حركة «السلام الآن» تحذّر من {استيطان زاحف}

رصدت ارتفاعاً بارزاً في عدد الاعتداءات على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم

فلسطيني خلال مواجهات مع قوات إسرائيلية ضد سياسة مصادرة الأراضي في قرية كفر قدوم بالضفة (أ.ف.ب)
فلسطيني خلال مواجهات مع قوات إسرائيلية ضد سياسة مصادرة الأراضي في قرية كفر قدوم بالضفة (أ.ف.ب)
TT

حركة «السلام الآن» تحذّر من {استيطان زاحف}

فلسطيني خلال مواجهات مع قوات إسرائيلية ضد سياسة مصادرة الأراضي في قرية كفر قدوم بالضفة (أ.ف.ب)
فلسطيني خلال مواجهات مع قوات إسرائيلية ضد سياسة مصادرة الأراضي في قرية كفر قدوم بالضفة (أ.ف.ب)

في أعقاب رصد مجموعة كبيرة من المشاريع الاستيطانية الزاحفة، التي يتم إقرارها بصمت في الدوائر الحكومية الإسرائيلية وفي بلدية القدس الاحتلالية، حذرت حركة «السلام الآن» في تل أبيب، من مخططات جهنمية للتهويد. وأشارت في تقرير جديد لها، إلى أن هناك تقاسم أدوار بين المستوطنين والقيادة اليمينية في الحكومة يرمي إلى دفع مشاريع التهويد والتطهير العرقي في الأراضي الفلسطينية، جنباً إلى جنب مع عمليات اعتداء تنفذها على الأرض وبشكل يومي ميليشيات المستوطنين المستعمرين.
ودعت «السلام الآن» إلى وضع حد لاعتداءات المستوطنين ووقف تدخل النخبة السياسية اليمينية المتطرفة، التي أصبحت لديها نواة صلبة في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست). وأكدت أن «النواة الصلبة للذراع العسكرية في البؤر الاستيطانية غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة، مدعومة من ذراع سياسية في الكنيست ومن شخصيات معروفة بعينها لا تنكر دعمها وتأييدها لهذه الشريحة من العناصر ونشاطاتها التي تستهدف الفلسطينيين العزل، تعملان معاً في تطبيق مشاريع الاستيطان الزاحف». ورأت أن «هناك علاقة مباشرة بين إقامة وتوسيع البؤر الاستيطانية غير القانونية، وأعمال العنف التي ينفذها المستوطنون عبر ميليشياتهم». وقد «شوهد خلال السنوات الأخيرة مزيد ومزيد من الهجمات الخطيرة، التي تم فيها تجاوز الخطوط الحمراء حول بؤر استيطانية محددة، وأن هذه البؤر تلتقي مع مخططات سياسية حكومية تهدف إلى توسيع المشاريع الاستيطانية والاستيلاء على مزيد من الأراضي الفلسطينية».
وأوضحت أن هذه البؤر الاستيطانية مأهولة جزئياً بالمستوطنين المتطرفين، وتتميز بجهد مستمر لتوسيعها والاستيلاء على مزيد ومزيد من الأراضي، وكثيراً ما يستخدمون العنف لترهيب الفلسطينيين وطردهم من أرضهم في ظل تجاهل الشرطة الإسرائيلية والجيش لجرائم وانتهاكات المستوطنين، خصوصاً حرق المنازل والسيارات والمحاصيل الزراعية واقتلاع الأشجار وخط العبارات العنصرية واستهداف المساجد والكنائس ورجال الدين.
ورصدت الحركة ارتفاعاً بارزاً في عدد اعتداءات المستوطنين على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم. وأشارت إلى أن عدد حوادث عنف المستوطنين في العامين الأخيرين (2020 - 2021)، كان أعلى بمرتين مما كان عليه في عام 2019، حيث وثقت المنظمة 363 حادثة عنف وجريمة في عام 2019، أما في عام 2020 فارتفع العدد إلى 507 حوادث، وفي عام 2021 إلى 832 حادثة. وتتركز اعتداءات المستوطنين في شمال الضفة الغربية وجنوبها. ووفقاً لمركز أبحاث الأراضي، شهد عام 2021 الماضي توسيع 55 مستوطنة قائمة وإنشاء 15 بؤرة استيطانية جديدة وإعلان 102 مخطط استيطاني جديد.
وفي السياق ذاته، قال «المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان» في تقرير له، أمس (السبت)، إن المخططات الاستيطانية في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلتين تتوالى بهدف تهويدهما بشكل غير مسبوق. وكشف المكتب عن طريقة جديدة تتبعها ميليشيات المستوطنين تدعى «الاستيطان الرعوي». وأوضح أن الحديث يجري عن إقامة مزارع على أراضي السكان الأصليين الفلسطينيين يمارس فيها المستوطنون نشاطاتهم الزراعية ويرعون الأغنام. فهم يشيدون كثيراً من البؤر والمستوطنات جنوب الضفة الغربية، وخلال ذلك يخربون المساحات الزراعية، أو يحرقونها ويمنعون أصحابها من الوصول إليها، ولاحقاً يُقيمون براكيات لمواشيهم، لمصلحة مشاريع استيطانية جديدة أو استحداث القديم منها. وتدعم سلطات الاحتلال خطوات المستوطنين الرعاة، بملاحقة المزارعين الفلسطينيين ومنعهم من إعمار أراضيهم، مستخدمةً قانوناً إسرائيلياً يدعي أن «الأراضي التي لم تستصلح خلال 10 سنوات تحولت لأراضي دولة».
ويشكو المزارعون الفلسطينيون في المناطق التي تُقام فيها مستوطنات رعوية، من محاربة المستوطنين لهم في مصدر رزقهم الوحيد، معتبرين ذلك وجهاً جديداً للاستيطان في الضفة، ومحاولات استنزاف لقدراتهم، وصولاً إلى الهدف المنشود بتهجير المواطن الأصلي عن أرضه. وبحسب «مدير هيئة الجدار والاستيطان» في بيت لحم حسن بريجية، فإن الاستيطان الرعوي ينشط بكثرة في أراضي جنوب محافظة بيت لحم وغربها، وغالباً ما يُصاحب باعتداءات يُنفذها المستوطنون بحماية من شرطة وجيش الاحتلال، ما يؤدي إلى اندلاع مواجهات تُسفر عن إصابات واعتقالات في صفوف الفلسطينيين.
ويقول رئيس «مجلس قروي مسافر يطا» نضال يونس، الذي تتعرض بلدته لهذا النوع من الاعتداءات، إن الاستيطان الرعوي ينطوي أيضاً على سرقة التاريخ والتراث. ويضيف شارحاً: «يظهر المستوطن اليوم وهو يرعى الأغنام بطريقة مشابهة للفلسطيني قديماً، فيلبس الشماغ الفلسطيني، ويركب دابة، ويقتني الجِمال ويعيش في الخيمة، وتُصور الأفلام والفيديوهات لحياتهم لترويجها للعالم أنهم أصحاب الأرض».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.