولة كل من: مشعل الدوسري، وعبد العزيز الدوراني، وسعد النعيمي.

قصة مؤسس «صخر»

كما أعلنت «استديوهات كتارا» عن أحدث مشاريعها السينمائية الأخرى، كأول عرض رسمي لأعمالها القادمة، أولها «صخر»، وهو فيلم سيرة ذاتية، يقدم قصة ملهمة عن الشخصية العربية الاستثنائية الراحل الكويتي محمد الشارخ، وهو مبتكر حواسيب «صخر» التي تركت بصمة واضحة في عالم التكنولوجيا، باعتبارها أول أجهزة تتيح استخدام اللغة العربية، وأفصح فريق الفيلم أن هذا العمل ستتم معالجته سينمائياً ليحمل كماً مكثفاً من الدراما والتشويق.

«ساري وأميرة»

والفيلم الثالث هو الروائي الطويل «ساري وأميرة»، وهو عمل فنتازي يتناول الحب والمثابرة، يتم تصويره في صحراء قطر، وتدور أحداثه حول حياة قُطّاع الطرق «ساري وأميرة» أثناء بحثهما عن كنز أسطوري في وادي «سخيمة» الخيالي، في رحلة محفوفة بالمخاطر، حيث يواجهان الوحوش الخرافية ويتعاملان مع علاقتهما المعقدة، وهو فيلم من بطولة: العراقي أليكس علوم، والبحرينية حلا ترك، والنجم السعودي عبد المحسن النمر.

رحلة إنسانية

يضاف لذلك، الفيلم الوثائقي «Anne Everlasting» الذي يستكشف عمق الروابط الإنسانية، ويقدم رؤى حول التجارب البشرية المشتركة؛ إذ تدور قصته حول المسنّة آن لوريمور التي تقرر مع بلوغها عامها الـ89، أن تتسلق جبل كليمنجارو وتستعيد لقبها كأكبر شخص يتسلق الجبل، ويروي هذا الفيلم الوثائقي رحلة صمودها والتحديات التي واجهتها في حياتها.

وخلال المؤتمر الصحافي، أكد حسين فخري الرئيس التنفيذي التجاري والمنتج التنفيذي بـ«استديوهات كتارا»، الالتزام بتقديم محتوى ذي تأثير عالمي، قائلاً: «ملتزمون بتحفيز الإبداع العربي وتعزيز الروابط الثقافية بين الشعوب، هذه المشاريع هي خطوة مهمة نحو تقديم قصص تنبض بالحياة وتصل إلى جمهور عالمي، ونحن فخورون بعرض أعمالنا لأول مرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؛ مما يعكس رؤيتنا في تشكيل مستقبل المحتوى العربي في المنطقة».