حضارات العرب تلتقي في أول معرض سعودي لـ«الجواهر العربية»

نورة الفيصل لـ «الشرق الأوسط»: هو رسالة مفتوحة للعالم ليرى عبر الفن وجهاً حضارياً

الأميرة نورة الفيصل في نقاش مع المصممة ياسمين مرزوق
الأميرة نورة الفيصل في نقاش مع المصممة ياسمين مرزوق
TT

حضارات العرب تلتقي في أول معرض سعودي لـ«الجواهر العربية»

الأميرة نورة الفيصل في نقاش مع المصممة ياسمين مرزوق
الأميرة نورة الفيصل في نقاش مع المصممة ياسمين مرزوق

مملكة كِندة ومدينة ثاج وحضارتا دادان والأنباط... جميعها كنوز تاريخية تنعم بها أرض السعودية، لتلهم قرائح مصممي المجوهرات، في أول معرض من نوعه يحمل اسم «الجواهر العربية»، افتتح في الرياض، أمس (الجمعة)، بتعاون مشترك بين مصممتي المجوهرات الأميرة نورة بنت محمد الفيصل، وياسمين مرزوق. «الشرق الأوسط» حاورت المصممتين للتعرف أكثر على هذا الحدث الشبيه برحلة عبر الزمان والمكان، لترسيخ خلود هذه الكنوز الأثرية.
تتحدث الأميرة نورة الفيصل، قائلة: «أردنا عبر معرض (الجواهر العربية) تسليط الضوء على المكتشفات والحضارات في تاريخ الجزيرة العربية العريق، فكل حضارة من تلك الحضارات تُقدم رسالة جمالية وثقافية، سعينا إلى عكسها في كل قطعة من القطع التي يضمها المعرض، لنوصل رسالة مفادها: نحن ننتمي إلى هذا الجمال... أنتم امتداد للجواهر العربية، لذا جاء شعار معرضنا ليكون (جمالٌ عابرٌ للزمن)».
وتؤكد أن ما سيُعرض هو بمثابة رسالة مفتوحة إلى العالم ليرى عبر فن تصميم المجوهرات وجهاً حضارياً من أوجه حضارية مُتعددة، لا سيما أن الفن هو أسرع عبور إلى الثقافات العالمية، كما ترى. وتردف: «يُشكل هذا المعرض أول تعاونٍ لي في مجال تصميم المجوهرات، ممثّلاً بالتعاون مع المبدعات في مجوهرات ياسمين مرزوق، وبهذا يُسعدني الإعلان عن رغبتي في مزيدٍ من التعاون مع مصمماتنا السعوديات المُبدعات».
أما المصممة ياسمين مرزوق فتقول: «فكرة المعرض مستندة إلى إيمان عميق بامتلاكنا إرثاً حضارياً يستحق التوظيف في فن تصميم المجوهرات، خاصة أن حضور المجوهرات في حضارات الجزيرة العربية، هو حضورٌ أصيلٌ تشهد عليه المكتشفات الأثرية، وهو ما دفعنا للإسهام في إحياء هذا الحضور برؤية إبداعية».


جانب من رسوم تصميم قطع معرض الجواهر العربية

لكن كيف تبدو القطع المشاركة في هذا المعرض؟ تفيد الأميرة نورة بأنها مستلهمة من بعض آثار حضارات وممالك ومدن الجزيرة العربية القديمة مثل آثار: حضارة «المقر» في نجد، وحضارتي «دادان» و«الأنباط» في العلا، ومدينة «الفاو» التي تقع ضمن حدود «مملكة كندة الأولى» في نجد، ومدينة «ثاج» الواقعة ضمن حدود «مملكة الجرهاء» على شاطئ الخليج العربي، ومدينة «تيماء»، حيث استخدمت في المجوهرات المعروضة خامات كتلك التي كانت مُستخدمة في الحضارة المُنتمية إليها. وهنا تقول ياسمين مرزوق: «تتسم تصاميم المجوهرات في المعرض باعتماد الأسلوب التجريدي، بطريقة تحافظ على روح وقيمة التاريخ وحضاراته، وتعكس فلسفته، لهذا يُعد معرض الجواهر العربية هو المعرض الأول من نوعه في المملكة».
إلهام الموروث السعودي
تعتبر المصممتان الموروث السعودي غنياً بالأفكار الإبداعية لتصميم المجوهرات، إذ تقول الأميرة نورة «إن تتبعنا علاقة الفن بالموروث في بلادنا، سنجد أنه حاضر بقوة في تفاصيل كثيرة، في الأنماط العمرانية، وأزياء النساء والرجال، حتى على مستوى الإكسسوارات الشخصية كالخناجر والسيوف وما إلى ذلك، وإذا أضفنا إلى ذلك انفتاح المجتمع السعودي على العالم، فسنجد أن كل هذا التراكم أسهم في تشكيل ذائقة جمالية لدينا، انعكست على الذوق العام فيما يتعلق باختيار المجوهرات وتصاميمها والاهتمام بعوالمها». وتتفق معها ياسمين مرزوق، مضيفة: «يزخر تراث المجوهرات السعودي بالعديد من العناصر الجمالية، كما تحمل مكتشفات الجواهر الأثرية بصمات بصرية بالغة الغنى والتنوع، وكل ما علينا فعله الآن هو إعادة اكتشاف هذا الكم من الجمال الكامن في إرثنا الحضاري».
«جائزة الجواهر العربية»

ويتزامن هذا المعرض مع مسابقة «جائزة الجواهر العربية» لتشجيع المواهب السعودية الشابة، التي تتحدث عنها الأميرة نورة، قائلة: «بدأنا فكرة المسابقة بدافع من شعورنا أولاً بمسؤوليتنا عن نقل خبراتنا التي انتقلت بدورها إلينا من السابقين، وثانياً لرغبتنا في الاكتشاف والتعاون مع أكبر عدد ممكن من المواهب الحقيقية المنتشرة في كل ربوع وطننا».
وتشير إلى إقامة ورش عمل بمشاركة مختصين وخبراء، والاعتماد على لجنة تحكيم ضمت: الدكتور أحمد كساب، الخبير في التصميم الصناعي، وسارة أبو داود، مُصممة المجوهرات ومؤسسة مجوهرات «ياتاغان»، ولينا الخريجي، مصممة المجوهرات والشريكة المؤسسة في مجوهرات «شارملينا»، ونجود الرميحي، خبيرة استراتيجيات التسويق. وتردف: «نفخر بالنتائج التي وصلنا إليها عبر هذه المسابقة، وسعداء جداً بتقديم مواهب نثق بقدرتها على الاستمرار والنجاح في عالم تصميم المجوهرات».
في حين تعود ياسمين مرزوق للقول: «سعينا في مسابقة (جائزة الجواهر العربية) إلى فتح المجال لمشاركة المواهب الوطنية الطامحة إلى فرص مناسبة تُعزز حضور موهبتهم في عالم تصميم المجوهرات، وكذلك تعزيز مجالات التصميم الصناعي، بأسلوب تتضافر فيه العناصر الثقافية والحضارية، التي من شأنها إحداث نقلة نوعية في فن وصناعة تصميم المجوهرات».
قصة الشغف
وعودة لبداية الشغف وقصة الدخول إلى عالم تصميم المجوهرات، تقول الأميرة نورة: «عندما قمت بإعادة تصميم خاتمٍ لوالدتي، اكتشفت حينها عشقي لمجال تصميم المجوهرات، وفي أثناء دراستي للتصميم الداخلي في باريس، وما زلت أستشعر هذا الشغف الذي يزداد يوماً بعد يوم». وبعد ذلك، بدأت بتصميم المجوهرات لمحيطها من القريبات والصديقات، ثم أسست دار تصميم (نون جولز) لتُصبح حاضنة لكل مشاريعها وأفكارها في هذا المجال.
أما المصممة ياسمين مرزوق فتقول: «كان الشغف بالفن بوّابتي الأولى، فمنذ صغري كنت أهوى تأمل التصاميم في المجلات والجرائد، كما كُنت أتأمل وأناقش والدتي اختياراتها لما ترتديه من مجوهرات. ومع الوقت، تجذّر حُب هذا المجال داخلي، لا سيما أنه يتسم بالفرادة والفخامة في آنٍ واحد، لأقرر حين دخولي إلى الجامعة دراسة تصميم المجوهرات بشكل أكاديمي، ومن ثم التدرب على يد مجموعة من الخبراء والمُختصين، وأبدأ في تأسيس مشروع مجوهرات يحمل اسمي».
من أين تستلهم المصممتان أعمالهما؟ تجيب الأميرة نورة: «تُعد الطبيعة المنبع الأول الذي أستمد منه إلهامي، كونها مفعمة بالطاقة وتمنح شعوراً جميلاً بالحرية، ولعل سمات الطبيعة هي ما استلهمت منه قيم مشروعي لتُعبّر منتجاته عن الاستقلالية والانحياز للأفكار الإبداعية، والقدرة على استكشاف أبعاد فنية مختلفة وذات منظور غير تقليدي، لتحمل القطع المُصممة في المشروع، عنوان (التعبير عن الذات)».
في حين يأتي موروث الجزيرة العربية في رأس قائمة الإلهام بالنسبة للمصممة ياسمين مرزوق، كما تقول، مضيفة: «وذلك بجانب موروث الحضارات العربية والإسلامية، لما تحمله من دلالات فنية مرتبطة بثقافتنا وبيئتنا، وتحمل بصمة إبداعنا الخاص».
المرأة وتصميم المجوهرات
وحول رؤيتها لمستوى المصممات السعوديات اليوم في عالم تصميم المجوهرات، تقول الأميرة نورة: «يمتلك المصممون والمصممات السعوديات قدرة عالية على المنافسة العالمية بمنتهى القوة، ويُقدّمون يوماً بعد يوم إبداعات جديدة، مستندين إلى إرث عريق من الإبداع البصري واليدوي التي تتميز به ثقافتنا السعودية، وحاضر داعم لتمكين المبدعين والمبدعات في شتى المجالات».
وتتفق معها ياسمين مرزوق، قائلة: «بلا أي مجاملة أو تحيّز، يُعتبر مجال تصميم المجوهرات السعودي محظوظاً بامتلاكه مُصممات ذوات مواهب متفردة وأصيلة، ومهارات نوعية، ورؤى فنية استثنائية، ورغبة دائمة على الاطلاع عمّا هو جديد في هذا المجال عالمياً، مع التأكيد في الوقت نفسه على حاجة هذه المواهب إلى مبادرات وأنشطة ومشروعات نوعية لإظهار أجمل ما لديها.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».