نجحت حسابات الأرجنتيني دييغو سيميوني مدرب أتلتيكو مدريد الإسباني في مواجهته ضد مانشستر يونايتد الإنجليزي، بالاعتماد على الدفاع المحكم والهجمات المرتدة فخطف فريقه هدفا ثمينا منحه بطاقة في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، وبنفس الطريقة حقق بنفيكا البرتغالي المفاجأة بإقصائه أياكس أمستردام الهولندي من ثمن النهائي.
ومع إلغاء قاعدة أفضلية الهدف المسجل خارج الديار بحال التعادل، لم يتأثر أتلتيكو بتعادله 1 - 1 ذهاباً على أرضه فعاد فائزاً من أرض يونايتد 1 - صفر، على غرار بنفيكا الفائز بالنتيجة نفسها في أمستردام بعد تعادله 2 - 2 في لشبونة ذهاباً.
ولحق أتلتيكو مدريد وبنفيكا في ربع النهائي بأندية ليفربول (إنجلترا)، وبايرن ميونيخ (ألمانيا)، وريال مدريد (إسبانيا)، ومانشستر سيتي (إنجلترا).
وتسحب قرعة ربع ونصف النهائي والنهائي غدا، بمقر الاتحاد الأوروبي في نيون.
في استاد أولد ترافورد معقل مانشستر يونايتد ضغط أصحاب الأرض منذ البداية وسنحت لهم فرص للتسجيل في الشوط الأول، لكن الأداء النموذجي للدفاع الشجاع والهجوم المرتد السريع الذي اشتهر به أتلتيكو بقيادة سيميوني هو الذي نجح في النهاية عندما خطف الظهير البرازيلي الدولي رينان لودي هدف الفوز في الدقيقة 41 بكرة رأسية إثر هجمة مرتدة سريعة.
سيميوني يحتفل بفوز أتلتيكو (إ.ب.أ)
وازدادت متاعب يونايتد، بطل أوروبا ثلاث مرات آخرها في 2008 الذي أقال مدربه النرويجي أولي غونار سولسكاير في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي لسوء النتائج، إذ يحتل راهناً المركز الخامس في الدوري الإنجليزي ليواجه خطر الغياب عن المسابقة القارية الأولى في الموسم المقبل لتغيب البطولات عن خزائنه لعام خامس توالياً.
وبعد تسجيله ثلاثية تاريخية السبت أمام توتنهام في الدوري المحلي جعلته أفضل هداف في تاريخ المباريات الرسمية (807)، صام النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو (37 عاماً)، الهداف التاريخي للمسابقة وبطلها خمس مرات، وأفضل لاعب في العالم خمس مرات، برغم سيرته الذاتية الرائعة ضد أتلتيكو مدريد وهزه شباكه في 25 مناسبة، فلم يعرف طريق التسديد على مرمى الخصم. وتدور شائعات على أن رونالدو ربما لا يكمل عقده مع يونايتد الممتد حتى صيف 2023 إذا لم يفلح الفريق في التأهل لدوري الأبطال الموسم المقبل. لكن بالتأكيد مع رونالدو أو دونه يحتاج يونايتد لعملية بناء جديدة في كافة خطوطه، وأيضا على الصعيد الفني والإداري إذا أراد استعادة أمجاده كما كان في عصر المدرب الأسطوري أليكس فيرغسون.
في المقابل، تابع أتلتيكو مدريد، وصيف 1974 و2014 و2016 بقيادة سيميوني تعويض بداية موسم بطيئة، بعد إنجازه الرائع الموسم الماضي عندما توج بلقب الدوري المحلي للمرة الثانية في 25 عاماً، على حساب الغريمين التقليديين ريال مدريد وبرشلونة على غرار عام 2014، وهذه المرة الرابعة توالياً يُقصى يونايتد من الأدوار الإقصائية لدوري الأبطال بعد تعادله في مباراة الذهاب، بعد 2013 و2014 و2018.
وكانت ثاني مواجهة بين الفريقين في المسابقات القارية بعد موسم 1991 - 1992 في الدور الثاني لكأس الكؤوس الأوروبية. وقتها فاز أتلتيكو مدريد على أرضه بثلاثية نظيفة ذهاباً وتعادلا إياباً 1 - 1.
وبدأت الأمسية بطريقة جيدة ليونايتد، حيث تصدى يان أوبلاك حارس أتلتيكو برد فعل رائع لمحاولة أنطوني إيلانغا عند القائم القريب بعد تمريرة عرضية من البرتغالي برونو فرنانديز. ثم تسديدة أخرى من نفس اللاعب مرت بجوار القائم في هجمة شبيهة من التي أحرز بها هدف التعادل في مباراة الإياب. بعد ذلك أنقذ حارس يونايتد الإسباني ديفيد دي خيا بطريقة رائعة تسديدة بعيدة المدى من رودريغو دي بول. وعلى عكس سير اللقاء ومن هجمة مرتدة سريعة حول البرتغالي جواو فيلكس، الكرة بلمسة ذكية إلى الفرنسي أنطوان غريزمان الذي أرسل تمريرة عرضية نجح لودي في التسجيل منها برأسه على يمين دي خيا. واعترض يونايتد كثيرا على اللعبة التي جاء منها الهدف وبدت أنها بدأت بمخالفة لصالح إيلانغا في نصف ملعب أتلتيكو، لكن الحكم سلافكو فينتشيتش تجاهل الاحتجاجات. وحاول برونو الرد ليونايتد بتسديدة صدها أوبلاك قبل نهاية الشوط الأول. وحاصر يونايتد ضيفه مطلع الثاني، وحاول المدرب الألماني رالف رانغنيك قلب الطاولة بتبديل ثلاثي شهد دخول بوغبا وماركوس راشفورد والصربي نيمانيا ماتيتش بدلا من فرنانديز وإيلانغا والاسكوتلندي سكوت ماكتوميني، ثم زج بالمهاجم الأوروغواياني المخضرم إدينسون كافاني بدلا من قائد الدفاع هاري ماغواير لكن كل المحاولات باءت بالفشل أمام تألق الحارس أوبلاك وتكتل دفاع أتلتيكو.
وعقب اللقاء أعرب رانغنيك مدرب يونايتد عن شعوره بالإحباط من مستوى التحكيم، بينما بدا راضيا عن أداء لاعبيه، وقال: «أعتقد أننا لعبنا الشوط الأول بشكل جيد جدا، تماما بالطريقة التي كنا نريدها بضغط متقدم، لكن لم ننجح في ترجمة ذلك إلى هدف أو هدفين».
وأضاف «بعد استقبال هدف من هجمة مرتدة قبل الاستراحة، أصبح الأمر صعبا في الشوط الثاني بتعمد المنافس إهدار الوقت وتوقفت المباراة كثيرا. كان هناك من يسقط أرضا باستمرار».
وتابع: «يمكنني القول أيضا إنه كانت هناك بعض القرارات التحكيمية المثيرة للفضول. لا أقول إنها كانت حاسمة، لكن على الأقل لم ينتبه الحكم إلى الأساليب العديدة في إهدار الوقت، وكانت مزحة أن يحتسب في النهاية أربع دقائق فقط كوقت ضائع».
في المقابل كال سيميوني المديح لفريقه على التزامه، وقال: «هذا الفريق يقفز نحو حوض السباحة سواء كان بداخله ماء أو لا. عندما يعمل الفريق بمثل هذا الشكل الجماعي، فهذا يثير مشاعري. لعبنا بتنافسية ومنحنا الهدف الأفضلية، وفي الشوط الثاني لعبنا بشكل جماعي رائع، وقدمنا أحد أفضل مستوياتنا في الموسم، وهو ما يجعلني أشعر بالسعادة».
وقال كوكي لاعب وسط أتلتيكو: «نريد التقدم إلى أبعد مدى في دوري الأبطال، من الرائع أننا لا نزال داخل المنافسة في هذا الموسم المتذبذب». وأضاف «بالنسبة لي أوبلاك هو أفضل حارس في العالم. لقد أظهر ذلك مرة أخرى ».
وقال الإسباني ديفيد دي خيا حارس يونايتد الحالي وأتلتيكو السابق: «نحن خائبون، يصعب وصف شعورنا الآن، لم نقدم ما يكفي في المباراتين للتأهل. بصراحة، لم نكن في أفضل مستوياتنا. (أتلتيكو) فريق خبير ويعرف كيف يخوض هذا النوع من المواجهات المتقاربة. سجلوا هدفاً وتكتلوا دفاعا فصعبوا علينا الأمر لصناعة الفرص لكن هذه هي كرة القدم».
وفي المباراة الثانية، غابت الواقعية عن أياكس أمستردام برغم أفضليته فودع لخسارته على أرضه أمام بنفيكا بهدف سجله الأوروغواياني الشاب داروين نونيز في الدقيقة 77 ليظهر الفريق البرتغالي للمرة الأولى في ربع النهائي منذ 2016 والثامنة عشرة في تاريخه.
وبرغم أفضلية أياكس طوال المباراة، فإنه افتقد للحسم أمام المرمى، في أول مباراة يصوم فيها هدافه العاجي سيباستيان هالر صاحب 11 هدفاً في 7 مباريات توالياً.
نونيز يحتفل بهدفه الذي قاد بنفيكا لربع النهائي (رويترز)
قال هالر بعد الخسارة: «في دوري الأبطال يجب أن نرتقي إلى مستوى المسابقة، ولا نترك نصف فرصة للخصم. كنا نستحق الأفضل لكن هذه هي كرة القدم».
وعاندت لعنة الأدوار الإقصائية أياكس في ملعبه، إذ يعود فوزه الأخير في هذا الدور بالمسابقة على أرضه إلى 26 سنة.
في المقابل، خطف بنفيكا، بطل 1961 و1962 هدف التأهل قبل نهاية اللقاء بـ13 دقيقة، ونجح في الصمود ليطيح بأياكس، صاحب الأفضلية التاريخية في مواجهاته مع الفريق البرتغالي في البطولة الأولى وبطل أوروبا أربع مرات بينها ثلاث في السبعينات. ودخل أياكس المباراة وهو يتصدر الدوري الهولندي بفارق نقطتين عن غريمه آيندهوفن، فيما يتخلف بنفيكا ثالث الدوري البرتغالي بفارق 12 نقطة عن بورتو المتصدر.
التبديل الوحيد في تشكيلة المدرب إريك تن هاغ عن المباراة الأخيرة، كان دخول الحارس الكاميروني أندري أونانا بدلاً من ريمكو باسفير المصاب بكسر بإصبع يده، لكنه لم يكن موفقاً بالهدف الذي سجله نونيز ورفع به الأخير رصيده هذا الموسم إلى 26 هدفاً بينها 4 في دوري الأبطال. قال نونيز أفضل لاعب في المباراة: «طالبنا المدرب بالدفاع. لم نكن نعرف كيف نطلق المرتدات لأنهم تمركزوا بشكل جيد». وقال نيلسون فريسيمو مدرب بنفيكا: «كنت مؤمنا بقدرة فريقي على تخطي عقبة أياكس حتى بعد التعادل على ملعبنا ذهابا 2 - 2 وتخلفنا مرتين في النتيجة. كنا نعلم أننا سنواجه مهمة صعبة للغاية، لكننا لم نتوقف عن الاعتقاد بإمكانية الفوز. خضنا مباراة صعبة، أياكس هو أحد الفرق في أوروبا التي تتمتع بأفضل جودة هجومية. كان علينا الاستبسال دفاعيا مع محاولة الاستفادة من الركلات الثابتة وهذا ما حدث».