هل مغادرة «ماكدونالدز» والعلامات التجارية الكبرى لروسيا هو ما يريده بوتين؟

مطعم تابع لسلسلة «ماكدونالدز» في وسط موسكو (أ.ب)
مطعم تابع لسلسلة «ماكدونالدز» في وسط موسكو (أ.ب)
TT

هل مغادرة «ماكدونالدز» والعلامات التجارية الكبرى لروسيا هو ما يريده بوتين؟

مطعم تابع لسلسلة «ماكدونالدز» في وسط موسكو (أ.ب)
مطعم تابع لسلسلة «ماكدونالدز» في وسط موسكو (أ.ب)

عبر ساحة حمراء رمادية وفارغة، كان ميخائيل غورباتشوف يتجول مع حفيدته مستخدماً مظلة لتفادي الثلج في عام 1997. دخل الاثنان إلى مطعم «بيتزا هت» في وسط موسكو، وكل ذلك تم تنظيمه كجزء من حملة إعلانية أميركية. بينما كان غورباتشوف يجلس في زاوية في «بيتزا هت» بموسكو - وطاقم التصوير يقوم بعمله - ناقش الممثلون إرث الزعيم السوفياتي السابق حتى تدخل أحدهم قائلاً: «بسببه، لدينا أشياء كثيرة، مثل بيتزا هت».
وبسبب أحد خلفاء غورباتشوف، فإن هؤلاء الناس أنفسهم اليوم حرموا من أمور كثيرة، وفقاً لتقرير لمجلة «تايم».
تعد «بيتزا هت» من بين مجموعة الشركات التي تتخذ من الغرب مقراً لها والتي أعلنت أنها ستغلق أبوابها في جميع أنحاء روسيا مع اقتراب الغزو الروسي لأوكرانيا من عتبة أسبوعين. شدد القادة الغربيون داخل الحكومة وخارجها الخناق على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي تسبب في أزمة لاجئين قوامها مليوني شخص، وارتفاع أسعار الغاز، وجبهة موحدة من الحلفاء ضد مسيرة موسكو. أدى الجهد التكافلي بين الحكومة والشركات لجعل الحياة أكثر صعوبة للزعيم الروسي إلى تضخيم الفعالية، مما قد يكون له تأثيرات غير متوقعة على الدبلوماسية الثقافية.
ويعتبر توقف الوصول إلى رأس المال الأجنبي وتدفق النفط الروسي إلى الولايات المتحدة أمراً يختلف عن إيقاف آلة اللاتيه في سلسلة «ستاربكس». حتى في أكثر العوالم تعقيداً للاقتصاد السياسي، فإن الرموز مهمة - خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالطعام.

كان التأثير النهائي هو سحب أبرز العلامات التجارية الغربية من موسكو، وهو انعكاس صارخ عن نهاية الحرب الباردة. عندما انفتحت موسكو على بصمة الغرب قبل ثلاثة عقود، أصبحت صناديق «بيغ ماك» التابعة لسلسلة مطاعم «ماكدونالدز» رموزاً مهمة. ساعدت مثل هذه التفاعلات الثقافية على تحسين العلاقات بين القوتين العالميتين.
https://twitter.com/McDonalds/status/1501271431082135558?s=20&t=gXuQm3TLVeY2g4xcOG764A
الآن، انسحبت شركات مثل «بوينغ» و«فورد»، وجميع شركات المحاسبة الأربعة الكبرى، والمؤسسات المالية مثل «أميريكان إكسبرس»، من روسيا، مما ألغى آلاف الوظائف والمليارات من السلع والخدمات. ومع ذلك، يدرك البعض الضرر الذي يمكن أن يلحق بسمعتهم - إن لم يكن مكانة أميركا - بإغلاق تام؛ تواصل شركة «بيبسي كو» معالجة الجبن وحليب الأطفال في مواقعها الروسية بينما ستواصل شركة «ماكدونالدز» بدفع رواتب موظفيها البالغ عددهم 62 ألفاً رغم إغلاق 850 فرعاً.
https://twitter.com/PepsiCo/status/1501323914420523009?s=20&t=93hi9A44FEzrp7ZCuCKfKA
يؤدي الضغط الجديد على روسيا إلى تقوية الخط الفاصل بينها وبين والغرب، الأمر الذي قد يحقق هدفه الاقتصادي المتمثل في شل الاقتصاد الروسي لدرجة تدفع بوتين لسحب قواته من أوكرانيا. الأمل بعيد المنال هو أن يفقد بوتين بالفعل قبضته على السلطة حيث يقرر الأوليغارشية وغيرهم أن عقدين في السلطة شبه المطلقة كانا كافيين.
https://twitter.com/CocaColaCo/status/1501314453152878593?s=20&t=wbf33iPF_DF-tHsbiWP-QQ
لكن الحرب الباردة انتهت بسبب عيوب النظام السوفياتي بقدر ما انتهت الحرب الثقافية الغربية على روسيا. ومن جانبه، وصف بوتين نهاية النظام السوفياتي بأنها أكبر مأساة يحاول علاجها. وهذا هو السبب في أنه لن يحزن على انسحاب الشركات الغربية من بلاده، وفقاً للتقرير.
أظهر التاريخ مراراً وتكراراً كيف يمكن للانخراط أن يكسر الدول المارقة. مثلاً، يخشى قادة إيران من الجيل الصاعد الذي لطالما عرف الغرب من خلال وسائل الإعلام الشعبية والإنترنت. بقيت كوريا الشمالية على ما هي عليه فقط لأنها حققت حدوداً محكمة الإغلاق تماماً لمعظم مواطنيها. تلك الدول التي تتقدم على سلم الحكم الأوتوقراطي، مثل الصين، لا تزال قادرة على التمسك بالسلطة بقطع الوصول إلى المعلومات.
ومن الواضح أن الشركات الغربية تأمل في أن تتمكن من القيام بدورها لإنهاء الحرب على المدنيين في أوكرانيا، وترحب العديد من الحكومات في الغرب بهم كشركاء في محاربة قسوة بوتين.
ومثل احتضان موسكو للتغيير مع انتهاء الحرب الباردة، قد يتحول تبني الشركات لهذه الأجندة المعادية لروسيا إلى خلل مؤقت. تتحمل الشركات مسؤوليات تجاه المساهمين، وفي النهاية، غالباً ما يفوز هؤلاء على المواقف السياسية. وقد تدرك الشركات في النهاية أن العزلة ليست أفضل طريق لإنهاء الهجمات الروسية على أوكرانيا.



الدولار يهبط لأدنى مستوى في 3 أشهر وسط تصاعد التوترات التجارية

أوراق نقدية من فئة 100 دولار أميركي (رويترز)
أوراق نقدية من فئة 100 دولار أميركي (رويترز)
TT

الدولار يهبط لأدنى مستوى في 3 أشهر وسط تصاعد التوترات التجارية

أوراق نقدية من فئة 100 دولار أميركي (رويترز)
أوراق نقدية من فئة 100 دولار أميركي (رويترز)

تراجع الدولار إلى أدنى مستوياته في ثلاثة أشهر، يوم الأربعاء، متأثراً بتصاعد التوترات التجارية التي أشعلها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي أكد مجدداً عزمه فرض رسوم جمركية متبادلة، خلال خطابه الأول أمام الكونغرس منذ تولِّيه منصبه.

وشهدت الأسواق تقلبات حادة مع تنامي مخاوف المستثمرين بشأن تداعيات الحرب التجارية على الاقتصاد العالمي. فخلال كلمته، أعلن ترمب أن مزيداً من التعريفات الجمركية ستدخل حيز التنفيذ، في الثاني من أبريل (نيسان) المقبل، بما في ذلك «رسوم جمركية متبادلة»، وإجراءات غير جمركية تهدف إلى تصحيح الاختلالات التجارية المستمرة، وفق «رويترز».

ورغم أن الدولار ارتفع، في بداية خطاب ترمب، لكنه سرعان ما فقَدَ مكاسبه ليصل إلى 105.46 مقابل سلة من العملات، وهو أدنى مستوى له منذ السادس من ديسمبر (كانون الأول) الماضي. في المقابل، استفاد الجنيه الإسترليني من ضعف الدولار، ليبلغ أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر عند 1.28025 دولار.

واتجه المستثمرون إلى بيع الدولار، متراجعين عن رهانات «صفقات ترمب» التي اكتسبت زخماً، في أواخر العام الماضي، وسط قلق متزايد بشأن تباطؤ الاقتصاد الأميركي، الذي بدأ بالفعل إظهار علامات ضعف.

في هذا السياق، قال بوريس كوفاسيفيتش، استراتيجي الاقتصاد الكلي العالمي في «كونفيرا»: «تصاعد توقعات التضخم والمخاوف من التعريفات الجمركية يهددان مسار الاقتصاد الأميركي نحو الهبوط الناعم. ورغم أن فرض الرسوم الجمركية قد يكون إيجابياً نظرياً للدولار، فإن المستثمرين ينظرون إلى ما هو أبعد من تدفقات الملاذ الآمن المؤقتة، ويخشون تباطؤاً اقتصادياً طويل الأمد».

وتزامنت تصريحات ترمب مع فرض رسوم جديدة بنسبة 25 في المائة على الواردات القادمة من المكسيك وكندا، والتي دخلت حيز التنفيذ، يوم الثلاثاء، إلى جانب مضاعفة التعريفات على السلع الصينية إلى 20 في المائة. وسارعت كندا والصين بالرد بالمثل، بينما أعلنت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم أنها ستكشف عن رد المكسيك، يوم الأحد.

وفي أسواق العملات، فقَدَ الدولار الكندي 0.23 في المائة ليصل إلى 1.4425 للدولار الأميركي، في حين تعافى البيزو المكسيكي جزئياً ليبلغ 20.6141 للدولار. أما الين الياباني فقد ارتفع بنسبة 0.15 في المائة ليصل إلى 149.58 للدولار، بعد أن أشار نائب محافظ بنك اليابان، شينيتشي أوشيدا، إلى إمكانية رفع أسعار الفائدة بوتيرة تتماشى مع توقعات السوق.

كما شهد اليورو انتعاشاً، مسجلاً أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر عند 1.0639 دولار، مدعوماً بأنباء تفيد بتوصل الأحزاب السياسية الألمانية إلى اتفاق لإنشاء صندوق للبنية التحتية بقيمة 500 مليار يورو (530.95 مليار دولار)، إلى جانب إصلاح قواعد الاقتراض، في خطوة إنفاقية كبيرة تهدف إلى تعزيز الجيش، وإعادة إحياء النمو الاقتصادي.

في هذا السياق، قالت كارول كونغ، استراتيجية العملات في «كومنولث بنك أوف أستراليا»: «إذا حصلنا على تخفيف أكبر من المتوقع في قواعد كبح الديون، فقد يدفع ذلك اليورو إلى مزيد من الارتفاع. وبالإضافة إلى ذلك، فإن أي إعلانات عن زيادة الإنفاق الدفاعي ستعزز توقعات النمو في أوروبا، ما سيدعم العملة الأوروبية».

دعم صيني للأسواق

وفي آسيا، كثّفت الصين جهودها لتعزيز النمو الاقتصادي، حيث أعلنت مزيداً من الحوافز المالية، يوم الأربعاء؛ في محاولة لتعزيز الاستهلاك، وسط تصاعد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة. ووفقاً للتوقعات، حددت بكين هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي، لهذا العام، عند نحو 5 في المائة.

وقد ساعد ذلك في استقرار اليوان مقابل الدولار، حيث ارتفعت العملة الصينية بنسبة 0.08 في المائة إلى 7.2615 للدولار، بينما تراجع اليوان الخارجي بنسبة 0.1 في المائة إلى 7.2624 للدولار.

وفي تعليق على ذلك، قال بريان أرسيس، مدير المحفظة في «فورد لإدارة الأصول»: «تعهّد رئيس مجلس الدولة لي، خلال افتتاح المؤتمر الوطني لنواب الشعب الصيني، بتقديم حوافز إضافية لتحفيز الاستهلاك المحلي، وهو ما قد يلقى استحسان الأسواق، لكننا بحاجة إلى تفاصيل إضافية؛ لفهم مدى تأثير هذه التدابير بشكل دقيق».

وأضاف المحللون أن السياسة النقدية الصينية ستظل تيسيرية، وقد يجري خفض متطلبات الاحتياطي للبنوك، ما قد يشكل ضغطاً إضافياً على اليوان، بالنظر إلى العوائد المنخفضة نسبياً.

في غضون ذلك، تراجع الدولار الأسترالي بنسبة 0.3 في المائة إلى 0.6254 دولار أميركي، متأثراً بتراجع شهية المخاطرة في الأسواق، على الرغم من البيانات المحلية الإيجابية التي أظهرت أن الاقتصاد الأسترالي نما بأسرع وتيرة له في عامين، خلال الربع الأخير من ديسمبر. كما انخفض الدولار النيوزيلندي بنسبة 0.21 في المائة إلى 0.5654 دولار، متأثراً بإعلان مفاجئ عن استقالة أدريان أور من منصب رئيس بنك الاحتياطي النيوزيلندي، قبل ثلاث سنوات من انتهاء ولايته الحالية، على أن تنتهي مهامه رسمياً في 31 مارس (آذار) الحالي.