أميركا لاستثناء «مناطق خارج سيطرة النظام السوري» من عقوباتها

جنديان أميركيان في القامشلي شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
جنديان أميركيان في القامشلي شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

أميركا لاستثناء «مناطق خارج سيطرة النظام السوري» من عقوباتها

جنديان أميركيان في القامشلي شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
جنديان أميركيان في القامشلي شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

يضع فريق الرئيس الأميركي جو بايدن اللمسات الأخيرة على «قرار كبير» يتضمن إعفاء مستثمرين وشركات خاصة من العقوبات الأميركية و«قانون قيصر»، للعمل في «مناطق خارج سيطرة النظام» السوري في شمال البلاد وشمالها الشرقي.
ويشمل القرار المناطق الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية شمال شرقي سوريا المدعومة من واشنطن، وقوات «درع الفرات» التابعة لفصائل موالية لأنقرة. لكن واشنطن رفضت أن يشمل منطقتي «غصن الزيتون» في عفرين، ذات الغالبية الكردية في ريف حلب، وفي إدلب شمال غربي البلاد، بسبب وجود «هيئة تحرير الشام» المصنفة تنظيماً إرهابياً في مجلس الأمن.
ولن تكون هذه الاستثناءات مماثلة لأخرى تتعلق بـالمساعدات الإنسانية و«التعافي المبكر» ومكافحة «كورونا»ـ ولا لقرار استثناء أنبوب الغاز العربي من مصر إلى لبنان عبر الأردن وسوريا، بل تتعلق بالاستثمار ونشاط رجال أعمال في أمور تخص البنية التحتية.
وكان موضوع هذه الاستثناءات حاضراً خلال اجتماع دعا إليه مسؤول الملف السوري إيثان غولدريش مع مبعوثي الدول العربية والغربية وتركيا في واشنطن بداية الشهر الجاري، كما أنه كان هدفاً رئيسياً لجولة قام بها غولدريش ومسؤولة ملف سوريا في مجلس الأمن القومي زهرا بل، إلى تركيا وشمال شرقي سوريا وكردستان العراق ودول أخرى.
وحسب قناعة واشنطن، فإن الإعفاءات ترمي إلى تقديم الدعم لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، حليفة أميركا في الحرب ضد «داعش» والإرهاب من جهة، وتحسين الوضع الاقتصادي والحد من الفقر، المصدر الرئيسي للتطرف من جهة ثانية، وإرسال إشارة ضغط لموسكو ودمشق بعد الحرب الأوكرانية من جهة ثالثة.
وأظهرت المناقشات انزعاج أنقرة من الخطوة الأميركية لأنها تدعم «قوات سوريا الديمقراطية» التي تشكّل «وحدات حماية الشعب» الكردية المصنفة تنظيماً إرهابياً في أنقرة عمادها الرئيسي، إضافة إلى عدم شمول الاستثناءات «غصن الزيتون» وإدلب الخاضعتين للنفوذ التركي.
كما أعربت أنقرة عن انزعاجها من خطوات أخرى قامت بها دول أوروبية لـتقديم «شرعنة سياسية» لـ«الإدارة الذاتية» و«مجلس سوريا الديمقراطي»، الجناح السياسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية».
كما عبّرت دول عربية عن القلق من أن تسهم خطوة واشنطن في «تعزيز انقسام سوريا» و«عدم احترام سيادة سوريا بموجب القرار الدولي 2254».
وتنقسم سوريا إلى ثلاث مناطق نفوذ: واحدة تحت سيطرة الحكومة بدعم روسي - إيراني وتشمل 65 في المائة من البلاد، ثانية تابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» بغطاء أميركي وتشكل 23 في المائة. وتقع الثالثة تحت سيطرة فصائل معارضة ومقاتلة بدعم تركي.
وبمجرد وصول فريق إدارة بايدن لصيغة نهائية، ستعلن وزارة الخزانة القرار، الذي لن يشمل النفط والغاز، علماً بأن منطقة شرق الفرات تضم 90 في المائة من النفط السوري ونصف الغاز، وتنتج حالياً نحو 80 ألف برميل، يذهب قسم منها إلى مناطق الحكومة السورية عبر ترتيبات بين القامشلي ودمشق يقوم بها «أثرياء حرب»، مدرجون على قائمة العقوبات الأميركية.
وكان الرئيس السابق دونالد ترمب تراجع في نهاية 2019 عن قرار الانسحاب من شمال شرقي سوريا، وقرر الإبقاء على نحو 900 جندي شرق الفرات وفي قاعدة التنف لـ«حماية النفط». واتهمت دمشق واشنطن بـ«سرقة» نفطها.
وقدمت واشنطن في بداية 2020 تنازلاً لشركة نفط مجهولة هي «دلتا كريسنت إنيرجي» للعمل، لكن إدارة بايدن لم تمدد التنازل لهذه الشركة عندما حان وقت تجديده في 30 أبريل (نيسان) من العام الماضي، علماً بأن هذه الشركة نشطت في حقول خاضعة لاتفاقات مع شركات دولية أخرى.
ويقول فريق بايدن إن القوات الأميركية ليست في سوريا «من أجل النفط»، ولكن لمحاربة فلول تنظيم «داعش». وكان قائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي قال، في مقابلة مع «مونيتور» في نوفمبر (تشرين الثاني)، 2021 إن انتشار الفقر ونقص فرص العمل، بالإضافة إلى أسوأ موجة جفاف تشهدها البلاد منذ سبعة عقود، خلق أرضاً خصبة لتجنيد عناصر في تنظيم «داعش». وأشار إلى تمرد «داعش» في سجن غويران في الحسكة، في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وفي السنة المالية 2022، طلبت وزارة الخارجية 125 مليون دولار من المساعدات الاقتصادية لتحقيق الاستقرار لسوريا، ورعت واشنطن مع موسكو مسودة لتمديد قرار إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، ولم تنجح في إقناع موسكو بفتح معبر اليعربية بين العراق وشرق سوريا، لكنها نجحت في التوسط بين القامشلي وأربيل وإقناع أنقرة بعدم شن عملية عسكرية جديدة شرق الفرات.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.