صنعاء تنذر بالانفجار... والحوثيون يستنفرون أمنياً ويعتقلون العشرات

TT

صنعاء تنذر بالانفجار... والحوثيون يستنفرون أمنياً ويعتقلون العشرات

مع تنامي النقمة الشعبية ضد الميليشيات الحوثية على وقع أزمة وقود خانقة وارتفاع جنوني في أسعار السلع، وزيادة الجبايات، تصاعدت الدعوات لثورة شعبية ضد سلطة الميليشيات فيما نفذت مخابراتها حملة اعتقالات طالت العشرات من الشبان في العاصمة صنعاء، على خلفية الشعارات المناهضة التي كتبت على الجدران المطالبة برحيلها.
في السياق نفسه أعلن جهاز مخابرات الميليشيات حالة الاستنفار القصوى مع الحديث عن مخطط لتفجر الأوضاع داخلياً وذلك في خطوة هدفها إرهاب السكان ومنعهم من التعبير عن غضبهم من سوء الأوضاع التي يعيشونها.
ووفق ما قاله سكان في العاصمة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» فإن عناصر المخابرات الحوثية وبالتعاون مع ما تسمى اللجان المجتمعية وهي عناصر مخابراتية تعمل في الأحياء السكنية أقدمت على اعتقال العشرات من الشبان في الأحياء التي ظهرت فيها هذه الشعارات حيث داهم عناصر المخابرات المقنعون عدداً من المنازل التي تمت الوشاية بسكانها.
واستهدفت الحملة - بحسب المصادر - أحياء مديرية السبعين في جنوب العاصمة، حيث اقتيد المعتقلون إلى أماكن مجهولة دون أن تعرف أسرهم عنهم شيئاً، وذلك بعد أيام من انتشار شعارات من قبيل: «ارحل يا حوثي،» و«الشعب اليمني ليس ملكاً لإيران»، و«لا يوجد سادة وعبيد» في أحياء المدينة التي يعاني سكانها من أوضاع معيشية بائسة وأزمة خانقة جراء انعدام وقود السيارات وغاز الطبخ المنزلي وبيعها في السوق السوداء بثلاثة أضعاف سعرها.
هذه الحملة ترافقت واتساع رقعة النقمة الشعبية تجاه الميليشيات، وفشل الجماعة في امتصاص الغضب الشعبي عن طريق تسيير عدد محدود من الحافلات المجانية لنقل الطلاب إلى الجامعات وبعض الأحياء، حيث واجه السكان عناصر الميليشيات بغضب غير مسبوق وفق ما قاله شهود لـ«الشرق الأوسط» حيث تعرض العناصر الذين يتولون تنظيم عمل تلك الحافلات للشتم والاتهام باللصوصية والفساد.
وبحسب ما ذكره الشهود فإن الحركة في العاصمة صنعاء لا تزال شبه مشلولة للأسبوع الثالث على التوالي بسبب انعدام الوقود ورفع أسعاره بنسبة وصلت إلى 43‎ في المائة في حين أن سعره في السوق السوداء التي يديرها قادة الميليشيات بلغ ثلاثة أضعاف السعر الرسمي.
وفي حين تستمر الميليشيات في منع دخول المشتقات النفطية من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، امتدت حالة الغضب إلى شخصيات كانت تؤيد الميليشيات حيث قال القاضي عبد الوهاب قطران والذي كان من أبرز المناصرين لها إنه «منتظر أسطوانة الغاز المنزلي عبر مسؤول الحي منذ شهر ونصف الشهر وإنه أبلغ بموعد تسلمها ولكنه لا يمتلك قيمتها المحددة بـ6آلاف ريال».
وأضاف قطران في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي: «هكذا صار حالي وحال السواد الأعظم من الشعب، اليوم، لا نستطيع شراء السلع الضرورية بسبب غلائها الفاحش وانقطاع المرتبات». وقال: «الوضع خطير جداً جداً، الجمر يشتعل تحت الرماد، المزاج الشعبي غاضب ومحتقن ولو وجد من يشعل الشرارة ستندلع ثورة جياع عارمة مجنونة».
وأشار إلى أن الشعارات التي انتشرت على الشوارع منادية بالرحيل، يجب أن تؤخذ بجدية، ونبه إلى وجود «حالة ثورية غير مسبوقة، واحتقان وغليان وتذمر وجوع وغضب». وطالب قادة الميليشيا بالإسراع «لانتزاع الفتيل قبل فوات الأوان، وإلغاء الزيادة في أسعار الوقود والغاز، وصرف مرتبات الموظفين تحسباً لما وصفه بـ«الانفجار العظيم». وقال: «لا تستخفوا بالشعب ولا تستهينوا بأوجاع الناس».
وفي مسعى لإخافة السكان ومنع الانفجار وزعت ميليشيات الحوثي على السكان بياناً منسوباً إلى جهاز الأمن والمخابرات التابع لها تحدث عن مخطط لإقلاق السكينة مع استغلال أزمة المشتقات النفطية وهدد بأنه سيضرب بيد من حديد على كل من يحاول زعزعة الجبهة الداخلية.
ودعا البيان الحوثي أتباع الميليشيات إلى «التأهب لأي طارئ ووضع اليد على الزناد للتصدي لأي منافق وخائن»، وطالبهم في أي محافظة ومربع وحارة بالإبلاغ عن أي «تحركات مشبوهة بأي شكل من الأشكال»، عبر رقم مجاني خصص لهذا الغرض.
هذه التطورات ترافقت وزيادة كبيرة في أسعار المواد الغذائية في مناطق سيطرة الميليشيات، حيث أفاد سكان أن سعر السكر زاد بمبلغ سبعة آلاف ريال خلال هذا الأسبوع، كما زادت أسعار الأرز بمبلغ عشرة آلاف ريال، فيما زاد سعر الطحين بمبلغ أربعة آلاف ريال، حيث أعاد التجار أسباب هذا الارتفاع إلى الحرب في أوكرانيا.
من جهته ذكر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أنه واعتباراً من الشهر الحالي تأثر 10.9 مليون شخص من تخفيض المساعدات الغذائية، كما أن برامج التغذية التي ينفذها برنامج الأغذية العالمي ستخفض ومن المرجح أن يتم تعليقه اعتباراً من شهر مايو (أيار) المقبل وذلك سيؤثر على نحو 2.5 مليون من الأمهات المرضعات والأطفال.
وقال البيان إنه وبدون 32 مليون دولار من التمويل العاجل لتغطية الأشهر الثلاثة المقبلة، لن تتمكن اليونيسيف من مواصلة علاج الأطفال دون سن الخامسة الذين يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم، في حين سيتم تعليق خدمات التغذية الوقائية لـ880 ألف طفل دون سن الخامسة و440 ألف امرأة حامل ومرضعة.
ووفق ما قاله مكتب الشؤون الإنسانية فإن هناك حاجة ماسة إلى دعم إضافي للحفاظ على برامج المساعدة الحيوية الأخرى، مثل خدمات المياه والصرف الصحي، التي تواجه الإغلاق في 15 مدينة في جميع أنحاء اليمن، ما يؤثر على 4.6 مليون شخص، ومساعدة الإيواء لنحو 400 ألف نازح.
وأكد المكتب الأممي أن العمل الإغاثي حقق مكاسب كبيرة خلال العام الماضي، حيث وصلت المساعدات إلى 11.6 مليون شخص في المتوسط بمساعدات منقذة للحياة كل شهر. وبفضل التمويل الذي تم تلقيه في منتصف العام، تمكنت وكالات الإغاثة من استئناف الحصص الغذائية الكاملة لمن هم في أمس الحاجة إليها، والوصول إلى 13 مليون شخص بالمساعدات كل شهر، وتوسيع نطاق التدخلات التغذوية.


مقالات ذات صلة

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
TT

بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)

أكد رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك تطلع حكومته للتفاعل الإيجابي مع التكتل السياسي الحزبي الجديد للقوى اليمنية الذي أُشهر من العاصمة المؤقتة عدن، وقال إن الحرب الحوثية الاقتصادية باتت أشد أثراً على معيشة اليمنيين من الصراع العسكري.

وكانت الأحزاب والقوى اليمنية قد أشهرت، الثلاثاء، تكتلاً حزبياً واسعاً في عدن هدفه العريض استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي والحفاظ على الجمهورية وفق دولة اتحادية.

بن مبارك تعهد بالاستمرار في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في حكومته (سبأ)

وقال بن مبارك: «ننظر لهذا التكتل على أنه صوت جديد، ورؤية متجددة، وأداة للتغيير البناء وجهد بارز في السياق الوطني يضاف للجهود التي تسعى لرص الصفوف وتهيئة السبل لإنقاذ اليمن من براثن ميليشيا الحوثي».

وأضاف أن حكومته «تتطلع وبانفتاح كامل للتفاعل إيجابياً» مع هذا التكتل الحزبي وبما يقود لتوحيد الجهود لاستكمال استعادة الدولة وهزيمة الانقلاب وتحقيق السلام.

وشدد رئيس الوزراء اليمني على ضرورة تكاتف الجهود في إطار رؤية وطنية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقرار، وتعزيز السيادة، وبناء يمن اتحادي موحد وقوي، وقال: «ندرك جميعاً التحديات، ونعلم أن الطريق لن يكون سهلاً، ولكن بإيماننا العميق بقضيتنا وبإرادة أبناء شعبنا، يمكننا أن نصنع الفارق».

حرب الاقتصاد

استعرض رئيس الحكومة اليمنية الحرب الاقتصادية الحوثية وقال إن آثارها التدميرية «تتجاوز الآثار الناتجة عن الصراع العسكري»، مشيراً إلى أنها أضرت بحياة المواطنين وسبل عيشهم، واستنزفت موارد البلاد، وتسببت بارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وانهيار الخدمات الأساسية.

ورأى بن مبارك أن ذلك «يتطلب توحيد الصفوف ودعم مؤسسات الدولة، لمواجهة هذه الحرب الاقتصادية وحماية الاقتصاد الوطني والتخفيف عن المواطنين الذين يتحملون أعباء كبيرة».

جانب من حفل إشهار التكتل الجديد للقوى والأحزاب اليمنية (سبأ)

وقال: «الحرب الاقتصادية المستمرة التي تشنها ميليشيات الحوثي، إلى جانب استهدافها المنشآت النفطية، أثرت بشكل كبير على استقرار الاقتصاد اليمني وأسهمت في التدهور السريع لسعر صرف العملة الوطنية، وتقويض قدرة الحكومة على الحفاظ على استقرار العملة، ونتيجة لذلك، واجه الريال اليمني انخفاضاً كبيراً في قيمته، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتفاقم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الملايين في جميع أنحاء البلاد».

وأكد بن مبارك أن إعادة تصدير النفط ورفد الخزينة العامة بالعملة الصعبة حق من حقوق الشعب يجب العمل على انتزاعه وعدم السماح للحوثيين باستمرار عرقلة الاستفادة من هذا المورد الذي يعد العصب الرئيسي للاقتصاد الوطني.

وأوضح أن حكومته تمضي «بكل جدية وتصميم» لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في جميع مؤسسات الدولة، وإرساء ثقافة النزاهة واحترام القانون، وأنها ستقوم باتخاذ خطوات عملية لتقوية الأجهزة الرقابية وتفعيل آليات المحاسبة.

تكتل واسع

كانت القوى اليمنية قد أشهرت من عدن «التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية» عقب سلسلة لقاءات تشاورية، توصلت إلى إعلان التكتل الجديد الذي يضم نحو 22 حزباً ومكوناً سياسياً وإقرار لائحته التنظيمية.

وتم التوافق على أن تكون رئاسة التكتل في دورته الأولى لحزب «المؤتمر الشعبي»، حيث سمى الحزب أحمد عبيد بن دغر رئيساً للمجلس الأعلى للتكتل في هذه الدورة.

وبحسب بيان الإشهار، يلتزم التكتل بالدستور والقوانين النافذة، والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، والعدالة والمواطنة المتساوية، إضافة إلى التوافق والشراكة والشفافية والتسامح.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك مع رئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر (سبأ)

كما يضع التكتل برنامجاً سياسياً لتحقيق عدد من الأهداف؛ بينها استعادة الدولة وتوحيد القوى الوطنية لمواجهة التمرد وإنهاء الانقلاب وحل القضية الجنوبية بوصفها قضية رئيسية ومفتاحاً لمعالجة القضايا الوطنية، ووضع إطار خاص لها في الحل السياسي النهائي، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام.

ويؤكد برنامج عمل التكتل على دعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على التراب الوطني كافة، ومساندة الحكومة في برنامجها الاقتصادي لتقديم الخدمات ورفع المعاناة عن كاهل المواطنين، وعودة جميع مؤسسات الدولة للعمل من العاصمة المؤقتة عدن.

وأكد بيان الإشهار أن هذا التكتل باعثه الأساسي هو تعزيز الاصطفاف الوطني من أجل إنهاء انقلاب الحوثيين واستعادة الدولة، وأنه ليس موجهاً ضد أحد من شركاء العمل السياسي.