مباحثات ليبية ـ أميركية لدعم توحيد المصرف المركزي

محافظ مصرف ليبيا المركزي يتوسط فريق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بواشنطن (المكتب الإعلامي للمصرف)
محافظ مصرف ليبيا المركزي يتوسط فريق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بواشنطن (المكتب الإعلامي للمصرف)
TT

مباحثات ليبية ـ أميركية لدعم توحيد المصرف المركزي

محافظ مصرف ليبيا المركزي يتوسط فريق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بواشنطن (المكتب الإعلامي للمصرف)
محافظ مصرف ليبيا المركزي يتوسط فريق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بواشنطن (المكتب الإعلامي للمصرف)

يسعى فريق من الخبراء الليبيين، يتقدمهم محافظ المصرف المركزي، الصديق الكبير، إلى حشد الجهود الدولية لدعم توحيد المصرف، الذي عانى لعدة سنوات من الانقسام السياسي، في وقت أكد فيه قرب صدور التقرير الاستثنائي لنشاط فرعيه في طرابلس والبيضاء، عن الفترة الممتدة ما بين عامي 2015 و2020.
وقال المصرف المركزي، أمس، إن محافظه الصديق الكبير ناقش والفريق المرافق له مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) في واشنطن، برنامج الدعم الفني الذي تقدمه الوكالة للمصرف المركزي منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، بالإضافة إلى تنفيذ باقي مراحل البرنامج.
ويتضمن برنامج الدعم الفني، حسب المصرف المركزي، ستة محاور رئيسية، تتمثل في: مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والجرائم المالية، إضافةً إلى الرقابة المصرفية، والأسواق المالية، والسياسية النقدية، وميزان المدفوعات، والبرمجة المالية.
كما ناقش الكبير والوفد المرافق له مع مساعد وكيل وزارة الخارجية الأميركية، جوي هوود، في الاجتماع الذي عُقد في مقر وزارة الخارجية الأميركية، سبل دعم استقلالية مصرف ليبيا المركزي، وبرامج التعاون مع المؤسسات الأميركية. وتطرقوا إلى بحث تذليل الصعوبات أمام استئناف الشركات الأميركية نشاطها في ليبيا، وكذا مسار توحيد المصرف.
وسبق أن ناقش محافظ مصرف ليبيا المركزي مع البنك الفيدرالي الأميركي تعزيز العلاقة الاستراتيجية بين المؤسستين وإدارة الأصول، واستمرار التعاون بين المصرفين في تدعيم عمليات المدفوعات الخارجية، وذلك خلال الاجتماع الذي عُقد في العاصمة واشنطن الثلاثاء الماضي.
وأفاد المصرف المركزي في بيان، مساء أول من أمس، بأن الكبير تباحث أيضاً مع مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوزارة الخزانة الأميركية، حول ما تم إنجازه في مسار توحيد المصرف، والمراحل المستقبلية لاستكمال التوحيد، بالإضافة إلى دعم جهود المصرف لتحقيق الاستقرار المالي والنقدي في ليبيا، وتدابير الشفافية والإفصاح التي يتبناها «المركزي».
وكان علي الحبري، نائب محافظ المصرف المركزي، وريتشارد نورلاند، مبعوث الولايات المتحدة وسفيرها لدى ليبيا، قد ناقشا سير عملية توحيد مصرف ليبيا، وإجراءات الحوكمة الخاصة به، وعلى رأسها تفعيل مجلس الإدارة وعقد اجتماعات دورية منتظمة، وفقاً للقانون.
وقال الحبري إن فرع مصرف ليبيا المركزي بشرق البلاد «ملتزم بعملية التوحيد والعمل على إنجاحها»، مشدداً على تطبيق الإجراءات العاجلة، وفي مقدمتها توفير السيولة النقدية، وفتح منظومة المقاصة المصرفية، ومعالجة أرصدة المصارف التجارية بمنظومة المصرف في بنغازي، إلى جانب إجراءات الاعتمادات المستندية، استباقاً لشهر رمضان.
ويتضمن التقرير، الذي سيصدره المصرف المركزي للفترة ما بين عامي 2015 و2020، محاور عدة تتناول حجم الدين العام المحلي، والتطورات الاقتصادية والمالية التي تشهدها البلاد، إلى جانب إجمالي رسوم مبيعات النقد الأجنبي.
وبدأت أول مبادرة حقيقية لتوحيد المصرف المركزي في يوليو (تموز) الماضي، بعد قيام فريق المراجعة الدولية لحسابات فرعي المصرف المركزي بفرعيه بتسلم تقريره للسلطة التنفيذية بالبلاد. وجاءت عملية مراجعات حسابات المصرف، بناءً على طلب تقدم به رئيس الحكومة السابق فائز السراج، إلى مجلس الأمن الدولي في أغسطس (آب) 2020، وذلك على خلفية مطالبات بكشف ما تردد عن وجود «تبديد للمال العام» على مدى عشر سنوات، وأُسندت المهمة إلى شركة «ديلويت» الدولية.
وفي ظل الصراع المتصاعد بين رئيسَي حكومة «الوحدة الوطنية» عبد الحميد الدبيبة، وغريمه فتحي باشاغا، تتزايد الرهانات على الدور الذي سيلعبه المصرف المركزي في قادم الأيام باتجاه دعم أي منهما.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.