موسكو «تعاقب» بايدن وأركان إدارته... وترفض تأكيد واشنطن «سحق الاقتصاد الروسي»

المفاوضات مستمرة بالتوازي مع التصعيد العسكري... وإيران تدخل على خط الوساطة

موسكو «تعاقب» بايدن وأركان إدارته... وترفض تأكيد واشنطن «سحق الاقتصاد الروسي»
TT

موسكو «تعاقب» بايدن وأركان إدارته... وترفض تأكيد واشنطن «سحق الاقتصاد الروسي»

موسكو «تعاقب» بايدن وأركان إدارته... وترفض تأكيد واشنطن «سحق الاقتصاد الروسي»

أطلقت موسكو، أمس، رزمة غير مسبوقة من العقوبات ضد الإدارة الأميركية، في تطور حمل بعداً سياسياً رمزياً، وفق معلقين في روسيا، لكنه كان من وجهة نظرهم، ضرورياً في إطار سياسة المعاملة بالمثل. وأعلنت الخارجية الروسية، إدراج الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن على قائمة العقوبات. وأفادت في بيان، بأن «فرض عقوبات شخصية روسية ضد قادة أميركيين وأشخاص متصلين بالإدارة جاء رداً على سلسلة عقوبات غير مسبوقة، بما فيها تلك التي تحظر دخول كبار مسؤولي روسيا الاتحادية إلى أراضي الولايات المتحدة». وأكدت، أن قائمة الشخصيات الأميركية التي تخضع بدءاً من 15 مارس (آذار) لقيود روسية، بينها منع دخول الأراضي الروسية، تضم فضلاً عن الرئيس بايدن والوزير بلينكن، كلاً من وزير الدفاع لويد أوستن، ورئيس هيئة الأركان المشتركة مايك ميلي، ومسؤولين كبار آخرين في الإدارة. وتعمل موسكو في الوقت ذاته، على إعداد لائحة عقوبات مماثلة تستهدف شخصيات أوروبية.
وتزامن التطور، مع إعلان موسكو انسحابها من مجلس أوروبا، بعدما كان المجلس جمّد عضويتها أخيراً. وأعلن نائب رئيس مجلس الدوما الروسي بيوتر تولستوي، أن روسيا سلمت المجلس الأوروبي رسالة من وزير الخارجية سيرغي لافروف تتضمن إشعاراً بالانسحاب من المنظمة.
وأوضح، أن روسيا خرجت من مجلس أوروبا بإرادتها الخاصة، مشيراً إلى أن جميع المسؤوليات عن كسر الحوار مع مجلس أوروبا تقع على دول «الناتو».

في غضون ذلك، رفض الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، تصريحات ممثلة البيت الأبيض، جين بساكي، بشأن نجاح العقوبات الأميركية في «سحق الاقتصاد الروسي تماماً». وقال، إن الاقتصاد الروسي رغم أنه «يواجه صعوبات جدية»، لكنه قادر على تجاوز الأوضاع الحالية، مشيراً إلى «ميزات» بسبب العقوبات قد لا تكون ظاهرة، لكنها تدفع إلى تعزيز الاقتصاد الوطني وميله إلى الاعتماد على النفس. وزاد «هذه فرصة للتطور والتجديد وتحقيق قدر أكبر من الاستقلال وإنشاء صناعات جديدة وغير ذلك من الميزات». وفي ملف المفاوضات مع أوكرانيا، قال بيسكوف، إن «من المبكر الإفصاح عن مسار المفاوضات أو توقعات محددة بشأن نتائجها المحتملة». وزاد، أن وفدي البلدين «يقومان بعملهما وهو عمل صعب، وحقيقة أن المفاوضات متواصلة هو أمر إيجابي». في السياق، قال بيسكوف، إن إدارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي «لم تطلب خلال المفاوضات ترتيب اتصال مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين».
لكنه كرر الموقف الروسي المعلن حول أن «ترتيب لقاء بين الرئيسين أمر غير مستبعد، ولكن على وفدي البلدين والوزراء من الجانبين أن يبذلا جهوداً ليكون اللقاء المحتمل جوهرياً، وليس من أجل اللقاء بحد ذاته».
وكان زيلينسكي أعلن أول من أمس، أنه كلف الوفد الأوكراني طرح موضوع عقد لقاء رئاسي لتسوية الأزمة.
في الأثناء، أعلن مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخائيل بودولياك، أمس، أن الطرفين واصلا المشاورات أمس، عبر تقنية الفيديو كونفرنس. وكتب بودولياك في صفحته على «تليغرام»، «المفاوضات لا تزال مستمرة. تم استئناف المشاورات حول الأسس الرئيسية المطروحة للبحث، وهي المسائل العامة للتسوية ووقف إطلاق النار وانسحاب القوات الروسية من أراضي البلاد».
وتعد هذه النقاط التي تصرّ عليها كييف لإنجاح الحوار، في حين تطرح موسكو رزمة من المطالب في المقابل، بينها إعلان وقف القتال فوراً، والاعتراف بسيادة روسيا على القرم، والاعتراف باستقلال لوغانسك ودونيتسك، وتوثيق مبدأ الحياد في الدستور الأوكراني. في الأثناء، بدا أمس، أن إيران دخلت على خط الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، وأعلن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الذي يزور العاصمة الروسية، أن نظيره الأوكراني دميتري كوليبا طلب منه في اتصال هاتفي نقل رسالة إلى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تتعلق بالأزمة في أوكرانيا. وقال عبداللهيان، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، إن «المفاوضات التي جرت بين زميلي السيد لافروف ووزير خارجية أوكرانيا، بدأت في أنطاليا وتواصلت عبر تقنية الفيديو. نحن نؤيد ذلك». وزاد، أنه أجرى «مساء أمس (اول من أمس) محادثة مستفيضة مع وزير خارجية أوكرانيا. وطلب مني أن أنقل للسيد لافروف رسالة مفادها أن أوكرانيا تؤيد التركيز على التسوية السياسية».
وشكّل ملف الصراع في أوكرانيا محوراً أساسياً للمحادثات بين الوزيرين الروسي والإيراني. وأعرب لافروف عن «تقدير روسيا لموقف إيران الموضوعي» بشأن أحداث أوكرانيا.
في الوقت ذاته، بدا أن تركيا أيضاً تسعى لتنشيط دورها في هذا الملف، وبعدما كانت لعبت دوراً في عقد لقاء وزاري جمع لافروف ونظيره الأوكراني قبل أيام، أعلنت أنقرة أمس، عن زيارة لوزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، ينتظر أن تبدأ اليوم.
على صعيد آخر، حذر الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو أوكرانيا من رد فعل في حال تواصلت ما وصفها «الاستفزازات» ضد بلاده. وقال لوكاشينكو، إن صاروخاً باليستياً من طراز «توتشكا أو» تم إطلاقه من أراضي أوكرانيا باتجاه بيلاروسيا قبل يومين. وأوضح خلال اجتماع مع قادة وضباط هيئة أمن الدولة البيلاروسية أمس «لقد قلت لكم سابقاً إنه ستكون هناك محاولات لجرنا إلى هذه الحرب... ومما يدل على ذلك إطلاق صاروخ جديد باتجاه أراضينا، وهو صاروخ من طراز (توتشكا أو) أطلق ليلاً قبل يومين وجرى اعتراضه وتدميره فوق نهر بريبيات بنجاح بالتعاون مع زملائنا الروس». وزاد الرئيس البيلاروسي «ما معنى ذلك؟ هل يظنون أن بمقدورهم تدمير بيلاروسيا بصاروخ؟ هذا أمر مستحيل، لكن السبب كما يبدو السعي المتواصل لاستفزازنا وحملنا على خطوات جوابية. لكننا لسنا حمقى إلى هذا الحد، وإذا قررنا أن نرد، فسيكون ردنا قوياً وسيشعر به الجميع. لكننا ما زلنا صابرين».
اللافت، أن تصريحات لوكاشينكو جاءت بعد يوم من إعلان سلطات دونيتسك، أن 20 شخصاً بينهم أطفال لقوا حتفهم نتيجة هجوم شنته القوات الأوكرانية باستخدام صاروخ من الطراز نفسه على مدينة دونيتسك. وكان الكرملين، أمس، ندد بـ«تجاهل العالم الغربي لهذا الهجوم ضد المدنيين».
وفي إطار مسار التصعيد المتواصل على خلفية الحرب الأوكرانية، لوح دميتري روغوزين، المدير العام لوكالة الفضاء الروسية «روس كوسموس» إلى احتمال أن تستخدم روسيا محطتها المدارية الجديدة لأغراض عسكرية «في ظل الوضع الجيوسياسي المعادي للبلاد». وتعد هذه أول إشارة روسية إلى احتمال استخدام الفضاء في المواجهة المتصاعدة بين روسيا والغرب. علماً بأن موسكو كانت تندد باستمرار في السابق بـ«سعي واشنطن إلى عسكرة الفضاء».
في الأثناء، أعلن سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي، نيقولاي باتروشيف، أن لدى بلاده معلومات تؤكد ضلوع أوكرانيا في تنفيذ برامج بيولوجية عسكرية بمشاركة مستشارين أجانب وتمويل أميركي.
وجاء تجديد الاتهامات الروسية لكييف وواشنطن خلال اجتماع أمني أمس، وقال باتروشيف، إن عدداً كبيراً من المستشارين الأجانب، ممن استقروا على أراضي أوكرانيا، «يثيرون باستمرار تهديدات جديدة للأمن القومي الروسي».
وتابع باتروشيف، أن «التمدد النشط لحلف (الناتو)، وتطوير البنى التحتية العسكرية بالقرب من حدود روسيا، وتدمير نظام الحد من التسلح، ثم تطوير أراضي أوكرانيا كمسرح محتمل لعمليات عسكرية، هذا كله ما أدى في النهاية إلى الأزمة الأمنية في أوروبا».
ميدانياً، تواصل التصعيد العسكري حول المدن الأوكرانية بالتوازي مع استمرار المفاوضات الجارية بين الطرفين. وشهدت العاصمة كييف تعزيزا للهجمات الصاروخية في محيطها، واستمرار القصف على مناطق في داخلها؛ ما دفع إلى فرض نظام منع التجول في أنحائها. تزامن هذا، مع إعلان القوات الروسية فرض سيطرة كاملة في مقاطعة خاريسون؛ ما يعني توسيع مساحة المناطق التي باتت في قبضة الروس في محيط المدينة التي كانت موسكو أعلنت أول من أمس، عن إحكام السيطرة عليها.
في الوقت ذاته، بدا أن موسكو نجحت بالتعاون مع القوات الانفصالية في مناطق الجنوب من توسيع مساحة تقدمها حول ماريوبول وفي بعض أحياء المدينة المحاصرة منذ نحو أسبوعين. وقال رئيس دونيتسك دينيس بوشيلين، إن قواته «تمكنت من التقدم بشكل كبير في مدينة ماريوبول».
موضحاً أنه «لدينا تطور جدي نسبياً خلال الليلة الماضية، مع الأخذ بالاعتبار أن ماريوبول مدينة كبيرة». ووفقاً له، لم يتبق لدى القوات والفصائل الأوكرانية، إلا القليل من الإمكانات لنقل الذخيرة والأسلحة والمؤن إلى هذه المدينة. وشدد على أنه «في ماريوبول، تم قطع جميع الإمدادات من فترة بعيدة نسبياً، ويبدو ذلك واضحا من طبيعة تصرفات العدو». وأقر في الوقت ذاته، بوقوع خسائر كبيرة في صفوف قواته، وزاد «الحرب كالعادة تترافق بالخسائر، وللأسف تحدث خسائر من جانبنا أيضاً. لكن هذا لا يوقفنا بأي حال من الأحوال، بل يجعلنا نتحرك بشكل أكثر كثافة». وشدد بوشيلين، على أن المعارك «لا تزال ضارية هناك، ويتم تطهير المدينة بوتيرة مستمرة».


مقالات ذات صلة

روسيا: قصف كييف يأتي رداً على هجوم بصواريخ أميركية

أوروبا رجال الإطفاء يظهرون في موقع تعرض لهجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

روسيا: قصف كييف يأتي رداً على هجوم بصواريخ أميركية

ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن هجوماً صاروخياً أسفر عن مقتل أربعة أشخاص في كييف، خلال الليل، جاء رداً على هجوم أوكراني في وقت سابق من الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ الاستعدادات جارية لحفل تنصيب ترمب أمام مبنى الكابيتول في 12 يناير 2025 (أ.ف.ب)

ترمب في عهده الثاني: نسخة جديدة أم تكرار لولايته الأولى؟

يأمل كبار السياسيين بواشنطن في أن تكون إدارة دونالد ترمب الثانية مختلفة عن الأولى، وأن يسعى لتحقيق توازن في الحكم ومدّ غصن زيتون للديمقراطيين.

رنا أبتر (واشنطن)
أوروبا أفراد من القوات العسكرية البولندية خلال العرض العسكري لإحياء ذكرى انتصار بولندا على الجيش الأحمر السوفياتي عام 1920 في وارسو 15 أغسطس 2023 (رويترز)

كيف تستعد بولندا لإعادة التسلح الأوروبي؟

بوصفها «أفضل طالب» في حلف الناتو، تحاول بولندا إشراك شركائها في مواجهة تحدي زيادة الإنفاق الدفاعي ومواجهة التهديد الروسي، حسب تقرير لصحيفة «لوفيغارو».

«الشرق الأوسط» (وارسو)
أوروبا خلال إطلاق صاروخ «أتاكمز» الأميركي الصنع نحو مياه البحر الشرقي قبالة كوريا الجنوبية في 5 يوليو 2017 (رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا باستخدام صواريخ «أتاكمز» الأميركية مجدداً وتتوعد بالرد

قالت وزارة الدفاع الروسية، الجمعة، إن أوكرانيا شنت هجوماً على منطقة بيلغورود بـ6 صواريخ «أتاكمز» أميركية الصنع، الخميس.

«الشرق الأوسط» (موسكو )
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ماريندرا مودي (رويترز)

تقرير: مقتل هندي في حرب أوكرانيا يجدد التوترات بين نيودلهي وموسكو

سلطت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية الضوء على قضية الهنود الذين يقتلون خلال قتالهم مع الجيش الروسي في حربه ضد أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الأمطار الغزيرة تقطع الكهرباء عن آلاف الأستراليين

شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
TT

الأمطار الغزيرة تقطع الكهرباء عن آلاف الأستراليين

شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)

انقطعت الكهرباء عن عشرات الآلاف من الأشخاص في ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية اليوم (السبت) بعد أن جلب نظام ضغط منخفض رياحاً مدمرة وأمطاراً غزيرة، مما أثار تحذيرات من حدوث فيضانات، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقالت شركة الكهرباء «أوسجريد» على موقعها الإلكتروني صباح اليوم إن الكهرباء انقطعت عن نحو 28 ألف شخص في سيدني، عاصمة الولاية وأكبر مدينة في أستراليا، كما انقطعت الكهرباء عن 15 ألف شخص في مدينة نيوكاسل القريبة ومنطقة هانتر.

وكشف جهاز خدمات الطوارئ بالولاية على موقعه الإلكتروني أنه تلقى ألفين و825 اتصالاً طلباً للمساعدة منذ أمس (الجمعة)، معظمها يتعلق بأشجار متساقطة وممتلكات تضررت بسبب الرياح.

وذكرت هيئة الأرصاد الجوية في البلاد أن تحذيرات من الفيضانات والرياح المدمرة والأمطار الغزيرة صدرت في العديد من أجزاء الولاية، مضيفة أن من المحتمل أن تهب رياح تصل سرعتها إلى 100 كيلومتر في الساعة فوق المناطق الجبلية.

وأشارت وسائل إعلام محلية إلى أن هذه التحذيرات تأتي بعد أن تسببت العواصف في الأسبوع الماضي في سقوط الأشجار وخطوط الكهرباء وتركت 200 ألف شخص من دون كهرباء في نيو ساوث ويلز.