سياسة ليبيا الخارجية... جهود دبلوماسية في مواجهة «تدخلات غربية»

خبراء يرون أن تغول أنقرة في البلاد أعاق توطيد علاقتها بمحيطها

المنقوش تتوسط وفد مجلس رجال الأعمال التركي المشارك بمنتدى أنطاليا الدبلوماسي (وزارة الخارجية)
المنقوش تتوسط وفد مجلس رجال الأعمال التركي المشارك بمنتدى أنطاليا الدبلوماسي (وزارة الخارجية)
TT

سياسة ليبيا الخارجية... جهود دبلوماسية في مواجهة «تدخلات غربية»

المنقوش تتوسط وفد مجلس رجال الأعمال التركي المشارك بمنتدى أنطاليا الدبلوماسي (وزارة الخارجية)
المنقوش تتوسط وفد مجلس رجال الأعمال التركي المشارك بمنتدى أنطاليا الدبلوماسي (وزارة الخارجية)

يرى سياسيون وبرلمانيون ليبيون أن تدخل سفارات بعض الدول الغربية في شؤون بلادهم يعد من أبرز التحديات التي تواجه جهود الدبلوماسية الوطنية، مشيرين إلى أن «هذه التدخلات تعمقت في ظل خوض الأفرقاء الليبيين مواجهات مسلحة على مدار السنوات الماضية، أعقبها الاستعانة بـ(مرتزقة) وقوات أجنبية؛ ما زاد من القيود التي كبلت أداء السياسة الخارجية».
ولفتوا إلى أن وزارة الخارجية «تفتقر للكفاءات بفعل سياسات المحاصصة القبلية والجهوية المتبعة في تعيين أغلب الوظائف العليا والمتوسطة بالدولة».
واعتبر نائب رئيس لجنة الخارجية والتعاون الدولي بمجلس النواب الليبي حسن البرغوثي، «تدخل الدول الغربية الكبرى من أبرز التحديات التي واجهت ولا تزال تواجه جهود الدبلوماسية الوطنية»، وقال إنه خلال الفترة بين عامي 2012 وحتى 2014 «طغت على مجمل السياسة العامة للبلاد الرؤية الآيديولوجية لتيار الإسلام السياسي، وذلك بدعم من تركيا وبعض الدول الحليفة حينذاك، في ظل تحفظ بعض الدول عما يحدث في البلاد».
ونوه البرغوثي إلى أن «وصم ليبيا بكونها دولة صراعات أهلية وفوضى أمنية بحكم تعاظم نفوذ سيطرة الميلشيات المسلحة على المشهد الداخلي بعد 2011 قد أفقدها الكثير من رصيدها في ميزان العلاقات الدولية».
وأضاف البرغوثي لـ«الشرق الأوسط» «سرعان ما انضمت تركيا لسياسات الدول الغربية النافذة في الساحة الليبية بالسعي للتفرد بالغنائم الاقتصادية، ما أعاق أي جهود لتوطيد العلاقات بين ليبيا ومحيطها العربي والأفريقي».
ولفت البرغوثي إلى أن «تلك التدخلات تعمقت في ظل خوض الأفرقاء الليبيين مواجهات مسلحة حيث تمت الاستعانة بالمرتزقة والقوات الأجنبية؛ وهو ما زاد من القيود التي كبلت أداء السياسية الخارجية، وخاصةً في التعامل مع الدول التي دفعت بهذه القوات إلى ليبيا، فضلا عما فرضه الانقسام المؤسسي من وجود حكومتين في السابق، من إهمال لأوضاع السفارات والجاليات الليبية بالخارج».
أما رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب الليبي رمضان شمبش، فأقر بأن «جزءا من حالة الارتباك التي تسود السياسة الخارجية الليبية ليس إلا انعكاسا لارتباك الوضع في الداخل بكل ما شهده من انقسامات وصراعات».
ورأى أن «التحدي الذي تمثله التدخلات الخارجية يأتي عبر أداء البعثة الأممية للدعم في ليبيا وبعض السفراء الغربيين الذين يمارسون مهامهم من ليبيا أو عبر دول الجوار».
وتطرق شمبش في تصريح لـ«الشرق الأوسط» لموقف عديد من السفارات الغربية من الحكومة التي كلفها مجلس النواب مؤخراً برئاسة فتحي باشاغا، وتساءل: «هم جميعا يعترفون بشرعية مجلس النواب كجسم سياسي منتخب ومعبر عن إرادة الليبيين؛ فلماذا كانوا يتعاملون بأريحية مع حكومة (الوفاق الوطني) التي لم يعترف بها مجلس النواب، ونتج عن ذلك تفردها بعقد اتفاقات خارجية اقتصادية وأمنية مع بعض الدول، والآن لا يعترفون بالحكومة (الاستقرار) الجديدة»؟
من جانبه، قلل زميل أول بمعهد الدراسات الدولية في جامعة جونز هوبكنز الليبي حافظ الغويل، مما يطرحه البعض من ارتهان السياسة الخارجية الليبية للدولة التركية في فترات بعينها ما تسبب في إضعافها، وقال إن الوزارة «تفتقر للكفاءات بفعل سياسات المحاصصة القبلية والجهوية المتبعة في تعيين أغلب الوظائف العليا والمتوسطة بالدولة».
وذهب إلى أن «اللوم في هذا يقع على القوى السياسية المحلية التي عجزت عبر تشبث كل طرف برأيه عن الحوار وحل الخلافات فيما بينهم، وبالتالي أوجدوا مساحة واسعة لهذه التدخلات».
وشهدت الأعوام الأخيرة تصاعد الانتقادات لظاهرة كثرة التعيينات بالسفارات والقنصليات الليبية بالخارج بما لا يتناسب بدرجة كبيرة وأعداد الجالية الليبية الموجود في بعض الدول، ودأب الجميع على الإشارة إلى أن السبب في ذلك يعود لارتفاع الرواتب وبدل الانتقالات التي يحصلون عليها بالعملة الأجنبية.
وقال الغويل: «أيا كان الحديث عن ضعف الدولة وانقساماتها، ففي ظل وجود كفاءات حقيقية يمكن للبلاد أن تحدث فارقا عبر التوظيف الجيد لأدواتهم الدبلوماسية وكذلك للسياسات والمواقف الاقتصادية للدولة، ولكن للأسف سياسات المحاصصة طغت على تعينات القيادات العليا بالكادر الدبلوماسي».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.