الاختراقات للقبضة الأمنية بدمشق تتضاعف.. والمعارضون يعتمدون على ثغرات وخلايا نائمة

«النصرة» تتبنى تفجيراً وسط العاصمة السورية وتضارب حول مقتل لواء من قوات النظام

الاختراقات للقبضة الأمنية بدمشق تتضاعف.. والمعارضون يعتمدون على ثغرات وخلايا نائمة
TT

الاختراقات للقبضة الأمنية بدمشق تتضاعف.. والمعارضون يعتمدون على ثغرات وخلايا نائمة

الاختراقات للقبضة الأمنية بدمشق تتضاعف.. والمعارضون يعتمدون على ثغرات وخلايا نائمة

اخترقت قوات المعارضة السورية، أمس، الإجراءات الأمنية في قلب العاصمة السورية، للمرة الثالثة من مطلع العام، بتفجير دراجة نارية قرب مبنى الإمداد والتموين العسكري في حي ركن الدين، وتضاربت الأنباء عما إذا كان الهجوم يستهدف مدير الهيئة، اللواء محمد عيد، الذي قال معارضون إنه نجا من محاولة اغتيال.
وأعلن تنظيم جبهة النصرة، تبنيه للتفجير الذي استهدف سيارة للواء محمد عيد، واصفة العملية بـ«الانغماسية»، مشيرة إلى أن «ثلاثة من عناصر التنظيم قتلوا خلال عملية وصفت بالانغماسية».
وبينما قالت مصادر المعارضة في ريف دمشق لـ«الشرق الأوسط»، أن دراجة نارية مفخخة بالمتفجرات استهدفت مدير هيئة التموين والإسكان العسكري، اللواء محمد عيد، قرب مبنى الهيئة في ركن الدين ونجا من التفجير، ونفى مصدر أمني سوري في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية استهداف مدير الهيئة في الهجوم. وأكد المصدر أن مجموعة مسلحة «تسللت من نقاط مجهولة على متن دراجات نارية تم كشفها في شرق ركن الدين واشتبكت الجهات المختصة معها بالنيران»، مشيرًا إلى أنه «عندما أدركت استحالة هروبها، قام أحدهم بتفجير نفسه بحزام ناسف مما أسفر عن وقوع ستة جرحى»، موضحا أن «الجهات المختصة قتلت بقية أفرادها».
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري قوله إن قوات الأمن قضت على «مجموعة إرهابية بكامل أفرادها خلال ملاحقتها شرق حي ركن الدين وقيام أحد أفرادها الانتحاريين بتفجير نفسه».
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان، أكد أن «الانفجار استهدف مدير الهيئة اللواء محمد عيد الذي أصيب في الانفجار مع اثنين من مرافقيه بينما قتل مرافق آخر».
ويعدّ حي ركن الدين من الأحياء الهادئة في دمشق وتنتشر فيه نقاط تفتيش التابعة لقوات النظام، وتسكنه أغلبية كردية من أكراد سوريا، ويقع على مسافة قصيرة من حي جوبر الدمشقي الذي يشهد معارك بين قوات المعارضة والنظام. ويتمركز مقاتلو المعارضة في مناطق شمال حي ركن الدين وتحديدا في الغوطة الشرقية.
ووقع تفجير انتحاري مماثل قرب مبنى الهيئة في مارس (آذار) 2013 وأسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص.
ولا يُنظر إلى اللواء عيد كشخصية أمنية لها حيثيتها في المشهد السوري، نظرًا إلى أنه ليس عضوًا في خلية الأزمة، لكن أهميته «تتمثل في كونه أحد 15 شخصية عسكرية تحمل رتبة لواء، وتعتبر من أركان النظام»، كما قال عضو مجلس الثورة في ريف دمشق إسماعيل الدراني لـ«الشرق الأوسط»، مشيرًا إلى إطلاق نار كثيف رُصِد بعد وقوع التفجير، حيث «اختبأ رجال الأمن وراء المتاريس وشرعوا في إطلاق النار في الهواء».
وقال شهود عيان إن اشتباكات أعقبت التفجير الانتحاري استمرت نحو ربع ساعة بينما طوقت قوات الأمن موقع الهجوم ومنعت الدخول أو الخروج.
وقال الدراني إن النظام «لم يعد قادرا على السيطرة الأمنية في دمشق، بدليل الخروقات الأمنية التي يتعرض لها في مناطق سيطرته حيث يشدد قبضته وإجراءاته»، مشيرًا إلى أن ثقة مؤيدي النظام في العاصمة «انخفضت نتيجة تلك الخروقات، وهو ما دفع قيادات منه إلى إبعاد عائلاتها من دمشق إلى الساحل السوري»، الذي يعتبر معقلاً للنظام.
وتتكرر الخروق الأمنية التي تنفذها المعارضة في العاصمة السورية، رغم التدابير الأمنية النظامية المشددة في دمشق وحولها، حيث ارتفعت إلى أربعة خروق خلال ستة أشهر، تمثلت في اغتيال ضابط بتفجير استهدف سيارته المفخخة في منطقة العدوي، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إضافة إلى تفجير استهدف حافلة زوار لبنانيين شيعة على مدخل سوق الحميدية في دمشق، في فبراير (شباط) الماضي، واستهداف كتيبة القناصين التابعة للقوات الحكومية في منطقة المزة في مارس الماضي، إضافة إلى انفجار الدراجة النارية في ركن الدين أمس.
وقالت مصادر المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، إن تلك الخروق «تعتمد فيها المعارضة على إيجاد ثغرات أمنية يتسلل منها المعارضون، إضافة إلى اعتمادها على خلايا نائمة في قلب العاصمة»، علمًا بأن عدد سكان دمشق تضاعف بعد نزوح مئات آلاف المدنيين إليها من مجمل بلدات ريف دمشق.
وكان معارضون نفذوا عملية أمنية في قلب العاصمة أسفرت عن سيطرتهم لساعات على حاجز عارفة داخل العاصمة في سبتمبر (أيلول) الماضي، عبر تسلل مقاتلين معارضين في أنفاق تمتد من الغوطة الشرقية إلى العاصمة السورية.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».