الحرب في أوكرانيا تضرب البيئة من جديد وتُفاقِم أزمات الغذاء والمناخ

حقل من القمح قرب العاصمة الأوكرانية كييف (رويترز)
حقل من القمح قرب العاصمة الأوكرانية كييف (رويترز)
TT

الحرب في أوكرانيا تضرب البيئة من جديد وتُفاقِم أزمات الغذاء والمناخ

حقل من القمح قرب العاصمة الأوكرانية كييف (رويترز)
حقل من القمح قرب العاصمة الأوكرانية كييف (رويترز)

بينما تُوسِّع القوات الروسية هجومها على المدن الأوكرانية، يحذّر مراقبون من أن هذا التصعيد الأخير في أزمة مستمرة منذ سنوات، قد يُلحق أضراراً بيئية واسعة وطويلة الأمد، ليس في منطقة الصراع فحسب، وإنما في جميع أنحاء العالم.
ومن الآثار المباشرة للقصف وتدمير المباني والبنى التحتية وتعطيل الخدمات الأساسية، تلوُّث الهواء أضعافاً بسبب الغبار والانبعاثات من الذخائر، وتلوُّث المياه أو انقطاعها كلياً بسبب ضرب الشبكات، وما ينجم عن هذا من مشكلات صحية. أما الضغط الذي يشكله ملايين النازحين على البنى التحتية والخدمات في الدول المجاورة، فيتسبب في مشكلات بيئية شتى، خبِرَتْها المنطقة العربية في أكثر من بلد.
وترتبط الحرب في أوكرانيا بأزمة المناخ بطرق مختلفة، فأحد أطراف النزاع دولة نفطية يعتمد مستقبلها -على المدى الطويل- على تبطيء خفض الانبعاثات، ويقود اعتماد أوروبا على النفط والغاز الروسي نقاشات ساخنة حول تسريع التحوُّل إلى الطاقة النظيفة. كما تُعدّ روسيا وأوكرانيا مصدرين رئيسيين لأسواق الحبوب والذرة العالمية، وقد يتسبب الغزو في صدمة غذائية في عديد من البلدان.
- التلوُّث البيئي في دونباس
المخاوف من حدوث كارثة بيئية في أوكرانيا ليست جديدة. فالصراع الذي بدأ قبل 8 سنوات وأودى بحياة أكثر من 13 ألف شخص، ترك أيضاً آثاره البيئية على منطقة دونباس الانفصالية التي تضم مقاطعتي دونيتسك ولوهانسك. ونظراً لأن شرق أوكرانيا مليء بالمنشآت الصناعية، مثل معامل التعدين والمصانع الكيماوية ومحطات الطاقة، إلى جانب المناجم المتهالكة، فإن القتال في دونباس تسبب في تلوُّث واسع وآثار صحية خطيرة.
وخلال سنوات الحرب السابقة، تداعت البنية التحتية لمياه الشرب والصرف الصحي في المنطقة، كما تلوَّثت الأنهار المحلية. وبينما سجَّلت «اليونيسف» أكثر من 450 حالة ضرر لحقت بالبنية التحتية للمياه في دونباس منذ 2016، تسبب القصف خلال الغزو الحالي في قطع مياه الشرب عن عشرات البلدات.
وإلى جانب ما تشكله من تهديد مباشر للمدنيين، تلوِّث الذخائر غير المتفجرة في المنطقة الممرات المائية، وتنتج عنها موادُّ كيميائية سامة تنتشر عبر التربة. كما يؤدي القصف المتكرر والألغام الأرضية، بالإضافة إلى الأحوال الجافة الناتجة عن تغيُّر المناخ، إلى جعل المنطقة أكثر عرضة لحرائق الغابات. وكانت الأمم المتحدة قد أوردت في 2018 أن الصراع في دونباس دمّر الغطاء الأخضر ضمن مساحة من الأراضي لا تقل عن 530 ألف هكتار، بما في ذلك 18 محمية طبيعية، وأن نحو 12 ألف حريق غابات اندلع بالقرب من مناطق القتال؛ حيث يُعتقد أن عدداً منها كان بسبب القصف المدفعي.
وتشير ورقة بحثية نُشرت قبل سنتين، إلى المخاطر على المياه الجوفية التي تمثّلها عشرات مناجم الفحم المهجورة في دونباس، التي تعدّ واحدة من أضخم مناطق استخراج الفحم في العالم، وتضمّ 900 منجم فحم نشط وغير نشط. وتحتوي هذه المناجم على مواد مشعّة ومعادن ثقيلة، مثل الزئبق والرصاص والزرنيخ، وهي تمتلئ بشكل طبيعي بالمياه التي يجب ضخّها، وفي حال فيضانها ستلوِّث المياه الجوفية.
وكانت وزارة البيئة الأوكرانية قد حذّرت في سنة 2018 من «تشيرنوبيل ثانية»، إذا قام الانفصاليون المدعومون من روسيا بإغراق منجم الفحم في يونكوم الذي يُعدّ أحد مواقع الاختبارات النووية التي أجراها الاتحاد السوفياتي عام 1979. ورغم هذه التحذيرات، أوقف الانفصاليون المضخّات في المنجم، ما تسبب في نفايات مشعّة منخفضة المستوى جرى طرحها مع مياه الفيضانات.
- مخاطر تتجاوز الحدود
ويخشى العالم من أن تضرب روسيا، عن قصد أو عن طريق الخطأ، أحد مفاعلات الطاقة النووية الأوكرانية الأربعة التي تتوزع على رقعة البلاد، وتوفّر نصف احتياجاتها من الطاقة. ويمكن للحطام الإشعاعي الناتج عن تضرر إحدى محطات الطاقة، أن ينتقل إلى مسافات بعيدة جداً تصل إلى آلاف الكيلومترات، وهذا الأمر وارد في الحروب التي تحدث فيها عادة أشياء كثيرة غير مخطط لها.
ولا تزال تداعيات التسرب الإشعاعي من مفاعل تشيرنوبيل على الأراضي الأوكرانية عام 1986 حاضرة في الأذهان؛ بل إن آثاره لا تزال موجودة في المنطقة المحظورة المحيطة بالمفاعل، كما في بلدان كثيرة حول العالم وصلتها الإشعاعات، مما دفعها إلى وضع إجراءات مشددة للرقابة الإشعاعية والسلامة النووية في محطات الطاقة. ولذلك لم يكن غريباً النداء الذي وجهه برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب) بإيقاف إطلاق النار «لضمان سلامة جميع الناس والبيئة التي تحفظ الحياة على هذا الكوكب».
ومن ناحية أخرى، تُعتبر أوكرانيا، المعروفة بأنها «سلّة خبز أوروبا»، مورد الحبوب الرئيسي لعديد من البلدان في جميع أنحاء العالم. وتشحن أوكرانيا أكثر من 40 في المائة من صادراتها من القمح والذرة إلى الشرق الأوسط وأفريقيا، وهي مناطق تعاني بالفعل من نقص الغذاء وضعف الاستقرار الذي قد يتداعى نتيجة أي اضطرابات. ويأتي جزء كبير من صادرات البلاد من المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون، مما يهدد بتعميق أزمة الغذاء العالمية.
ويحذّر برنامج الأغذية العالمي من تداعيات الحرب في أوكرانيا، إذ «سيؤدي انقطاع تدفق الحبوب من منطقة البحر الأسود إلى زيادة الأسعار وتضخمها، في وقت تشكل فيه القدرة على تحمل التكاليف مصدر قلق في جميع أنحاء العالم، بعد الضرر الاقتصادي الناتج عن جائحة (كورونا)».
ويعزز ذلك الضرر ما أعلنه منتجو الحبوب في روسيا من إيقاف التصدير لمدة أسبوعين، بسبب الاضطرابات في منطقة البحر الأسود، وما نتج عنها من إغلاق للمواني الأوكرانية. وهذا يعني أن الحرب علّقت موقتاً ربع تجارة القمح العالمية، ونحو 20 في المائة من تجارة الذرة، مما جعل أسعار المحاصيل العالمية ترتفع إلى مستويات قياسية.
وتعتمد الدول العربية بشكل كبير على القمح المُنتَج في منطقة البحر الأسود، بسبب انخفاض أسعاره وسهولة نقله. وعلى سبيل المثال، يمثّل القمح الروسي 60 في المائة من واردات القمح في تونس و80 في المائة في مصر، بينما يأتي أغلب القمح المستورد إلى لبنان والمغرب من أوكرانيا. وفي المتوسط توفّر روسيا وأوكرانيا 60 في المائة من القمح المورّد إلى البلدان العربية، مما يجعل الصراع بين روسيا وأوكرانيا تهديداً لأمنها الغذائي، لا سيما تحت وطأة الجفاف في بلدان مثل العراق والجزائر والمغرب وتونس.
- ارتفاع الطلب على الطاقة
يُعدّ الغزو الروسي لأوكرانيا بمثابة صدمة لقطاع الوقود الأحفوري العالمي؛ إذ إن روسيا هي أكبر مصدِّر للغاز الطبيعي في العالم، وثاني أكبر مصدِّر للنفط، وهي توفر 40 في المائة من إمدادات الغاز الطبيعي لأوروبا. ومع تساقط القنابل على المدن الكبرى وبدء حركة النزوح، ارتفعت أسعار الطاقة العالمية؛ حيث قفز برميل النفط الخام فوق حاجز 100 دولار للمرة الأولى منذ 2014، كما ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي الأوروبي بنحو 20 في المائة في يوم واحد، بعدما تجاوزت 50 في المائة خلال أسبوع واحد. وتترافق هذه الزيادة في الأسعار مع ارتفاع الطلب على الطاقة، في وقت بدأ فيه الاقتصاد العالمي التعافي من جائحة «كورونا».
وتثير الحرب والارتفاع المفاجئ في أسعار الطاقة تساؤلات حول الحاجة إلى تسريع، أو تعطيل، عملية التحوُّل إلى مصادر الطاقة النظيفة. ويؤكد الغزو الروسي لأوكرانيا وأزمة الطاقة السابقة هشاشة الاعتماد على الوقود المستورد من بلدان لديها أطماع توسعية أو غير مستقرة. ومع ارتفاع الأسعار، تستغل بعض الشركات وجماعات الضغط في الولايات المتحدة الأزمة لترويج التوسع في إنتاج الغاز والنفط الصخري في مواقع كانت محظورة. كما دعا الجمهوريون في الكونغرس الرئيس الأميركي للتراجع عن «حربه على الطاقة الأميركية»، وزيادة إنتاج الوقود بأي ثمن، والتغاضي عن الاعتبارات البيئية المشددة، استجابة للوضع في أوكرانيا.
وفي المقابل، قد تؤدي الأزمة الحالية إلى تسريع النمو في الاعتماد على المصادر المتجددة التي يمكن إنتاجها محلياً، مما يدعم أيضاً السياسات الوطنية لمواجهة تغيُّر المناخ. ويعتمد الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بشكل كبير على الغاز الروسي منذ عقود، مما يجعل البلدان الأوروبية أكثر هشاشة من الناحية السياسية للتدخلات الروسية. ولذلك فإن تحولها إلى مصادر الطاقة المتجددة لم يعد مجرد حاجة لخفض الانبعاثات؛ بل هو ضرورة ملحّة من ناحية الدفاع وأمن الطاقة.
ومن المتوقع أن تُصدر المفوضية الأوروبية خطة تبيّن بالتفصيل نهجها في الاستقلال عن الغاز الطبيعي الروسي، من خلال مجموعة من مشروعات كفاءة الطاقة، وتوسيع الاعتماد على المصادر المتجددة، وضمان الحد الأدنى من تخزين الغاز قبل أشهر الشتاء التي يرتفع فيها الطلب على الطاقة. ولكن تنفيذ هذه الخطة سيستغرق زمناً، وفي غضون ذلك قد تضطر الدول الأوروبية للتراجع عن أهدافها المناخية باستخدام مزيد من الفحم لتغطية الفجوة الناتجة عن قلة المخزونات من الغاز الطبيعي الروسي، مما سيزيد من الانبعاثات الكربونية في المدى القريب.
ولن يقتصر التأثير المباشر للغزو الروسي على زيادة الانبعاثات؛ بل من المتوقع أن يقوّض الجهود الحالية لمواجهة تغيُّر المناخ. وكان القادة المجتمعون في مؤتمر ميونيخ للأمن، قد أعربوا عن قلقهم العميق من أن الحرب قد تحول دون حشد الاستجابة العالمية لوعود قمة المناخ (كوب 26) في غلاسكو قبل أشهر. وأبدت الدول النامية أسفها؛ لأن الغزو سيحجب المليارات التي وُعِدت بها من أجل مواجهة ظواهر الطقس القاسية وارتفاع منسوب مياه البحر.
وبينما يجرّ الغزو الروسي لأوكرانيا العالم إلى حقبة جديدة من الإنفاق الدفاعي والعسكرة، تبقى التداعيات على البيئة الطبيعية والموارد هي الأخطر، إلى جانب المآسي الإنسانية. ويشهد العالم، مرة أخرى، إحدى أكبر كوارث الهجرة واللجوء بسبب الحروب والنزاعات، بما لها من آثار ضخمة على البيئة. لكن هذه قد تكون مقدمة بسيطة لما يمكن أن يسببه تدفُّق مهجَّري المناخ في العقود المقبلة، إذا عرقلت الحروب والنزاعات تنفيذ برامج التصدي للتغيُّر المناخي، وحوَّلت الميزانيات الموعودة لتحقيق التنمية المستدامة إلى التسلُّح وتمويل الحروب.


مقالات ذات صلة

منصّتان وشركة... «حلول شبابية» سعودية مبتكرة لمختلف التحديات البيئية

يوميات الشرق تكريم الفائزين الثلاثة ضمن مبادرة «حلول شبابية» بالتزامن مع «كوب 16» (واس)

منصّتان وشركة... «حلول شبابية» سعودية مبتكرة لمختلف التحديات البيئية

لم تكن الحلول التي قُدِّمت في مؤتمر «كوب 16» للقضايا البيئية والمناخيّة الملحّة، وقضايا تدهور الأراضي والجفاف، قصراً على الحكومات والجهات الخاصة ذات الصلة.

غازي الحارثي (الرياض)
بيئة الاستفادة من التقنيات الحديثة في تشجير البيئات الجافة واستعادة الأراضي المتدهورة من أهداف المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 00:55

السعودية تستهدف تحويل 60 % من مناطقها إلى «غابات مُنتجة»

يواصل «المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير» استقبال الحضور اللافت من الزوّار خلال نسخته الثانية في العاصمة السعودية الرياض، بتنظيم من المركز الوطني لتنمية…

غازي الحارثي (الرياض)
الاقتصاد الوزير السعودي يتسلم رئاسة السعودية رسمياً لمؤتمر «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)

«كوب 16 الرياض» يجمع صناع السياسات لإعادة تأهيل الأراضي ومكافحة التصحر

اجتمع عدد كبير من صنُاع السياسات والمنظمات الدولية والدوائر غير الحكومية وكبرى الجهات المعنية، الاثنين، في الرياض، للبحث عن حلول عاجلة للأزمات البيئية.

آيات نور (الرياض) عبير حمدي (الرياض) زينب علي (الرياض)
الاقتصاد وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية د. أسامة فقيها مع عدد من المتحدثين (الشرق الأوسط) play-circle 01:04

فقيها لـ«الشرق الأوسط»: مساعٍ سعودية لزيادة التزامات الدول بمكافحة تدهور الأراضي

أكد وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية الدكتور أسامة فقيها لـ«الشرق الأوسط» أن المملكة تسعى ليكون مؤتمر «كوب 16» نقطة تحول تاريخية بمسيرة «الاتفاقية».

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد جانب من حضور مؤتمر «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)

«منتدى السعودية الخضراء» يجمع المئات من صنّاع السياسات حول العالم

تحتضن الرياض النسخة الرابعة من «منتدى مبادرة السعودية الخضراء» يومي 3 و4 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تحت شعار «بطبيعتنا نبادر»، خلال مؤتمر «كوب 16».

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ثلاثة أرباع أراضي العالم باتت «جافة بشكل دائم» خلال العقود الثلاثة الماضية

شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
TT

ثلاثة أرباع أراضي العالم باتت «جافة بشكل دائم» خلال العقود الثلاثة الماضية

شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)

بات ما يزيد قليلاً على 75 في المائة من أراضي العالم «أكثر جفافاً بشكل دائم» على مدى العقود الثلاثة الماضية، وفق تقرير تدعمه الأمم المتحدة صدر، الاثنين، تزامناً مع مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) في السعودية.

وصارت الأراضي الجافة الآن تغطي 40 في المائة من مساحة اليابسة على الأرض، باستثناء القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا)، حسبما خلصت دراسة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، محذرة من أن هذا التحول يمكن أن يؤثر فيما يصل إلى خمسة مليارات شخص بحلول عام 2100، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأظهر التقرير الذي يشير إلى «تهديد وجودي» تفرضه مسارات يتعذّر تغيير اتجاهها، أن الأراضي الجافة، المناطق التي تصعب زراعتها، زادت بمقدار 4.3 مليون كلم مربع بين عامي 1990 و2020، وهي مساحة تعادل ثلث مساحة الهند.

تحذيرات من «القحط»

وجاء التحذير خلال اجتماع مؤتمر «كوب 16» الذي بدأ الأسبوع الماضي في الرياض ويستمر 12 يوماً، بهدف حماية الأراضي واستعادتها والاستجابة إلى الجفاف في ظل تغير المناخ المستمر.

ويحذّر التقرير من أن القحط، وهو نقص مزمن في المياه، يمتد الآن على 40.6 في المائة من كتلة اليابسة على الأرض، باستثناء القارة القطبية الجنوبية، مقابل 37.5 في المائة قبل 30 عاماً.

أشخاص يسيرون عبر جزء من نهر الأمازون تظهر عليه علامات الجفاف في كولومبيا (أ.ب)

كما يحذّر من أن المناطق الأكثر تضرراً تشمل الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط وجنوب أفريقيا وجنوب أستراليا وبعض مناطق آسيا وأميركا اللاتينية.

وقال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إبراهيم ثياو: «على عكس الجفاف -فترات مؤقتة من انخفاض هطول الأمطار- يمثّل القحط تحولاً دائماً لا هوادة فيه».

وأضاف أن «المناطق المناخية الأكثر جفافاً التي تؤثر الآن في أراضٍ شاسعة في جميع أنحاء العالم لن تعود إلى ما كانت عليه، وهذا التغيير يعيد تعريف الحياة على الأرض».

«أسوأ سيناريو»

وأضاف التقرير أن التغييرات تُعزى إلى حد كبير إلى الاحتباس الحراري العالمي الناجم عن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تغيّر هطول الأمطار وتزيد من نسب التبخر.

وتشمل آثار نقص المياه المزمن تدهور التربة وانهيار النظام البيئي وانعدام الأمن الغذائي والهجرة القسرية، وفقاً للعلماء.

وحسب التقرير، يعيش بالفعل 2.3 مليار شخص في مناطق جافة تتوسع، مع توقعات تشير إلى أن «أسوأ سيناريو» يتمثّل في عيش 5 مليارات شخص في هذه الظروف مع استمرار ارتفاع درجة حرارة الكوكب.

ولمواجهة هذا الاتجاه، حثّ العلماء الأعضاء على «دمج مقاييس القحط في أنظمة مراقبة الجفاف الحالية»، وتحسين إدارة التربة والمياه، و«بناء القدرة على الصمود في المجتمعات الأكثر ضعفاً».