طيران التحالف يشن غارات نوعية على شمال صنعاء.. ويمنع الحوثيين من التقدم نحو مأرب

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: الميليشيات تضيق الخناق على قيادات مؤيدة للشرعية في صنعاء

عناصر من المقاومة اليمنية يؤمنون الشوارع التي تربط صنعاء بالجنوب أمس (رويترز)
عناصر من المقاومة اليمنية يؤمنون الشوارع التي تربط صنعاء بالجنوب أمس (رويترز)
TT

طيران التحالف يشن غارات نوعية على شمال صنعاء.. ويمنع الحوثيين من التقدم نحو مأرب

عناصر من المقاومة اليمنية يؤمنون الشوارع التي تربط صنعاء بالجنوب أمس (رويترز)
عناصر من المقاومة اليمنية يؤمنون الشوارع التي تربط صنعاء بالجنوب أمس (رويترز)

قالت مصادر سياسية يمنية رفيعة في صنعاء، أمس، لـ«الشرق الأوسط»، إن الميليشيات الحوثية كثفت من مراقبتها وحصارها للشخصيات السياسية والقبلية التي ما زالت موجودة في صنعاء وحتى الشخصيات الرسمية ما دون وزير أو نائب وزير أو وكيل وزارة، إضافة إلى الشخصيات القبلية العادية وتلك التي تحظى بمكانة اجتماعية، وذلك بعد أن تكشفت كثير من التفاصيل بشأن إعلان بعض المسؤولين السياسيين والعسكريين تأييدهم لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «المراقبة والحصار يشمل، بدرجة رئيسية، الشخصيات التي ترتبط بحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه المخلوع صالح»، خاصة أن «الحزب يشهد حالة من الانشقاقات وبدأت الكثير من القيادات التي كانت تناصر الحوثيين في ضوء تحالفهم مع المخلوع، في تغيير مواقفها تجاههم، بعد أن احتكروا كل التصرفات»، إضافة إلى أنهم «باتوا عرضة لضربات التحالف ولعقوبات دولية لن ترحمهم»، على حد تعبير تلك المصادر.
وأشارت المعلومات، التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، إلى أنه وعقب تمكن بعض الشخصيات من مغادرة البلاد، مؤخرا، والالتحاق بالشرعية في العاصمة السعودية الرياض، «ازداد تضييق الخناق على من تبقى في الداخل، حيث تجري مراقبة منازلهم، بصورة دائمة، والتنصت على مكالماتهم الهاتفية ورصد تحركاتهم وأقاربهم، بما فيهم النساء»، وقالت المصادر إن جماعة الحوثي لجأت إلى الاستعانة ببعض ضباط المخابرات ذوي الخبرة في هذا الجانب، «إلا أن الكثير منهم لم يوافق على التعاون معهم في مراقبة شخصيات سياسية وقبلية، والبعض الآخر وافق تحت ضغط الظروف المعيشية»، بحسب تلك المصادر.
من ناحية أخرى، استمرت، أمس، التطورات العسكرية في اليمن، حيث نفذ طيران التحالف العربي، غارات جوية نوعية على ضواحي العاصمة صنعاء، وقد سمع دوي انفجارات هائلة بالتزامن مع أصوات مضادات الطائرات، في الوقت الذي استمرت فيه المواجهات العنيفة في جنوب البلاد، بين القوات الموالية للشرعية الدستورية، من جهة، وميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح من جهة أخرى، وواصل طيران التحالف قصفه لمواقع المسلحين الحوثيين في محافظة مأرب، بشرقي البلاد، وذلك بغارات مكثفة، وقالت مصادر قبلية في مأرب لـ«الشرق الأوسط» إن ضربات قوات التحالف أدت إلى «تراجع هجمات الميليشيات ومحاولاتها التقدم نحو مدينة مأرب»، كما أكدت المصادر أن الطيران كثف، خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، من ضرباته المتواصلة، على محافظة صعدة، حيث تعتبر المحافظة المعقل الرئيسي لهذه الجماعة المتشددة والمعروفة بعلاقتها مع إيران، كما أن صعدة، بحسب المعلومات المحلية، تعد منطلقا رئيسيا للهجمات التي ينفذها الحوثيون على الأراضي السعودية الحدودية مع اليمن.
وفي الجنوب، شن طيران التحالف غاراته على المتمردين في محافظتي عدن وأبين، ففي محافظة عدن كانت المقاتلات الحربية قد ضربت تجمعات وعتاد الميليشيات الحوثية وقوات صالح في المعلا ودار سعد وخور مكسر، وقالت مصادر في عدن لـ«الشرق الأوسط» إن الغارات على مواقع في مدينة المعلا استهدفت مواقع صوامع الغلال ومجمع المستهلك وخزانات حجيف النفطية، التي تتمركز فيها ميليشيات عبد الملك الحوثي، وأوضحت هذه المصادر أن الضربات الجوية أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من المسلحين الحوثيين، وتدمير دبابتين وعربة «بي أم بي» وعدة آليات عسكرية، فيما حدثت غارات مماثلة على مدينة خور مكسر استهدفت مواقع الميليشيات في جزيرة العمال ومعسكر بدر ومطار عدن، ومستوصف الفيروز بدار سعد الذي كان قد فرت إليه جماعة الحوثيين، وقال سكان عدن لـ«الشرق الأوسط» إن طيران التحالف استهدف فنادق يتخذها قنّاصة حوثيون مكانًا لهم، مضيفين أن الطيران شن أربع غارات وصفت بالعنيفة ومن شدتها تكسرت نوافذ المنازل.
وأضاف السكان أن الغارات ضربت، أيضا، مستوصف الفيروز الكائن على خط عدن تعز بدار سعد وفنادق يعتليها قناصة حوثيون في عملية لتصفية الفنادق المتبقية التي يتمركز فيها قناصة موالون للرئيس المخلوع والميليشيات. وقال مصدر في مدينة التواهي بعدن لـ«الشرق الأوسط» إن المدينة الساحلية شهدت خلال الأيام الثلاثة الماضية نزوحا كثيفا للعائلات، وأضاف أن هناك مئات الأسر التي نزحت إلى خارج المدينة فمنها من سلك الطريق الرئيسي المؤدي إلى المعلا وخور مكسر، فيما أسر نزحت من التواهي إلى مدينة البريقة غربا وعلى متن قوارب صيد.
وكانت الميليشيات المتمردة قد سيطرت على جبل حجيف المشرف على التواهي، وذلك بعد أكثر من 3 أسابيع على فرضهم حصارا على المنطقة، ورفضها دخول المساعدات الإنسانية إلى المنطقة، فيما مصدر في المقاومة كان قد نفى أمس لـ«الشرق الأوسط» صحة هذه الأنباء القائلة باستيلاء ميليشيات الحوثي وصالح على الجبل المطل على مدن المعلا والتواهي والقلوعة، ونوه المتحدث بأن هذه الميليشيات ما زالت في أماكنها المتمثلة بمطاحن الغلال والفنادق المحيطة بمنطقة حجيف ومبنى الثروة السمكية، مؤكدا أن هذه الميليشيات عبارة عن قنّاصة تمركزت في المباني الحصينة إلى جانب امتلاكها عتادا ثقيلا يتموضع في جيوب معروفة ومحددة ويتم الاستعانة به في مواجهة المقاومة الشعبية التي ينقصها فقط السلاح الثقيل النوعي الذي بمقدوره قلب المعادلة وفي وقت قصير خاصة مع توافر البشر وكذا الروح المعنوية.
وفي محافظة أبين شرق عدن، قال مصدر في المقاومة الشعبية لـ«الشرق الأوسط» إن طيران التحالف قصف ظهر أمس الثلاثاء مواقع عدة بخط عقبة ثرة الرابط بين مديرتي مكيراس ولودر بأبين، وأضاف مصدر الصحيفة في أبين أن طائرة حربية قصفت المنعطف الأول والرابع في العقبة بأكثر من ثلاث غارات جوية، دون أن يحدد المصدر ما إذا كانت الغارة قد خلفت قتلى، وأشار المتحدث إلى أن المقاومة الشعبية في أبين خاضت أمس الثلاثاء اشتباكات مسلحة مع القوات الموالية للحوثيين بلودر، وأكد المصدر أن المقاومة الشعبية تمكنت من إخراج القوات الموالية للحوثيين من مدينة لودر وأن الاشتباكات اقتربت من جبل شروان المطل على المدينة. وعلى صعيد الخسائر البشرية أوضح مصدر طبي في صحة أبين لـ«الشرق الأوسط» أن تجدد أعمال القصف العبثي والعشوائي على الأحياء السكنية في لودر صباح أمس الثلاثاء، أسفر عن مقتل 4 أشخاص وإصابة 12 شخصا، جراء سقوط عدد من القذائف على منازلهم الواقعة وسط مدينة لودر بابين وأن جميع هذه الحالات من المدنيين. وأفاد الأهالي في المدينة لـ«الشرق الأوسط» أن القوات الموالية للحوثيين وصالح قصفت المدينة منذ يوم الاثنين وبشكل متواصل عقب مواجهات مسلحة بينها وبين المقاومة الشعبية.
وفي محافظة لحج شمال عدن، قال مصدر في المقاومة الشعبية بمحافظة لحج لـ«الشرق الأوسط» إن قوات صالح والحوثيين استهدفت الأبرياء والعزل في كل من الحوطة وكرش والمسيمير، كما تقوم هذه الميليشيات بممارسات قمعية وتصرفات استفزازية للمواطنين في الطرقات؛ إذ أقدمت على اعتقالات جماعية للمدنيين. ولفت المتحدث إلى أن المقاومة في لحج تتقدم في جبهات القتال في كل من الحوطة وتبن والمسيمير وكرش وبله، وأن هذه المقاومة كبدت الميليشيات خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، وأشار المصدر إلى أن من المطالب الملحة للمقاومة الشعبية هو التنسيق مع طيران التحالف وذلك بتكثيف ضرباته على مواقع ميليشيات الحوثي وقوات صالح وقطع إمداداتها وبما يسهل على المقاومة السيطرة على الأرض وملاحقة فلول الميليشيات وإخراجهم من محافظة لحج.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».