السودان يحصل على دعم الإمارات لتحقيق الوفاق الوطني

اتفاق بين الخرطوم وأبوظبي على شراكة اقتصادية استراتيجية

الشيخ محمد بن زايد يستقبل الفريق البرهان في أبو ظبي 11 مارس (أ.ف.ب)
الشيخ محمد بن زايد يستقبل الفريق البرهان في أبو ظبي 11 مارس (أ.ف.ب)
TT

السودان يحصل على دعم الإمارات لتحقيق الوفاق الوطني

الشيخ محمد بن زايد يستقبل الفريق البرهان في أبو ظبي 11 مارس (أ.ف.ب)
الشيخ محمد بن زايد يستقبل الفريق البرهان في أبو ظبي 11 مارس (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة السودانية عن إقامة شراكات اقتصادية استراتيجية ضخمة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، في عدد من المجالات الاستثمارية، ودعم البنوك السودانية بما يمكّنها من القيام بدورها في تنمية اقتصاد البلاد، مع تأكيدات على دعم جهودها لتحقيق التوافق الوطني، وذلك بالتزامن مع زيارة رسمية قام بها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان للإمارات، استمرت أربعة أيام أجرى خلالها مباحثات مع القيادة الإماراتية.
وقال وزير الخارجية السوداني المكلف علي الصادق، في بيان صحافي بشأن الزيارة، إن الخرطوم حصلت على تأكيدات من ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على دعم التوافق الوطني السوداني بما يُفضي لاستقرار البلاد.
ووفقاً للصادق فإن الزيارة تناولت مسار العلاقات والقضايا ذات الاهتمام المشترك، مع التركيز على الجوانب الاقتصادية، لكونها محور اهتمام السودان في هذه المرحلة، وأضاف وزير الخارجية المكلف قوله إن «الزيارة تطرقت أيضاً إلى الأوضاع الراهنة في السودان، ومساعي وجهود الدولة تحقيق التوافق الوطني من أجل استقرار الفترة الانتقالية، وصولاً إلى انتخابات حرة ونزيهة وتسليم مقاليد الحكم لحكومة مدنية منتخبه».
وأوضح الصادق أن الجانبين السوداني والإماراتي اتفقا على إقامة شراكات اقتصادية استراتيجية ضخمة في مجالات الطرق والموانئ والسكة الحديد، والمجال العسكري، وتبادل الخبرات، فضلاً عن اتفاق بين القطاع الخاص في البلدين على دعم البنوك الإسلامية بمبالغ «مقدرة» بما يمكّنها من أداء دورها في تنمية الاقتصاد السوداني.
وعاد رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الفريق عبد الفتاح البرهان، ظُهر أمس إلى الخرطوم، بعد زيارة رسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، استغرقت أربعة أيام، رافقه خلالها وزير المالية والتخطيط الاقتصادي جبريل إبراهيم، ووزير الخارجية المكلف علي الصادق، ومدير جهاز المخابرات العامة الفريق أحمد إبراهيم علي مفضل، والمدير العام لمنظومة الصناعات الدفاعية الفريق أول ركن ميرغني إدريس، ورئيس اتحاد العمل السوداني هشام حسن السوباط. وكان في استقبال البرهان في مطار الخرطوم، الأمين العام لمجلس السيادة الانتقالي الفريق الركن محمد الغالي علي يوسف.
يُذكر أن زيارة البرهان للإمارات هي الثالثة للدولة منذ سقوط نظام الرئيس المعزول عمر البشير في 11 أبريل (نيسان) 2019، والأولى بعد الإجراءات التي اتخذها في 25 أكتوبر (تشرين الأول) وحل بموجبها مجلسي السيادة والوزراء وأقال حكومات الولايات ووصفها بالإجراءات «التصحيحية»، بينما تصفها المعارضة بـ«انقلاب العسكري» ضد الحكومة المدنية.
ويعيش السودان أزمة سياسية نتجت عنها أزمة اقتصادية طاحنة، تدهور بسببها سعر صرف الجنيه السوداني بمعدلات غير مسبوقة، واضطرت الحكومة العسكرية لرفع أسعار المحروقات والكهرباء والخدمات والضرائب بشكل كبير، وانعكس ذلك على أسعار السلع الرئيسية وتراجعت احتياطياتها بما يهدد بمجاعة قد تطال كل البلاد.
وأدت الإجراءات التي نفّذها البرهان في أكتوبر الماضي، إلى حرمان السودان من مليارات الدولارات كان منتظراً أن تدعم ميزانيته من المجتمع والمؤسسات الدولية، فضلاً عن إعفائه من نسبة كبيرة من ديونه البالغة نحو 60 مليار دولار، مع إمكانية بلوغه نقطة الاستحقاق بإعفاء كامل الدين، وهو ما اضطر الحكومة لإعداد موازنة من دون مساعدات خارجية، لكنها انهارت منذ الأشهر الأولى للسنة المالية.
وفرضت الحكومة زيادات في الضرائب والسلع والمحروقات والكهرباء أثارت ضجة واسعة بين المواطنين الذين تآكلت مداخيلهم بسبب معدل التضخم والعالي وتراجع سعر العملة الوطنية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».