متحدث في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: لا استثناءات للعقوبات على نظام الأسد

قال إن آلية المساعدات عبر الحدود لا تزال الضامن الأساسي

TT
20

متحدث في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: لا استثناءات للعقوبات على نظام الأسد

أكدت الولايات المتحدة موقفها الثابت من عدم التساهل والتهاون في فرض العقوبات على نظام بشار الأسد، وكذلك المناطق التابعة لسيطرته، مع التشديد على السير في العملية السياسية التي أقرّها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة برقم 2254.
وقال متحدث في وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»، إن إدارة الرئيس جو بايدن تعارض أي جهود لإعادة الإعمار التي يقودها النظام السوري، وإنها لن تتراجع في موقفها «الثابت» حيال هذه القضية، حتى يتم إحراز تقدم في العملية السياسية، مؤكداً عدم «رفع أي عقوبات ولا تحقيق أي إعفاءات عن بشار الأسد ونظامه».
وأشار المتحدث الذي رفض التصريح عن اسمه، إلى أنه لا تزال واشنطن على اتصال مع الأمم المتحدة وحلفائها وشركائها الدوليين، وذلك لتشجيع كل الجهود الممكنة لدفع «حل للأزمة السورية»، وإحراز تقدم في جميع جوانب قرار الأمم المتحدة 2254، لافتاً إلى الدعم المستمر أيضاً للمبعوث الخاص للأمم المتحدة غير بيدرسن، وجهوده للتوصل إلى حل سياسي للأزمة.
وأضاف: «نحن ندعم المساعدة الإنسانية لسوريا عبر كل الوسائل، بما في ذلك الآلية العابرة للحدود التي أذن بها مجلس الأمن، وسنواصل المناقشات مع جميع أعضاء المجلس حيال هذا الأمر، لكننا نعتقد اعتقاداً راسخاً بأن الآلية العابرة للحدود لا تزال لا غنى عنها لضمان وصول المساعدات المنقذة للحياة إلى السوريين المحتاجين لها».
وأكدت مصادر مطلعة في الولايات المتحدة لـ«الشرق الأوسط»، أن الإدارة الأميركية ناقشت الأوضاع الصعبة والإجراءات المعقدة التي يمر بها السوريون في المناطق المحررة من سيطرة النظام السوري، كما أن إيثان غولدريتش نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، والمعني بمتابعة الملف السوري، التقى مع بعض المنظمات الإنسانية العاملة في سوريا، وناقش معهم صعوبة الأوضاع في الميدان، وكذلك تم التواصل مع الإدارة الذاتية الداخل الشهر الماضي.
وأفاد المصدر الأميركي الذي رفض الإفصاح عن هويته، بأنه «عند التواصل مع الإدارة الذاتية (شرق سوريا) مرة أخرى، تم إبلاغهم بقرار تخفيف العقوبات والاستثناءات على المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية»، وكذلك تم إبلاغ المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية المعروفة اختصاراً بـ«قسد» في الشمال الشرقي من سوريا، أي أن الإعفاءات ستصل إلى المناطق التي لا تخضع تحت سيطرة الأسد في سوريا، باستثناء عفرين.
وكانت صحيفة «المونيتور» الأميركية، أول من نشر عن الخطوة الأميركية المقبلة، التي من المتوقع أن تعلن إدارة بايدن قريباً عن إعفاء المناطق التي يسيطر عليها الأكراد والمعارضة في سوريا من العقوبات المفروضة على نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأن هذه الإعفاءات من «قانون قيصر» تهدف لحماية المدنيين السوريين، وأن تنازل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية عن كل العقوبات للمناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري لن يشمل النفط والغاز.
وبالنسبة للسنة المالية 2022، فقد طلبت وزارة الخارجية 125 مليون دولار من المساعدات الاقتصادية وتحقيق الاستقرار لسوريا، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا المبلغ سيرتفع أم لا.
بدوره، علّق أيمن عبد النور الناشط السياسي والمعارض المقيم في أميركا، على هذه الخطوة التي قد تصدر من الإدارة الأميركية، بأن هذا القرار وضع القيادات في مناطق الشمال الشرقي والغربي أمام «تحدٍّ حقيقي»، بإدارة المناطق الخاضعة تحت سيطرتهم واختبارهم، متسائلاً: «هل هم فقط يستطيعون القيادة المدنية وإدارة المستشفيات؟ أم فقط الإدارة بالسلاح؟».
ورأى عبد النور خلال حديثه مع «الشرق الأوسط»، أن هذه الاستثناءات تحتاج إلى «تحسين أوضاع وتوفير محاكم، وشرطة، واستثمارات، وتأصيل الحريات»، معتبراً أن عدم الاستفادة من الاستثناءات بالشكل الصحيح «سيفتح باب الانتقاد والاعتراضات، وسيكون الناس والأهالي هم الحكم، إما أن يكون استغلالها بالشكل الصحيح أو سوف يسقطون في أعينهم».



ضربات واشنطن على الحوثيين لا تتوقف... وقلق أممي على المدنيين

آثار قصف استهدف مركز احتجاز مهاجرين أفارقة في صعدة حيث المعقل الرئيسي للحوثيين (رويترز)
آثار قصف استهدف مركز احتجاز مهاجرين أفارقة في صعدة حيث المعقل الرئيسي للحوثيين (رويترز)
TT
20

ضربات واشنطن على الحوثيين لا تتوقف... وقلق أممي على المدنيين

آثار قصف استهدف مركز احتجاز مهاجرين أفارقة في صعدة حيث المعقل الرئيسي للحوثيين (رويترز)
آثار قصف استهدف مركز احتجاز مهاجرين أفارقة في صعدة حيث المعقل الرئيسي للحوثيين (رويترز)

وسط قلق أممي من تصاعد الخسائر في أوساط المدنيين، ضربت غارات أميركية، ليل الاثنين وفجر الثلاثاء، مواقع مفترضة للجماعة الحوثية في صنعاء وصعدة وعمران، وذلك غداة خسارة واشنطن أولى مقاتلاتها منذ بدء الحملة التي أطلقها الرئيس دونالد ترمب ضد الجماعة في منتصف مارس (آذار) الماضي.

وطبقاً لأهداف الحملة المعلنة، يسعى ترمب إلى إرغام الجماعة المدعومة من إيران على التوقف عن تهديد الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، والكف عن مهاجمة إسرائيل ضمن ما تقول الجماعة إنه مناصرة للفلسطينيين في غزة.

وغداة إعلان الجماعة الحوثية مقتل 68 مهاجراً أفريقياً وإصابة 48 آخرين في أحد مراكز الاحتجاز، إثر ضربة في صعدة نسبتها الجماعة للمقاتلات الأميركية، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء الخسائر المأساوية في الأرواح.

وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، في بيان: «نشعر بالحزن إزاء الخسائر المأساوية في الأرواح، حيث يُعتقد أن العديد من المهاجرين قد لقوا حتفهم أو جُرحوا».

وحذر المتحدث الأممي من أن هذه الأعداد قد ترتفع مع استمرار عمليات البحث والإنقاذ، التي يقودها المستجيبون في الخطوط الأمامية.

وإذ يُتهم الحوثيون باتخاذهم المدنيين والسجناء دروعاً بشرية، لم يعلق الجيش الأميركي على الواقعة التي ذهب ضحيتها العشرات في مركز الاحتجاز، في حين استمرت ضرباته المتصاعدة في أسبوعها السابع.

وبحسب الإعلام الحوثي، ضربت غارتان مديرية بني حشيش حيث الضواحي الشرقية لصنعاء، كما ضربت غارات أخرى الضواحي الجنوبية الشرقية حيث مديرية بلاد الروس، وفي شرقي مدينة صنعاء استهدفت 4 غارات منطقة براش خلف جبل نقم.

وفي حين يعتقد أن الضربات استهدفت مواقع محصنة في المناطق الجبلية التي تم قصفها أكثر من مرة، يتكتم الحوثيون على خسائرهم العسكرية على مستوى العناصر والأفراد.

تصاعد ألسنة اللهب من موقع مفترض للحوثيين في صنعاء إثر غارات جوية أميركية (إ.ب.أ)
تصاعد ألسنة اللهب من موقع مفترض للحوثيين في صنعاء إثر غارات جوية أميركية (إ.ب.أ)

ويقول الجيش الأميركي إنه نفذ أكثر من 800 ضربة أدت إلى قتل مئات من عناصر الجماعة وقادتها وتدمير الكثير من قدراتها.

وفي محافظة صعدة، أفاد إعلام الحوثيين باستقبال غارة في منطقة المهاذر التابعة لمديرية سحار، وبتلقي ثلاث غارات على مديرية حرف سفيان في محافظة عمران شمال صنعاء.

ومع بدء الحملة، توعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجماعة المدعومة من إيران بـ«القوة المميتة» وبـ«القضاء عليهم تماماً»، في حين ترى الحكومة الشرعية اليمنية أن السبيل الأمثل هو دعم قواتها على الأرض لإنهاء التهديد الحوثي واستعادة المناطق الخاضعة بالقوة للجماعة، بما فيها الحديدة وصنعاء وصعدة.

خسارة أول مقاتلة

منذ بدء حملة ترمب ضد الحوثيين أقر مسؤولون أميركيون، الاثنين، بخسارة أولى مقاتلاتهم، من طراز «إف 18»، وغرقها في البحر وإصابة أحد أفراد الطاقم بشكل طفيف، ولم تتضح بعد أسباب سقوطها، إلا أن تقارير غربية ذكرت أنها سقطت في أثناء مناورة حاملة الطائرات «هاري ترومان» شمالي البحر الأحمر، لتفادي هجمات الحوثيين.

وكان المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، تبنى، مساء الاثنين، تنفيذ عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى حاملة الطائرات «هاري ترومان» والقطع الحربية التابعة لها، فيما استهدفت الثانية هدفاً حيوياً إسرائيلياً في منطقة عسقلان.

مقاتلة أميركية تقلع من متن حاملة طائرات لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)
مقاتلة أميركية تقلع من متن حاملة طائرات لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي مهاجمة الحاملة بالصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيرة، كما زعم مهاجمة إسرائيل بطائرة مسيرة، وهي المزاعم التي لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وفي سياق الخسائر الأميركية، كان مسؤولون أميركيون تحدثوا للإعلام عن خسارة سبع مسيرات من طراز «إم كيو 9»، خلال الحملة الأخيرة ضد الحوثيين، قيمتها أكثر من 200 مليون دولار.

من جهتهم، يزعم الحوثيون أنهم أسقطوا 22 مسيرة أميركية منذ انخراطهم في التصعيد البحري والإقليمي منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وللحفاظ على سرية العمليات، قالت القيادة المركزية الأميركية إنها تعمدت تقليص الكشف عن تفاصيل عملياتها الجارية أو المستقبلية. وقالت في بيان في وقت سابق: «نحن نتبع نهجاً مدروساً للغاية في عملياتنا، لكننا لن نكشف عن تفاصيل ما قمنا به أو ما سنقوم به لاحقاً».

وتعهد البيان الأميركي بمواصلة تصعيد الضغط والعمل على تفكيك قدرات الحوثيين بشكل أكبر ما داموا مستمرين في عرقلة حرية الملاحة، مؤكداً تنفيذ 800 ضربة من بدء العملية التي أطلق عليها «الفارس الخشن».

الجيش الأميركي تبنى 800 ضربة ضد مواقع مفترضة للحوثيين خلال 7 أسابيع (أ.ف.ب)
الجيش الأميركي تبنى 800 ضربة ضد مواقع مفترضة للحوثيين خلال 7 أسابيع (أ.ف.ب)

وتسببت هذه الضربات - بحسب البيان - في مقتل المئات من مقاتلي الحوثيين وعدد كبير من قادتهم، بمن في ذلك مسؤولون كبار عن الصواريخ والطائرات المسيرة. كما دمرت الضربات عدة منشآت للقيادة والسيطرة، وأنظمة دفاع جوي، ومرافق تصنيع أسلحة متقدمة، ومستودعات تخزين للأسلحة المتطورة.

الضغط بالعقوبات

إلى جانب الضغط العسكري على الحوثيين، واصلت واشنطن فرض عقوباتها على الكيانات الحوثية وعلى الأفراد والشركات والجهات الداعمة للجماعة، وذلك منذ تصنيف الجماعة «منظمة إرهابية أجنبية».

وفي بيان للمتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، تامي بروس، أوضحت أن بلادها فرضت، الاثنين، عقوبات على ثلاث سفن ومالكيها لدعمهم الحوثيين المدعومين من إيران عبر نقل منتجات نفطية مكررة إلى ميناء يسيطر عليه الحوثيون.

وشددت بروس على أن الولايات المتحدة ملتزمة بعرقلة وإيقاف مصادر الإيرادات غير المشروعة للحوثيين، ومقدمي التسهيلات المالية، والموردين كجزء من نهجها الذي يشمل الحكومة بأكملها للقضاء على التهديدات التي تواجه حرية الملاحة في البحر الأحمر.

واعترف زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في أحدث خطبه بتلقي 1200 غارة جوية وقصف بحري خلال 6 أسابيع من حملة ترمب، لكنه زعم أن الضربات لم تؤثر على قدرات جماعته العسكرية، بخلاف تقارير أميركية تحدثت عن مقتل المئات وتدمير مستودعات أسلحة محصنة وثكنات.

وأطلق الحوثيون 16 صاروخاً باتجاه إسرائيل منذ 17 مارس الماضي، دون تأثير عسكري إلى جانب إطلاق عدد من المسيرات.

ومنذ انخراط الجماعة في الصراع البحري والإقليمي بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، كانت أطلقت نحو 200 صاروخ ومسيرة باتجاه إسرائيل، وتسببت هجماتها البحرية في غرق سفينتين، وقرصنة ثالثة.

عنصر حوثي في صنعاء خلال حشد للجماعة دعا إليه زعيمها عبد الملك الحوثي (إ.ب.أ)
عنصر حوثي في صنعاء خلال حشد للجماعة دعا إليه زعيمها عبد الملك الحوثي (إ.ب.أ)

وتلقت الجماعة نحو ألف غارة وضربة جوية في عهد الرئيس جو بايدن بين 12 يناير (كانون الثاني) 2024، و20 يناير 2025، قبل أن تتوقف على إثر هدنة غزة المنهارة بين إسرائيل وحركة «حماس».

ويربط الحوثيون توقف هجماتهم بإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وإدخال المساعدات، في حين تربط واشنطن وقف حملتها بإنهاء تهديد الجماعة للملاحة، ولا يستبعد المراقبون أن تتطور الحملة الأميركية إلى عملية برية تقودها القوات الحكومية اليمنية لإنهاء النفوذ الحوثي.