الثلوج وحرب أوكرانيا تثقل كاهل النازحين شمال سوريا

السكر والزيوت يتم استيرادها عبر تركيا

أم عمار تزيل الثلوج عن خيمتها في مخيم المحطة شمال حلب بعد هطوله أمس (الدفاع المدني)
أم عمار تزيل الثلوج عن خيمتها في مخيم المحطة شمال حلب بعد هطوله أمس (الدفاع المدني)
TT

الثلوج وحرب أوكرانيا تثقل كاهل النازحين شمال سوريا

أم عمار تزيل الثلوج عن خيمتها في مخيم المحطة شمال حلب بعد هطوله أمس (الدفاع المدني)
أم عمار تزيل الثلوج عن خيمتها في مخيم المحطة شمال حلب بعد هطوله أمس (الدفاع المدني)

تصاعدت معاناة السكان (النازحين والمقيمين)، في شمال غربي سوريا، من أزمة غلاء أسعار السلع الغذائية والوقود، وشح بعضها في الأسواق بسبب الحرب الأوكرانية، في وقت تشهد فيه مخيمات النازحين أزمات إنسانية متتالية، جراء العواصف الثلجية والمطرية المتعاقبة.
وبدأت الهطولات الثلجية منذ صباح أمس الأحد، على عموم شمال غربي سوريا، يرافقها برد قارس. وتتضاعف حاجة المدنيين للرعاية الصحية مع انخفاض درجات الحرارة، وتقوم المتطوعات في «الدفاع المدني السوري» المعروف باسم «الخوذ البيضاء»، بزيارة المخيمات وتقديم الإسعافات الأولية للمدنيين وكبار السن الأكثر تأثراً بانخفاض درجات الحرارة، في ظل شح مواد التدفئة وصعوبة الوصول إلى المشافي بسبب تراكم الثلوج.
وبالإضافة لتأثير موجات الثلوج التي تعيق وصول المواد الغذائية، اعتبر نشطاء سوريون على مواقع التواصل، أن «أزمة غلاء أسعار السلع الغذائية، تزامنت مع تعاقب العواصف الثلجية والمطرية، وطالت آلاف النازحين في مخيمات الشمال السوري، وأثرت سلباً على حياتهم اليومية، في ظل تراجع حجم المساعدات الإنسانية والإغاثية من قبل المنظمات الدولية والمحلية».
وبلغ عدد المخيمات المتضررة جراء العواصف المطرية والثلجية، خلال الـ24 ساعة الماضية وحتى أعداد هذا التقرير، 13 مخيماً جديداً، إضافة إلى 9 مخيمات متضررة سابقاً، وبلغت حصيلة المخيمات المتضررة خلال المنخفض الأخير، 44 مخيماً مع استمرار عمليات الإحصاء وفرز عمليات الأضرار الموجودة ضمن المخيمات.
وتصدرت أسعار الزيوت النباتية والسكر والطحين، مقدمة قائمة غلاء الأسعار، بعد توقف استيرادها من تركيا، بسبب الحرب في أوكرانيا، وتعهدت حكومة (الإنقاذ) في إدلب، بمواجهة الغلاء في أسعار المواد، والمساعدة في تجاوز الأزمة الاقتصادية في شمال غربي سوريا، الناتجة عن الحرب الروسية على أوكرانيا.
وقال أبو سعيد (55 عاماً)، أنه اضطر، أمس الأحد، إلى القيام برحلة بحث سيرا على الأقدام استمرت لأكثر من ساعتين، في أسواق مدينة إدلب، بحثاً عن السكر، ليحصل بعد ذلك على نصف كيلو منه، بسعر 20 ليرة تركية، من أحد المحال التجارية للمواد الغذائية بحي الضبيط في مدينة إدلب. ويقول أبو سعيد، إنه خلال الأيام الأخيرة ومع تراجع كميات مادة السكر في الأسواق، ارتفعت أسعاره بنسبة 50 في المائة، بعد أن كان سعره 8 ليرات تركية، ويعزو السبب في ذلك، إلى «احتكار التجار لمادة السكر، للتحكم في عملية تسويقها وأسعارها، وكسب أرباح كبيرة».
من جهته، قال أحمد الحسون (42 عاماً)، في سرمدا شمال إدلب، إن أسواق محافظة إدلب تشهد خلال الآونة، ارتفاعاً في أسعار الكثير من السلع الغذائية الأساسية، وتحديداً الزيوت والسمنة والسكر والشاي، فضلاً عن ارتفاع أسعار المحروقات في المحطات. وقد وصل سعر اللتر الواحد من الزيوت النباتية والسمون، مؤخراً، إلى 40 ليرة تركية، بعد أن كان سعره يتراوح بين 10 - 15 ليرة. بينما حلقت أسعار السكر عالياً مع ندرتها في الأسواق.
ويتراوح سعر كيلو السكر بين 15 - 20 ليرة تركية، الأمر الذي دفع بأصحاب محال صناعة الحلويات، إلى التوقف عن إنتاج الحلويات بكافة أنواعها، فالسكر هو المادة الرئيسية التي تدخل في صناعة الحلويات، كما انعكس ذلك على العادات الغذائية في حياة المواطنين، حيث تعد مادة السكر، رئيسية للكثير من المأكولات والمشروبات اليومية.
وأوضح، أبو سامر وهو تاجر جملة (مواد غذائية)، في مدينة سرمدا شمال إدلب، أن سبب ارتفاع أسعار مجموعة من السلع الغذائية، وأهمها، الزيوت والسمنة والسكر والشاي، يعود بالدرجة الأولى إلى توقف تصديرها من تركيا إلى سوريا عبر معبر باب الهوى الحدودي شمال إدلب، بعد تراجع كمياتها في الأسواق التركية، «بسبب تهافت الأتراك على شراء كميات منها، خوفاً من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، إذ أن السكر والزيوت النباتية يجري استيرادها من أوكرانيا».
في هذه الأثناء، قالت (حكومة الإنقاذ) المدعومة من (هيئة تحرير الشام) في إدلب، في بيان، إنها «ستعمل على الحد من موجة الغلاء في أسعار المواد في محافظة إدلب، وستقدم المساعدة للأهالي لتجاوز الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الحرب الروسية على أوكرانيا». وقالت، إنها اتخذت إجراءات وتدابير من أجل توفير المواد الأولية للفعاليات الصناعية والخدمية والزراعية في المنطقة، بغية توفير الأمن الغذائي بالتزامن مع محاربة الاحتكار والمتاجرة باحتياجات السوريين.



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».