البنوك العالمية تدخل مرحلة حرجة مع عقوبات الأزمة الأوكرانية

خبراء لـ «الشرق الأوسط»: السعودية تمتلك نظاماً مصرفياً ذا كفاءة في التعامل مع الأزمات الدولية

الأزمة الروسية - الأوكرانية العالقة تلقي بظلالها على القطاع المصرفي العالمي (أ.ف.ب)
الأزمة الروسية - الأوكرانية العالقة تلقي بظلالها على القطاع المصرفي العالمي (أ.ف.ب)
TT

البنوك العالمية تدخل مرحلة حرجة مع عقوبات الأزمة الأوكرانية

الأزمة الروسية - الأوكرانية العالقة تلقي بظلالها على القطاع المصرفي العالمي (أ.ف.ب)
الأزمة الروسية - الأوكرانية العالقة تلقي بظلالها على القطاع المصرفي العالمي (أ.ف.ب)

تدخل المصارف الأوروبية والعالمية منعطفاً حرجاً مع استمرار الحرب الروسية – الأوكرانية ليومها الثالث عشر، دون الوصول لحلول عاجلة تخفف الأعباء على الاقتصاد العالمي الذي سيشهد تغيرا جوهريا في نظاميه المالي والاقتصادي، مع اتخاذ دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حزمة من الإجراءات التي تعوق أعمال التنمية وتحد من الاستثمارات المباشرة.
وتأثرت السندات السيادية في الاتحاد الأوروبي وأميركا، وفقاً لمختصين، بشكل مباشر بعد قرار استبعاد سبعة بنوك روسية من نظام سويفت للمراسلات الذي يدعم المعاملات العالمية في إطار العقوبات التي استهدفت رجال أعمال ومستثمرين روسا، إذ تراجعت العوائد التي سجلت في أميركا 1.72 في المائة بعد أن لامست 2.4 في المائة، وقرابة 15 نقطة أساس في ألمانيا.
وستكون روسيا وأوكرانيا أكثر المتضررين من هذه الحرب، لعدم قدرتهما تحمل تكاليف الواردات رغم الدعم المباشر لأوكرانيا، فيما ستتعطل القروض في بنوك دول الجوار والاتحاد الأوروبي، وسيكون عليها مخصصات عالية وستتأثر نتائج البنوك التي ستنعكس سلبا على الشركات العاملة في كافة القطاعات.

تغير محتمل
قال طلعت حافظ، الخبير المصرفي لـ«الشرق الأوسط» إن نتيجة العقوبات المالية والاقتصادية، التي فرضتها أميركا ودول الاتحاد الأوروبي على روسيا ونظاميها المالي والاقتصادي، سوف تحدث تغييرا جوهريا محتملا في النظامين المالي والاقتصادي العالميين، موضحا أنه عندما يجري التفكير في فرض عقوبات ما على دولة ما، يجري العمل على أن لا تتأثر بقية دول العالم واقتصاداتها وأنظمتها المالية بتلك العقوبات، بحيث تنحصر تأثيراتها في محيط الدولة التي فرضت عليها العقوبات. وأضاف حافظ، أن هناك استثناء في الحرب على بعض السلعة والمنتوجات وهذا فعلا ما تم بالنسبة لبعض الاستثناءات المتعلقة بالطاقة، وبالذات المرتبطة بإمدادات الغاز، سيما وأن ألمانيا تعد من بين الدول الأكثر حاجة واستهلاكا للغاز الطبيعي بين دول الاتحاد الأوروبي.
وتابع، أن الدول ستلجأ لاستحداث أنظمة مالية خاصة بها، بحيث تكون بديلة لنظام «سويفت» العالمي للتحويلات المالية، وكما عملت روسيا إبان النزاع الروسي على جزيرة القرم، وأيضاً لربما الدخول في تعهدات وتحالفات إقليمية ودولية، بحيث تعمل كبديل لنظام «سويفت» مما يقلل من المخاطر المرتبطة بالعزلة العالمية للدولة محل العقوبات.
وأشار حافظ، قد يلجأ تكتل اقتصادي مثل رابطة دول جنوب شرقي آسيا المعروف اختصاراً باسم آسيان، في استحداث أنظمة مالية شبيهه بنظام «سويفت» لمنح الدول الأعضاء الاستقلالية المالية في التعاملات.

النظام المصرفي السعودي
وعن الوضع المالي والمصرفي في السعودية، أكد حافظ، أنه مطمئن وذلك لعدة أسباب في مقدمتها أن السعودية ومنذ يوم التأسيس وهي بلد سلم وأمان وليس دولة مواجهة، ويهمها إحلال الأمن والسلام الدوليين، كما أنها تمتع بعلاقات دبلوماسية وشراكات عالمية مبنية على مراعاة المصالح المشتركة وعدم الانحياز لطرف لصالح الآخر، كونها دولة مسالمة لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى ولا تسمح في ذات الوقت بالتدخل في شؤونها، هذا بالإضافة إلى امتلاكها لنظام مالي ونظام مصرفي قويين للغاية، أثبتا جدارتيهما وتفوقهما في حسن التعامل مع الأزمات سواء المالية أو الصحية التي تحل بالعالم، وخير دليل على ذلك تعاملها المتميز مع الأزمة المالية العالمية التي حلت بالعالم في منتصف عام 2008 وأزمة فيروس كورونا المستجد الأخيرة.

تراجع العوائد
إلى ذلك قال محمد الشميمري، المحلل المالي لـ«الشرق الأوسط»: «الأزمة أثرت بشكل مباشر على الاقتصاديات العالمية... نتلمس ذلك عند النظر إلى عوائد السندات السيادية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، التي سجلت تراجعا مع نشوب الأزمة، وذلك مؤشر للشراء بقوة من السيولة الثابتة للحكومات أو الصناديق الاستثمارية، في المقابل العوائد تتراجع ومن ذلك ما سجلته العوائد في السندات الألمانية من تراجع 15 نقطة أساس ما يعطي عوائد سلبية بسبب أن هناك طلبا كبيرا وعزوفا عن المخاطر، كذلك سندات الخزينة الأميركية بعد ما سجلت مستويات فوق 2.4 في المائة وبعد الأزمة تراجعت إلى 1.72 في المائة وهذا تراجع كبير».
وتابع، أن ما يرصد الآن هو توجه السيولة للسندات السيادية التي تعد ملاذ أمان ومخاطر شبه معدومة، وذلك تخوفاً من الأحداث الحالية، وقد يكون ذلك بداية أمر أكبر من ذلك مع انتشار هذه التراجعات بشكل أوسع على مستوى الاقتصاد العالمي، خاصةً أن ما يسجل من تراجع للبنوك بشكل كبير منذ بدء الحرب «الروسية، الأوكرانية» يكون له انعكاسات على الحركة الاقتصادية.

الفائدة العالمية
وأضاف الشميمري، أنه كان من المتوقع أن يرفع البنك المركزي الأوروبي الفائدة 25 نقطة أساس في هذا العام، إلا أن الاقتصاديين أجمعوا أن المركزي سيتراجع عن رفع الفائدة، وهذا سيتسبب في تراجع للأسهم في البورصة الأوروبية، كما أن توقيف التعامل مع دولة بحجم روسيا سيؤثر سلبا، موضحا أنه من المتوقع أن يتدخل البنك المركزي الأوروبي لتغطية أي تعثر للبنوك وسيكون هناك مخصصات كبيرة للبنوك هذا العام بسبب هذه الأزمة.

تضرر الشركاء
من جهته قال عبد الله الربدي، المحلل المالي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تأثيرات اقتصادية على أوروبا من جهة وعلى روسيا بشكل أكبر، وعلى وجه الخصوص شركاء الاتحاد الأوروبي وروسيا، من هذه الخطوات التي ستنعكس على عمليات التوريد وفي مقدمتها «الغاز، النفط» كما أن هناك استثمارات معلقة في روسيا وكل من له استثمار في روسيا سيتأثرون من وقف الحركة التجارية والاستثمارات وتعطيل الحوالات.
وستعاني روسيا في الفترة المقبلة، وفقاً للربدي، قدرتها على توريد فاتورة الواردات وتعطيل الروبل والذي يشهد تذبذباً بشكل لافت، وقد يكون هناك تأثير كبير على الوظائف والتي تكون آخر النتائج ظهورا على مستوى الآثار الاقتصادية، وإن استمرت العقوبات 3 أشهر قد نجد ارتفاعاً كبيراً في البطالة في روسيا وسيؤدي إلى أزمة كبيرة، وسيتأثر الاتحاد الأوروبي من هذه الإجراءات، ومن ذلك البنوك التي لديها عملاء يستثمرون في روسيا ستكون القروض معطلة، سيكون عليها مخصصات عالية وستتأثر نتائج البنوك التي ستنعكس سلباً على الشركات.



14 مشروعاً تحقق جوائز الابتكار العالمية للمياه في السعودية

الأمير سعود بن مشعل نائب أمير منطقة مكة المكرمة خلال تكريمه الفائزين في الجائزة العالمية في جدة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
الأمير سعود بن مشعل نائب أمير منطقة مكة المكرمة خلال تكريمه الفائزين في الجائزة العالمية في جدة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
TT

14 مشروعاً تحقق جوائز الابتكار العالمية للمياه في السعودية

الأمير سعود بن مشعل نائب أمير منطقة مكة المكرمة خلال تكريمه الفائزين في الجائزة العالمية في جدة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
الأمير سعود بن مشعل نائب أمير منطقة مكة المكرمة خلال تكريمه الفائزين في الجائزة العالمية في جدة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

انطلقت أعمال النسخة الثالثة من «مؤتمر الابتكار في استدامة المياه»، الاثنين، بحضور الأمير سعود بن مشعل، نائب أمير منطقة مكة المكرمة، والمهندس عبد الرحمن الفضلي، وزير البيئة والمياه والزراعة، في المدينة الساحلية جدة (غرب السعودية)، بمشاركة أكثر من 480 خبيراً ومتحدثاً يمثلون نخبة من العلماء والمبتكرين يمثلون أكثر من 20 دولة في أنحاء العالم، حيث حقق 14 مبتكراً (فائزان في الجائزة الكبرى و12 فائزاً في جوائز الأثر) في 6 مسارات علمية جوائز النسخة الثانية من «جائزة الابتكار العالمية في تحلية المياه».

الأمير سعود بن مشعل وم. عبد الرحمن الفضلي وم. عبد الله العبد الكريم في صورة جماعية مع الفائزين بالجوائز (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وحصد الجائزة الكُبرى لي نوانغ سيم من جامعة نانيانغ التكنولوجية بسنغافورة عن مشروعه «كشف قوة التناضح العكسي بالطرد»، وسو ميشام من شركة «NALA Membranes» الأميركية عن مشروعها «أغشية مركبة رقيقة من مادة البولي سلفون الجديدة لتحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف».

وشهد المؤتمر الإعلان عن 11 براءة اختراع عالمية جديدة تعزز الحلول المبتكرة لمعالجة التحديات في القطاع وذلك في كلمة للمهندس عبد الله العبد الكريم، رئيس الهيئة السعودية للمياه، خلال حفل الافتتاح، أكد خلالها أن الحدث يعكس التزام السعودية بتعزيز الابتكار العلمي والبحثي ركيزةً لتحقيق استدامة الموارد المائية وتأكيد مكانتها مرجعاً عالمياً في تطوير حلول مبتكرة لإدارة المياه وتحقيق الأمن المائي المستدام.

م. عبد الله العبد الكريم خلال إلقاء كلمته في حفل افتتاح مؤتمر الابتكار في استدامة المياه (الشرق الأوسط)

وتأتي مبادرة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، بإعلان تأسيس المنظمة العالمية للمياه لتحقيق الأمن المائي العالمي على رأس المبادرات التي تعزز أهداف الاستدامة وجودة الحياة والتعاون الدولي في هذا المجال، وفق العبد الكريم.

ودُشّن على هامش المؤتمر ولأول مرة، هاكاثون المياه «مياهثون»، الذي ينظمه مركز الابتكار السعودي لتقنيات المياه بالشراكة مع القطاعين الحكومي والخاص، ويهدف إلى تعزيز التنافسية الإبداعية عبر تطوير حلول عملية ومبتكرة للتحديات المائية.

وأعلن خلال الحفل عن الهوية الجديدة لجائزة الابتكار العالمية، لتكون انطلاقاً من الموسم المقبل باسم «الجائزة العالمية للابتكار في صناعة المياه»، بما يتماشى مع توسع أهداف الجائزة وتعزيز دورها في تطوير حلول مستدامة وإشراك العقول الشابة في الابتكار.

جانب من مشاركة الفرق في المرحلة الأخيرة من هاكاثون المياه «مياهثون» خلال انطلاقة أعمال المؤتمر (الشرق الأوسط)

من جهته، أوضح سلطان الراجحي، المدير التنفيذي للتواصل والتسويق في الهيئة السعودية للمياه، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تعديل اسم الجائزة العالمية للابتكار من «تحلية المياه» إلى «صناعة المياه» بنسختها القادمة لتكون أشمل وأوسع، مشيراً إلى أن هاكاثون المياه الذي سمي «مياهثون» تنافس خلاله 50 فريقاً مثّل الشباب السعودي أكثر من 60 في المائة من الفرق مقابل 40 في المائة لفرق من مختلف دول العالم.

وأكد أن تواجد الحضور الكبير من مختلف دول العالم في المؤتمر يؤكد المكانة الرائدة للسعودية بصفتها مركزاً رئيساً للابتكار والإبداع في صناعة المياه، التي بدأت من جدة بـ«الكندسة»، وأن الحدث سيشهد مناقشة الباحثين والمبتكرين عدداً من المجالات في القطاع، منها الإنتاج والنقل والتوزيع وإعادة الاستخدام، للخروج بتوصيات تساهم بشكل كبير في استدامة الموارد المالية وتعزيز الابتكار فيها.

من جانبه، قال فؤاد كميت، بإدارة المركز الابتكاري لتقنيات المياه، إن هاكاثون المياه «مياهثون»، يتيح للمبتكرين ورواد الأعمال في 5 مجالات رئيسة لتطوير حلول عملية ومبتكرة للتحديات المائية، لافتاً إلى تأهل 15 فريقاً إلى المرحلة النهائية بعد منافسة مع أكثر من 500 شخص شاركوا في المرحلة التمهيدية.

السعودية غدير البلوي عبّرت عن اعتزازها بالجائزة العالمية للابتكار في تحلية المياه (الشرق الأوسط)

وبيّن أن المرحلة الأخيرة تمتد طوال أيام المؤتمر الثلاثة، وستعكف الفرق المتأهلة على تحويل أفكارهم نماذج عمل أولية تؤسس لشركاتهم الناشئة.

الأميركية سو ميشام الفائزة بإحدى الجوائز الكبرى (الشرق الأوسط)

في المقابل، أفادت غدير البلوي، الأستاذ المساعد في قسم الكيمياء في جامعة تبوك وإحدى الفائزات بالجائزة العالمية، في حديثها لـ«الشرق الأوسط» بأن ابتكارها يتمثل في استخدام النانو «متيريل» في محطات معالجة المياه في السعودية.