موجة «جمع غنائم» في أسواق الأسهم

التوتر ما زال موجوداً والذهب يلتقط الأنفاس

رجلان أمام لوحة إلكترونية لمؤشر سوق الأسهم في هونغ كونغ (أ.ف.ب)
رجلان أمام لوحة إلكترونية لمؤشر سوق الأسهم في هونغ كونغ (أ.ف.ب)
TT

موجة «جمع غنائم» في أسواق الأسهم

رجلان أمام لوحة إلكترونية لمؤشر سوق الأسهم في هونغ كونغ (أ.ف.ب)
رجلان أمام لوحة إلكترونية لمؤشر سوق الأسهم في هونغ كونغ (أ.ف.ب)

فيما بدا أنه بداية لحركة «جمع الغنائم» بالأسواق، فتحت المؤشرات الرئيسية في «وول ستريت» على ارتفاع كبير يوم الأربعاء، بعد أربع جلسات متتالية من الخسائر، إذ تراجعت أسعار النفط وأقبل المستثمرون على اقتناص الأسهم التي كانت قد تضررت بفعل المخاوف من العقوبات الغربية على روسيا بعد غزوها لأوكرانيا.
وصعد المؤشر «داو جونز» الصناعي 227.78 نقطة، بما يعادل 0.70 في المائة إلى 32860.42 نقطة. وفتح المؤشر «ستاندرد آند بورز 500» مرتفعاً 52.40 نقطة أو 1.26 في المائة إلى 4223.10 نقطة، في حين زاد المؤشر «ناسداك» المجمع 318.15 نقطة، أو 2.49 في المائة إلى 13113.70 نقطة.
وانتعشت الأسهم الأوروبية الأربعاء، إذ اختار المستثمرون الأسهم التي تضررت في عمليات بيع في السوق في الآونة الأخيرة، بفعل المخاوف إزاء العقوبات الغربية المتزايدة على روسيا بعد غزوها أوكرانيا.
وارتفع المؤشر «ستوكس 600» الأوروبي 2.6 في المائة بعد سلسلة من الخسائر على مدى أربعة أيام. وتصدرت قطاعات البنوك المتضررة بشدة، والسفر والترفيه وشركات صناعة السيارات المكاسب في التداولات الصباحية، إذ تقدم كل منها أكثر من أربعة في المائة.
ومن جانبها، سجلت أسواق المال الآسيوية أداء متبايناً الأربعاء بعد خسائر مؤلمة على مدى ثلاثة أيام حل مكانها استقرار نسبي، بينما ارتفعت أسعار النفط مجدداً، بعدما تحركت الولايات المتحدة وبريطانيا لحظر واردات الخام الروسي.
فقد حققت آسيا بعض الارتفاع صباحاً، لكن المستثمرين واجهوا صعوبات في المحافظة على الزخم. وارتفعت أسعار الأسهم في سيدني وبومباي وسنغافورة وتايبيه ومانيلا وجاكرتا وبانكوك وويلنغتون، بينما تراجعت في طوكيو (0.3 في المائة لمؤشر «نيكي») وهونغ كونغ (2.8 في المائة) وشنغهاي (2.7 في المائة).
وتراجعت عمليات البيع في أجواء الهلع التي شهدتها الأسواق لأسبوعين. لكن محللين حذروا من مزيد من التقلبات إذ لم يصدر عن روسيا أي مؤشر يدل على تراجع في غزوها لأوكرانيا. وغذت الأزمة المخاوف من أن التعافي العالمي الهش من وباء «كوفيد - 19» ستحل محله فترة من الركود التضخمي، أي ارتفاع التضخم مع بقاء الاقتصاد ثابتاً أو انكماشه. والدافع الأساسي لبيع الأسهم هو الارتفاع الهائل في أسعار السلع.
وقال رودريغو كاتريل من مصرف «ناشونال أستراليا بنك» إن «الأسواق ما زالت متقلبة وغير قادرة على أن تحدد بدقة الآثار المترتبة على تدفق الأخبار، نظراً للوضع المعقد للاقتصاد العالمي». وأضاف أن «المؤشرات الصادرة من رئيس أوكرانيا» فولوديمير زيلينسكي الذي أعلن الثلاثاء أنه لم يعد يصر على انضمام بلاده إلى حلف شمال الأطلسي، «تواجه واقع أنه حتى إذا تم التوصل إلى تسوية، ستضيف عواقب العقوبات طبقة أخرى إلى مشاكل الإمدادات والخدمات اللوجيستية والعديد من أسواق السلع، بما في ذلك النفط والنيكل والغاز».
واقترب سعر الذهب الملاذ الآمن من مستوى قياسي جديد إذ يندفع المستثمرون لشرائه لاتقاء مخاطر التضخم. وبلغ سعر المعدن الأصفر 2069.25 دولار، الثلاثاء، أعلى مستوى له، قبل أن يتراجع قليلاً.
وتسجل أسعار الذهب ارتفاعاً منذ أسابيع مع وصول التضخم إلى مستوى لم تشهده الولايات المتحدة منذ أربعين عاماً مما دفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى بدء زيادة أسعار الفائدة. ويتوقع كل المحللين ارتفاعاً أكبر في أسعار الذهب، رغم الضربة الاقتصادية التي تمثلها حرب أوكرانيا. وقالت جوان فيني من مجموعة «أدفايزر كابيتال مانيجمنت» لتلفزيون «بلومبرغ» إن «الاحتياطي الفيدرالي لا يتوقف عن العمل على ما يبدو فيما يتعلق بمشكلة التضخم التي يحاول حلها عن طريق رفع معدلات الفائدة».


مقالات ذات صلة

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )
الاقتصاد لافتة إلكترونية وملصق يعرضان الدين القومي الأميركي الحالي للفرد بالدولار في واشنطن (رويترز)

غوتيريش يعيّن مجموعة من الخبراء لوضع حلول لأزمة الديون

عيّن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجموعة من الخبراء البارزين لإيجاد حلول لأزمة الديون المتفاقمة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الاجتماع السنوي الرابع والخمسون للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس (رويترز)

المنتدى الاقتصادي العالمي: قادة الأعمال يخشون من الركود وارتفاع التضخم

أظهر استطلاع للرأي أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي يوم الخميس أن قادة الأعمال على مستوى العالم يشعرون بالقلق من مخاطر الركود ونقص العمالة وارتفاع التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
TT

الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)

تعهدت الصين، يوم الخميس، بزيادة العجز في الموازنة، وإصدار مزيد من الديون، وتخفيف السياسة النقدية، للحفاظ على استقرار معدل النمو الاقتصادي، وذلك في ظل استعدادها لمزيد من التوترات التجارية مع الولايات المتحدة مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

جاءت هذه التصريحات في بيان إعلامي رسمي صادر عن اجتماع سنوي لتحديد جدول أعمال كبار قادة البلاد، المعروف بمؤتمر العمل الاقتصادي المركزي (CEWC)، الذي عُقد في 11 و12 ديسمبر (كانون الثاني)، وفق «رويترز».

وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الصينية بعد الاجتماع المغلق للجنة الاقتصادية المركزية: «لقد تعمق الأثر السلبي الناجم عن التغيرات في البيئة الخارجية». ويُعقد هذا الاجتماع في وقت يعاني فيه ثاني أكبر اقتصاد في العالم من صعوبات شديدة، نتيجة أزمة سوق العقارات الحادة، وارتفاع ديون الحكومات المحلية، وضعف الطلب المحلي. وتواجه صادراتها، التي تعد من بين النقاط المضيئة القليلة في الاقتصاد، تهديداً متزايداً بزيادة الرسوم الجمركية الأميركية.

وتتوافق تعهدات اللجنة الاقتصادية المركزية مع اللهجة التي تبناها أكثر تصريحات قادة الحزب الشيوعي تشاؤماً منذ أكثر من عقد، التي صدرت يوم الاثنين بعد اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة العليا لصنع القرار.

وقال تشيوي تشانغ، كبير الاقتصاديين في «بين بوينت أسيت مانجمنت»: «كانت الرسالة بشأن رفع العجز المالي وخفض أسعار الفائدة متوقعة». وأضاف: «الاتجاه واضح، لكنَّ حجم التحفيز هو ما يهم، وربما لن نكتشف ذلك إلا بعد إعلان الولايات المتحدة عن الرسوم الجمركية».

وأشار المكتب السياسي إلى أن بكين مستعدة لتنفيذ التحفيز اللازم لمواجهة تأثير أي زيادات في الرسوم الجمركية، مع تبني سياسة نقدية «مرنة بشكل مناسب» واستخدام أدوات مالية «أكثر استباقية»، بالإضافة إلى تكثيف «التعديلات غير التقليدية المضادة للدورة الاقتصادية».

وجاء في ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري تنفيذ سياسة مالية أكثر نشاطاً، وزيادة نسبة العجز المالي»، مع رفع إصدار الديون على المستوى المركزي والمحلي.

كما تعهد القادة بخفض متطلبات الاحتياطي المصرفي وبتخفيض أسعار الفائدة «في الوقت المناسب».

وأشار المحللون إلى أن هذا التحول في الرسائل يعكس استعداد الصين للدخول في مزيد من الديون، مع إعطاء الأولوية للنمو على المخاطر المالية، على الأقل في الأمد القريب.

وفي مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي، تحدد بكين أهداف النمو الاقتصادي، والعجز المالي، وإصدار الديون والمتغيرات الأخرى للعام المقبل. ورغم أن الأهداف يجري الاتفاق عليها في الاجتماع، فإنها لن تُنشر رسمياً إلا في الاجتماع السنوي للبرلمان في مارس (آذار).

وأفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن المستشارين الحكوميين أوصوا بأن تحافظ بكين على هدف النمو عند نحو 5 في المائة دون تغيير في العام المقبل.

وقال تقرير اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري الحفاظ على نموٍّ اقتصادي مستقر»، لكنه لم يحدد رقماً معيناً.

التهديدات الجمركية

وأثارت تهديدات ترمب بزيادة الرسوم الجمركية حالة من القلق في المجمع الصناعي الصيني، الذي يبيع سلعاً تزيد قيمتها على 400 مليار دولار سنوياً للولايات المتحدة. وقد بدأ كثير من المصنِّعين في نقل إنتاجهم إلى الخارج للتهرب من الرسوم الجمركية.

ويقول المصدِّرون إن زيادة الرسوم الجمركية ستؤدي إلى تآكل الأرباح بشكل أكبر، مما سيضر بالوظائف، والاستثمار، والنمو. وقال المحللون إنها ستفاقم أيضاً فائض القدرة الإنتاجية في الصين والضغوط الانكماشية التي تولدها.

وتوقع استطلاع أجرته «رويترز» الشهر الماضي أن الصين ستنمو بنسبة 4.5 في المائة في العام المقبل، لكنَّ الاستطلاع أشار أيضاً إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤثر في النمو بما يصل إلى نقطة مئوية واحدة.

وفي وقت لاحق من هذا العام، نفَّذت بكين دفعة تحفيزية محدودة، حيث كشف البنك المركزي الصيني في سبتمبر (أيلول) عن إجراءات تيسيرية نقدية غير مسبوقة منذ الجائحة. كما أعلنت بكين في نوفمبر (تشرين الثاني) حزمة ديون بقيمة 10 تريليونات يوان (1.4 تريليون دولار) لتخفيف ضغوط تمويل الحكومات المحلية.

وتواجه الصين ضغوطاً انكماشية قوية، حيث يشعر المستهلكون بتراجع ثرواتهم بسبب انخفاض أسعار العقارات وضعف الرعاية الاجتماعية. ويشكل ضعف الطلب الأسري تهديداً رئيسياً للنمو.

ورغم التصريحات القوية من بكين طوال العام بشأن تعزيز الاستهلاك، فقد اقتصرت السياسات المعتمدة على خطة دعم لشراء السيارات والأجهزة المنزلية وبعض السلع الأخرى.

وذكر ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية أن هذه الخطة سيتم توسيعها، مع بذل الجهود لزيادة دخول الأسر. وقال التقرير: «يجب تعزيز الاستهلاك بقوة».