أحزاب لبنان تنشط في إعلان مرشحيها بالـ48 ساعة الأخيرة

باسيل شنّ هجوماً على خصومه ويقترح انتخاب الرئيس على دورتين

صورة من موقع «التيار الوطني الحر» لمناصرين يرفعون أحد شعاراته
صورة من موقع «التيار الوطني الحر» لمناصرين يرفعون أحد شعاراته
TT

أحزاب لبنان تنشط في إعلان مرشحيها بالـ48 ساعة الأخيرة

صورة من موقع «التيار الوطني الحر» لمناصرين يرفعون أحد شعاراته
صورة من موقع «التيار الوطني الحر» لمناصرين يرفعون أحد شعاراته

في الساعات الـ48 الأخيرة لقبول طلبات الترشح للانتخابات النيابية في لبنان، نشطت الأحزاب اللبنانية الرئيسية تباعاً في إعلان أسماء مرشحيها، من دون أن تحسم حتى الآن التحالفات النهائية التي من المتوقع ألا تكتمل صورتها قبل 5 أبريل (نيسان) المقبل، الموعد الأخير لتسجيل اللوائح الانتخابية في وزارة الداخلية.
وبعدما كان «حزب الله» أعلن عن أسماء مرشحيه قبل نحو أسبوعين، كشف أمس حليفه رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل عن أسماء مرشحيه على أن يقوم بالخطوة نفسها اليوم (الاثنين) رئيس «حركة أمل» نبيه بري، فيما يعمد «حزب القوات» إلى إعلان أسماء مرشحيه على مراحل تنتهي غداً، كما تعلن مجموعات المجتمع المدني تباعاً عن أسماء مرشحيها للانتخابات النيابية المحددة في 15 مايو (أيار) المقبل.
يأتي ذلك في وقت بدأت تتصاعد فيه حدّة «الخطابات الانتخابية» التي تتسم كالعادة بالسقف العالي، وهو ما ظهر جلياً أمس (الأحد) في كلمة باسيل التي شنّ خلالها هجوماً بشكل أساسي على حزب «القوات اللبنانية» ورئيسه سمير جعجع، كما على الأحزاب المسيحية ومجموعات الثورة، واصفاً إياهم بـ«حزب الحرباية» و«الثورة الكاذبة»، وطارحاً تعديلاً دستورياً يقضي بأن يتم انتخاب رئيس الجمهورية على دورتين؛ الأولى عند المسيحيين والثانية عند كل اللبنانيين، سائلاً: «هل يتجرّأ المرشحون على تبنّي هذا التعديل الدستوري؟».
وأعلن باسيل عن 20 مرشحاً في مختلف الدوائر على أن يحسم مرشحه في دائرة البقاع الشمالي لاحقاً. وقال في كلمة له بمؤتمره الوطني السابع بعنوان «كنا... وراح نبقى»: «صمدنا 15 عاماً لنحقق التحرير ونحن مستعدون لنصمد سنين لنحقق التحرر»، معلناً عن «حرب تحرير اقتصاد لبنان وودائع اللبنانيين»، وواعداً مجدداً بـ«تأمين الكهرباء والسدود واستخراج النفط والغاز واسترداد الأموال وتطوير النظام وبناء الدولة».
واعتبر أن «ثورة التيار بقيت وحدها تطالب بحقوق الناس وتطالب بالتدقيق الجنائي، وبالكابيتل كونترول، وبقانون استعادة الأموال، وبقانون كشف الحسابات والأملاك وبمحاسبة حاكم المركزي، وتطالب وتشتغل لخطة تعافٍ مالي توزع الخسائر بشكل عادل... هربوا، وبقينا وحدنا نقاتل، لأننا لسنا قابضين ولا منشريين، وهم ساكتون لأنهم ممولون من سفارة أو من الحاكمية وتوابعها».
وتحدث عن محاولة اغتياله معنوياً، وشن هجوماً على جعجع وسقوط اتفاق معراب بينهما قائلاً: «المجرم، ولو خرج من سجنه بجسده يبقى مسجوناً بفكره ويريد أن يقتل. لا يملك غطاء ليقتل جسدياً، يقتل سياسياً. المهم أن يقتل. كثفوا الحملة في 17 تشرين (الأول/ أكتوبر)، وتبنوا الثورة مع أنهم كانوا شركاء في الحكم، وأصلاً ما كانوا اتفقوا معنا لولا الحصة، وما اختلفوا معنا إلا على الحصة... كل مشروعهم إسقاط الرئيس (ميشال عون) والتيار وتشويه الصورة، ليربحوا الانتخابات بالكذب والمال المستورد. هم والمنظومة، ما مشروعهم؟ التفشيل لا الإصلاح».
وفي هجوم على الأحزاب المسيحية التي تخوض المعركة في دائرة الشمال الثالثة التي تتضمن البترون، حيث يترشح باسيل، اعتبر أن معركتهم جميعاً هي إسقاطه، متهماً إياهم بأنهم «عملاء»، ومتحدثاً عن استخدامهم «المال السياسي». وقال: «مشروعهم للانتخابات إسقاط جبران والتيار، لا إصلاح الدولة والاقتصاد. واحد يلغي حزبه والهدف إسقاط جبران والتيار. والثاني يأتي بالمال من دولة ويوزع على الإعلام والعنوان إسقاط جبران والتيار. الثالث يأتي بـ30 مليوناً ليمول مشروع إسقاط جبران والتيار». وأضاف: «يحبون العمل مع العملاء والحرامية ويدفعون المصاري، ونتيجتهم دائماً الفشل».
وأضاف: «في 17 تشرين، حزب الحرباية والثورة الكاذبة، افتكروا أنهم قضوا علينا. وفي 4 أغسطس (آب)، افتكروا أنهم فجرونا، مع العاصمة والمرفأ. وهم في الحقيقة فجروا أحلام الشباب، وافتكروا بعد ذلك أنهم سيدفنوننا بمجرد قبولنا بمقايضة حقيقة المرفأ بمصالحنا السياسية».
وبرّر تحالفه مع «حزب الله» متوجهاً إلى المناصرين بالقول: «نتحالف انتخابياً ونبقى أحراراً سياسياً. يعني لا نتخلى عن قضيتنا ولا ننغمس بفساد أو تبعية. نعمل التحالف، ونربح بالنيابة من دون أن نغير موقفاً ولا مطلباً ولا نسقط اتهاماً، والنواب الذين نربحهم يكونون لخدمة قضيتنا».
وقال: «لا يعيركم أحد بالتحالفات الانتخابية، واجهوه بسؤال عن تحالفاته. اسألوا الميليشياوي عن تحالفه مع ميليشياوي كان يحاربه، تقاتلوا وهجروا ويتحالفون. اسألوا البيك ابن البيك عن تحالفه مع الشيخ ابن الشيخ باسم الثورة والتغيير. اسألوا ابن الثورة الحمراء عن تحالفه مع ابن الثورة الملونة. اسألوا ابن الفساد عن تحالفه مع ابن الثورة الكاذبة. بصراحة، التحالفات تؤمن حواصل وكل واحد بالتفضيلي ينتخب نوابه، ناسهم ينتخبون نوابهم وناسنا ينتخبون نوابنا. صحيح في قطار واحد، ولكن كل واحد في مقصورة، وعلى الطريق كل واحد عنده شباكه ومشهده، وعندما نوصل إلى المحطة، يذهب كل واحد في طريقه».
ورفض وضعه ضمن الأكثرية قائلاً: «نحن لسنا جزءاً من أي أكثرية. مختلفون عن بعضنا وغير مقتنعين بسلوك بعضنا، ونعتبر بعضنا مسؤولين عن العرقلة والانهيار، ولكن انتبهوا، الاختلاف لا يؤدي إلى التقسيم والحرب».

الكتائب
ورأى رئيس حزب الكتائب النائب المستقيل سامي الجميل أن «ما ينقذ لبنان اليوم هو مشروع وطني خالص يتوحد حوله اللبنانيون من كل الفئات والطوائف»، مؤكداً أن «أكثر ما يهدد حزب الله هو وحدة اللبنانيين ولذلك يحاول بث التفرقة بافتعال الأحداث الأمنية»، داعياً إلى «كسر الحواجز وتخطي الهواجس لبناء لبنان الجديد القائم على دولة القانون والتعددية، لبنان الحضاري والمتطور»، مشدداً على «ضرورة محاسبة كل من أوصل لبنان إلى ما وصل إليه لوضع حد لممارساتهم وإخراج لبنان من أزمته».
وأكد الجميل أن «اللقاء الذي حصل في بيروت بين مجموعات من المعارضة لم يكن بمعزل عن الكتائب، بل بالتنسيق معها عبر جبهة المعارضة اللبنانية للوصول إلى أرضية مشتركة تسمح بتوحيد الجهود».

الاشتراكي
ومع عودة جزء من «الانقسامات السياسية السابقة» المتمثلة بفريقي 8 و14 آذار (مارس)، وإن بغياب «تيار المستقبل» عن المعركة هذه المرة، لكن مع تحالف واتفاق سياسي بين «حزب القوات» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» في عدد من الدوائر، اعتبر النائب في «الاشتراكي» وائل أبو فاعور أن مشروع «8 آذار» هو الحصول على ثلثي أعضاء البرلمان لإيصال باسيل إلى رئاسة الجمهورية. وقال في بيان: «مشروع قوى الثامن من آذار مجتمعة في الانتخابات النيابية المقبلة يتلخص بالحصول على ثلثي أعضاء مجلس النواب، وبالتالي فرض مرشحهم المدلل رئيساً للجمهورية والتحكم بالتعديلات الدستورية وتغيير النظام وتحويل أمر السلاح الواقع إلى حقيقة دستورية، وهذا ما لن يكون بإرادة اللبنانيين».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم