مخاوف من استخدام إيران جبهة جنوب لبنان للرد على غارة إسرائيلية في سوريا

TT

مخاوف من استخدام إيران جبهة جنوب لبنان للرد على غارة إسرائيلية في سوريا

تصاعدت المخاوف في لبنان من امتداد أي مواجهة عسكرية بين إيران وإسرائيل في سوريا، إلى لبنان، بعد أن توعدت طهران بالرد على مقتل ضابطين في «الحرس الثوري» في سوريا إثر غارة إسرائيلية.
وأعلن «الحرس الثوري» الإيراني الثلاثاء مقتل اثنين من ضباطه بقصف إسرائيلي استهدف مواقع قرب دمشق فجر الاثنين، متوعدا إسرائيل بدفع «ثمن جريمتها». وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، ومقره بريطانيا، أن القصف طال «مستودعاً على الأقل للأسلحة والذخائر تابعا لمقاتلين إيرانيين» في محيط مطار دمشق الدولي، وأدى إلى وفاة «مقاتلين اثنين موالين لإيران».
وإثر الإقرار الإيراني بالضربة الإسرائيلية، انتشرت تقديرات حول إمكانية أن تستخدم إيران الجبهة الجنوبية اللبنانية للرد على الضربة الإسرائيلية، أو أن تتوسع أي مواجهة تندلع في الجنوب السوري، إلى جنوب لبنان. وعبر لبنانيون عن مخاوفهم من اندلاع أي مواجهة، بالنظر إلى ارتباط «حزب الله» بطهران، وإعلان سابق للحزب عن «وحدة الجبهات».
لكن الباحث اللبناني بالتاريخ والمطلع على ملفات النزاعات مكرم رباح، قلل من أهمية تلك المخاوف، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب متورط في القتال في سوريا، وهو من يتعرض للضربات الليلية الإسرائيلية التي تطاول أيضاً ميليشيات تابعة لإيران»، مشيراً إلى أن «الكلام عن ردة الفعل من الساحة اللبنانية هو مجرد تخويف كون الحزب يعرف أن البيئة الحاضنة بعكس ادعاءاته، لا تستطيع أن توفر الغطاء الاجتماعي والسياسي لمواجهة مشابهة، علما بأن الجنوب هو إحدى الساحات العسكرية والسياسية» المرتبطة بالنزاع الإيراني الإسرائيلي.
وقال رباح إنه لا يعتقد أن هناك خوفاً مباشراً من اندلاع مواجهات في الجنوب اللبناني «كون الحملات الإسرائيلية ضد الميليشيات الإيرانية مستمرة منذ سنوات، ورغم تهديدات الحرس الثوري لم يقوموا بتفعيل الجبهة في الجنوب».
وتعد إيران حليفا أساسيا للرئيس السوري بشار الأسد، وقدمت خلال النزاع المستمر في بلاده منذ 2011 دعما سياسيا واقتصاديا وعسكريا لدمشق. وتؤكد طهران وجود عناصر من قواتها المسلحة في سوريا بمهام استشارية، فيما يؤكد «حزب الله» أن الجبهات واحدة من سوريا إلى جنوب لبنان.
ورأى رباح أن «من يمنع (حزب الله) من الرد من جبهة جنوب لبنان، هو المحادثات النووية في فيينا»، كون إيران «لا تريد أن يؤثر الرد العسكري على العملية التفاوضية في وقت يحاول المفاوض الأميركي روبرت مالي أن يرفع صفة الإرهاب والعمل العسكري العدائي عن إيران وميليشياتها لا سيما (حزب الله)». وقال رباح: «(حزب الله) لا يكترث للاقتصاد والأمن اللبناني لكنه في هذه اللحظة بالذات يرى أن الأولوية هي للمشروع الإيراني ونجاح المفاوضات التي ستعطي طهران القدرة على بيع النفط للغرب في حال استمرت المواجهة في أوكرانيا».
وهذه ليست المرة الأولى التي تعلن فيها إيران عن سقوط أفراد من قواتها العسكرية بضربات إسرائيلية في سوريا. واتهمت طهران تل أبيب في 2018 بالتسبب بمقتل أربعة «مستشارين عسكريين» بضربات في محافظة حمص.
وخلال الأعوام الماضية، شنت إسرائيل مئات الضربات الجوية في سوريا طالت مواقع للجيش السوري وأهدافاً إيرانية وأخرى لـ«حزب الله» اللبناني المقرب من طهران.
ومنذ بداية العام الحالي، نفذت إسرائيل سبع ضربات جوية في سوريا، بينها ضربات أدت في 24 فبراير (شباط)، وفق المرصد، إلى مقتل جنديين وأربعة مقاتلين موالين لإيران في محيط دمشق، فيما أفادت سانا بمقتل ثلاثة جنود.
ونادراً ما تؤكد إسرائيل تنفيذ ضربات في سوريا، لكنها تكرر أنها ستواصل تصديها لما تصفها بمحاولات إيران ترسيخ وجودها العسكري في سوريا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.