جنبلاط من لاهاي: المشاركون السوريون في اغتيال الحريري تمت تصفيتهم

قيادي في «المستقبل»: عدم اتهام «حزب الله» مرتبط بحسابات داخلية

رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط
رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط
TT

جنبلاط من لاهاي: المشاركون السوريون في اغتيال الحريري تمت تصفيتهم

رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط
رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط

وجّه رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط أصابع الاتهام في عملية اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الراحل رفيق الحريري ورفاقه عام 2005. أمس، إلى النظام السوري، مشيرًا إلى أن «كل الذين شاركوا في اغتيال الحريري تمت تصفيتهم من (اللواء السوري وصهر الأسد) آصف شوكت إلى (العميد) جامع جامع و(اللواء) رستم غزالة»، لافتًا إلى أنه «لو استدعي غزالة إلى المحكمة لكان قدم أدلة حول اغتيال الحريري».
وفيما امتنع جنبلاط في شهادته أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي أمس، عن الحديث المباشر عن تورط «حزب الله» بعملية الاغتيال رغم صدور القرار الاتهامي بحق 4 قياديين من الحزب، اعتبر القيادي في «تيار المستقبل» مصطفى علوش في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «جنبلاط يحاول عدم التطرق لـ(حزب الله) وتحييده في شهادته بالمحكمة الدولية، بسبب حساباته الداخلية المرتبطة بعدم شحن الجو السياسي في البلد». وأضاف: «هذا لا يمنع أن يكون جنبلاط مقتنعًا وعلى يقين بأن حزب الله متورط في اغتيال الحريري».
وذكّر علوش بأن «جنبلاط سبق وقدم معطياته بشأن تفخيخ السيارة التي تمت من خلالها محاولة اغتيال الوزير السابق مروان حمادة، والتي تم تفخيخها في معقل حزب الله بالضاحية الجنوبية لبيروت». وأضاف: «إفادته أمام المحكمة ما زالت في بدايتها، ويمكن أن يتطرق لتورط حزب الله إذا سئل مباشرة، ويجب أن يكون واضحا في إجابته».
واستهل جنبلاط الجلسة الأولى من شهادته أمام المحكمة التي تستمر 4 أيام، بتقديم شرح للمسار السياسي في لبنان منذ اغتيال والده في العام 1976، وصولاً إلى فترة اغتيال الحريري. واعتبر جنبلاط «أننا كنا نحاول مع رئيس الجمهورية الأسبق إلياس الهراوي ورفيق الحريري إيجاد فرصة لبنانية للحكم ولكن نظام المخابرات المشترك اللبناني - السوري لم يسمح بذلك»، كاشفا أن «الجيش اللبناني يعمل بإمرة سوريا بإشراف رئيس الجمهورية السابق إميل لحود، وعندما أخرنا مجيء لحود لرئاسة الجمهورية هو لأننا لم نكن نريد أن يأتي شخص ولاؤه مطلق للنظام السوري».
وأشار جنبلاط إلى أن «علاقتي مع النظام السوري بدأت عام 1977 بعد الأربعين من اغتيال كمال جنبلاط على يد النظام السوري وأمام الخطر المحدق بلبنان والذي كان يتعرض إلى مؤامرة كان لا بد لي أن أوقع اتفاقا سياسيا مع من اغتالوا والدي كمال جنبلاط»، لافتًا إلى أن «كمال جنبلاط اعترض على دخول النظام السوري إلى لبنان وكان يعلم أنه سيقتل وتلقى معلومات في هذا الإطار»، لافتا إلى أنه «قبل اتفاق الطائف كنت في الصف السياسي الواحد مع النظام السوري لتجنيب لبنان الخطر الإسرائيلي».
ورأى جنبلاط أن كلمة «الوصاية السورية» «مغلوطة»، لأنها في تلك الفترة «كانت تسمى بالاحتلال السوري»، لافتا إلى أن «لحود كان يأتمر بالنظام السوري وكان يأمر الأجهزة الأمنية وفق ما تمليه عليه الأجهزة السورية وكان الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد ولاحقا الرئيس السوري بشار الأسد أصدقاءه، وكثر من اللبنانيين شعروا أن القبضة الأمنية للنظام السوري كانت تزداد على البلاد». وأضاف: «لا بد من علاقات سياسية مع سوريا ولكن لم نكن نرغب أن نكون ملحقا لسوريا، وبالنسبة إلى حزب البعث وعقيدته فنحن نسمى (قطر) أي ليس لنا وجود بالمعنى السياسي» لذا واجهنا عقيدة سياسية متينة لا تعترف بالغير، معتبرا أنه «عندما يقرر الرئيس السوري بأمر عمليات معين فالموضوع ليس للنقاش بل هكذا يريد الرئيس»، وقال: «كان أحد شعارات حافظ الأسد (ما من رئيس يموت)».
وأشار جنبلاط إلى أنه في «العام 1998 كانت البداية البطيئة للتحول ضد النظام السوري لأننا كنا نريد بلدا مستقلا ومؤسسات مستقلة وكان الهدف المركزي تحرير الجنوب». وأضاف: «كانت هناك أقنية مختلفة تصب عند لحود غير القنوات السورية لذلك بعد مقتل باسل الأسد بدأ صعود نجم بشار وكان لديه طرق خاصة في التعاطي مع لحود»، معتبرا أن «تلاقي المصالح بين بشار الأسد وإميل لحود أدت إلى اغتيال الرئيس رفيق الحريري».
ولفت جنبلاط في شهادته أمس إلى أنه «في لقائي الأول مع بشار الأسد قال لي رئيس شعبة المخابرات السورية في لبنان غازي كنعان أريدك أن تعلم من هم بيت الأسد لم أعلق أهمية على هذه الكلمة وتذكرت هذه الكلمة أواخر 2005 عندما أجبر غازي كنعان على الانتحار»، لافتا إلى أنه في «المرة الثانية ذهبت والوزير السابق غازي العريضي، واستقبلنا بشار في جبل قاصيون ولم يكن اللقاء مريحا بل طرحت أسئلة محكمة حول الحريري وكان يتبين من أسئلته آنذاك العداء مع الحريري».
وأعلن أنه في «العام 2000 كانت الخطوة الثانية للتصعيد ضد النظام السوري». وتابع: «الكأس المر الأول كان مصافحتي قاتل والدي من أجل المصلحة العربية». وتابع: «القرار 1559 خارج عن إرادة الحريري واللبنانيين ولذلك تمسكنا بالطائف ورفضنا القرار».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.