«الجيش الوطني» الليبي يطالب «الوحدة» بتسليم السلطة

محادثات مصرية ـ أميركية بشأن حلحلة الأزمة السياسية في البلاد

«الجيش الوطني» طالب حكومة «الوحدة» بتسليم السلطة إلى فتحي باشاغا (رويترز)
«الجيش الوطني» طالب حكومة «الوحدة» بتسليم السلطة إلى فتحي باشاغا (رويترز)
TT

«الجيش الوطني» الليبي يطالب «الوحدة» بتسليم السلطة

«الجيش الوطني» طالب حكومة «الوحدة» بتسليم السلطة إلى فتحي باشاغا (رويترز)
«الجيش الوطني» طالب حكومة «الوحدة» بتسليم السلطة إلى فتحي باشاغا (رويترز)

انضم «الجيش الوطني» الليبي، المتمركز في شرق البلاد بقيادة المشير خليفة حفتر، إلى قائمة المطالبين حكومة «الوحدة الوطنية» بتسليم السلطة للحكومة الجديدة، وقال مسؤول توجيهه المعنوي، اللواء خالد المحجوب: «ندعم تسلم حكومة باشاغا الحكم لأننا ندعم الشرعية»، لافتاً إلى أن «هذه مسألة لا نقاش فيها».
واعتبر المحجوب في تصريحات له، أمس، أنه من الصعب إخراج المقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية في غياب حكومة داعمة لذلك، واتهم حكومة «الوحدة» بأنها كانت طرفاً في الصراع ومنحازة بشكل واضح.
في مقابل ذلك، أكد عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، مجدداً تمسكه بالبقاء في السلطة إلى حين إجراء الانتخابات، التي اقترحها منتصف العام الجاري.
وقال الدبيبة إن المشكلة ليست في شخص غريمه فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار»، بل في مجلس النواب، الذي «يريد التمديد لنفسه»، وشدد على أنه لن يسلم السلطة إلا لحكومة يختارها البرلمان القادم».
ورغم أنه أقر في تصريحات لقناة تركية بصعوبة إجراء انتخابات دون دستور أو قاعدة دستورية، فقد أوضح الدبيبة أن حكومته تسعى لاستكمال القاعدة الدستورية للانتخابات البرلمانية في يونيو (حزيران) المقبل، على أن يتم لاحقاً إجراء الانتخابات الرئاسية.
ودافع الدبيبة عن منجزات حكومته منذ أن تولت مهامها قبل نحو عام، بقوله: «لم تحدث أي حرب في ليبيا، وحققنا أكبر نمو اقتصادي منذ 15 سنة».
وكان الدبيبة قد سعى لمغازلة الرأي العام المحلي مجدداً، عبر التلويح بالمساعدات والمنح بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك، حيث أصدر تعليماته لوزيري المالية والشؤون الاجتماعية بصرف منحة الزوجة والأبناء لمدة تسعة. وأبدى في كلمة مصورة، مساء أول من أمس، رغبته في إسعاد الليبيين، ومساعدتهم على التفرغ للعبادات في الشهر الفضيل، بدلاً من القتل والدمار والحرب، على حد قوله.
كما أصدر الدبيبة، عقب اجتماعه مساء أول من أمس، مع أعيان مدينة سرت تعليماته لصندوق إعمار سرت بالبدء في صرف بدل إيجار نحو 1200 عائلة عن العام الماضي، وتكليف مكاتب استشارية تتولى أعمال الحصر والتقييم، والبدء في إزالة كافة الركام بالمدينة.
إلى ذلك، بدأ السفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، محادثات مع كبار المسؤولين المصريين لمناقشة كيفية المضي قدماً في ليبيا، وكيف يمكن لمصر والولايات المتحدة، كشريكين، العمل مع جميع الأطراف لدعم تطلعات الليبيين لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في أقرب وقت ممكن. وتزامن ذلك مع انتشار معلومات غير رسمية، أمس، تؤكد وصول باشاغا إلى القاهرة، لكن مصادر مقربة منه نفت لوسائل إعلام محلية صحتها.
وكان نورلاند قد وصف في تصريحات تلفزيونية، مساء أول من أمس، التقارير عن خطط أميركية لتمديد ولاية حكومة الدبيبة بأنها غير صحيحة، ونفى وجود أي مبادرة أميركية بشأن المحادثات بين الدبيبة وباشاغا، أو تحديد لموعدها ومكانها، واعتبر أنهما أظهرا مؤشرات على عدم الرغبة في التصعيد، لكن الوضع لا يزال متوتراً في ليبيا.
وبعدما وصف الوضع المتعلق بروسيا في ليبيا بأنه مؤسف، نفى نورلاند علمه بخروج «المرتزقة» من ليبيا إلى روسيا أو أوكرانيا، التي قال إن استقدام مجموعات «المرتزقة» إليها قد يساعد في تسلل الإرهابيين إلى أوروبا، مؤكداً دعم بلاده لجهود اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» لانسحاب كافة المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا.
كما جدد السفير الأميركي دعوته لإجراء الانتخابات بأسرع ما يمكن، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة هي التي تسهل عملية الانتخابات، وطالب بإعادة فتح المجال الجوي للرحلات الداخلية في ليبيا، وتوحيد المؤسسات.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.