سباق رئاسة وزراء العراق يصطدم بـ«الكتلة الأكبر» و«أهلية المرشحين»

الخلاف حولهما يعيد الجميع إلى {التفاهمات الأولى}

TT

سباق رئاسة وزراء العراق يصطدم بـ«الكتلة الأكبر» و«أهلية المرشحين»

رغم عدم إعلان رئاسة البرلمان العراقي عن الجلسة المقررة لانتخاب رئيس الجمهورية، فإن ترشيح مقتدى الصدر ابن عمه جعفر الصدر رئيساً للوزراء أعاد طرح الأسئلة المؤجلة بشأن «الكتلة الكبرى» والمواصفات المطلوبة لمن يتولى هذا المنصب. المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من أوساط سياسية وبرلمانية تفيد بأن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية من بين أكثر من 40 مرشحاً سوف تكون بعد عطلة أعياد «ن وروز» التي يحتفل بها الأكراد على مدى 10 أيام على الأقل. وكون منصب رئيس الجمهورية، رغم كثرة مرشحيه، حصة المكون الكردي ويتنافس عليه اثنان (الرئيس الحالي برهم صالح عن «الاتحاد الوطني»، وريبر بارزاني عن «الديمقراطي الكردستاني») فإن الجلسة لا بد من أن تعقد بعد عطلة «نوروز». وطبقاً للمعلومات؛ فإن موعدها لن يتعدى 26 مارس (آذار) الحالي.
زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر وعقب اتصاله بزعيم «دولة القانون» نوري المالكي يبدو كما لو كان قفز على الاستحقاق الذي يتقدم من حيث الأسبقية الدستورية على رئاسة الوزراء وهو رئاسة الجمهورية، لكنه أربك حسابات قوى «الإطار التنسيقي» وحرك بدفع من «تحالف السيادة» بزعامة محمد الحلبوسي رئيس البرلمان وخميس الخنجر، المياه التي ركدت تماماً بسبب عدم قدرة الكرد على حسم المنصب بينهما بالتوافق أو بالتنازل.
لكن اقتراح الصدر ترشيح جعفر الصدر لمنصب رئيس الوزراء أعاد خلط الأوراق على التحالف الثلاثي وعلى «الإطار التنسيقي». ففيما يتعلق بالتحالف الثلاثي بدا أن ترشيح نجل مؤسس «حزب الدعوة» لرئاسة الوزراء قد يعقد المشهد داخل البيت الشيعي الممزق، وقد حدث ذلك بالفعل. أما بالنسبة لـ«الإطار التنسيقي»؛ فإن رفع الفيتو عن المالكي بدا مناورة من الصدر كان هدفها اختبار قادة «الإطار» بشأن ترشيح جعفر الصدر لرئاسة الوزراء.
قوى «الإطار التنسيقي» حاولت الرد على الصدر بأكثر من صيغة؛ منها أنه لم يعلن علناً بعد تبنيه جعفر الصدر مرشحاً وحيداً لرئاسة الوزراء. وطبقاً لما أعلنه جاسم محمد جعفر، أحد قادة «الإطار التنسيقي»، في تصريح له، فإنه حتى الوفد الذي ذهب إلى الحنانة لمناقشة الصدر في مبادرته لم يتطرق إلى اسم أو أكثر لرئاسة الوزراء بقدر ما جرى الحديث عن «الكتلة الكبرى» وكيفية التفاهم حولها. الصيغة الأخرى التي ردت بها قوى «الإطار التنسيقي» على الصدر هي إعلانها بشكل غير رسمي طرح أكثر من مرشح لرئاسة الوزراء؛ أبرزهم حيدر العبادي رئيس الوزراء الأسبق، وقاسم الأعرجي مستشار الأمن القومي الحالي. فـ«الكتلة الكبرى» لا تزال هي العائق الأكبر أمام كلا الطرفين الشيعيين («التيار الصدري» و«الإطار التنسيقي»). ففيما يرى الصدريون أنهم هم «الكتلة الكبرى» بواقع 75 نائباً، فإن قوى «الإطار التنسيقي» ترى أنها هي «الكتلة الكبرى» بعد أن تمكنت من جمع 83 نائباً.
لم تسجل رئاسة البرلمان بعد «الكتلة الكبرى» التي ترشح رئيس الوزراء بعد انتخاب رئيس الجمهورية. وفيما بدت انفراجة شيعية بعد اتصال الصدر بالمالكي أفرحت الكرد والسنة لجهة تمرير مرشحهم بسهولة في الجلسة المقبلة بعد التحاق قسم من قوى «الإطار» بهم، فإن معاودة تقاذف كرة المرشحين لمنصب رئيس الوزراء وكيفية تحديد «الكتلة الكبرى» جعلت الجميع يعودون إلى مربع التفاهمات الأول.
«أهلية المرشحين» هي الأخرى تحولت إلى عمليات شد وجذب بعد أن تبلغت مواقع التواصل الاجتماعي والجيوش الإلكترونية البحث في السير الذاتية للمرشحين على أمل العثور على ثغرات يمكن أن تحول دون ترشح هذا بدلاً من ذاك.
وفي الوقت الذي يلتزم فيه الصدريون الصمت حيال ما بدا للرأي العام أن جعفر الصدر مرشحهم مع إمكانية طرح مرشح آخر؛ فإن قوى «الإطار التنسيقي» راحت تلمح باسمي أبرز مرشحيهم العبادي والأعرجي، كما أن هناك إشارات بدأ يروج لها بعض الوكالات والأطراف تفيد باعتذار جعفر الصدر عن تولي المنصب. صمت الصدريين يبدو حتى الآن مريباً مع وجود مؤشرات إلى أن قصة ترشيح جعفر الصدر من قبل مقتدى الصدر مجرد مناورة، وأن مرشح الصدر الحقيقي هو رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي الذي وإن كتب تغريدة الوداع على «تويتر» فإنها بدت لكثيرين مناورة هي الأخرى.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.