فشل الاجتماع الثلاثي بين وزراء خارجية روسيا وأوكرانيا وتركيا الذي عقد في مدينة أنطاليا التركية، أمس (الخميس)، في إحراز أي تقدم فيما يتعلق بوقف إطلاق النار وإنهاء الأزمة بين موسكو وكييف. وأظهرت المباحثات تمسك كل طرف بمواقفه، ورفض روسيا أي منصة للمفاوضات بديلة لمنصة بيلاروسيا، ومطالبتها بأن تكون أوكرانيا دولة محايدة. في المقابل، جددت أوكرانيا طلبها بأن تكون تركيا دولة ضامنة لأي اتفاقات مع الجانب الروسي.
ويزور أمين عام حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ينس ستولتنبرغ، تركيا اليوم (الجمعة) للمشاركة في المنتدى الدبلوماسي في مدينة أنطاليا (جنوب)، حيث من المقرر أن يلتقي الرئيس رجب طيب إردوغان ووزير الخارجية مولود جاويش أوغلو لبحث تطورات الأزمة في أوكرانيا.
وعقب اجتماع ثلاثي دام حوالي ساعة ونصف الساعة، على هامش منتدى أنطاليا، أمس، عقد كل من وزراء خارجية روسيا، سيرغي لافروف، وأوكرانيا، دميترو كوليبا، وتركيا مولود جاويش أوغلو مؤتمرات صحافية منفصلة تناولوا خلالها ما دار خلال اجتماعهم الثلاثي الذي استهدف الاتفاق على خطوات لتسوية الأزمة بين روسيا وأوكرانيا لكنه لم يتمخض عن أي جديد.
وقال لافروف إن روسيا لا تنوي مهاجمة دول أخرى، نافياً أن تكون هاجمت أوكرانيا. لكنه قال إنها اضطرت للتحرك لـ«صد تهديدات مباشرة لأمنها». وأضاف «لا نخطط لمهاجمة دول أخرى ولم نهاجم أوكرانيا أيضاً... وبشأن أوكرانيا أوضحنا مراراً أنه نشأ وضع يشكل تهديدات مباشرة لأمن روسيا. ورغم التحذيرات والنصائح والمناشدات التي أطلقناها على مدى سنوات عديدة، لم نجد آذاناً مصغية».
ولفت لافروف إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سبق أن تحدث عن هذا الموضوع «بأقصى درجة من التفصيل»، قائلاً: «أما الحقائق الجديدة التي يتم اكتشافها الآن في الأراضي المحررة، ولا سيما في جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، فتؤكد أن هجوماً أوكرانياً على هاتين الجمهوريتين تم التخطيط له بعناية وكان من المقرر شنه هذا الشهر».
وعبر لافروف عن اعتقاده بأنه لن تقع حرب نووية، قائلاً إن بلاده «لا ترغب في أن تصبح أوكرانيا عضواً في حلف الناتو»، مشيراً إلى أن «قضايا السيادة يجب بحثها في مسار المفاوضات التي تجري في بيلاروسيا».
وأضاف أن الغرب عمل طيلة سنوات على إيجاد بيئة خطرة في المنطقة، و«نحن نرغب في أن تكون أوكرانيا دولة محايدة، ولا نرفض الضمانات الأمنية لأوكرانيا... ما نريده هو أوكرانيا صديقة منزوعة السلاح، دون أي تهديد لموسكو والثقافة الروسية».
وقال لافروف إن «العم سام (الغرب) لن يستطيع أبداً تدمير اقتصادنا... سنسعى إلى أن لا نعتمد أبدا على الغرب ولن نستخدم النفط والغاز كأسلحة»، مشيراً إلى أن لروسيا أسواقاً لصادراتها من الطاقة و«سوف تبقى لنا أسواق على الدوام».
وعما دار خلال الاجتماع الثلاثي، قال لافروف إنه تم الاتفاق على «أهمية الإجراءات الإنسانية... بحثنا الإجراءات العسكرية بخصوص مصير مدنيين يستخدمهم المتطرفون دروعاً بشرية... ذكرنا أن روسيا حددت رؤيتها في السابق، وفي انتظار رد القيادة الأوكرانية... يجب تحقيق نتائج عبر تسوية شاملة للأزمة، من خلال أخذ مصالح جميع الدول بالاعتبار».
وحول إمكانية أن تتوسع المحادثات لتشمل الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قال لافروف: «قلنا إن بوتين لن يرفض لقاء زيلينسكي، شريطة أن يكون اللقاء جوهرياً ويناقش قضايا محددة».
ولفت وزير الخارجية الروسي إلى أن العملية العسكرية في أوكرانيا تسير وفق الخطة الموضوعة لها. ووجه تحذيراً لمن يقدمون مساعدات عسكرية لأوكرانيا، قائلاً: «على من يقدمون الأسلحة والمرتزقة لأوكرانيا أن يفهموا الخطر الذي يتسببون بإيجاده». وأضاف «حضرنا إلى هنا لمناقشة تطبيق ما نسعى إليه وهو حيادية أوكرانيا ونزع سلاحها والتخلص من النازيين»، مشيرا إلى أنه لم تتم مناقشة «مسألة وقف إطلاق النار» خلال اللقاء.
وعن اتهامات أوكرانيا للقوات الروسية بقصف مستشفى في ماريوبول، قال لافروف: «لم يكن هناك مرضى في المستشفى الذي تم قصفه في ماريوبول».
وبشأن احتمال وقوع حرب نووية، أكد وزير الخارجية الروسي أنه لا يعتقد أنه ستقع حرب من هذا النوع.
من جانبه، قال وزير خارجية أوكرانيا دميترو كوليبا، إنه لا يوجد تقدم بشأن محادثات وقف إطلاق النار مع روسيا، مشيراً إلى أن وزير الخارجية الروسي لم يقدم خلال الاجتماع تعهدات بخصوص الممرات الإنسانية، واكتفى بالقول إنه سيتحدث إلى المسؤولين المعنيين بهذا الأمر. وأضاف كوليبا أن «قائمة مطالب لافروف تعني الاستسلام... وأوكرانيا لن تستسلم بل تريد حلاً متوازناً».
واعتبر الوزير الأوكراني أن «الناتو لا يبدو مستعداً للتحرك لوقف الحرب وحماية المدنيين من الهجمات الجوية الروسية». وشكر وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، لنجاحه في تسهيل عقد اللقاء مع لافروف. وقال: «اتفقنا على عقد لقاء آخر بالصيغة نفسها في أنطاليا وأؤيد المشاركة إذا توافرت الرغبة في التوصل إلى حل».
بدوره، قال جاويش أوغلو إنه أكد مع نظيريه الروسي والأوكراني، في اجتماعهم الثلاثي، ضرورة إبقاء الممرات الإنسانية في أوكرانيا مفتوحة دون أي عائق. وأضاف أنهم تناولوا خلال الاجتماع إمكانية عقد لقاء بين الرئيسين الروسي والأوكراني، وأن الجانب الأوكراني أكد استعداد زيلينسكي لذلك، بينما قال الروس إن بوتين لا يعارض مثل هذه الخطوة «مبدئياً».
وذكر جاويش أوغلو أنه «رغم كافة الصعوبات أستطيع القول إن الاجتماع الثلاثي جرى بشكل حضاري، والطرفان دافعا عن مواقفهما وأفكارهما بطريقة حضارية»، مشيراً إلى أن أوكرانيا جددت مطالبة تركيا بأن تكون دولة ضامنة في الأزمة مع روسيا.
وشدد الوزير التركي على ضرورة تحقيق وقف إطلاق نار دائم بين روسيا وأوكرانيا، وإنقاذ المدنيين العالقين وسط نيران الحرب، مشيراً إلى أن مثل هذا الاجتماع السياسي، الذي لعبت فيه تركيا دور المسهل، يمثل بداية مهمة لإحلال وقف إطلاق نار دائم بين الطرفين.
في غضون ذلك، أعلن حلف «الناتو» أن أمينه العام ينس ستولتنبرغ، سيقوم بزيارة إلى تركيا الجمعة، للمشاركة في منتدى أنطاليا الدبلوماسي، وسيلتقي على هامش المنتدى الرئيس إردوغان والوزير جاويش أوغلو، لبحث الأزمة الأوكرانية. ومن المقرر أن يلقي كلمة خلال مشاركته في أعمال المنتدى.