أصبح رومان أبراموفيتش الآن شخصية غير مرغوب فيها لدرجة أن الحكومة البريطانية فرضت عليه عقوبات بعد 19 عاماً من استحواذه على نادي تشيلسي، تم خلالها تكريمه بصفته متبرعاً وشخصاً يقوم بأفعال الخير! وبالنسبة للمملكة المتحدة، وللدوري الإنجليزي الممتاز، ولكرة القدم - وبالنسبة لنا جميعاً - سيكون الأمر أفضل قليلاً لو تم الاعتراف بأن عدم معرفة ما يكفي عن أبراموفيتش طوال هذه السنوات يعد صدمة كبيرة للغاية. لكن للأسف، هذا النوع من الطمأنينة سيكون مجرد خداع للذات، والأوقات التي نمر بها الآن تتطلب بالتأكيد الحديث بكل صراحة.
بالطبع كان من المذهل أن نرى الحكومة البريطانية تجمد بالفعل أصول أبراموفيتش، من خلال فقرة مكتوبة تدين قربه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لكن الصدمة في الحقيقة كانت تتمثل في الاعتراف ببعض الحقائق المجردة التي كانت تظهر للعيان طوال الوقت. إن إجراءات المحكمة المشار إليها من قبل وزارة الداخلية البريطانية، في تلك الوثيقة التي قرأها عضو البرلمان كريس براينت في مجلس العموم قبل أسبوعين، تمت في عام 2012، وبحلول عام 2019، بعد تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرجي سكريبال بمادة نوفيتشوك السامة في مدينة سالزبوري الإنجليزية، تبنت الحكومة وجهة النظر التالية:
«لا يزال أبراموفيتش محل اهتمام حكومة صاحبة الجلالة بسبب صلاته بالدولة الروسية وارتباطه العام بأنشطة وممارسات فاسدة... ومثال على ذلك اعتراف أبراموفيتش في المحكمة بأنه دفع أموالاً مقابل النفوذ السياسي». ونص حكم المحكمة الذي أصدرته القاضية غلوستر على أن قضية أبراموفيتش نفسها تتمثل في أن أنشطة الضغط السياسي لشريكه السابق، بوريس بيريزوفسكي، التي زودته بالحماية السياسية كانت: «فاسدة بطبيعتها، وبالمثل، فإن الصفقة بين الرجلين، التي وافق أبراموفيتش بموجبها على الدفع لبيريزوفسكي مقابل خدماته للحماية، كانت فاسدة أيضاً». وأشار الحكم أيضاً إلى أن أبراموفيتش كانت له «علاقات جيدة جداً» مع بوتين، بما في ذلك «الوصول المميز» إلى الرئيس الروسي.
وعلاوة على ذلك، فإن الطريقة التي جمع بها أبراموفيتش الأموال كانت معروفة وتم الإبلاغ عنها بحلول عام 2003، عندما اشترى أبراموفيتش نادي تشيلسي، وتم تمويل نجاحات النادي بأمواله التي جمعها نتيجة نفوذه السياسي. وتم شراء اللاعبين بشكل لم يكن يحدث من قبل، وقام أبراموفيتش بعقد صفقات جديدة بمبالغ مالية كبيرة، ودفع أجوراً لم يكن النادي قادراً على دفعها من قبل. وبهذه الطريقة، اشترى الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا، وقبل أيام فقط من غزو بوتين لأوكرانيا، اشترى كأس العالم للأندية. قد يكون من المريح أيضاً إلقاء اللوم في ذلك على الدوري الإنجليزي الممتاز أو الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم أو سلسلة من الحكومات المتعاقبة التي يسعدها أن تستقطب بريطانيا الأموال من أي مكان. لكن لن يكون من الإنصاف القيام بذلك، نظراً لأن الحقائق كانت موجودة لأي شخص يكلف نفسه عناء الاهتمام.
ورغم ذلك، كان هناك إغفال متعمد للحقائق المعروفة عن كيفية تحوله إلى أوليغارشي (رجل أعمال ثري جداً يتمتع بقدر كبير من التأثير السياسي)، وكيف شرع في ترسيخ وجوده ومكانة نادي تشيلسي في الوقت الذي تكيفت فيه كرة القدم ككل مع إنفاقه الضخم. وفي عام 2012، قال ممثلو أبراموفيتش إن القاضية غلوستر لم تقيم الأمور بشكل صحيح، وقللوا من شأن علاقة أبراموفيتش ببوتين، مشيرين إلى أدلة على أنه «ليس في الدائرة المقربة» من الرئيس الروسي.
وفي الآونة الأخيرة، بدأ أبراموفيتش حتى في النزول إلى أرض الملعب للاحتفال بالبطولات التي يحصل عليها الفريق. وبالنسبة لأولئك الذين اهتموا بالأمر، كان من المؤلم رؤية سيزار أزبيليكويتا، ذلك المحترف الرائع الذي يحمل شارة قيادة الفريق على ذراعه، وهو يشير إلى مالك النادي الروسي لكي يصعد إلى المنصة ويحمل كأس دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي. لم تكن الصور التي تم بثها عالمياً لأبراموفيتش، بابتسامته الواسعة المنتصرة ويديه على أكبر جائزة في عالم كرة القدم، مظهراً جيداً لكرة القدم أو لبريطانيا أو لأوروبا.
وأخيراً، أشارت الحكومة في أسبابها للعقوبات إلى أن أبراموفيتش «أوليغارشي موالٍ للكرملين»، وكانت له «علاقة وثيقة منذ عقود» ببوتين، ولديه «معاملة تفضيلية وتنازلات من بوتين وحكومة روسيا» بما في ذلك عقود في الفترة السابقة لنهائيات كأس العالم 2018، ويمكن لشركته أن تزود الجيش الروسي بالصلب، الذي يمكن استخدامه لإنتاج الدبابات، ويمكن أن يوفر المال أو السلع أو التكنولوجيا «التي يمكن أن تسهم في زعزعة استقرار أوكرانيا».
هناك تحدٍّ واضح لكرة القدم الإنجليزية، وهو أمر مهم حتى في هذا السياق المرعب، حيث إن المكانة والشرعية اللتين تمنحهما كرة القدم الإنجليزية، أمر مرغوب فيه من قبل جميع أنواع الأنظمة ورجال المال. ويجب أن تسأل كرة القدم الإنجليزية نفسها عما إذا كانت تفعل ما يكفي للتأكد من أن رياضتها التي لا تقاوم وأنديتها المعشوقة هي قوى من أجل الخير في العالم أم لا – لأنه بعد أن تم الاستيلاء عليها بالمال، تم الكشف عن أن قواعدها غير كافية بشكل مثير للضحك.
والآن، يبدو أن ملاك الأندية والمديرين الفنيين يوافقون على أن أبراموفيتش «شخص لائق ومناسب». لقد تم وضع القواعد لمنع المحتالين الصغار من الاستيلاء على أندية كرة القدم الصغيرة، ولم يتم وضعها قط لتناسب العصر الحديث للدوري الإنجليزي الممتاز. ويُمنع الأشخاص من الاستحواذ على الأندية إذا صدرت بحقهم إدانة جنائية بتهمة عدم الأمانة أو إذا أفلسوا، لكن أبراموفيتش لم يصدر بحقه أي إدانة جنائية، ولم يعلن إفلاسه قط، لكنه أصبح مليارديراً في «الشرق المتوحش» لروسيا ما بعد الشيوعية، التي لم تكن تحكمها سيادة القانون. ومنذ ما يقرب من عقدين من الزمان، سُمح له بالسيطرة على كرة القدم وإغراقها بأمواله الطائلة والحصول على أعظم الجوائز، قبل أن ينتهي كل ذلك أخيراً بسبب حرب فعلية.
كيف تجاهلت كرة القدم مصدر أموال رومان أبراموفيتش كل هذه الفترة الطويلة؟
الحقائق المتعلقة بأصول مالك تشيلسي كانت واضحة دائماً ويمكن إدراكها من قبل أي شخص
كيف تجاهلت كرة القدم مصدر أموال رومان أبراموفيتش كل هذه الفترة الطويلة؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة