لبنان: مراكز الاقتراع المحلية أمام مجلس الوزراء اليوم

تبادل اتهامات بشأنها وحديث عن «ألاعيب» بهدف تعطيل الانتخابات

TT

لبنان: مراكز الاقتراع المحلية أمام مجلس الوزراء اليوم

قبل شهرين من موعد الانتخابات النيابية المقررة في 15 مايو (أيار) المقبل في لبنان، لا يزال السجال السياسي محتدماً بين الأفرقاء السياسيين حول الانتخابات النيابية مع تبادل الاتهامات حول نية تعطيلها لأسباب متعددة، وكان آخرها «الميغاسنتر»، وهي مراكز الاقتراع التي تسمح للناخبين بالتصويت في أماكن إقامتهم، واعتبر إقرارها مطلباً إصلاحياً أدرج ضمن قانون الانتخابات عام 2017، لكن تم تجاوزه في انتخابات العام 2018 بسبب «ضيق الوقت»، واتفق على أن يتم تطبيقه في انتخابات 2022، وهو ما لم ينفذ أيضاً، ليعود البعض ويطرحه الآن في خطوة ينظر إليها على أنها «مزايدة سياسية». وينتظر أن يتم البحث في موضوع اعتماد «الميغاسنتر» في الانتخابات المقبلة خلال جلسة مجلس الوزراء اليوم.
وتكمن مفاعيل «الميغاسنتر» الإصلاحية، في أنها تبعد الضغوط السياسية التي قد يتعرض لها الناخبون في مناطقهم وتضبط الأنفاق الانتخابي وتقلّل من الرشى الانتخابية التي تعتمد في لبنان لا سيما لناحية انتقال المقترعين من منطقة إلى أخرى، وهو الأمر الذي قد يظهر بشكل أكبر هذا العام مع ارتفاع أسعار المحروقات والأوضاع الاقتصادية المتردية للبنانيين، وذلك عبر استحداث مراكز انتخابية تترافق مع البطاقة الممغنطة، تسمح للبنانيين بالاقتراع في مراكز اقامتهم وليس بلدتهم.
لكن تقديم هذا الموضوع قبل أسابيع من موعد الانتخابات المفترض يطرح علامة استفهام حول هدف الجهة التي تدفع به من دون أن يعفي الجهات الأخرى من مسؤولية عدم إقراره في الوقت المناسب. وهو ما يشير إليه المحلل السياسي علي الأمين، الذي يعتبر أن الهروب من اعتماد «الميغاسنتر» سببه تأثير هذا الأمر على مصالح القوى السياسية في السلطة ومجلس النواب، مذكراً بأن النقاش نفسه حصل عام 2018 قبيل الانتخابات النيابية وبدل أن يعمل عليه خلال الأربع سنوات الماضية تم تجاهل الموضوع ليعاد طرحه اليوم في اللحظة الأخيرة ما يطرح الشكوك بنوايا من يضعه على الطاولة. من هنا، يرى الأمين، أنه لو كانت النوايا صافية كان لديهم الوقت الكافي قبل ذلك لإقرار «الميغاسنتر»، كما أنه بإمكانهم اليوم إقراره لاعتماده في انتخابات العام 2026.
ويعتبر الأمين، أن طرح «الميغاسنتر» اليوم، هو من الألاعيب الانتخابية التي يلجأ إليها من يطرحها من أحزاب السلطة، سواء من يصر على إقرارها اليوم أو من يرفضها متسلحاً بمشكلة التوقيت. ويؤكد، أن اعتماد «الميغاسنتر» لا شك أنه يخفف من الضغوط السياسية والنفسية على الناخبين، لا سيما في المناطق ذات الصفاء المذهبي الخاضعة لسيطرة الأحزاب، وعلى رأسها «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل)، وتحديداً الجنوب والبقاع وبعلبك، بحيث يتحرر هؤلاء ممن قد يتحكم بهم نفسياً ويجعلونه يشعر بأنه مراقب ومحاصر، وبالتالي يتحررون من القيود إذا اقترعوا بعيداً عن هذه الضغوط.
من جهته، يؤكد المدير التنفيذي في «الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات»، علي سليم، لـ«الشرق الأوسط»، أن من يرفضون إقرار «الميغاسنتر» هم الذين يتضررون منه، وتحديداً السلطة السياسية التي ترفض هذا الإصلاح؛ لأنه يحرّر صوت الناخب ويشجّع أكبر عدد ممكن من الناخبين للاقتراع، وبالتالي فإن عدم اعتمادها، لا سيما في هذه المرحلة مع ارتفاع سعر المحروقات وصعوبة تنقل اللبنانيين ستقتصر المشاركة على المحازبين، أي انخفاض نسبة الاقتراع، وبالتالي تراجع إمكانية إحداث الخرق في اللوائح المحسوبة على الأحزاب.
في المقابل، ومع تأكيده أن «الميغاسنتر» خطوة إصلاحية شرط أن تترافق مع التسجيل المسبق، يعتبر الخبير الانتخابي كمال فغالي، أن إقراره لن يغيّر الكثير في النتائج وإن كان يزيد من نسبة الاقتراع. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»، «النسبة قد ترتفع بما لا يزيد على 4 أو 5 في المائة، وهي تشمل الأشخاص غير الحزبيين بشكل رئيسي والذين لا يقبلون بالرشى التي تعتمد في لبنان من قبل الأحزاب كتأمين النقل وغيره، لكن عامل التهديد والضغوط السياسية إذا وجدت، فهي لا تتغير أو تتبدّد بغض النظر عن المنطقة التي يتواجد فيها هذا المعارض أو ذاك».
ويحتدم السجال في الأيام الأخيرة على خلفية طرح رئيس الجمهورية ميشال عون و«التيار الوطني الحر» موضوع «الميغاسنتر» وشكلت لجنة وزارية للبحث به، وهو ما يرى فيه أفرقاء آخرون أنه محاولة جديدة لتطيير الانتخابات. وفي هذا الإطار، قال النائب في اللقاء الديمقراطي بلال عبد الله، أمس، عبر حسابه على «تويتر» «من النتيجة يتوضح، أن تشكيل لجنة من الوزراء لدراسة موضوع أرنب الانتخابات الجديد، أي الميغاسنتر، بعد أرانب الدائرة 16 (دائرة نواب المغتربين) والطعن الدستوري (بقانون الانتخابات من قبل التيار)، كان دعسة ناقصة للحكومة، وكان يجب احترام جهود وتقرير وزارة الداخلية، كجهة مسؤولة ومعنية بهذا الملف. من لا يريد الانتخابات، فليعلنها صراحة».
وعقدت اللجنة الوزارية اجتماعات للبحث في اعتماد «الميغاسنتر» على أن يبحث على طاولة الحكومة، اليوم (الخميس)، وأعلن وزير الداخلية بسام مولوي بعد اجتماع اللجنة الذي عقد يوم أول من أمس، أنه تم البحث في الموضوع من الناحية القانونية واللوجستية والمالية وسيتم رفع تقرير إلى الحكومة مع تأكيده أن «اللجنة ضد تأجيل الانتخابات وضرورة إجرائها دون أي تأخير»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «إنشاء (الميغاسنتر) له أصول ومسلتزمات ضرورية، نصرّ عليها لتكون الانتخابات سليمة».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.