تضارب أنباء بشأن اعتذار مرشح الصدر لرئاسة الوزراء

تغريدة لزعيم «التيار الصدري» حول «الأغلبية الوطنية» تربك مجدداً حسابات خصومه

TT

تضارب أنباء بشأن اعتذار مرشح الصدر لرئاسة الوزراء

فوجئ قادة «الإطار التنسيقي» الشيعي (هادي العامري وفالح الفياض وأحمد الأسدي) بوجود زعيمي «تحالف السيادة» السنّي (خميس الخنجر ومحمد الحلبوسي) ضمن الوفد الذي دعاه زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر لإجراء مباحثات معه في مقره بالحنانة في مدينة النجف. المفاجأة سببها أن الهدف من الاجتماع مناقشة الأزمة التي تعصف بالبيت الشيعي منذ إعلان نتائج الانتخابات وانقسامه إلى كتلتين هما «التيار الصدري» و«الإطار التنسيقي».
ومما زاد من غموض الموقف نتيجة دعوة «تحالف السيادة» السني في شأن شيعي داخلي أن الدعوة جاءت بعد أقل من يوم على اتصال هاتفي أجراه الصدر مع خصمه اللدود نوري المالكي. وبقدر ما كان الاتصال مفاجأة؛ فإن قادة «الإطار التنسيقي» تعاملوا معه على أنه بداية انفراج داخل البيت الشيعي رغم إعلان الصدر ترشيح ابن عمه جعفر الصدر لرئاسة الوزراء. وبقدر ما بدا الصدر ذكياً ومناوراً؛ إنْ كان في رفع الفيتو عن المالكي من قبله دون وساطات، أو ترشيح ابن عمه، فإن قادة الإطار التنسيقي الذي كان يجمعهم الخلاف مع الصدر فقط سرعان ما اختلفوا حول كيفية التعاطي مع ما بدا أنه تحول جديد وربما غير مفهوم في موقف الصدر.
قيادي في الإطار التنسيقي أبلغ «الشرق الأوسط» أن «مواقف الصدر لم تعد واضحة بالنسبة لهم قدر وضوحها بالنسبة لشركائه في التحالف الثلاثي»، مبيناً أنه «في الوقت الذي يحترم فيه الصدر تعهداته مع الأكراد والسنة إلى الحد الذي وصل فيه الأمر إلى إعلان الدفاع عنهم بدعوى تعرضهم إلى تهديدات، فإنه اعتمد سياسة غير واضحة مع من يفترض أنهم الركن الآخر في البيت الشيعي حتى بافتراض وجود مشاكل داخل هذا البيت». وأضاف: «الشروط التي طرحها الصدر لمفهوم الأغلبية الوطنية بدت موجهة ضد الأطراف الشيعية؛ وأولهم هو زعيم (دولة القانون) نوري المالكي، بينما لم يضع أي شرط لمشاركة الآخرين، لا سيما الأكراد والسنة، بشأن ما يتبناه على صعيد حكومة الأغلبية الوطنية».
ويتضح مما يراه هذا القيادي في «الإطار التنسيقي» أن أزمة الثقة لا تزال عميقة بين الطرفين حتى بعد اتصال الصدر بالمالكي. فالمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من أكثر من مصدر تفيد بأن «هناك انزعاجاً من وجود قادة سنة ضمن اجتماع لبحث الأزمة داخل البيت الشيعي، في حين لم يتدخل الشيعة في الحوارات؛ بل والسجالات التي كانت تدور بين القادة السنة والتي لم تحسم إلا خارج العراق ومن قبل الرئيس التركي تحديداً».
وترى هذه المصادر المطلعة أن «الاجتماع كان منذ البداية غير محدد بمناقشة الأزمة داخل البيت الشيعي، خصوصاً بين (التيار) و(الإطار)؛ إنما كان بهدف مناقشة مفهوم حكومة الأغلبية الوطنية بين التحالف الثلاثي بحضور الصدر و(تحالف السيادة) بغياب (الحزب الديمقراطي الكردستاني) الذي لا أحد يعرف لماذا لم تتم دعوة ممثل عنه لحضور هذا الاجتماع»، مشيرة إلى أن «النتيجة النهائية عبّر عنها الصدر عبر التغريدة التي أعقبت الاجتماع وهي التمسك بحكومة الأغلبية الوطنية».
إلى ذلك، عاد قادة «الإطار التنسيقي» إلى مناقشة ما يعدّونها مبادرة غير مكتملة من قبل زعيم «التيار الصدري». فالصدر الذي بدا أنه رفع «الفيتو» عن أهم خصومه داخل «الإطار»، وهو المالكي، يريد من قادة «الإطار» تحديد موقفهم من ترشيح جعفر الصدر لرئاسة الحكومة. وبينما لا تزال الأنباء تتضارب بشأن اعتذار جعفر الصدر؛ الذي يشغل منصب سفير العراق في لندن، من عدم تسلم المنصب، فإن مجرد طرح مجموعة من الأسماء من قبل «الإطار التنسيقي» مقابل مرشح الصدر يعني أن هناك بوادر أزمة أخرى تلوح في الأفق داخل البيت الشيعي. وطبقاً لبعض التسريبات، فإن الأنباء التي تحدثت عن اعتذار جعفر الصدر من عدم تولي المنصب مصدرها جهات تابعة لقوى «الإطار التنسيقي»؛ نظراً إلى المواقف المعروفة التي يتخذها جعفر الصدر والتي سبق له أن عبر عنها، خصوصاً فيما يتعلق برؤيته للإسلام السياسي أو أهمية استيعاب الجميع في العملية السياسية.
غير أن العقبة التي يواجهها قادة الإطار أنهم لا يستطيعون رفض جعفر الصدر علناً لأن ذلك يدخلهم في مأزق أخلاقي لأنه ابن مرجعهم ومؤسس أهم أحزابهم الحالية وهو «حزب الدعوة». وفي محاولة منهم لتجنب الحرج؛ فإنهم أخذوا يناقشون الصدر في مفهوم «الكتلة الكبرى»، وبالتالي فإن مفهوم الترشيحات لمنصب رئيس الوزراء يرتبط بـ«الكتلة الكبرى» ومن يتمكن من تسجيلها داخل البرلمان.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.