كانت الأعراض طويلة المدى شائعة نسبياً بعد الإصابة الشديدة بـ«كوفيد - 19»، لكنها باتت متكررة لدى بعض الأفراد ممن أُصيبوا إصابات خفيفة أو معتدلة... وكان ذلك لغزاً، دعا فريق بحثي دولي يضم باحثين من معهد «كارولينسكا» بالسويد، ومركز «هيلمهولتز» والجامعة التقنية في ميونيخ بألمانيا، إلى محاولة فهم الانحرافات المناعية طويلة المدى في هؤلاء المرضى.
وخلال الدراسة المنشورة في 14 مارس (آذار) الحالي في دورية «مناعة الغشاء المخاطي»، أعلن الباحثون عن توصلهم إلى ما يعتقدون أنه سر هذه الأعراض طويلة الأمد، حيث وجدوا أن نوعاً معيناً من الخلايا المناعية يسمى «البلاعم» يُظهر تغيراً في التعبير الالتهابي والاستقلابي لعدة أشهر بعد «كوفيد - 19» الخفيف.
ولإجراء هذه الدراسة، حلل الباحثون عينات دم من 68 شخصاً مصاباً سابقاً بعدوى خفيفة من «كوفيد - 19»، ومجموعة ضابطة من 36 شخصاً لم يكن لديهم المرض.
كما عزل الباحثون خلايا البلاعم المناعية في المختبر، وحفّزوها بالبروتين الرئيسي للفيروس (بروتين سبايك) والمنشطات وعديدات السكاريد الدهنية (LPS)، وهو جزيء يحفز جهاز المناعة، ثم تم إجراء تسلسل الحمض النووي الريبوزي للخلايا لقياس الجينات النشطة، ثم قاسوا وجود جزيئات إشارات (إيكوزانويد)، والتي تعد سمة أساسية للالتهاب.
ويقول كريج ويلوك، المحاضر في قسم الكيمياء الحيوية الطبية والفيزياء الحيوية بمعهد «كارولينسكا»، وأحد مؤلفي الدراسة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمعهد بالتزامن مع نشر الدراسة: «ليس من المستغرب العثور على عدد كبير من جزيئات (الإيكوزانويد) لدى الأشخاص المصابين بـ(كوفيد - 19)، لأن المرض يسبب الالتهاب، ولكن كان من المدهش أنها لا تزال تُنتج بكميات كبيرة بعد عدة أشهر من الإصابة».
وأظهرت الدراسة أيضاً ارتفاع تركيز الليكوترين، وهو نوع من الجزيئات المسببة للالتهابات، والمعروفة بأنها تسبب الربو.
وتقول جوليا إيسر فون بيرين، قائدة مجموعة الأبحاث في مركز «هيلمهولتز» والجامعة التقنية في ميونيخ: «من المدهش جداً أن تركيز (الليكوترين) لا يزال مرتفعاً في البلاعم لدى الأشخاص الذين أُصيبوا بـ(كوفيد - 19) الخفيف».
وجزيئات الليكوترين» هي الوسيط الرئيسي للربو، لكنها تشارك أيضاً في الدفاع المضاد ضد الإنفلونزا، والزيادة المستمرة منها بعد عدوى (كوفيد - 19) يمكن أن تسبب حساسية أكبر للالتهاب التنفسي، ولكن يمكن أيضاً أن تحسن المناعة المضادة لفيروس «كورونا» المستجد وفيروسات أخرى.
وكانت عينات الدم المستخدمة في الدراسة قد جُمعت في مناسبتين: الأولى في غضون ثلاثة إلى خمسة أشهر بعد الإصابة بـ«كورونا» المستجد، والأخرى بعد 12 شهراً.
وفي عمر ثلاثة إلى خمسة أشهر، أفاد نحو 16% عن استمرار الأعراض الخفيفة، بينما كان البقية خالين من الأعراض، وفي 12 شهراً، لم يتم الإبلاغ عن أي أعراض مستمرة ولم يعد هناك أي اختلاف في علامات الالتهاب بين المصابين سابقاً بعدوى (كوفيد - 19) ومجموعة المراقبة الصحية.
وتقول جوليا إيسر فون بيرين: «نود إجراء دراسة مقابلة نشرك فيها كلاً من الأشخاص المصابين بـ(كوفيد - 19) الحاد والأشخاص غير المصابين بـ(كوفيد - 19)، ولكن لديهم نوع آخر من أمراض الجهاز التنفسي، مثل الإنفلونزا، وسنقوم بعد ذلك بفحص ما إذا كان ما يصيب مرضى (كوفيد - 19) يصيب أيضاً المصابين بالإنفلونزا الموسمية، على سبيل المثال».
اكتشاف سبب طول الأعراض للمصابين بـ«كوفيد ـ 19» المعتدل
بعد فحص خلايا «البلاعم» المناعية
اكتشاف سبب طول الأعراض للمصابين بـ«كوفيد ـ 19» المعتدل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة