ميلانو تستضيف المهرجان الدولي للغة والثقافة العربية

ميلانو تستضيف المهرجان الدولي للغة والثقافة العربية
TT

ميلانو تستضيف المهرجان الدولي للغة والثقافة العربية

ميلانو تستضيف المهرجان الدولي للغة والثقافة العربية

تفتتح في السابع عشر من هذا الشهر في مدينة ميلانو الإيطالية، الدورة الخامسة من المهرجان الدولي للغة والثقافة العربية، الذي تشارك في تنظيمه ثلاث مؤسسات: معهد بحوث اللغة العربية (CARA)، ومركز خدمات اللغة بالجامعة (SeLdA)، التابعان للجامعة الكاثوليكية بميلانو، وهيئة الشارقة للكتاب.
ويستمر المهرجان ثلاثة أيام. وقد خصصت عدة جلسات فيه لـ«المعجم التاريخي للغة العربية». وكان الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم إمارة الشارقة، الذي سيقدم المحاضرة الافتتاحية للمهرجان، قد أعلن عن إنجاز الأجزاء الأولى من هذا المعجم التاريخي في معرض الشارقة الدولي للكتاب، قبل عامين. ويؤرخ المعجم للمرة الأولى لمفردات لغة الضاد وتحولات استخدامها عبر الـ17 قرناً الماضية.
كانت محاولة إنجاز المعجم قد بدأت عام 1932 في عهد الملك فاروق الأول، حينما أصدر مرسوماً لتأسيس المجمع العربي للغة العربية في القاهرة، لكن المشروع الكبير تعثر بسبب ضخامة التراث العربي، والتكلفة المادية الباهظة، وحجم المشروع الذي يمتد من الفترة التاريخية التي تسبق العصر الإسلامي، تقريباً من فترة قبائل عاد وثمود ولغات أهل جديس وطسم وحمير، مروراً بالتراث والأشعار الجاهلية، وتوالي العصور الإسلامية، وصولاً إلى العصر الحديث، وغيرها من العوائق المعاصرة، ومنها الحرب العالمية الثانية، وحرب 1948، وشح الموارد، وعدم الجدية في المضي قدماً بمشروع عملاق كهذا.
وسيتضمن المهرجان كلمات افتتاحية للدكاترة: فرانكو أنيلي، رئيس الجامعة الكاثوليكية، وجوفاني جوبر، رئيس كلية اللغات والآداب، الجامعة الكاثوليكية بميلانو، وأحمد بن ركاض العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب.
وستنظم في اليوم التالي ثلاث جلسات: الأولى بعنوان «المعجم التاريخي: تشابك اللغات والثقافات».
تدير الجلسة د إيزابيللا كاميرا دافليتو، جامعة لا سابيينزا بروما، ويشارك فيها الدكاترة: جوفاني جوبر، الجامعة الكاثوليكية بميلانو، وصلاح فضل، رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة، مصر، وبيرنار سيركيليني، الوكالة الجامعية للدول الناطقة بالفرنسية، الحاصل على وسام الجمهورية الفرنسية للفنون والآداب، ومحمد صافي مستغانمي، الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة، الإمارات العربية المتحدة.
وسيكون موضوع الجلسة الثانية: «المعجم التاريخي: نماذج ومناهج»، تديرها د. ماريا كريستيانا جاتي، مديرة مركز بحوث اللغة العربية (CARA)، الجامعة الكاثوليكية. ويشارك فيها الدكاترة إيلتون بريفتي، جامعة ميونيخ، أكاديميا ديلا كروسكا للغة الإيطالية، وبكري محمد الحاج، رئيس معهد الخرطوم الدولي للغة العربية، ومأمون وجيه، جامعة الفيوم (مصر) المدير العلمي للمعجم التاريخي للغة العربية، ومارتينو دياز، كلية الآداب واللغات الأجنبية الجامعة الكاثوليكية.
أما الجلسة الثالثة، فستتناول «علم أصول الكلمات والدراسات في علم المصطلحات». تدير الجلسة: د. ماريا تيريزا زانولا، رئيس المجلس الأوروبي للغات، كلية الآداب واللغات الأجنبية بالجامعة الكاثوليكية، ويشارك فيها الدكاترة: مانويل سيليو كونسَيساو، (جامعة ألغارفي/الغرب، البرتغال) وفرانكو ألتيماري (أكاديميا العلوم بألبانيا)، وعبد الفتاح الحمجري، مدير مكتب تنسيق التعريب بالرباط، جامعة الدار البيضاء، والنحوي الخليل، رئيس مؤسس لمجلس اللسان العربي بموريتانيا.
وستعقد في اليوم التالي جلسة رابعة تحت عنوان «الأدب وتاريخية اللغة»، يديرها: د. وائل فاروق، كلية الآداب واللغات الأجنبية، الجامعة الكاثوليكية. ويشارك فيها صبحي حديدي، ناقد أدبي ومترجم (سوريا / فرنسا)، ود. فواز طرابلسي، مؤرخ، كاتب وصحافي، الجامعة الأميركية ببيروت (لبنان) ود. سعد البازعي، أستاذ متفرغ للأدب المقارن بجامعة الملك سعود (المملكة العربية السعودية) ود. باولو داكيلي، جامعة روما الثالثة، أكاديميا ديلا كروسكا للغة الإيطالية.
وستناقش الجلسة الخامسة، التي تديرها د. فرانشيسكا كوراو، جامعة «لويس - جويدو كارلي» بروما، «معجم الكينونة بين اللغة والشعر»، ويشارك فيها عبد الله ثابت، شاعر وكاتب سعودي، وأحمد عبد الحسين وادي، شاعر وصحافي عراقي، ورامي يونس (أمارجي)، شاعر ومترجم سوري، وگاصد محمد، شاعر ومترجم عراقي.
وسيصاحب المهرجان معرض للكتاب العربي، بالتعاون مع دار المتوسط – ميلانو، ومعرض للخط العربي، وعرض فيلم «هيبتا» للمخرج هادي الباجوري. الفيلم مدبلج باللغة الإيطالية.



قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية
TT

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

كانت الأراضي الفلسطينية طوال آلاف السنين مقراً وممراً للعديد من الحضارات العريقة التي تركت وراءها آلاف المواقع الأثريّة ذات الأهميّة الفائقة، ليس في تاريخ المنطقة فحسب، بل ومُجمل التجربة البشرية. وقد أصبحت المواقع بمحض القوة بعد قيام الدولة العبرية عام 1948 خاضعة لسلطة دائرة الآثار الإسرائيلية، التي لا تدخر وسعاً في السعي لتلفيق تاريخ عبراني لهذه البلاد، وإخفاء ما من شأنه أن يتعارض مع سرديات الحركة الاستعماريّة الصهيونيّة عنها.

على أن أراضي الضفة الغربيّة التي احتُلَتْ عام 1967 وتحتوى على ما لا يَقِلُّ عن 6 آلاف موقع أثَري ظلّت قانونياً خارج اختصاص دائرة الآثار الإسرائيلية، بينما تمّ بعد اتفاق أوسلو بين الدولة العبريّة ومنظمة التحرير الفلسطينية في 1995 تقاسم المنطقة لناحية اللقى والحفريات بشكل عشوائيّ بين السلطة الفلسطينية ووحدة الآثار في الإدارة المدنية الإسرائيلية، وفق تقسيمات الأراضي الثلاث المعتمدة للحكم والأمن (أ- سلطة فلسطينية، باء: سيطرة مدنية فلسطينية وسيطرة أمنية مشتركة مع الجانب الإسرائيلي، ج: سيطرة إسرائيلية تامة).

ويبدو أن غلبة التيار اليميني المتطرّف على السلطة في الدّولة العبريّة تدفع الآن باتجاه تعديل قانون الآثار الإسرائيلي لعام 1978 وقانون سلطة الآثار لعام 1989 بغرض تمديد صلاحية سلطة الآثار لتشمل مجمل الأراضي الفلسطينية المحتلّة عام 1967، بينما سيكون، حال إقراره، انتهاكاً سافراً للقانون الدّولي الذي يحظر على سلطات الاحتلال القيام بأنشطة تتعلق بالآثار ما لم تتعلق بشكل مباشر باحتياجات السكان المحليين (في هذه الحالة السكان الفلسطينيين).

ولحظت مصادر في الأرض الفلسطينية المحتلّة بأن الأوضاع الأمنيّة في الضفة الغربيّة تدهورت بشكل ملحوظ منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2023، وكثّفت السلطات الإسرائيليّة من توسعها الاستيطاني بشكل غير مسبوق منذ ثلاثة عقود، ورفعت من وتيرة هجماتها على بؤر المقاومة، وأطلقت يد المستوطنين اليهود كي يعيثوا فساداً في القرى والبلدات العربيّة تسبب بهجرة آلاف الفلسطينيين من بيوتهم، مما يشير إلى تكامل الجهد العسكري والاستيطاني مع التعديلات القانونية المزمعة لتحضير الأرضية المناسبة لتنفيذ النيات المبيتة بتهويد مجمل أراضي فلسطين التاريخيّة.

ويأتي مشروع القانون الذي قدمه عضو الكنيست عن حزب الليكود اليميني أميت هاليفي، في أعقاب حملة استمرت خمس سنوات من قبل رؤساء المجالس الإقليمية للمستوطنين ومنظمات مثل «حراس الخلود» المتخصصة في الحفاظ على ما يزعم بأنه تراث يهودي من انتهاكات مزعومة على أيدي العرب الفلسطينيين. وتردد الحملة أكاذيب مفادها أن ثمة مواقع في الضفة الغربية لها أهمية أساسية بالنسبة إلى ما أسمته «التراث اليهودي»، وخلقت انطباعاً بوجود «حالة طوارئ أثرية» تستدعي تدخل الدّولة لمنع الفلسطينيين من «نهب وتدمير آثار المواقع اليهودية ومحاولاتهم المتعمدة لإنكار الجذور اليهودية في الأرض» – على حد تعبيرهم.

وكانت اللجنة التشريعية الحكوميّة قد وافقت على التعديل المقترح لقانون الآثار، وأرسلته للكنيست الإسرائيلي (البرلمان) لمراجعته من قبل لجنة التعليم والثقافة والرياضة التي عقدت اجتماعها في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وذلك تحضيراً لعرضه بالقراءة الأولى و«التصويت» في الكنيست بكامل هيئته خلال وقت قريب.

وبينما اكتفت السلطة الفلسطينية والدول العربيّة بالصمت في مواجهة هذه الاندفاعة لتعديل القانون، حذرّت جهات إسرائيلية عدة من خطورة تسييس علم الآثار في سياق الصراع الصهيوني الفلسطيني، واعتبرت منظمة «إيميك شافيه» غير الحكومية على لسان رئيسها التنفيذي ألون عراد أن «تطبيق قانون إسرائيلي على أراضي الضفة الغربية المحتلة يرقى إلى مستوى الضم الرسمي»، وحذَّر في حديث صحافيّ من «عواقب، ومزيد من العزل لمجتمع علماء الآثار الإسرائيليين في حالة فرض عقوبات دوليّة عليهم بسبب تعديل القانون»، كما أكدت جمعيّة الآثار الإسرائيليّة أنها تعارض مشروع القانون «لأن غايته ليست النهوض بعلم الآثار، بل لتعزيز أجندة سياسية، وقد يتسبب ذلك في ضرر كبير لممارسة علم الآثار في إسرائيل بسبب التجاوز على القانون الدولي المتعلق بالأنشطة الأثرية في الضفة الغربية»، ولا سيّما قرار محكمة العدل الدولية في التاسع عشر من يوليو (تموز) الماضي، الذي جدَّد التأكيد على أن وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة برمته غير قانوني، وطالب الدّولة العبريّة بـ«إزالة مستوطناتها في الضفة الغربية والقدس الشرقية في أقرب وقت ممكن»، وألزمت سلطة الاحتلال بتقديم تعويضات كاملة للفلسطينيين بما في ذلك إعادة «جميع الممتلكات الثقافية والأصول المأخوذة من الفلسطينيين ومؤسساتهم».

وتشير الخبرة التاريخيّة مع سلطة الآثار الإسرائيلية إلى أن الحكومة تقوم لدى إعلان السلطة منطقة ما موقعاً تاريخيّاً بفرض حماية عسكريّة عليها، مما قد يتطلّب إخلاء السكان أو فرض قيود على تحركاتهم وإقامة بنية تحتية أمنية لدعم الحفريات، وتمنع تالياً الفلسطينيين أصحاب الأرض من تطويرها لأي استخدام آخر، الأمر الذي يعني في النهاية منع التنمية عنها، وتهجير سكانها وتهويدها لمصلحة الكيان العبريّ، لا سيّما وأن الضفة الغربيّة تحديداً تضم آلاف المواقع المسجلة، مما يجعل كل تلك الأراضي بمثابة موقع أثري ضخم مستهدف.

وتبرر الحكومة الإسرائيلية الحاليّة دعمها مشروع القانون للجهات الأُممية عبر تبني ادعاءات منظمات ومجالس مستوطني الضفة الغربيّة بأن الفلسطينيين يضرون بالمواقع ويفتقرون إلى الوسائل التقنية والكوادر اللازمة للحفاظ عليها، هذا في وقت قامت به قوات الجيش الإسرائيلي بتدمير مئات المواقع الأثريّة في قطاع غزة الفلسطيني المحتل عبر استهدافها مباشرة، مما يعني فقدانها إلى الأبد.

لن يمكن بالطبع للفلسطينيين وحدهم التصدي لهذا التغوّل على الآثار في فلسطين، مما يفرض على وزارات الثقافة ودوائر الآثار والجامعات في العالم العربيّ وكل الجهات الأممية المعنية بالحفاظ على التراث الإنساني ضرورة التدخل وفرض الضغوط للحيلولة دون تعديل الوضع القانوني للأراضي المحتلة بأي شكل، ومنع تهويد تراث هذا البلد المغرِق في عراقته.